الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حدث في مدينة الملاهي بقلم: نزار ب. الزين

تاريخ النشر : 2009-06-19
حدث في مدينة الملاهي بقلم: نزار ب. الزين
حدث في مدينة الملاهي
قصة
نزار ب الزين*
*****
كان عيدا حقيقيا للطفل "نور" ذي العاشرة ، يوم قرر والده اصطحابه إلى مدينة الملاهي في أول أيام عيد الفطر ، و لم يكن الوالد أقل سعادة منه لأنه تمكن أخيرا من توفير المال اللازم لتحقيق أمنية فلذة كبده و التي خطط له منذ عيد الأضحى في العام المنصرم ، ذلك التاريخ المؤلم يوم اعتذر لولده رغم إلحاحه الكبير و بكائه المفجع ، فقد ظل ابو النور سجين إحساسه بالذنب طوال الأشهر العشرة التالية ...
كاد نور يرقص فرحا عندما بلغا بوابة الجنة الموعودة ، فما أن يحصل والده وشيكا على بطاقتي دخولهما حتى يتحقق حلم عمره !
*****
و أخيرا أصبح الحلم حقيقة ، ألقى نظرة سريعة تملكته خلالها الدهشة ، ثم التفت إلى والده صائحا ليتغلب على الضجيج الغامر ، فخرجت كلماته كزغرودة أم عروس :" أريد أن أجرب جميع الألعاب يا أبي !!!.."
صعدا عاليا داخل أحد أقفاص العجلة الضخمة الدوارة عموديا (القلابة) ، ثم هبطا ثم صعدا من جديد ثم هبطا ، و نور لا ينفك يضحك تارة و يتأمل البيوت و الأشجار و هي تصغر شيئا فشيئا ثم تكبر رويدا رويدا مع كل دورة ، و يثرر تارة أخرى سائلا متسائلا .
ثم اعتلى صهوة جواد في لعبة الخيول الدوارة (الدويخة) ، فتخيل نفسه فارسا ، آخذا بتقليد حركات فرسان الكاوبوي الذين طالما أعجب بهم من خلال مشاهدتهم في التلفاز ..
طلب شطيرة فلافل فلباه والده فورا ، ليتلهمها بقابلية مدهشة ، ثم طلب كأسا من "البوظة" فلم يخذله والده أيضا ، كل طلباته كانت ملباة ، فيما عدا واحدة ، أخبره والده أنها خطيرة ، إنها لعبة الأراجيح الدوارة : "أنظر يا نور ، إلى الراكبين كيف يصرخون هلعا ، ألا ترى كيف تتسارع بهم الأراجيح ؟ إنها خطيرة و ستصيبك بالرعب يا ولدي .." قال الوالد مؤكدا ، فأجابه نور : "و لكنني لست صغيرا يا أبي ، أنا في العاشرة و في الصف الرابع و ترفعت إلى الخامس ، و أستطيع أن أتشبث بحبلي الأرجوحة جيدا ، أنظر هناك يا أبي ، تلك فتاة تصغرني ركبت إحداها دون وجل !" ؛ و أمام إلحاحه رق قلبه و سمح له بتجربتها ..
*****
أخذت الأراجيح تدور بطيئة بداية ، ثم ابتدأت تتسارع ، و تتسارع ، و تبتعد بالتدريج عن منطقة استنادها في الوسط ؛ بينما كانت عينا أبا النور تدور معها و قد أوشكاتا على الخروج من محجريهما هلعا ، أما قلبه فأخذ يضرب كطبل أفريقي في يوم نفير ، ثم لتتسارع ضرباته مع تسارع هذه الأراجيح المعلقة ، و التي ركب على متن واحدة منها قطعة من قلبه و عقله و روحه ..
*****
و على حين غرة انقطع أحد حبلي إحداها ، ثم طار مقعدها في الهواء مع الطفل الذي كانت تحمله ، ليقع بعيدا ..
ساد الهرج و الفوضى ، البعض توجه نحو الطفل المصاب ، بينما أبو النور و آخرون يصرخون بمشغِّلها .."أوقفها ..أوقفها في الحال !!!.."
و إذ حاول المشغل إيقافها ضاغطا على الكوابح بكل قوته ، أخذت الأراجيح بمن فوقها تصطدم بعضها ببعض ..
فتساقط بعض الأطفال واحدا إثر الآخر ، و تعلق اثنان منهما على الأقل أحدهما من رجليه و الآخر من جسمه الأعلى بينما تدلى بقية جسده في الهواء ؛ و ازداد الهرج و الهياج و تحولت مدينة الأفراح إلى مدينة رعب ؛ أما أبو النور فقد أخذ يشق طريقه بصعوبة نحو الأطفال الجرحى المتناثرين هنا و هناك ، باحثا عن ولده و هو ينادي و قد بح صوته: " نور .. نور .. !" و فجأة اكتشف أن أحد الطفلين المعلقين كان ابنه نور و قد علقت رجلاه في مقعد الأرجوحة بينما تدلى بقية جسده مع رأسه في الهواء ، فهرع نحوه محاولا إنقاذه ، و أخذ يجري بأقصى سرعة مع الأرجوحة التي لا زالت تدور و إن تباطأت ، دافعا من يعترض طريقه ، و هو لا يزال يصرخ مخاطبا ابنه : " نور ..نور يا حشاشة قلبي .. أرفع راسك يا ولدي كي لا يرتطم بالأرض" ، في حين ما انفك نور عن الصياح : " بابا .. بابا .. دخيلك يا بابا ...امسكني !!!... "
ثم ..و يا للفاجعة ..و أمام عينيه ، ارتطم رأس نور ثلاثاً ، قبل أن يتمكن والده من الإمساك به ...
*****
و تشابكت خطوط الهاتف ، مدير الملاهي يتصل بمالكها ، و هذا يتصل بوالده المسؤول الكبير ، و المسؤول الكبير يتصل بوزير الداخلية ، و وزير الداخلية يأمر بحصار مدينة الملاهي و إخلائها ، و يشدد على عدم اقتراب الصحافيين من المكان ..
و حتى اللحظة لم تصل أية سيارة إسعاف ، فحمل المكلومون أطفالهم الجرحى و خرجوا بهم نحو موقف سيارات الأجرة المجاور ، و ما لبثت سيارات الأجرة أن تحولت إلى سيارات إسعاف تولول بأبواقها متجهة نحو أقرب مستشفى ، و من بين هؤلاء كان أبو النور الذي لم يتمالك نفسه عن النشيج طوال الطريق ، و في المستشفى قال له الطبيب بعد فحص سريع : " البقية بحياة إخوته "
----------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف