اليمــامـــــة
الجـزء الثاني والأخير ( 2 )
كتبها – نعيم عودة
قالها ، وبات هائما يبحث عن مستقر ، فلم يستقرّ به مقام ولا هدأ له بال ، رسم طيوفا من خيوط الليل ، خائفا ، كيف سيكون صباح غـد !! ثمّ تبسم ، أطبق جفنيه مطمئنا ، صنع وردة من شعاع الفجر واشتمّ عبيرها ..
كان فواحا بأطيب عبير .. ملأ عليه فضاء ليلته ، فأشرقت أحاسيسه واستيقظ وعيه جريئا وثّابا ..
طلعت الشمس وهو ما بين نوم ويقظة ، أيبقى هائما هنا أم يذهب ليراها هناك!! يذهب ..
أطلّت وخطت من الباب الواسع ميمّـمة شطره ، كانت ثابتة الخطو ، على محيّاها سيماء الخفر .. عينا اليمامة الواسعتان تطلاّن من فوق وردتين .
ترفّقي ، فأنت تطئين أحلامي .
أصبحت قيسا .
وأصبحت ليلاه .
أين ذهبت بأحلامك الليلة ؟
فرشتها تحت أقدام مذللة -- فامشي عليها برفق العاشق الطرب
أين وجدتنــي ؟
بحثت عنك بين رسوم النوم وأحلام اليقظة ، طاردت خيالاتي رؤاك ونصبت لك شباكي ، وها أنت بين يدي صياد .. وقديما قالوا : كـلّ الصيد في جوف الفـرا .
لقد حلّقت بي بعيدا ..
هذا الفضاء العظيم الذي ترين .. خلقه مبدع الكون للأرواح العذية النقية .. مثنى – مثنى .. وجمّـله من أجلها بشعاع البدر وزيّنه بالنجوم ورقّقــه بنسيم الفجر وعطر الزهر .. ثـمّ أرسل من خلاله خيوطا مذهبة لتصحو على أنغامها عيون الساهرين . أخائفة أنت من ظهور الغزالة ؟
أخاف حرّها .. فأنا أعشق نور البدر أكثر .
وسيبقى البدر ممتدا على طول دروبك .
أسمعني بما يجود به هـواك .
كم أناجيك وأشتاق لرؤياك
ولكن ..
أنت لا تبقى على حال
فحالي شبه حالك
تقطف الأعناب من كرمي
ومن تعبي
ومن كـدّ يدي
أنت تحتال على قلبي
وتسقيني المهالك
لوّعني ما ذقته منك
وداستني سنابك
ضيّعت الأمل الجميل .. عاوده مـرّة أخرى ..
سوف أمضي في طريقي
فأنا كالدهر لا يرهبني السير
ولا صوت المعارك
سأزور العشّ مرات ومرات
وأدعو لوصالك.
أندثر يوم ويوم …. وأيام …
اليمامة لا تبقــى على حــال .. عيناها القلقتان تدوران تبحثان عن باب القفص.. كانت تسكن عشا هنيئا دافئا فوق نخلة ، أصلها ثابت وفرعها في السماء .. وكان الذئب يحوم حول النخلة .. يسيل لعابه كلما رأى اليمامة تدرج على الثرى .
تكلفين نفسك العناء إلى القمة ، وهنا الحبّ تحت قدميك.
اكاد أرى ذلك .
ففيم الشقاء إذن !
القلق .
إطّـرحيه بعيدا ..
كانك ناصح.
أمـــين .
وحطّ حلم صاحبنا على رأس النخلة , نظر في عشها فوجده خاويا .. يا للمرارة !! اليمامة لا تبقـى على حــال .
أيتها اليمامة ! أيتها اليمامة !
مــن أنت !!
لقد صوّح القفر وعمّ اليباب .
نزعتك من دنيا عيوني كانمــا نزعت عيون الفجر من بلج الفجر
وقد كنت كالأيام من قبل واحة فأصبحت كالبيداء عاطلة النحـر
ظننتك مصباحا يذوب بشاشـة وينمو مع الأيام منشرح الصـد ر
إذا أنت قنديل تولـّى زمانـه وأخفق ، والدفلى تنوحُ على القبر
فيا ويح ليلى كم تعـنّى حبيبها ويا ويح أيام الصبا وهـوى العمر
وكان حريّا أن يعيش منعّمـا ويسرح في جـوّ الفضاء مع الصقر
سما واعتلى ، والوصل جنّ جنونه وقلب المحبّ لا يبيـت على غدر
فلو أنّ ليلى العامرية أشرقت لأشرقت مثل النور في زمن العسـر
ولكنّ ليلى العامرية أخفقت فأمسكت، والأيام حبلى بما يجـري
قصة وشعر – نعيم عودة
الــدوحـــــة
الجـزء الثاني والأخير ( 2 )
كتبها – نعيم عودة
قالها ، وبات هائما يبحث عن مستقر ، فلم يستقرّ به مقام ولا هدأ له بال ، رسم طيوفا من خيوط الليل ، خائفا ، كيف سيكون صباح غـد !! ثمّ تبسم ، أطبق جفنيه مطمئنا ، صنع وردة من شعاع الفجر واشتمّ عبيرها ..
كان فواحا بأطيب عبير .. ملأ عليه فضاء ليلته ، فأشرقت أحاسيسه واستيقظ وعيه جريئا وثّابا ..
طلعت الشمس وهو ما بين نوم ويقظة ، أيبقى هائما هنا أم يذهب ليراها هناك!! يذهب ..
أطلّت وخطت من الباب الواسع ميمّـمة شطره ، كانت ثابتة الخطو ، على محيّاها سيماء الخفر .. عينا اليمامة الواسعتان تطلاّن من فوق وردتين .
ترفّقي ، فأنت تطئين أحلامي .
أصبحت قيسا .
وأصبحت ليلاه .
أين ذهبت بأحلامك الليلة ؟
فرشتها تحت أقدام مذللة -- فامشي عليها برفق العاشق الطرب
أين وجدتنــي ؟
بحثت عنك بين رسوم النوم وأحلام اليقظة ، طاردت خيالاتي رؤاك ونصبت لك شباكي ، وها أنت بين يدي صياد .. وقديما قالوا : كـلّ الصيد في جوف الفـرا .
لقد حلّقت بي بعيدا ..
هذا الفضاء العظيم الذي ترين .. خلقه مبدع الكون للأرواح العذية النقية .. مثنى – مثنى .. وجمّـله من أجلها بشعاع البدر وزيّنه بالنجوم ورقّقــه بنسيم الفجر وعطر الزهر .. ثـمّ أرسل من خلاله خيوطا مذهبة لتصحو على أنغامها عيون الساهرين . أخائفة أنت من ظهور الغزالة ؟
أخاف حرّها .. فأنا أعشق نور البدر أكثر .
وسيبقى البدر ممتدا على طول دروبك .
أسمعني بما يجود به هـواك .
كم أناجيك وأشتاق لرؤياك
ولكن ..
أنت لا تبقى على حال
فحالي شبه حالك
تقطف الأعناب من كرمي
ومن تعبي
ومن كـدّ يدي
أنت تحتال على قلبي
وتسقيني المهالك
لوّعني ما ذقته منك
وداستني سنابك
ضيّعت الأمل الجميل .. عاوده مـرّة أخرى ..
سوف أمضي في طريقي
فأنا كالدهر لا يرهبني السير
ولا صوت المعارك
سأزور العشّ مرات ومرات
وأدعو لوصالك.
أندثر يوم ويوم …. وأيام …
اليمامة لا تبقــى على حــال .. عيناها القلقتان تدوران تبحثان عن باب القفص.. كانت تسكن عشا هنيئا دافئا فوق نخلة ، أصلها ثابت وفرعها في السماء .. وكان الذئب يحوم حول النخلة .. يسيل لعابه كلما رأى اليمامة تدرج على الثرى .
تكلفين نفسك العناء إلى القمة ، وهنا الحبّ تحت قدميك.
اكاد أرى ذلك .
ففيم الشقاء إذن !
القلق .
إطّـرحيه بعيدا ..
كانك ناصح.
أمـــين .
وحطّ حلم صاحبنا على رأس النخلة , نظر في عشها فوجده خاويا .. يا للمرارة !! اليمامة لا تبقـى على حــال .
أيتها اليمامة ! أيتها اليمامة !
مــن أنت !!
لقد صوّح القفر وعمّ اليباب .
نزعتك من دنيا عيوني كانمــا نزعت عيون الفجر من بلج الفجر
وقد كنت كالأيام من قبل واحة فأصبحت كالبيداء عاطلة النحـر
ظننتك مصباحا يذوب بشاشـة وينمو مع الأيام منشرح الصـد ر
إذا أنت قنديل تولـّى زمانـه وأخفق ، والدفلى تنوحُ على القبر
فيا ويح ليلى كم تعـنّى حبيبها ويا ويح أيام الصبا وهـوى العمر
وكان حريّا أن يعيش منعّمـا ويسرح في جـوّ الفضاء مع الصقر
سما واعتلى ، والوصل جنّ جنونه وقلب المحبّ لا يبيـت على غدر
فلو أنّ ليلى العامرية أشرقت لأشرقت مثل النور في زمن العسـر
ولكنّ ليلى العامرية أخفقت فأمسكت، والأيام حبلى بما يجـري
قصة وشعر – نعيم عودة
الــدوحـــــة