الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

رحلة إلى الأعماق -الفصل الرابع بقلم:نزار ب. الزين

تاريخ النشر : 2010-07-08
رحلة إلى الأعماق -الفصل الرابع بقلم:نزار ب. الزين
رحلة إ لى الأعماق
رواية من الخيال العلمي
نزار ب. الزين*


الفصل الرابع
وُدِّع العلماء العرب الشبان بمثل ما استقبلوا به من حفاوة ، ثم ما لبثت مركبتهم أن غاصت في اليم .
بعد أربع دقائق من الغوص المتواصل نزولا باتجاه فالق الأطلسي ، و ما أن بلغوا الفالق و باشروا في اختراقه ، حتى شعروا بأمر غريب ، فقد توقفت أجهزة رصدهم فجأة عن العمل ، كما توقف محركا الدفع و الحفر معا ؛ فأخذوا ينظرون إلى بعضهم بعضا و قد تملكهم الخوف و القلق ؛ ثم شعروا بأن مركبتهم تتجه بسرعة عالية جدا في اتجاه معاكس ، و كأن قوة ما قذفتهم إلى الناحية الأخرى ، كانت السرعة شديدة بحيث تمكنوا بصعوبة من شد أحزمتهم ، و كان الضغط كبيرا بحيث أحسوا كأن بطونهم التصقت بظهورهم ، ثم و بعد بضع دقائق أخرى ، بدأ كل شيء يعود إلى طبيعته ، فعادت الأجهزة تعمل ، ليكتشف الدكتور عبد الله أن المركبة قُذفت إلى المحيط الهادئ ( الباسيفيك ) قريبا من سواحل جمهورية كوستاريكا .
قال الدكتور عبد الله :
- - لا مبرر للقلق يا اخوان ، فالأرض كروية ، و نحن في رحلة العودة غير مرتبطين بزمن محدد للوصول ، فقد حققنا الريادة في هذا المجال . فأجابه الدكتور مجدي :
- = كل هذا الذي حدث و تقول لا مبرر للقلق ؟ ، ساعتان من الزمن المفقود قبلا ، قَذْفنا من محيط إلى محيط – رغم إرادتنا - و كأننا كرة قدم ضربتها قدم لاعب كروي ماهر ، و تقول لا مبرر للقلق ؟! ترى ما هي هذه القوة التي تحكمت بنا سابقا ثم لاحقا ؟ ألسنا معرضين للعبث بكل جهودنا و كل علومنا مرة ثانية ؟ و كأن هناك من يسخر بنا و بكل تراثنا البشري العلمي !
من ؟ و كيف ؟ و لِمَ ؟
يجيبه الدكتور عبد الله و هو يهز رأسه تعجبا :
= أتدرون يا إخوان ، لا زال ذلك الحلم يراودني كلما استسلمت لسلطان النوم ، حلم أتلنتيا و جمهورية أفلاطون الفاضلة ، إنني اشعر في قرارة نفسي أنه ليس مجرد حلم ! و أن له ارتباطا بما تعرضنا و نتعرض له !
على أي حال ، فلندع الأحلام جانبا و لننظر إلى واقع الحال ، نحن كما تشير خارطة الأقمار الصناعية ، على بعد حوالي 200 كم من جمهورية كوستاريكا باتجاه الغرب نحو جزيرة اسمها كوكوس ، و كما نحن متفقون ، فإن زمن رحلة العودة غير محدد ، إذاً مارأيكم في أن نحاول استكشاف أعماق المحيط الهادئ ؟
يجيبونه جميعا بالإيجاب ، فيطلب من الدكتور رياض أن يخفف من سرعة محرك الدفع .

- نحن الآن بجوار جزيرة كوكوس ، هل سمع أحدكم بها من قبل ؟ سأل د.عبد الله رفاقه !
= كلا لم نسمع ، أجابوه ، و لكن د.هشام عقب قائلا :
- سأبحث لكم عن معلومات حولها من خلال حاسوبي المحمول .
و بينما انهمك د. هشام بالتفتيش عن معلومات باستخدام محركات البحث المختلفة في حاسوبه ، بدأ الآخرون يستعرضون أشكالا و ألوانا من المخلوقات البحرية ، تعرفوا على بعضها و جهلوا الأخرى ، أنواع من أسماك القرش تحوم في المنطقة ، أعدادها كبيرة ، عشرات بل مئات ، و هناك عدد كبير من الدلافين أيضا ، و أعداد هائلة من فصائل الأسماك مختلفة الأشكال و الأحجام و الألوان ؛ يزدادا عددها مع اقتراب المركبة من جرف الجزيرة ؛ بعضها يتحرك على شكل قطعان ، و بعضها يتسلل بين الشعاب و بعضها الآخر على شكل صخرة تلتصق بصخور الجرف حتى لا يمكن تيميزها عنها !.
شاهدوا أخطبوطا كبيرا يتشارك في التهامه عدة قروش ، و قطيعا من الأسماك تحاصره مجموعة أخرى منها ، و تبدأ من ثم بالتهامها واحدة بعد أخرى ، ثم شاهدوا نوعا من الأسماك يسمونه في بلادنا العربية الحبار ، تنطلق نحو سطح المحيط بسرعة رهيبة فرارا من مجموعة ثالثة من القروش فتتمكن من النجاة . ثم شاهدوا شعابا مرجانية بلونيها الأصفر و الأحمر الزاهي ، و أخرى تظهر من بينها نباتات طويلة السوق تداعبها تيارات المياه ، و نباتات أخرى على شكل مراوح اليد ملونة و عملاقة الحجم ، و صخورا التصقت بها أشكال و ألوان من مختلف أنواع القواقع .. منظر رائع أشبه بلوحة فنية بانورامية متحركة ، و أجمل بكثير من أي متحف مائي زاروه من قبل .
ابتدأ من ثم د.هشام يسرد لهم باختصار ما قرأه عن الموقع ، فقال :
- جزيرة كوكوس من المواقع السياحية العالمية المشهورة ، و سبب شهرتها أنها تجتذب هواة الغطس في الأمريكتين و هي تابعة لجمهورية كوستاريكا ، و الجزيرة تجتذب العديد من أسماك المحيط الهادئ بسبب كثرة الغذاء حول جدرانها الصخرية و غزارة العوالق الحيوانية و النباتية ؛ و قد كانت ملاذا للقراصنة الذين كانوا يتربصون للمستعمرين الإسبان و هم في طريق عودتهم محملين بالغنائم من بلاد الأنكا ( البيرو حاليا ) و يستولون على سفنهم بحمولتها من الذهب و الفضة ، و لذا فالجزيرة موئل للباحثين عن كنوز مما قد يكون القراصنة أخفوه فيها ، كما أنبأتهم بعض الخرائط المكتشفة ، هذا و قد أعلنت كوستاريكا رسميا – منذ سنوات قليلة - أن الجزيرة أصبحت محمية طبيعية .

- أعتقد أننا إذا التففنا حول هذه الجزيرة نحو غربها فسنبدأ بالغوص عميقا ، يقول د.عبد الله ، ثم يضيف :
- الأعماق المنتظرة قد تصل إلى 4000 متر أو يزيد ، ما رأيك يا رياض بأن تبدأ بالغوص بنا في الحال ؟ و يلتفت إلى زملائه الآخرين :
- هيا استعدوا يا إخوان ...
و لكن د.حمود يقاطعه بشيء من الحدة ، قائلا :
- أنت تتصرف و كأنك قائد ( كابتن ) هذه السفينة ، أليس لنا رأي يا أخ عبد الله ؟
يجمد الذهول د.عبد الله ، و يتلعثم و هو يجيبه :
- = أنا لم أدع قط أنني قائد هذه المركبة ، أنا أعمل من منطلق اختصاصي ، كل منا و كما اتفقنا منذ البداية ، يتصرف من منطلق إختصاصه ، و ليس بيننا رئيس أو مرؤوس ، تفضل انت و تسلم القيادة إذا شئت و أنا أول من يصوت لك ..
يضحك د.حمود ملء شدقيه ، ثم يجيبه بصوت تقطعه قهقهته المتواصلة :
- جاد ، دوما جاد و صارم ، ألا تحتمل المزاح – هداك الله - من أخيك حمود يا عبد الله ؟ إنما أردت أن أغير جو الجدية و القلق الذي سيطر علينا ، و خاصة على وجهك المتجهم أنت بالذات ، منذ قذفنا الغرباء إلى المحيط الهادئ ..!
يبتسم د.عبد الله بينما لا زال الآخرون يتضاحكون .
و سرعانما يعود عبد الله إلى حاسوبه و شاشات التصوير الضوئي و الصوتي و الحراري المرصوصة أمام مكتبه .

- نحن الآن على عمق 1000 متر تقريبا ، لا أثر للضوء ، الظلام 100% و درجة الحرارة تقارب 5 درجات مئوية ، يقول د. عبد الله ، فيجيبه د.مجدي متسائلا :
= و لكنني أرى أضواء مختلفة الألوان و الأحجام تحوم هنا و هناك ، ترى ماهي ، و نحن في هذا العمق ؟
فيجيبه د. هشام :
- أعتقد أنها الأسماك المضيئة ، قرأت عنها ذات يوم ، و يمكنني أن أستخرج لكم بعض المعلومات من حاسوبي المحمول ؛ على أي حال حتى لو لم أتمكن من استخراج المعلومات الكافية فإن أخي عبد الله يسجل كل شيء على اسطوانات( د.ف.د DVD ( و سنقوم بدراستها فيما بعد ..
= أنظر إلى هذه السمكة الكبيرة ، يصيح مجدي مندهشا ثم يتمم :
= صفان من الأضواء الزرقاء تنير ما حولها ، يا لروعتها ، لم أتصور أنني سأشاهد يوما مثل هذا المخلوق .
يصيح د. مجدي :
- - أنظروا إلى هذا القطيع من الأسماك ، تشع كلها باللون الأخضر ، فيجيبه د.هشام :
= اسمتمعوا معي لهذه الحقائق عن الأسماك المضيئة استخرجتها لكم لتوي :
1 - إن اللون المنبعث من الأسماك ، يكون إما ازرقا أو ازرقا مخضرا وذلك لسببين هما:-
آ- أن اللون الأزرق والأزرق المخضر يسافر لمسافات طويلة داخل مياه البحار المالحة والمحيطات
ب- أن الأسماك حساسة لهذه الألوان فتستطيع رؤيته بسهولة في الماء
ج - و نجد في بعض أنواع السمك ما ينبعث منها ضوءا احمرا ، طوله الموجى طويل جدا فلا تراه باقي الأسماك وبهذا فهي ترى الأسماك الأخرى وهي لا تستطيع رؤيتها ، فتستخدم هذه الخاصية في افتراس غيرها من الأسماك ، أو تستخدمها كلغة إشارة بين بعضها البعض .
2- د - تستخدم بعض الأسماك هذا الضوء في جذب فرائسها ثم تقوم بإمساكها بفكها ثم تلتهمها
3- ه - تستخدم الضوء كوسيلة تخويف وتشويش لباقي الأسماك التي تخاف من هذا الضوء المتوهج وتبتعد عنها.
4- و - تستخدم هذا الضوء ككشافات ترى بها الطحالب والكائنات الدقيقة والتي تتغذى عليها ، و
5- تستخدم الضوء كلغة إشارة بين أفراد النوع الواحد فهي تستخدم إشارات ضوئية فيما بينها لا يعرفها احد غيرها
6- البعض الأخر يستخدم الضوء كرموز بين الذكور والإناث أثناء موسم التزاوج
فنجد بعض أنواع إناث الأسماك ينبعث منها أضواءا ملونة من أماكن مختلفة على أجسامها فتصبح مثل الطاووس في روعتها وجمالها فتجذب الذكور إليها أثناء موسم التزاوج ، والغريب أن هذه الأضواء المبهرة لا يراها إلا الذكور التابعة لنفس نوع الإناث أما أنواع الذكور الأخرى فلا تراها.
يعلق د. مجدي قائلا :
إنه عالم غريب ، لو لم أشاهده بنفسي لما صدقته !

تلتف مركبة الأعماق ( دبي 1) حول جزيرة كوكس ، و تبدأ بالغوص من جديد باتجاه جنوبي غربي ، الأنوار الكاشفة تضيء ماحولها ، الحيوانات البحرية أصبحت قليلة ، و لا شيء غير العوالق تسبح في هذا الظلام تكثر حينا و تقل حينا آخر .
د. عبد الله يبلغ زملائه بأن المركبة و صلت إلى عمق أربعة آلاف متر ، و أنها تكاد تبلغ القاع .
و على حين غرة يظهر ضوء يزداد سطوعه رويدا رويدا ، ثم يتحول من اللون الأصفر إلى اللون الليلكي ثم الأحمر القاني ، كان المنظر يشبه إلى حد بعيد الشفق قبيل لحظة الغروب .
تشرئب الأعناق فوق المناظير المطلة على خارج المركبة ، و إن هم في حيرة من أمرهم يعلو صوت د.مجدي : " إننا نقترب من أحد الشقوق البركانية الضخمة ، أكبر بكثير من تلك التي شاهدناها من قبل ."
يسأله د.هشام :
- - و هل من المحتمل وجود أحياء مائية وسط هذا الجحيم ؟
يقاطعه د. حمود :
- = انظروا جهة اليمين يا إخوان ، فيأتيكم الجواب ، انتبهوا إلى هذا المخلوق الذي يتحرك كالأفعى العملاقة قرب فوهة النار ، دون أن يخشى الإحتراق ! فيجيبه د. مجدي :
- - إنها إلى دودة عملاقة أقرب ، إنها تشبه الدودة الوحيدة التي كانت تفتك بالجهاز الهضمي لمن يبتلى بها منذ خمسين سنة و ما قبل..
يعلق د. هشام :
- = طولها حوالي عشرة أمتار ، ترى علامَ تتغذى لتصل إلى هذا الطول ؟
يقاطعه د. رياض مندهشا :
- - انظروا لهذا السرطان العملاق ، إنه على حافة الصدع و يجرى غير مهتم بالنار التي لا تبعد عنه أكثر من بضع سنتيمترات ؛ يقولون أن الحياة مستحيلة في هذه الأعماق ، و ها نحن نرى مخلوقات متنوعة تعيش فيها و في درجات الحرارة العالية ، ألا ما أقصر معارف الإنسان عن أعماق البحار .
يبدأ د.رياض بتشغيل اليد الهايروليكية لجمع العينات ، بينما ينهمك د. عبد الله بتصوير كل ما تقع عليه عينه من العجائب ، أما الدكتور حمود فيصفق فرحا و هو يقول :
- = سنقدم للعالم من المعلومات ما عجزت عنه الدول العظمى ، سأقول لهم : " اكتشفوا أعماق محيطاتكم و هي في متناول اليد ، بدلا من اهتمامكم بالفضاء الخارجي و أبعاده الخيالية !

يتصل د.حمود بوالده فيدور بينهما الحوار التالي :
- يوبا أنا حمود ، سامعني ؟
= سامعك يا حمود ، هلا بولدي ، كيف أحوالك و أحوال اخوانك ؟
- الحمد لله يوبا ، كلنا بخير ، نحن في أعماق المحيط الهادئ ، نشاهد عجائبه ..
= المحيط الهادي ؟ ماذا أودى بكم إلى المحيط الهادي يا ولدي ؟ هل غيرتم خطتكم ؟
- ( يوبا ) ، القصة طويلة ، سأحكيها لك عند عودتنا ، المهم أننا شاهدنا بأم أعيننا الأسماك المضيئة ، ( يوبه منظر يهبِّل ) ، و شاهدنا مخلوقات عملاقة تعيش على حافة بركان في قاع المحيط ، تصور يوبا ألسنة النار في قلب الماء البارد و نهر من الصخور الذائبة الملتهبة يتلوى في قلب الماء ، و شاهدنا أيضا نباتات بعضها يتجاوز طولها العشرين مترا .
= الله ... الله .. الله !!!!ليتني كنت معكم ، عساكم سجلتم كل شيء؟
- بالتأكيد يوبا ، أخي عبد الله يقوم بتسجيل كل شيء و قد بدأنا نجمع العينات ؛ يوبا ، قاع المحيط مفروش بالمعادن من جميع الأجناس بعضها مغمور تحت طبقة رقيقة من الرمال الناعمة و بعضها ظاهر للعيان على شكل أحجار و حصى ، ميز منها أخي مجدي الحديد و النحاس و النيكل .. و ربما نجد الذهب أيضا ، و قرب البركان الذي حدثتك عنه ، وجدنا مركبات كبريتية تزكم الأنوف برائحتها النفاذة .
= اوصِ الدكتور عبد الله أن ينتبه جيدا لأجهزة تصويره ، كي لا يحدث لها ما حدث من قبل !
- حاضر يوبا على أمرك ، أستودعك الله ، و لاتنسَ أن تسلم على الوالدة و الأهل .
يلتفت د.عبد الله نحو د.حمود و يقول له معاتبا :
- كأني بوالدك يحملني مسؤولية ما جرى خلال الزمن المفقود !
= معاذ الله ، أن يتهمك أحد ، يلتفت د.حمود نحو بقية الزملاء متسائلا :
= هل لمس أي منكم يا إخوان أي اتهام أو لوم موجه لأخي عبد الله ؟
يستبعد الجميع ذلك ، فيبتسم د.عبد الله ، يفكر لحظة ثم يقول برنة تشوبها الدهشة :
- إنني أزداد يقينا ساعة بعد ساعة أن لحلمي المتكرر حول حضارة أتنلنتيا اساسا واقعيا ، و أن الزمن المفقود له علاقة وثقى بذلك كله ، ليلة أمس مثلا شاهدت في حلمي سيدة فارعة الطول ذات شعر أحمر و عينين كبيرتين عسليتي اللون ، تقودنا إلى ساحة مليئة بما نسميه بالأطباق الطائرة من مختلف الأشكال و الأحجام ؛ لقد بدأت تتضح لي الصورة يا إخوان ، لقد كنا في زيارة لأتلنتيا خلال الزمن المفقود .
- يتبادلون نظرات الإستغراب و لكنهم لا ينبثون ببنت شفة . - عودوا إلى مناظيركم يا إخوان ، أمامنا منظر مدهش ، يقول د.عبد الله ، ثم يتمم :
- نحن نقترب من سلسلة جبال على مايبدو ، يشير الرادار أنها سلسلة طويلة قمم بعضها تصل إلى سطح المحيط على شكل جزر و لكن أغلب القمم مغمورة بالماء ، أعتقد أننا قرب أخدود ماريانا ؛ هشام يا ( خوي ) حاول أن تستخلص لنا بعض المعلومات عنه رجاءً .
- يستمر بالمراقبة عبر المناظير كل من د.حمود و د.مجدي ، في حين آثر متابعة المشاهد عبر شاشات الرادار و الفيديو كل من د.عبد الله و د.رياض ، بينما انهمك د.هشام باستخراج المعلومات المطلوبة من حاسوبه النقال .
- يقول د. هشام بعد فترة صمت طالت :
- - اصغوا إلي يا اخوان ... أخدود ماريانا يقع إلى الشرق من جزر ماريانا و على مسافة ليست بعيدة عنها ، على خط عرض ( 12 شمال خط الإستواء ) و خط طول ( 142 شرقا ) و هو بطول حوالي 3000 كيلومتر و عرض يتراوح بين 20 و 70 كيلومتر ، و أعمق نقطة فيه تصل إلى 11 كيلومترا ، أي أعلى من قمة افرست ، و تسمى ( هوِّة المتحدي Challenger Deep ) ، و يوازي الضغط في هذا العمق ثقل فيل فوق صرصار.
يتساءل الدكتور رياض :
- ترى هل تعيش مخلوقات في هذه الأعماق ؟ و هل تتحمل هذا الضغط الهائل، و هل تتحمل مركبتنا هذ الضغط أيضا ؟
- يضحك د.حمود ، و يجيبه :
- ( عفى عليك يا خوي رياض ) اسمح لي هذا سؤال ساذج ، لقد بلغنا في عمق الأرض أكثر من 2000 كيلومتر ، يعنى أن الضغط كان أعلى بكثير ، و تحملته المركبة .
- يجيبه الدكتور رياض :
- - لا تنس أننا كنا مندفعين بمحرك بقوة 2000 حصان ، فالسرعة تخفف من الضغط كما أعلم أو تلغيه ، و لكننا الآن في رحلة استكشافية ، أي أن المركبة بطيئة نسبيا ، و لذا ستتعرض للضغط كله ، هذا ما قصدته يا دكتور حمود.
يجيبهما الدكتور عبد الله :
- - لا تستبقا الأحداث ، سنخوض التجربة ، و سنرى ، و أن كنت متأكدا أن المركبة ستحتمل هذا الضغط ، و كما تعلمون فقد أجرينا عدة اختبارات حول الضغط و الحرارة !
يقاطعه د. هشام :
- أنا مع أخي عبد الله ، على ثقة بأن المركبة ستحتمل كل هذا الضغط ، و أعتقد أن نظرية أخي رياض ليست صحيحة 100% ، و إن كنت سوف أراجعها لاحقا .
= و الآن – أعزائي - بلغنا أول خندق ماريانا من جهة الشمال ، يقول د.عبد الله منبها ، ثم يضيف:
= و سنبدأ في التحرك خلاله نحو الجنوب ، و لا تنسَ أخي رياض التقاط ما تيسر لك من العينات .
===============
*نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع : www.FreeArabi.com
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف