الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مقبرة خمس نجوم بقلم: تيسير نظمي

تاريخ النشر : 2007-09-12
مقبرة خمس نجوم

قصة: تيسير نظمي

إهداء: إلى الشاعر دانييل لوفرس

حدثني قريبي القادم من الولايات أن لديه بعض الأفكار الاستثمارية التي ينوي عمل دراسات عليها قبل أن يخسر فلسا واحدا من رأس ماله، مثل دراسة الجدوى الاقتصادية ، واستطلاع الرأي ، والحصول على أرقام المسنين وتعداد من تجاوزت أعمارهم الخمسين من الذكور خاصة ومتوسط دخلهم وراح يستفيض دون أن يطلعني على أية فكرة من أفكاره حرصا على حقوق الملكية الفكرية. ولما رآني غير مهتم لحماسته الرأسمالية ونظرا لما تبقى لديه من مشاعر القرابة، بق البحصة وقال : مقبرة، مقبرة خمس نجوم في هذا البلد أفضل من تأسيس جامعة بكلفة عالية وتعقيدات الحداثة التي لن تصل إليها أية دولة من دول الشرق الأوسط، لا الكبير ولا الصغير.

فأدهشتني الفكرة حقا ورحت أسأله باهتمام عن تلك المقبرة في رأسه فراح يستعرض معرفته بالعادات والتقاليد لدينا في هذه المنطقة من العالم، وقال:

هل تعرف أننا – ويقصد رجال الأعمال- نخسر الملايين في تزمتنا بالعادات والتقاليد بدلا من أن ننشئ شركات خاصة لتقوم عوضا عنا بالمهمة؟ فقلت :كيف؟ وهنا استفاض طالبا مني الإصغاءحتى النهاية وبعد ذلك أقول له رأيي الذي لن يقدم أو يؤخر ما دمت غير شريك له لا بالفكرة ولا برأس المال.

قال: لقد لا حظت لديكم اهتماما غير عادي بالأموات عوضا عن الاهتمام بالأحياء وأن الموت كلفته لديكم عالية ماديا ونفسيا ومعنويا. فإعلانات التعازي من نعي ومشاركة عزاء وشكر لا يقرأها أحد ممن لا علاقة لهم بالمتوفى وهذا يمكن اختصار تكلفته عن طريق الهاتف النقال، فكل مشترك نقوم نحن كشركة بجمع المعلومات عنه وعن أرقام هواتف أقرباءه وأصدقاءه ومعارفه وزملاء عمله وجيرانه لنقوم عند وفاته بإرسال رسائل النعي وتحديد مكان وساعة الدفن تاركين لهم الرقم الممكن الاعتذار عليه، وبعد فترة نقوم تلقائيا بدعوة هؤلاء الذين تم مراسلتهم لحفل التأبين المقام على شرفه وشرف أهله وأنسبائه، سيكون بالطبع لدينا متحدثين ومقرئين ولغتهم العربية سليمة ويجيدون ما يلزم من اللغات الأجنبية ولهم زي موحد كذلك يتناسب مع حجم اشتراك المشمول بخدماتنا وسوف نريح أهله بانتداب محام من الشركة لتقسيم الإرث والممتلكات على الورثة وفق نظام يصون للمرأة حقوقها أيضا.

سوف نجعل أهل المتوفى يتفرغون للحزن وليس للمشاكل والمناكفات ، كما سنصون وضعهم الاجتماعي بمواصفات للخدمة التي نقدمها كأن نجعل للمشترك قبرا يكون موضوع حديث الناس لأيام وشهور من حيث نوعية الخط والحجر المستخدم لبناء الضريح وفسحة مزودة بالمقاعد لزواره في الأعياد والمناسبات كما سنكون لنا أفضلية باستخراج شهادات الوفاة والتبليغ عن الحالة وربما تسجيلها في الملفات وإدخالها على الحاسوب قبل الوفاة لتكون جاهزة، وبالتالي ما على الميت سوى أن يموت ويكون متفرغا لموته كي نرعى مستواه ونجعله غير منشغل سوى براحة البال وسوف نطور بالمناسبة الفن التشكيلي بالبلد إن نحن رسمنا على القبور بعض اللوحات المناسبة التي يفضلها الأهل والزوار وسنجعل كل شيء منظما في حفلات التأبين وبيوت العزاء وعلى الرقم الوطني وحسب المكانة الاجتماعية للرواد فلا يجوز أن يجلس الفقير المعوز قرب الغني الموسر حرصا على مشاعر الطرفين في هذه المناسبات.

ولما لاحظ امتعاضي وتجهمي المفاجئ استدرك قائلا أنه يقصد تنظيم العملية وعدم وجود فجوات هائلة في الاختصاص والثقافة والمستوى بين الحضور حيث لم تعد صلة القرابة العشائرية هي المعيار للربط بين اثنين مختلفين في كل شيئ سوى من اسم العائلة والحمولة في نهاية أسمائهم. فقلت له موضحا أن ليس هذا ما يزعجني ضاربا كفا بكف على طريقة استاذنا الجليل خليل السواحري طيب الله ثراه في شفا بدران حيث اختار المكان بنفسه حسب ما سمعت، وقلت هامسا : خرب بيت الشباب والله ما راح يلاقوا شيئ يعملوه عندما تباشر هذه الشركة أعمالها.

سمعني فاستفسر : أي شباب تقصد؟

طمأنته أنهم لا يفكرون بمزاحمته مثلما يزاحمون خصومهم في الانتخابات. لكنه ظل متحفزا لمعرفة هويتهم السياسية والمهنية وطبيعة عملهم بل واستفسر محتدا إذا ما كانوا قد حصلو فعلا على قطعة أرض لمشروعهم الذي عبرت عنه بضرب كفي ببعضهما البعض وبكلمة "خرب" بيت الشباب. فطمأنته أنهم ليسوا على تلك الدرجة من الدهاء التجاري ليزاحموه، لكنه ظل مصرا أن يعرف من يكونون. قلت له : لا تقلق أنت إنما أنا الذي من حقه أن يقلق الآن على رابطة لن تجد ما تفغله بعد اليوم للكتاب.

فاستبشر خيرا وانزاحت غمته وقال مبتسما : صحيح لقد نسيت أن أقول لك أننا سوف نطبع كتبا أيضا بالراحلين ونكتب عنهم كل كلام طيب وأنهم كانوا رحمهم الله مبدعين حتى – وابتسم- لو لم يكونوا كذلك وإذا كان المشترك على قد حاله تقوم شركتنا بطباعة سيرة حياته كما يكتبها الكتاب عندكم فقد لاحظت ذلك لديكم منذ سنوات وأنتم تجيدون هذه الصنعة والشهادة لله.

الأردن-12/9/2007

www.nazmi.org
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف