الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المتمردة - رواية قصيرة واقعية بقلم:نزار ب. الزين

تاريخ النشر : 2008-11-27
المتمردة - رواية قصيرة واقعية بقلم:نزار ب. الزين
المتمردة
رواية قصيرة واقعية
نزار ب .الزين*

دخل الدكتور رجائي إلى مكتب الدكتور فؤاد و بعد أن تبادلا التحية الحارة ، طلب منه الجلوس ثم بادره بالحديث موضحا سبب إستدعائه :
- لديّ مريضة بحاجة إليك أكثر مني ، فكما تعلم أنا طبيب أمراض عصبية ، فبعد إجراء الفحوصات اللازمة تأكد لي أنها لا تعاني من علة عقلية إنما تشكو من إضطراب نفسي حاد ، لقد حاولت الإنتحار ثلاث مرات ، آخرها هنا في المستشفى ، و هي ترفض أن تنطق بحرف واحد ، و حتى الطعام لا تتناول منه إلا القليل و تحت الضغط ، و قد رفضته بداية فاضطررنا إلى تغذيتها بالسوائل – مرغمة - عن طريق الوريد .
و كما تعلم فأنا ليس لدي الوقت الكافي لأجلس معها طويلا لمحاولة فهم حالتها ، و المستشفى كما تعلم جديد لم يكتمل بعد جهازه الفني ، فرأيت أن أستعين بخبرتك كأخصائي نفسي ، فهل توافق ؟.
- و أنا تحت أمرك دكتور فؤاد ، و لكنني أريد بعض المعلومات بداية هل لك أن تطلعني على ملفها ؟
- ليس هناك الكثير في ملفها دكتور رجائي ، و بإمكاني أن أعطيك لمحة سريعة : " فاسمها جمانة أبو الشوارب ، والدها الصيدلي المشهور المرحوم راغب أبو الشوارب – لا بد أنك سمعت عنه - هي أرملة منذ مدة طويلة ، في منتصف الأربعينيات من عمرها ، تعيش مع والدتها في حي القيمرية ، و لديها إبنة متزوجة تعيش في بلد أوربي و إبن يعيش في بلد خليجي "
- هل عرفت أسباب محاولات الإنتحار دكتور فؤاد ؟.
- ما قرأته في نسخة التحقيق ، أنها ألقت نفسها من الطابق الثاني فسقطت فوق حبال الغسيل في ساحة الدار فلم تصب إلا ببضع خدوش ، و بعد أقل من أسبوع رمت نفسها من سطح المنزل باتجاه الشارع المجاور فسقطت فوق عربة محملة بأكياس الخيش ، فنجت أيضا و لم تصب حتى بأي خدش ، و لكن الموضوع بلغ مخفر الشرطة هذه المرة ، و بعد التحقيق حوَّلوها إلينا ، أما المحاولة الثالثة فكانت هنا، حيث إنتزعت من وريدها أنبوب التغذية ، ثم فتحت نافذة غرفتها محاولة إلقاء نفسها من الطابق الرابع ، لولا أن انتبهت إليها الممرضة في الوقت المناسب .
- و الأهل ماذا قالوا و ما هو موقفهم ؟
- يبدو أن التحقيق لم يكتمل بعد ، و عندما قابلت والدتها هنا لم تفدني بشيء يذكر ، و الباقي في عهدتك دكتور رجائي.!
و الآن تفضل معي لو سمحت لأعرفك على مريضتك .
*****
الجلسة الثالثة
كتب الدكتور رجائي في ملف المريضة :
اليوم أحرزت بعض التقدم ، فبدأت المريضة تثق بي بعد جلستين فاشلتين ، و خاصة بعد أن أكدت لها أن كل ما ستقوله سيظل في طي الكتمان ، و أنني سأبذل جهدي لمساعدتها في التغلب على كل متاعبها و ظروفها ، كما أكدت لها أنها ليست مريضة عقليا ، كما وصمها البعض . و اليوم فقط نطقت فقالت :
- منذ أن نفق زوجي إلى جهنم الحمراء ، و أنا أعيش مع والدتي ، والدتي هذه سيدة عجوز و لكنها لا زالت تملك القوة الكافية لتضطهدني و تذلني بصفتي أرملة يؤازرها أخوالي صونا لتقاليد العائلة و شرفها العريق (16-17!) ، أرملة لا يجوز لها الخروج وحدها ، و غير مسموح لها بالعمل ، و إن خرجت فيجب أن تتحجب - و أنا أرفض الحجاب - أرملة لا يجوز لها أن تتجمل أو أن تذهب إلى الحلاق أو حتى الحلاقة لتنسق شعرها ، بل لا يجوز لها أن تقف أمام المرآة ، أرملة مفروض عليها الحزن على فراق زوجها إلى الأبد ، و إن لم تهتز لها شعرة عندما ذهب إلى غير رجعة ، أرملة لا يجوز لها أن تتصرف بتعويضات زوجها التي وضعوها في عهدة أحد أخوالي فأخذ يقطِّر عليَّ منها و على ولديّ، إلى أن نفذت أو ادعى أنها نفذت ، أما أخويَّ فكلاهما ظلا سلبيين و قد نأيا بنفسيهما عن مشاكلي مع أهلي ، فكانا على الدوام –و منذ الطفولة - لا في العير و لا في النفير..
*****
الجلسة الرابعة
- تشاجرت كثيرا مع والدتي و مع أخوالي ، إذا طالبتهم بحسابنا تشاجرنا ،إن آزرت ولديّ في أي شأن من شؤونهما تشاجرنا ، قاوموا بشراسة التحاق ابنتي بالجامعة فتشاجرنا حتى انتصرنا ، و لما انتصرنا خرجوا لنا بنغمة الحجاب فتشاجرنا من جديد ، و لكن عندما لم أعد أملك موردا ، إزدادوا شراسة في معاملتنا .
أحبت ابنتي أستاذها في الجامعة فتقدم لطلبها ، إعترضوا ، فبلادنا لا تجيز الحب ، بلادنا تمنع الحب حتى لو انتهى بالزواج ، فتصدينا لهم – أنا و ابنتي - و قاومناهم ، و تمكنت في النهاية أن أحتال على والدتي ، و أن أتوجه مع ابنتي إلى المحكمة الشرعية حيث تم عقد قرانها بمن تحب ، لتنتقل بعد أيام إلى عش الزوجية ، فقامت قيامتهم و لم تقعد ، و عندما تصديت لهم ضربوني – أجل ضربوني رغم أنني سيدة و أم ، و رغم أنني تجاوزت الأربعين من عمري - كان ذلك أول سبب لتفكيري بالخلاص ، الخلاص من هذا التخلف المقرف ، الخلاص من هذا التسلط و الإستعباد ، فكرت بالهرب و لكن إلى أين ؟ فكرت باللجوء إلى الشرطة و القضاء ، و لكن بأية حجة و من سينصرني ؟ فبسبب غربتي الطويلة لا أعرف أحدا ؛ شعرت أنني ، أسيرة ، سجينة ، مضطهدة ، ذليلة ، لسبب واحد أنني أنثى و – يا لعيبي - أنثى أرملة !.
و تكرر الموقف بعد ذلك مع إبني ، فقد أحب زميلته في الجامعة ، و طلب من أخوالي أن يتقدموا لخطبتها ، فاعترضوا و رفضوا الفكرة من أساسها ، لأنهم لا يعترفون بالحب أولا ، و لأن الفتاة ابنة مهني ، و من عائلة ليست من مستوانا الإجتماعي(16- 17) ! ، قلت لهم : " من نحن و ما الذي يرفع منزلتنا عن الآخرين ؟ ، زوجي كان موظفا مدمنا على الخمرة و فاشلا في عمله كمعلم ، و خالاه – أي أخويَّ - موظفان عاديان و أخوال أمه – أي أخوالي - أقل من عاديين ؛ فعلام الغرور و هذا الإعتزاز الزائف ؟! " فقامت قيامتهم من جديد و لكنني تمكنت من إتمام زواجه من وراء ظهورهم ، و هكذا فقد عاونت ولديَّ على الخلاص لأبقى وحدي في قفص التخلف و الهمجية ! تسألني لِمَ لم أقم مع أحدهما ؟ أجيبك بأن ابنتي هاجرت مع زوجها إلى بلد أوربي ، و إبني التحق بعمل في إحدى دول الخليج ، و الأهم أنني لم أطلب منهما ، و لم يدعواني !
*****
الجلسة الخامسة
- طفولتي تعيسة يا دكتور كما صباي و كما حياتي كلها ..
بعد وفاة والدي المفاجئة ، انخفض مستوانا الإقتصادي فجأة ، فاضطرت والدتي بداية ، لبيع كثير من قطع الأثاث لسداد ديونه و لم تترك إلا الضروري منه . كانت تساعد والدي- قبل وفاته - في تركيب بعض الأدوية ، كالصابون المزيل لقشرة الرأس ، و صبغات الشعر ، وشَرْبة الدود ، و تعبئة البرشام بالمساحيق الدوائية ، فاستأنفت ذلك بعد أن انتهت فترة الأحزان ، ثم أخذت تسوِّقها لدى زملاء والدي القدامى .
لديّ ثلاثة أخوال ، عارضوها في البداية ، لأنها ستضطر لمقابلة الرجال و التعامل معهم ، و لكن عندما طلبت مساعدتهم المالية ، غيروا موقفهم في الحال متجاهلين إعتراضاتهم السابقة !.
- حقا إنها سيدة مكافحة كما تفضلت و لكن .... ؟ّ علّقت ، فأجابتني :
- و لكنها كانت ظالمة في معالمتي خاصة ، و كأنني كنت عبئا عليها غير مرغوب فيه !
تصور يا دكتور أنها كانت تسحب اللحاف ( الغطاء القطني أو الصوفي ) من فوقي ليلا ، و تغطي به أخويّ ، ربما لأننا كنا لا نملك غيره، و لكن ....صحوت ذات مرة و أنا أرتجف بردا ، فحاولت استعادة الغطاء ، فأحست بي فمنعتني بغلظة ، فاقترحت أن أنام إلى جوارهما فكانت الإجابة صفعة دوختني !
كانت تخاف على أخويّ – و هما أكبر مني سنا - من الخروج ، فترسلني لقضاء احتياجات المنزل ، كنت في التاسعة من عمري عندما دعاني البقال – ذات يوم - إلى داخل دكانه ليمنحني بعض الحلوى ، و بعد أن ملأ جيبي بها رفع فستاني و ضمني إليه ثم أخذ يقبلني و لكنه عندما تمادى ، فزعت و صرخت فأخذت أبكي فخاف و تركني ؛ هرعت جريا إلى البيت ، و قبل أن تسألني لماذا تأخرت ، أخذت تصفعني و تركلني، فخلفت كدمات في راسي و بقع ملونة فوق وجهي منعتني من الذهاب إلى المدرسة لعدة أيام .
إلا أنني رفضت بعدئذ الخروج لإحضار لوازم البيت ؛ ضربتني ، حبستني بالمرحاض ، جوعتني ، إلا أنني بقيت على موقفي بكل عناد .
كانت قاسية بل وحشية في معاملتي ؛ كانت تظن أنها تنشِّئني نشأة صالحة كأنثى!!.
إلا أنها كانت في الحقيقة ، تغرس في نفسي الإحباط و اليأس و الكراهية ، و السخط لأنني خلقت أنثى و لم أكن ذكرا . و لديّ شكوك تخامرني حتى اليوم من أنها ليست أمي ، ربما هي زوجة أبي !
الجلسة السادسة
- كنت في الحادية عشر عندما توفيت زوجة جدّي الثالثة ، فجاء إلى دارنا مقيما .
كان يدافع عني و يحميني من بطش والدتي فأنست إليه ، و ذات يوم ، خرجت والدتي لقضاء حاجاتها شبه اليومية ، فاستدعاني و أجلسني على حجره ، إلا أنه بدأ يفعل ما فعله البقال ؛ تصور جدي يفعل ذلك ؟! جدّي يا دكتور ، جدي ، أجل جدي !!!! فدفعته عني و جريت ، لحقني ، صعدت سلم الطابق الثاني ، لحقني ، فدفعته بكل قوتي ، فسقط كالكرة ( المنفسه ) التي فرغ منها الهواء ، و تدحرج من درجة إلى درجة، فأصيب بعدة كدمات و كسر في الذراع ، و عندما عادت والدتي سألته عما حدث له فلفق لها قصة ، إلا أنه لم يذكر أنني دفعته ، فصمت بدوري .
و لكنه - بعد أن تماثل للشفاء - ، كرر محاولاته فاضطررت أن أحكي لها ، فلم تصدقني ، بل إنهالت عليّ ضربا ! ثم وصمتني تارة بالكاذبة ، و تارة بالشيطانة ، و همست لأحد أخوالي بمخاوفها من أن شيطانا أو جنيا كافرا قد يكون تقمصني ؛ ثم أطلقت عليّ لقب /النمرودة/ أي المتمردة ، هذا اللقب الذي لازمني حتى يوم فرحي بل حتى يومي هذا !
و لم ينقذني من خرف جدي غير إصابته بالشلل والإنتقال من ثم إلى الجحيم !
علق الدكتور رجائي في أسفل صفحة المقابلة :
" كانت تحدثني بعينين دامعتين ، و كثيرا ما كانت تتوقف أثناء حديثها لتجهش بالبكاء ، أو لتسرح بعيدا كأنها تتمثل تلك الوقائع فيعتصرها الألم.مما يؤكد لي أنها صادقة فيما تقول .
هذا النوع من الشذوذ في سلوك الجد الذي تحدثت عنه جمانة، نادر للغاية إلا أنه موجود ، و قد مرت عليّ حالات إغتصب فيها الأب ابنته و الأخ أخته بل و ما هو أسوأ من ذلك .
*****
الجلسة السابعة
- في المدرسة كانت المعلمات يعاقبنني لأتفه الأسباب ، و عند بلوغي الصف الأول الثانوي رفضت أن أمد يدي لتضربني عليها إحدى المعلمات ، أجل رفضت بل تجرأت فقلت لها : " الضرب ممنوع " فجن جنونها ، ثم حولتني إلى المديرة ، و هذه استدعت أحد أخوالي ، و كانت قضية لا تضاهيها قضية فلسطين . أجبروني على الإعتذار و أن أعود إلى الصف فأمد يدي لتضربني عليها المعلمة أمام زميلاتي– حفظا لماء وجهها أمامهن – و وعدوني أن الضربة ستكون رمزية فقط ، صدقتهم و لكنها لم تكن كذلك بل كانت عدة ضربات إنتقامية موجعة، و عندما عدت إلى البيت كان العقاب في انتظاري أيضا .
الأم تضرب ، الخال يضرب ، المعلمة تضرب ، المديرة تضرب ، لا أحد يتقبل كلمة لا ، كلمة لا حرَّموها عليّ يا دكتور .
في هذه السنة فرضت عليَّ والدتي أن أضع خمارا على رأسي ، رفضتُ بداية ، و لكنها هددتني بمنعي من إتمام دراستي ، أخذت أسايرها فيما بعد ، فكنت ما أن أغادر الحي حتى أنزعه عن رأسي ، و ذات يوم ، شاهدني أصغر أخوالي أتمختر بدون خمار- كما قال - فتقدم مني و حدجني بنظرة كلها شر و تهديد ، ثم تركني و انصرف و لكنه كان قد سبقني إلى البيت ، و هناك بدأ تعذيبي ، صفعات و ركلات ، و أكملها من ثم بقص شعري ، فصرخت و استنجدت و استجرت بأمي فكان جوابها : " تستحقين كل ما يصيبك يا كلبة يا نمرودة ! " اغتنمت سانحة فعضضت يده بكل ما أملك من كراهية و حقد حتى أدميته ، عندئذ فقط تركني .
و في جلسة خصصت للنظر في شأني قرر مجلس العائلة ( 16-17 ! ) أن أتوقف عن الذهاب إلى المدرسة و أن أحرم من مواصلة تعليمي و أن يزوجوني لأول طالب حتى لو كان حمالا !

*****
الجلسة الثامنة
- ثم تزوجت ، لم يعجبني شكله بداية الأمر ، كان قصير القامة ، أخن الصوت ، إضافة إلى أنه موظف في الدرجة العاشرة لكنه يعمل في إحدى دول النفط ، لم تكن لديه أية ميزات تذكر سوى هذه ، فوافقت و كنت لا أزال في الرابعة عشر ، على أمل الخلاص من سجني ، فكنت كالمستجيرة من الرمضاء بالنار ، كان سكيرا عربيدا ، ما أن يعود من عمله كمربي (16-17 !!!! ) حتى يبدأ بشرب البيرة ، يشرب و يشرب و يشرب حتى يطفح ، أما يوم الخميس فكان له طقوس أخرى ، يدعو من هم على شاكلته لا فرق إن كان متزوجا أو كان أعزبا ، و هات يا وسكي و هات يارقص حتى الصباح ، كنت أندمج أحيانا معهم بحكم الإجماع ، و كدت أنزلق مرارا ، إلا أنني كنت غالبا متماسكة رافضة أن أكون عشيقة لأحد و غالبا مشمئزة ، و إن اعترضت فجزائي صفعة و إن تماديت فالجحيم ينصب على كل جزء من جسدي النحيل . و لا أدري كيف مضت سنوات زواجي الخمس عشرة عندما أصابته جلطة دماغية قتلته في الحال .
*****
الجلسة التاسعة
- تقول يا دكتور أنك أرسلت إلى ولديّ تخبرهما عن حالتي ، و أنك لم تتلق الرد منهما حتى الآن ، يا ليتك لم تفعل ، فلا أريد أن أسمم حياتهما بوجودي بين أحدهما ، و لا أريد أن أكون عالة على أي منهما ، و لكن لا أريد أيضا أن أعود إلى سجني ، .فما أن تسمحوا لي بالخروج من المستشفى ، حتى أبدأ بالبحث عن عمل ، لو خادمة في البيوت أو المطاعم ، أنا الآن أكثر هدوءا من أي يوم مضى يا دكتور ، و الفضل لك فقد أرحتني و ساعدتني على إخراج النار التي كانت تشتعل في صدري .

*****

علق الدكتور رجائي فكتب أسفل صفحة المقابلة :
- أبلغت الدكتور فؤاد ، بأن المريضة ليست مريضة ، إنما هي إنسانة معذبة ، و رجوته أن يجد لها عملا في المستشفى ، و لكنه أجابني – بشكل غير متوقع – بأن مؤسسته علاجية و ليست جمعية خيرية (!)
حصلت على عنواني و لديها و كتبت لهما منذ عدة شهور ، و لكنني لم أتلق منهما أي رد (!)
قابلت والدتها فكان رد فعلها ، أن لطمت خديها هائجة : " لقد فضحتنا هذه النمرودة ، الله يقصف عمرها ، و يخلصنا منها "(!)
اتصلت بالمؤسسات الإجتماعية فلم أتلق ردا حتى اليوم (!)
ثم اتضح لي أن بلدنا يفتقر إلى مؤسسة ترعى النساء المضطهدات (!)
لقد وعدتها بالمساعدة و لكنني أجد نفسي عاجزا عن تنفيذ وعدي (!)
*****
(الجلسة العاشرة)
- في الواقع هذه ليست جلسة مع المريضة، فالمريضة إنتحرت و نجحت هذه المرة .
إنها جلسة مع الذات ، هدفها إغلاق الملف فأقول :
لا زال التخلف يحكمنا ، و الأعراف تدمر النفوس ، و اضطهاد النساء تزداد حدته ، و الأغرب أنه يُمارس من قبل بعض النساء .
كان من الممكن إنقاذ جمانة ، لو توفرت مؤسسات الرعاية المناسبة ، أو توفر على الأقل وفاء الأبناء .
و هكذا انتهت جمانة
ألقت بنفسها هذه المرة من سطح المستشفى فوصلت إلى الأرض ممزقة .
-------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف