الأخبار
إعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقها
2024/4/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الطنطاوي شيخ المنهج الانساني في الاسلام بقلم : محمد يوسف جبارين

تاريخ النشر : 2010-03-12
الطنطاوي شيخ المنهج الانساني في الاسلام
بقلم : محمد يوسف جبارين
الطنطاوي شيخ المنهج الانساني في الاسلام

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

محمد سيد طنطاوي ، شيخ من شيوخ الاسلام غادرنا ، فلم يعد بيننا في الحياة ، نسأله ويجيب على أسئلتنا ، لكنه مع ذلك لم يزل بفكره بيننا ، في مكتبتنا ، في متناول عقولنا ، نقرأ له ونفاد في فهم درب الاسلام في هذه الحياة ، فهذا الوسيط في تفسير القرآن الكريم ، وغيره كتب خطها بيده وفكره ، بها مساهماته في استخلاص الفهم للدين الحنيف مما شابه في غمرة احتهادات وتهافت من مجتهدين ومن متهافتين ، ومن منسلين الى ما يقيمون بأمر من الدين ما يخدم اتجاها ينحونه في الدنيا ، ولم يكن وحيدا في مجرى الزمان ينحو نحوا استخلاصيا مبينا بانيا لوعي متجدد لسماحة هذا الدين وقيامته الانسانية للآخر المختلف في الدين والرؤية للحياة ، فلقد سبقوه الى ذلك كثيرون استشعروا في مرحلة من تاريخ كانوا فيها ، بأن ما حباهم الله به من علم في الدين ، ومن امتلاك البصيرة الثاقبة ، ومن الاحاطة الواعية ، انما يوجب عليهم أن يتوظفوا في الابانة عن الحيود عن الدين ، وعما جابه من انتفاع به في دروب غير دروب يقرها ، وانما استخلاص خلاصة الاخلاص ، يوجب عليهم أن يجددوا ، ويصدحوا بالقول بما جددوا ، وأن يواجهوا بكل صلابة الفكر والقول في المواقف ، كل التيه والحيرة والارتباك والزيف الذي ساهم في حرف مهمة الدين بعيدا عما نزل به وله من رقي انساني بالانسان ، فلعله الانسان بما يرقى اليه نافعا نفسه ، وغيره ، وبانيا حياة انسانية تفيض بالانسانية على الذات الانسانية ، آمنت بالاسلام أم لم تؤمن ، فليس من الاسلام اكراه على دين وليس من الاسلام ، أن يظلم من يحبا في ظل الاسلام من دان أو يدين بغير الاسلام ، فالاسلام جامع الانسانية ، فالكل في كنف الاسلام محقق انسانيته ، فمجال تحقيقه لانسانيته واسع سعة الاسلام ، فهو دين العالمين ، فهو النظام الذي تنتظم في اطاره كل النظم في تعادلية لا تقيم لظلم قيامة ، فلا من يقيم ظلما ولا من يستبقيه ، فلا دعامة له ، فالظلم نقيض الانسانية ، وقد ألزم الاسلام المسلمين باقتلاعه ، فكذلك السلام الاجتماعي يقام فاتحا درب الاستقرار ، كشرط بنائي لتدافع بنيان الحياة الى أرقى فأرقى ، فأما الذين هم بالظلم يخلخلون التماسك الاجتماعي ، فانما هم المهلهلون الذين يحترفون بنائية تخريب متنافية مع الاسلام ، فهم المولدون للفتن والصراعات الداخلية التي تتهالك بها الطاقات الكامنة في المجتمع ، فينتجون بما هم فاعلون الضعف الذي يضعف المقدرة على النمو والتطور ، ويوفرون بذلك تهاوي القدرة على توفير الأمن للمجتمع ، ومن هنا فانما عملهم الفتنة التي تنصرف في خدمة العدو الخارجي المتربض بالمجمتع بكل كيد ، قصدوا ذلك أم لم يقصدوه ، فهذه نتيجة حتمية لمجرى سير الانحراف عن الدين الاسلامي القويم ، فمن هنا ، من هذا الترابط يبدأ يتشكل منطق تناول ، تتأسس عليه ذهنية الشيخ الطنطاوي ، في كل تناول له لمسألة من مسائل الحياة ، فعنده قد تجلت ثلاثية الأرض والانسان والقرآن ، وانما نزل القرآن ليكون الاسلام نظام الحياة لهذا الانسان في هذه الأرض ، فتلك مشيئة الله ، وتلك ارادته ، وما للداعي الى الله الا أن يحفظ الانسان في كل تكوين لحكم منصب عليه ، فالانسانية في تجليها - في خلال - الاستبعاد لكل ما يحد من استبقائها فاعلة في التكوين الانساني ، وفي الوجود من حوله ، انما هي أساس كل اطار لفهم فاعل ومحقق بفعل انساني في الحياة ، فالانسان هو هذا الذي يحمل الاسلام الى الانسان ، فمنطق التناول ( المنهج ) .. منهج الدعوة الى الله لا بد وأن يكون بذاته المنهج الانساني ، وهذا بالفعل ما استوى عليه عقل الشيخ الطنطاوي ، وتدل على ذلك كتاباته ، واني من خلالها حاولت أن أجلي هذا ، وبالفعل كان هو هذا المنهج الانساني الذي يمكن من خلاله الاقتراب من فهم الشيخ الطنطاوي .. ووعي رؤيته وطرائق صياغاته للنصوص ، ولكل بنيوية لحكم قال به ، وانها جملة أريد أن أقولها وهي بأن الشيخ لو لم يتصدر للفتيا في زمانه ، لما استدعى قول له كل ذلك النقد الذي كان يتبع قوله في الفضاء العمومي ، ولو أنه لم يكن يحمل جانبا من أعباء نظام حكم في مصر ، فما كان لموقف أو قول له أن يتشكل - في ضوء منهجه الانساني - بأخذ اعتبارات لمتغيرات قائمة أو لربما تستجد وتترتب على موقفه أو قوله ، فمن الفتيا ما اندرج في سياقات ما تسمى بالمصلحة العليا للوطن ( ومنها ألأمن وما الى ذلك ) ، ومن هنا جاء الحال الذي بدا فيه الشيخ وكأنه يتعرض لهجمة من هنا ومن هنا ، من أفواه غاضبة على قول قال به ، أو موقف ألح عليه ، ولكننا في تمحيص لتلك الهجمات ، فسرعان ما نعي بأنها من أطراف حسمت موقفها ، وحددت آراءها ، وبها استعداد دائم للرفض لكل ما يتنافى مع مقولاتها ، فتلك لم يخطر على بالها الحوار فتحاور ، وتبحث عن رأي آخر فلعله الصواب في جانب غيرها ، وباستدراك التفاتة تاريخية تمر على التاريخ بقراءة متبصرة ، فتجلي ما عجت - في خلاله - الانحرافات بفهم الاسلام عن جادة الحنفية السمحاء ، لنجد بأن الهجمة على فتيا الشيخ ، انما كانت في منظور الشيخ الطنطاوي آتية من داخل كل ذلك الانحراف الذي تشرنق به من تشرنق وتعصب واستعمى ، ولم يعد يرضى بغير مقولات منسجمة مع ذاته ، فكل هذا يدلنا على عميق اتصال الشيخ بمنهجه ، وعلى تمسكه بصوابيته فاصراره على تصحيح وعي وفهم ودرب ؛ آل الشيخ على نفسه الا أن يأخذه على عاتقه ، فلقد كانت به صلابة عقيدة ، وتأبى الا أن تتجلى بكل سماحتها وانسانيتها ، فرحم الله الشيخ ، وأنار درب المسلمين بعلمه ، فلقد كان يريد عمره كله في خدمة القرآن ، وكما قصده أبدى ، فكأنه في عرفه حياته التي يمضى بها في الدنيا .
وانه الموت الذي أسكت أنفاس الشيخ ، وأوقف دبيب قدميه في الدنيا ، ومع ذلك لم يفلح في قطع وجود فكره في الحياة ، فكان شأن الموت مع الشيخ كشأنه مع الخالدين الذين لا يملك حيالهم أن يقطع صلات تأثيرهم الفكري في مجرى الحياة ، فالشيخ لم يزل فاعلا في خدمة الاسلام ، بما أودعه المكتبة من تفسير كامل للقرآن ، ومن كتب ودراسات ، هي في متناول طلبة العلم في دور لعلوم الدين ينهلون منها ، وسوف تظل تنهل من فكره أجيال وأجيال تتعاقب في مجرى الزمان على هذه الأرض .
وانها الحياة ، فطالما أن هناك حياة ، فان هناك الدموع التي تسيل على جوانبها ، فالأعلام من القامات الرفيعة للشيخ منارات تضيء الدروب ، كما القمر في الليالي المظلمة ينير الدرب ، فيعرف الناس مواطىء الأقدام ، ولقد كان الشيخ الطنطاوي واحدا من هؤلاء ، فهكذا شأن مقامة لدى المشتغلين في علوم الدين في معاهد قامت للدين ومن بينها الأزهر الذي كان يرأسه ، ولقد قلنا بأنه تصدر في مرحلة من حياته الى الفتيا ، وفي هذا الجانب كان عليه أن يكون لصيقا بما وعاه من سير تاريخ ، ومن فهم للاسلام شابه ما شابه من انحرافات عن الحنفية السمحاء ، لقد انتبه انتباها واعيا وعميقا في الفهم ، لحياتنا نحن المسلمين ، في الفترة الممتدة تحت حكم الفاطميين والعباسيين ، وما كان للفرق من تأثير على الفكر وعلى الفهم للدين ، وما تلا ذلك من تشديد قال به ابن تيمية ، وشاع بدعم من الوهابية التي لم يتردد الطنطاوي في انكار كونها مذهبا من مذاهب الاسلام ، لقد كان يعرف درب ابي بكر ودرب عمر ودرب عثمان ، ومن هنا عرف منهجه الانساني ، وأراد له تمايزا ليتجلى بذلك درب المسلمين أمامهم بعيدا عن التعصب ، وبعيدا عن الانغلاق ، وبعيدا عن الحجر على العقل ، كان يريد للمسلمين أن يأخذوا دربهم في الحرية وبالحرية في نطاق اسلام الحرية الذي كان له الامتداد الكبير في الأرض ، وكان يعرف بأنه بهذا يمكنهم المسلمون أن يشقوا دربهم في الحياة وهم في محل احترام وتقدير لأنفسهم ولغيرهم ، وبهذا يفرضون احترامهم على غيرهم ..ويشقون بذلك الطريق الى دعوة الاسلام .. كان الطنطاوي صاحب منهج ( منطق تناول ) .. المنهج الانساني ..الانسان أولا ..التسامح ...احترام العقل ، المرأة ليست أنثى وفقط وانما هي عقل ، وهذا العقل يجب أن يأخذ دوره في البناء ، فعلى صعيد العقل لا فرق بينها وبين رجل ، فالذكورة تقابل الأنوثة ، فكل عليه أن يأخذ دوره في البناء ، تصبح هي قاضية ، رئيس دولة ، فهذه تحتاج عقل ولديها العقل الذي يمكنه أن يبز الرجال ، ... الاعتراف بالآخر ..الحوار ..لا نفي الآخر ، فلا للانغلاق والتحجر الفكري والانكفاء على الذات ، بل التعاون هو سبيل النهوض ، والتفدم ، وقال : لا للارهاب ، وبظني وهو يقول ذلك كانت تتردد في ذهنة تلك الأعمال الارهابية التي كان يقوم بها الخزر في خدمة بيزنطة ضد الدولة الأموية ، وأيضا الأعمال الارهابية التي كانت تقوم بها الدولة الفاطمية في مصر ضد الدولة العباسية في بغداد ، وأيضا تلك التي كانت تقوم بها الباطنية ، وكذلك القرامطة ، فكل الارهاب من ذلك الذي يتفكك به المسلمون أو يستدعي عداء الآخرين عليهم بغير سبب وحاجة الى ذلك ، وما يترتب عليه من ضرر بالغ على المسلمين ، قد كان الطنطاوي يدركه ويقف ضده ، وقد كان ينظر في الحال الذي آل اليه المسلمين من تفكك وبؤس حال وضعف في مقابل ما آل اليه الذين حققوا سبقا علميا عليهم ، ويجد له ما يقابله من أزمنة في تاريخ الاسلام خلت ، ويستوى على نفس الادراك الذي استوى عليه المؤرخون المسلمون ، بالقول بأن المسلمين هم الذين يهزمون أنفسهم قبل أن يهزمهم أعدائهم ، وتلوح أمامه في ضوء ذلك تلك الفتن الداخلية التي شبت في داخل الدولة الأموية والتي من دونها كان يمكنها الدولة الأموية أن تحيل أوروبا الى الاسلام والى الأبد ، ناهيك الى فتن أخرى وأخرى جابت مجرى التاريخ وعصفت بالمسلمين ، فسيل من دماء المسلمين سال بأيد مسلمين تناطحوا وسفكوا دماء بعضهم بعضا ، فكان اعلاء التسامح في فكر الطنطاوي وعيا بضرورة الحرص على آصرة الأخوة بين المسلمين ، فهي واجبة تساند وتعاضد ، بها يستقوون ويشتد بأسهم ، ويباعدون بينهم وبين ضعف يمسهم ، كان لديه دم المسلم على المسلم حرام ، كان الطنطاوي صاحب المنهج الانساني القرآني الذي لم يتردد في مواجهة عصف الانحراف عن هذا المنهج الذي بهر به المسلمون العالم بأسره في زمان مضى ، وقد آن لهم أن يعودوا اليه ، بتطهرهم من الانحرافات عن جادة الانسانية التي هي أبلغ مفاتيح الفهم للاسلام ...
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف