تعاقب الأجيال (الجيل الباني والجيل المستهلك أو الطفيلي)
غازي ابوفرحة
تعريف : دراسة لمعرفة تأثير تعاقب الأجيال (الأب وابنه) في السياسة والتاريخ والاجتماع للتنبؤ بالمستقبل . فيقسم عمر الإنسان إلى جيلين :
1 - الجيل الباني والجاني (الذي يجني) 2 - الجيل المستهلك أو المتطفل .
الجيل البشري :
متوسط ما يعيشه الإنسان بالتداخل مع الأجيال الأخرى (الأب والابن) وهو يساوي نصف متوسط عمر الإنسان (الهرمي) الذي يهرم هرما طبيعيا بدون أن نسقط منه الوفاة بسبب المرض أو الحوادث أو وفيات الأطفال لأن الأطفال غير منتجين ولا يكونون أجيالا (لا يتزوجون) فيهملون من حساب تعاقب الأجيال وبالنسبة لوفيات الأمراض والحوادث فإنها تخلق لدى الابن الحافز الذي عن طريقه يكمل مشوار أبيه فتهمل أيضا .
وقد وقع في الخطأ العالم الأمريكي الذي ألف كتابا عن تعاقب الأجيال عام 1986 بعد ما سمي بمذبحة الاثنين الأسود للأسهم في بورصة نيويورك وتوقع فيها أن تنهار الولايات المتحدة الأمريكية عام 1989 فقد حسب على أساس أن متوسط عمر الإنسان في أمريكا بعد خصم وفيات الأطفال ووفيات الأمراض والحوادث هو 60 عاماً أضافها إلى عام 1929 عام الانهيار العظيم فأصبح عنده الانهيار المتوقع عام 1989 ولم تنهار أمريكا في ذلك الحين فاعتقد الكثير ببطلان النظرية .
لكن الحساب الصحيح يجب أن يتم على أساس أن متوسط عمر الإنسان الهرمي
( بعد الموت الطبيعي بعد الشيخوخة) هو 76 عاماً فيصبح الحساب الصحيح 1929+76=2005-+3 عام انهيار أمريكا المتوقع والحتمي بإذن الله وقد انهار الاتحاد السوفيتي بهذه الطريقة حيث أنه قد بدأ عام 1917 الثورة الشيوعية
1917+76=1993 -2 ، انهار الاتحاد السوفيتي تماما وتقسم إلى جمهوريات ولم تنفعه القنابل الذرية ولا الجيوش ولا الطائرات ولا الغواصات ، لقد استوى كحبة تمر بعد أن اكتمل نضجها سقطت على الأرض.
هذا هو ناموس الحياة منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها ، فما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ، فأغنياء اليوم فقراء الغد والعكس بالعكس يقول تعالى " وتلك الأيام نداولها بين الناس " صدق الله العظيم.
وحسب نظرية ابن خلدون ( مؤسس علم الاجتماع والتاريخ ) حيث يقول : إن الأمم كالأفراد تمر في نفس المراحل نمو وتطور الفرد من الطفولة إلى الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة ثم إلى الموت .
تعاقب الأجيال في المجتمع :
1- أ – الجيل الباني والجاني ( الذي يجني )
ب – الجيل المستهلك أو المتطفل .
2- قد يستغرق البناء لدى بعض الأفراد جيلان وقد يستغرق الاستهلاك جيلان .
3- وقد تكون دورة الأجيال ثلاثة كما يقول المثل الشعبي : جيل يزرع … وجيل يلم … وجيل يبعثر.
4- وقد يحصل البناء والاستهلاك في نفس الجيل ويستلم الجيل التالي الوضع على الصفر .
إلا أن المحصلة تكون كما في البند رقم (1) جيلان : الجيل الباني والجيل المستهلك ، وتزداد قوة الجيل الباني كلما صعدنا إلى أعلى الهرم فيصل إلى القمة في البناء والقوة وينتهي الجيل الباني عند أعلى القمة ليبدأ الجيل المستهلك ( المتطفل ) بالانحدار ويزداد تطفلا حتى يصل أدنى نقطة أسفل الهرم فينهار تماما سياسيا واقتصاديا وحتى عسكريا رغم وجود المقومات المادية والاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية لديه ولكن حالة التطفل والتراخي المصاب بها بفعل التطور الطبيعي لتعاقب الأجيال تشله عن توجيهها لصالحه : كما حصل مع هتلر في ألمانيا الذي أتى في الثلث السفلي للجيل الطفيلي في ألمانيا وإن الجيل الطفيلي في ألمانيا آنذاك اعتقد عقائد خاطئة مدمرة وهي عقيدة النازية وألمانيا فوق الجميع فأكثر حوله الأعداء الذين دمروه ودمروا ألمانيا رغم ما حقق من انتصارات وهمية (لأن الانتصار الحقيقي يكون في النهاية ) في بداية الحرب العالمية الثانية والتي انتهت عام 1945 باحتلال وتدمير ألمانيا من قبل جيوش الحلفاء والاتحاد السوفيتي .
وهذا يتفق مع الحديث الشريف : (" سوف يأتي عليكم يوم تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها فقيل نحن من قلة أم من كثرة فقال أنتم من كثرة بل يصيبكم الوهن وتصبحون غثاء كغثاء السيل") والوهن هو قمة التطفل والانهيار وقد أتى هذا اليوم على المسلمين حوالي 20 مرة حسب تحليل التاريخ بناء على تعاقب الأجيال . لقد كان سيدنا محمد _ عليه أفضل الصلاة والتسليم _ صاحب رؤيا عندما قال هذا الحديث الشريف كما كان صاحب رؤيا عندما تنبأ بفتح مكة فقد ذكر الله هذه الرؤيا بالقرآن …" لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق". صدق الله العظيم .
عندما تصل الأمة إلى مرحلة الانهيار فإنها تجذب إليها عوامل الانهيار كما ينجذب الحديد إلى المغناطيس مهما بدت من بوادر انتصارات وهمية كما حصل مع ألمانيا في عهد هتلر (انظر الرسم المرافق ) . وعندما تصل الأمة إلى مرحلة القمة فإنها تجذب إليها عوامل القوة والنجاح كما ينجذب الحديد إلى المغناطيس أيضا مهما بدت من بوادر الانهزام المؤقت كما حصل للأمة العربية في نكسة 67 ولكنها عادت وانتصرت في حرب رمضان 1973 انظر الرسم المرافق .
مثال لتبسيط تعاقب الأجيال:
تخيل شخصا عصاميا بنى مصنعا وأخذ يسهر عليه ويصل الليل بالنهار حتى طوره وكبره وغدا من أعظم المصانع وأغزرها إنتاجا وأجودها منتجات وأقلها كلفة بحيث صارت منتجاته الأرخص والأجود وكثرت أرباحه ثم مات ذلك الرجل واستلم أبناؤه المصنع فيديرونه فترة من الزمن كالسابق وذلك بفعل نظرية القصور الذاتي أو الطاقة الكامنة (من أبيهم) وبعدها يلتهون بالمتع والملذات وبعضهم يتجه
للمخدرات فيقل إنتاج المصنع وتأخذ المصانع المنافسة بتطوير وتحسين الإنتاج وتقليل التكاليف فلا يصمد مصنعهم بالمنافسة فتكثر الديون عليه إلى أن ينهار .
الانهيار :
الانهيار يكون بالنفس التي تركن إلى التطفل ، وقمة التطفل هو الانهيار الذي يتحول من النفس إلى المادة كما حدث في الانهيار العظيم عام 1929 في أمريكا حيث عطلت البنوك سنتان ورجع الناس إلى نظام المقايضة واستمرت البطالة 7 سنين وقد تحولت الولايات المتحدة الأمريكية من دولة تطعم العالم ( الجيل الباني ) إلى دولة جائعة مدة 7 سنين ( الجيل الطفيلي ) إلى أن أنقذها الرئيس روزفلت بأن فرض عليها العزلة . فقد طبق عليها أسلوب طارق بن زياد الذي أحرق السفن وقال لجنده " البحر من ورائكم والعدو أمامكم " فخلق لدى جنوده الحافز الذي قادهم للنصر على عدوهم الذي يتفوق عليهم بالعدد والعدة عشرات المرات . والرئيس روزفلت عندما طبق العزلة على أمريكا خلق عند الأمريكان الحافز للعمل ليخرجهم من مستنقع التطفل الغارقين فيه بفعل التطور الطبيعي لتعاقب الأجيال .
إن انهيار الدولة لا يعني بالضرورة أن عدوا سوف يدمرها بل يعني نضج التطفل لشعبها فيسقط كنضج حبة الفاكهة التي تسقط على الأرض ، مع أن هذا لا يمنع حصول التدمير من قبل العدو كما حصل لليابان وألمانيا عام 1945.
علاج الانهيار الاقتصادي :
أحسن علاج للانهيار الاقتصادي : أحسن علاج هو العزلة وهو أسلوب طارق بن زياد المذكور الذي طبقه الرئيس روزفلت على أمريكا بعد انهيار عام 1929.
فمثلا لو أصبحت الإبرة بدولار ( بعد العزلة ) فيهب المستثمرون وينشئوا مصانع للإبر ويأخذون بالمنافسة وتحسين الإنتاج وتخفيض التكاليف إلى أن تصبح الإبرة بسنت ( مثلا ).
الظواهر والنظريات التي تعتمد عليها نظرية تعاقب الأجيال
1 – نظرية ابن خلدون : إن الأمم لها أعمار كالأشخاص ( لأن الأمة مجموعة أشخاص )
2 – نظرية القصور الذاتي أو الطاقة الكامنة .
3 – نظرية التحدي والاستجابة ( أر نولد توينبي )
4 – إيقاع الحياة
5 – قانون نيوتن – الثالث – لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه
6 – ظاهرة الانقباض والانبساط في الكائنات الحية .
7ـ الدليل من القرآن.
8 – الحديث الشريف عن الوهن وتداعي الأمم .
9ــ الدليل من حديث الإمام علي.
10 – نظرية الحافز
1 – الحافز الفيزيائي – عود الكبريت يشعل غابة – البرق وسماد النيتروجين
2 – الحافز الكيميائي المعدني – أهمية شبكة البلاتين في صناعة حمض الكبريتيك
3 – الحافز الكيميائي العضوي – الفيتامينات للإنسان والحيوان – العناصر السمادية
4 – الحافز الكيميائي الحيوي – الهرمونات
5 – الحافز الروحي – ربط الحافز الروحي بالحوافز المادية عن طريق نظرية اينشتاين
( المادة تتحول إلى طاقة والطاقة تتحول إلى مادة ) .
1 – حافز الإيمان بالعقيدة – الاستشهاديون
2 – حافز حب الحياة ( البقاء ) – إغلاق ثقوب النمل .
3 – حافز الكوارث – طه حسين وأبو العلاء المعري وهيلين كيلر
4 – حافز استشعار الموت – الكي عند العرب
5 – حافز الموت – الترياق ( الكورتيزون )
6 - حافز المقاومة – حشر القط
7 – حافز الأمل – التناسل
8 – حافز الأنا والتفرد – الأثرياء والعلماء
9 – الحافز التشجيع – التكريم ، التصفيق
10 – حافز التحدي – البدر بن عمار ، المصارعة الصينية
11 – حافز الإصرار – إصرار الشعوب على التحرر
12 – حافز الحب – جورج واشنطن
13 – الذكاء المحفز
خلاصة الحافز
الحافز العكسي
1 – الخوف – الإحباط – الرعب
2 –الحرب النفسية – الانضباع – الانجماد
تأثير الحافز في تعاقب الأجيال
1 – نظرية ابن خلدون
التي تقول بأن الأمم لها أعمار طبيعية كالأشخاص
نبذة عن العلامة ابن خلدون
ابن خلدون
هو عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون الحضرمي ولد في تونس عام 1332م وتوفي بالقاهرة عام 1406 .
وهو مؤرخ وفيلسوف اجتماعي عربي من أعلام زمانه في الإدارة والسياسة والأدب والعلوم .
تولى أعمالاً سياسية مؤسس ورائد لعلم فلسفة التاريخ والاجتماع في فاس وغر ناطة وتلمسان واستقر بالقاهرة وتولى قضاء المالكية فيها .
يقول ابن خلدون أن العمر الطبيعي للإنسان 120 سنة ويتضمن ثلاثة أجيال كل جيل 40 سنة وان الدولة تنهار على عمر 120 سنة واستشهد بالآية الكريمة : " فإذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون " صدق الله العظيم .
أي أن الدولة عندما ينتهي عمرها تنهار مثل الأشخاص تماماً وان انهيارها حتمي .
يقول ابن خلدون في أطوار الدولة ( الفصل الرابع عشر ) :
1 – طور الظفر – يشترك فيه كل أفراد المتجمع ويكون الحاكم واحداً منهم لا ينفرد دونهم شيء أسوة بقومه .
2 – طور الاستبداد – الحاكم يصطنع الرجال واتخاذ الموالي بجدع أنوف أهل عصبيته وعشيرته .
3 – طور الفراغ والدعة – لتحصيل ثمرات الملك لما تنزع إليه طبائع البشر من تحصيل المال وتخليد الآثار وبعد الصيت .
4 – طور القنوع والمسالمة – كون الحاكم قانعاً بما بني أولوه مقلداً للماضين من سلفه فيتبع آثارهم .
5 – طور الإسراف والتبذير – يكون الحاكم متلفاً لما جمع أولوه في سبيل الشهوات والملاذ والكرم على بطانته وفي مجالسه واصطناع إخذان السوء وخضراء الدمن .
تطور نظرية ابن خلدون حسب تحليل التاريخ .
إن عمر الإنسان لم يصل 120 سنة إلا عند المعمرين بينما عمر الإنسان في الدولة الإسلامية كان 66 سنة وإن ابن خلدون نفسه استشهد بالحديث الشريف : "أعمار امتني بين الستين والسبعين" . وانه ذكر أن الجيل البشري 40 سنة لكنه عاود وذكر أن المائة سنة تحوى ثلاثة أجيال . إن ما جاء به ابن خلدون قبل ستمائة سنة لم يصل إليه كثير من العلماء المحدثين ولكننا لا نأخذه مسلماً بل نأخذ منه الفكرة العبقرية بان الأمم لها أعمار طبيعية كالأشخاص ( لان الأمة مجموعة أشخاص ) إن الأمة تتطور كما يتطور الشخص من الطفولة إلى الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة ثم إلى الموت للشخص الواحد أو الانهيار لمجموعة الأشخاص .
2 – قانون نيوتن - الثالث
ولد اسحق نيوتن عام 1642 وتوفي عام 1727م وهو فيلسوف وعالم ورياضي وفيزيائي إنجليزي وهو أول فكر بالجاذبية – قصة التفاحة التي سقطت على الأرض بجانبه .
له ثلاثة قوانين في الحركة والذي يهمنا هو القانون الثالث الذي ينص على أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه.إن فعل البناء في الجيل الباني يقابله فعل الهدم في الجيل المستهلك وهو مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه . كما أن فعل المقاومة للخطر يقابله فعل الاذعان للخطر في مخططات الأمم الواقعة تحت ضغط الأخطار الخارجية المدمرة. إن فعل المقاومة هو فعل بناء وفعل الاذعان هو فعل هدم حيث يستجيب الإنسان لكل متطلبات الخطرفي هدم بناء أمته من أجل أن يتناسل ويكون أسرة مع كل متطلباتها من عمل دؤوب ليفي بكل احتياجات الأسرة من طعام ومأوى وتعليم وصحة .
3 – إيقاع الحياة
إن إيقاع تعاقب الأجيال هو نفس إيقاع الحياة في :
تعاقب السنين
تعاقب الأيام
تعاقب الليل والنهار
تعاقب الفصول
الألوان : ابيض – اسود
الشمس : شروق – غروب
ضوء – ظلام
الجسم : تعب – راحة
قوة – ضعف
حرص – لامبالاة
الحرارة : تمدد – تقلص
الماء والقمر : مد - جزر
إن فترة الإذعان رغم أنها عامل هدم للأمة إلا أنها تخلق حالة استرخاء لدى الخطر يستفاد منها في فترة المقاومة القادمة.
4– نظرية القصور الذاتي
أو الطاقة الكامنة
عندما تقذف كرة فان الكرة تظل سابحة في الفضاء بفعل الطاقة الكامنة التي أخذتها الكرة من يدك أو رجلك لان يدك أرجلك لا تتابعها في الفضاء وعندما تنتهي الطاقة الكامنة فإنها تتوقف وتسقط على الأرض وبفعل الجاذبية . وكذلك عندما يبني أي شخص مصنعاً ويسهر عليه ليل ونهار يطوره وبعد أن يموت ذلك الشخص يستلم ابنه المصنع فيسير معه بالقصور الذاتي أو الطاقة الكامنة من أبيه الباني وعندما تنتهي الطاقة الكامنة يتوقف المصنع وينهار .
وكذلك عندما يبني الجيل الباني الأمة وعند نهاية الجيل الباني يستلم الجيل المستهلك الأمة وتجري الأمور معه بالقصور الذاتي إلى أن تنتهي الطاقة الكامنة التي وضعها الجيل الباني فتنهار الأمة
5 – نظرة التحدي والاستجابة
أر نولد توينبي
أر نولد توينبي : مؤرخ إنجليزي معاصر من اشهر مؤرخي القرن العشرين صاحب نظرة : التحدي والاستجابة .
فان الشخص الفرد أو الأمة عندما تنهار فإنها تواجه تحدي الفناء فتستجيب للتحدي وتعيد البناء في الجيل القادم . وبعض الأشخاص أو الأمم لا تستجب للتحدي فتفني وتندثر وبعدها لا تجد شيئاً تحلله ( تاريخياً ) والتاريخ ملئ بالأمم التي اندثرت ولم تستجيب للتحدي وكذلك بعض الأشخاص والعائلات التي اندثرت لعدم استجابتها للتحدي
6 – ظاهرة الانقباض والانبساط في الكائنات الحية
إن هذه الظاهرة تتجلى في التنفس : شهيق – زفير
وكذلك في نبضات القلب والتي تشبه في مخططاتها مخططات تعاقب الأجيال للأمم .
كما أن حالة الانقباض الدائم للجيل الباني مردها لأنه ذاق مرارة الفقر لأنه بدا من الصفر .
تقابلها حالة الانبساط الدائم للجيل المستهلك مرادها لأنه بدا من القمة وكل ظروفه مؤمنة من أبوية البانيين .
7:
الدليل من القرآن الكريم
قال تعالى :" و ضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون." صدق الله العظيم .
إن هذه الآية من الممكن تطبيقها على أي أمة في مرحلة الانهيار خصوصاً على حالة الولايات المتحدة الأمريكية اليوم فلا يوجد اليوم أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية يأتيها رزقها رغداُ من كل مكان ؛ ولا يوجد مثلها بالكفر بأنعم الله والعدوان على المستضعفين المؤمنين من عباده .
8 – الحديث الشريف عن الوهن وتداعي الأمم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :
سوف يأتي عليكم يوم تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها قيل : أمن قله نحن أم من كثرة قال : تكونون من كثرة بل يصيبكم الوهن وتصبحون غثاءً كغثاء السيل .
صدق رسول الله
لقد رأي سيدنا محمد ببصيرته انهيار الأمة قبل أن يقع وقد وقع الانهيار للمسلمين حوالي 20 مرة بحسب مخططات تعاقب الأجيال .
لقد كان سيدنا محمد صاحب رؤيا عندما قال هذا الحديث كما كان صاحب رؤيا عندما تنبأ بفتح مكة وذكر ذلك لأصحابه وتم الفتح كما ذكر لهم وقد وردت قصة فتح مكة بالقران الكريم .
بسم الله الرحمن الرحيم : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسكم لا تخافون " . صدق الله العظيم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : النبوة ست وأربعون شعباً أولها الوحي وثانيها الرؤيا .
إن الرؤيا معترف بها في العلوم الحديثة ( خاصة علم الباراسيكولوجي ) وقد ذكر الرئيس الفرنسي جاك شيراك في الذكرى المئوية لوفاة أديب فرنسا الكبير فكتور هوغو الذي تنبأ بوحدة أوروبا . فذكر شيراك أن هوغو كان صاحب رؤيا لان أوروبا قد توحدت .
أن سيدنا محمد أولى بتصديق رؤياه فهو متصل بالله عز وجل فهو رسول الله إلى العالمين .
9:
الدليل من حديث الإمام علي
قال الإمام علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه
"يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا لماحل ولا يظرف فيه إلا لفاجر ولا يضعف فيه إلا المنصف ، يعدون الصدقة غرماً والعبادة استطالة على الناس فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان".
الماحل: هو الساعي بالوشاية عند السلطان.
الخصيان: العبيد الذين كان السلاطين يخصونهم لأنهم كانوا يختلطون بنسائهم.
إن هذه الأخلاق السيئة التي توقعها الإمام علي موجودة في الأجيال الطفيلية خصوصاً في أواخرها.
مقارنة بين خصائص الجيلين
الجيل المستهلك (الطفيلي) الجيل الباني
مجال المقارنة
الاتجاه للملذات الاتجاه للعمل والإنتاج وتحسين العمل وتطويره بسبب الخوف الدائم من الفقر الذي ذاقه في الصفر عند البداية الصفة الرئيسة
يبدأ من القمة وينتهي في الصفر يبدأ من الصفر وينتهي في القمة البداية والنهاية
استرخاء ولا مبالاة انقباض وجدية وحرص حالة الشخص
شكلية والمشاعر مزيفة قوية وأصالة بالمشاعر العواطف
ضعف الوازع الديني والتدين الشكلي
الوازع الديني قوي والقيم حقيقية التدين
أنانية وتفرق تعاون وتكافل العمل الجماعي
مفككة والتماسك شكلي متماسكة الأسرة
التبذير في المعيشة والتبطر على
النعمة الاقتصاد في المعيشة المعيشة
غالية رخيصة الأسعار
طفيلي كالميراث والتجارة الطفيلية
المعتمدة على الوساطة والسرقة بأشكالها كالاختلاس والابتزاز والأعمال السهلة كشراء الأسهم والتنقيب عن الذهب والبحث عن الجوائز
بنائي كبناء المصانع والمؤسسات والتجارة البناء المعتمدة على خدمة المجتمع مصدر الدخل
ضعيف لضعف الحافز الروحي بالرغم من توافر عناصر القوة المادية من مدافع ودبابات وطائرات ويصبح كما وصفه رسول الله (كغثاء السيل ) أي الفقاقيع على وجه سيل ماء جارف يوحي بالقوة الهائلة ولكن عند لمس الفقاعة بطرف الإصبع فإنها تنفس قوي مشحون بالقوة الروحية والحوافز التي هي أقوى من المدافع والدبابات والطائرات الجيش
ينتشر أدب الاستهلاك والرفاه واللذة والمتع والمجون والخمريات ينتشر الأدب الجاد المعتمد على الحكم والإبداع وكشف الطريق للحياة الأدب
قديما كانت تنتشر الأوبئة كالطاعون والكوليرا نتيجة الازدحام وعدم الاهتمام بالنظافة بسبب التراخي واللا مبالاة . حاليا تكثر الأمراض النفسية بسبب الفراغ الروحي والابتعاد عن الدين وتنتشر أمراض السمنة بسبب كثرة الاستهلاك وقلة العمل وتبلد الذهن بسبب عدم الحاجة للتفكير وتنتشر الأمراض الجنسية لانحدار الأخلاق وضعف الوازع الديني وتكثر أمراض الإدمان من خمر ومخدرات جيدة لاستعمال الجسم والعقل بشكل جاد ولكن تنتشر أمراض الشد العصبي الصحة
يضعف الاهتمام من قبل الطلاب والأسرة والمجتمع ويصبح التعليم روتيني فقط الاهتمام بالتعليم من قبل الطلاب والأسر والمجتمع التعليم
ينتشر التعليم الاستهلاكي والبحث عن الألقاب وشراء الشهادات. الاهتمام بالإبداع والبحوث الجدية المفيدة التعليم العالي
الانحراف
انحراف مخططات تعاقب الأجيال
عندما تقذف كرة لأعلى عدة مرات بنفس القوة وتقيس الزمن الذي تستغرقه حتى تنزل إلى الأرض نجد أن الوقت يختلف اختلافا بسيطا بمعدل 2-3% وهذا الاختلاف يسمى بالانحراف المعياري .
أما إذا حدث وهبت عاصفة في إحدى القذفات فسوف تؤخر العاصفة نزول الكرة للأرض حسب شدتها ولكن الكرة في النهاية سوف تنزل مهما كانت شدة العاصفة ويسمى هذا التأخير بالانحراف المسبب والذي سببه في هذه الحالة كانت العاصفة .
إن قذف الكرة وسيرها يكون حسب نظرية القصور الذاتي التي تعتمد عليها نظرية تعاقب الأجيال.
الانحراف المعياري : في الخارطة الجيلية لأمريكا نجد أن قمتها كانت عام 1967 عندما أرسلت إنسانا للقمر وهو آرمسترونج الذي وطئت قدماه أرض القمر وهذا العمل يدل على القمة وكان عام 1968م .
1968 – 1967 = 1سنة مقدار الانحراف
1÷ 76 طول عمر الجيل = 3. 1 % وهو انحراف معياري أقل من 3% .
وكذلك الخارطة الجيلية للاتحاد السوفييتي فإن قمتها كانت 1955 بينما أرسلت أول صاروخ للفضاء (غزو الفضاء ) وهذا العمل يدل على القمة وكان عام 1957 .
1957- 1955 = 2 سنة مقدار الانحراف .
2÷ 76 طول عمر الجيل = 6. 2% وهو انحراف معياري أقل من 3% .
الانحراف المسّبب :
في الخارطة الجيلية لأمريكا نجد أن انهيارها كان 1855 بينما قامت الحرب الأهلية الأمريكية عام 1865 (الانهيار الحقيقي ) .
1865-1855 = 10 سنوات مقدار الانحراف .
10÷ 72 طول عمر الجيل = 88. 13% وهو انحراف غير معياري أي انحراف مسبب وسببه كثرة الهجرة لأمريكا في ذلك الجيل الذي جرى إضافة دماء جديدة لها أدت إلى تأخير الانهيار .
إن الانحراف المعياري وكذلك الانحراف المسبب قد يكون إيجابيا ( + ) أي يقع بعد المعدل أو سلبيا ( – ) أي يقع قبل المعدل المحدد بالخارطة .
وقد تنحرف الخارطة الجيلية للأمة نتيجة تعرضها لخطر خارجي اكبر من طاقتها بكثير أو نتيجة اتحادها أو اندماجها مع أمة أو أمم أخرى كالوحدة الاقتصادية الأوروبية التي ستوحد بالتالي التفاعلات الجيلية لكل الأمم الأوروبية الداخلة في الاتحاد حسب محصلة الخوارط الجيلية لجميع الدول .
حــوار الأجيـــال
البكاء على الأطلال
يبكي أبناء الجيل الباني على العز الذي كان يعيش فيه أبناء الجيل الطفيلي الذي سبقهم ( آباؤهم ) ويروون القصص عن البذخ ويتوقون إلى تلك الأيام ويظلون يعملون بكد إلى أن يوصلوا أبناءهم إليها ليبدأ جيل طفيلي آخر . ويبكي أبناء الجيل الطفيلي على الأخلاق التي كان الجيل الباني الذي سبقهم (آباؤهم) من دين وشهامة ومروءة وشرف وصدق وتكافل اجتماعي ومحبة الناس لبعضهم وتعاونهم وترابط الأسر وقناعة ورخص الأسعار ويزرعون هذه القيم في أبنائهم ليبدأ جيل بانٍ آخر .
حكاية أعدس وأبصل :
حكاية شعبية تراثية تقول بان شخصاً ( يبدو انه من الجيل المستهلك ) كان فاتحاً للناس كما يسمى بالعامية ( بيت كرم ) كان يتردد عليه الطفيليون فيذبح لهم من الدواجن المتوفرة لديه ويقيم لهم الولائم وعندما مات ذلك الشخص وجد ابنه إن الوضع قد أصبح على الصفر فقد استهلك المرحوم والده كل ما كان عنده وبعثره على الناس فأتاه أحد الطفيليين الذين كانوا يترددون على والده ، أتاه ضيفاً ، فطبخ له العدس ، وقدمه له وقدم إلى جانبه البصل وهما أرخص مادتين للطعام ولا يصلحان للولائم والضيافة والتي من المعتاد إن تكون من أرفع وأعز مواد الطعام .
فقال له الضيف : يرحم أباك … ذابح الأدياكا.
فرد عليه المضيف ( المعزب ) : أعدس وأبصل … واتركك من ذاكا .
البكاء على الأطلال وأمريكا
لقد قدمت الأجيال البانية الأمريكية فضائل للحضارة الإنسانية فقد قدم الجيل الباني الأول ( جورج واشنطن ) الحرية الاقتصادية والاتحاد قوة جسدوها بشكل عملي وقدم الجيل الباني الثاني ( أبرا هام لنكولن ) تحرير العبيد بقرار رسمي وقدم الجيل الباني الثالث ( روزفلت )النظرية الاقتصادية العمالية ( الليبرالية ) والتي تدعو للرفاه والتي عبّر عنها الاقتصادي الإنجليزي جون ماينارد كينز صاحب النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقد عام 1936 والذي بحث في تقلبات الدخل القومي ومستوى التشغيل بعد مناشدات من الرئيس روزفلت لأصحاب الأعمال بزيادة الأجور وتقليل ساعات العمل والتي قضت على النظرية الاقتصادية السابقة والتي كان قد عبر عنها الاقتصادي الإنجليزي (آدم سميث ) في القرن التاسع عشر والتي عرفت "بنظرية حد الكفاف " وبالعامية ( نظرية حلب النملة ).
ولكن الذين يدافعون عن الأعمال الشريرة التي تقوم بها أمريكا في المنطقة العربية والإسلامية ومناطق أخرى من العالم وما يتمخض عنها من كوارث ومآسي يندى لها جبين الإنسانية وأهمها ، تولي أمريكا زمام المبادرة في المؤامرة المسلطة على الأمة العربية والإسلامية والتي كانت قد بدأتها الأجيال الطفيلية الأوروبية ( بريطانيا وفرنسا ) وعملت أمريكا على استمرارها بعد انهيار بريطانيا وفرنسا في الحرب العالمية الثانية 1945م على يد الرئيس الأمريكي هاري ترومان صاحب نظرية إعادة الاستعمار وسماها ( نظرية ملء الفراغ ) وصاحب مقولة ( من ليس معي فهو ضدي ) فكان أول عمل تآمري قامت به أمريكا هو دعم قيام إسرائيل 1948م والثاني كان انقلاب حسني الزعيم على حكومة شكري القوتلي المنتخبة في سوريا عام 1949م والثالث انقلاب شاه إيران المطرود على حكومة محمد مصدق المنتخبة التي قامت بتأميم النفط الإيراني عام 1951م وهذه الأعمال اعترفت بها أمريكا وبغيرها الكثير .
إن الذين يدافعون عن أمريكا إنما ينطلقون في دفاعهم ونظرتهم لأمريكا من خلال البكاء على الأطلال أي النظرة لأمريكا من خلال ما قدمته للإنسانية عبر الأجيال البانية الثلاثة المذكورة أعلاه ولكن فاتهم أن الإنسان ( والأمم ) تتغير من الخير للشر والعكس بالعكس وأن الخير والشر موجودان في النفس الإنسانية جنبا إلى جنب ويتغير ظهور أحدهما أكثر من الآخر حسب الانقباض والانبساط والمد والجزر التي تتعرض له النفس البشرية بمسيرة قانون الأجيال وعوامل أخرى .
والمدافعون عن أمريكا ثلاثة أنواع :-
النوع الأول : هم الطفيليون العرب الذين ينظرون إلى أمريكا حسب نظرية ابن خلدون التي تقول ( إن المغلوب يقلد الغالب ويدافع عنه ) . فهؤلاء يدافعون عن أمريكا عند أي خطر يواجه الأمة من أمريكا فتراهم يتقمصونها ويبررون أعمالها مهما كانت شائنة ويسفهون أعمال قومهم مهما كانت بطولية ويسميهم العرب بالطابور الخامس ونزعتهم في ذلك مصدرها كما وصفهم ابن خلدون في مقدمته ( المغلوب يقلد الغالب ويدافع عنه) ولكن تراهم إذا ما تزلزل الغالب وانهار بفعل تعاقب الأجيال انقلبوا (180 درجة ) وغيّروا أفكارهم ومعتقداتهم ولكن ظلوا على نزعتهم القائمة على التقليد فقط والخالية من إعمال العقل والتفكير . إنهم كالزانية التي تدافع عن زانيها .
والنوع الثاني : وهم العرب الذين تأثروا بالإنضباع والحرب النفسية التي تشنها أمريكا على المستضعفين فغرقوا في الجبن حتى أخمص قدميهم . وهؤلاء يستفيقون من سكرتهم ( الإنضباعية ) عندما يفهمون حقيقية أمريكا وأنها تقوى وتضعف حسب تفاعلاتها الداخلية ككائن حي ( مثلما يرمي إليه هذا الكتاب ) ، كما انهم يستفيقون أيضاً عند انتصار المستضعفين . ولو أن بعضهم قد بلغ به الإنضباع والجبن مبلغاً جعله يشكك في أي انتصار للمستضعفين .
والنوع الثالث : ويضم عربا وأمريكيين يدعون أنهم مفكرون ولكنهم لو فكّروا بطريقة صحيحة لعرفوا أن نفس الإنسان ( والأمم ) تتراوح بين الخير والشر كما تتراوح بين الانقباض والانبساط ، فلا خير دائم ولا شر دائم . فالفكر الذي يبنى على معطيات فكرية متغيرة يجب أن يغيرها عندما تتغير هذه المعطيات .
خصائص الجيل الطفيلي
1. كثرة الاستهلاك مع تباطؤ في الإنتاج بحيث يتجه المجتمع للبحث عن مصادر تطفلية كالاقتراض والاستهلاك إذا كانت الدولة ضعيفة كالأرجنتين والاستعمار والسطو على الضعفاء إذا كانت الدولة قوية كالولايات المتحدة الأمريكية.
2. الاتجاه للملذات بما فيها المخدرات والتي تشل الإنسان عن الإنتاج وتجعله عبئا على المجتمع .
3. الفساد الأخلاقي والاجتماعي والتفكك الاجتماعي والأسري.
4. التحزب للمباريات والمراهنات والبحث عن الجوائز الوهمية .
5. ضعف الوازع الديني: إن كثيراً من المتدينين تدينهم شكلي وفي بعض الأحيان أقل من شكلي بل يقصد به خداع المجتمع والتغطية على انحرافات يقومون بها وهذا ضد الدين من الأساس الذي يدعو للفضائل . إن هذا التدين الشكلي إثمه عظيم وأعظم من الكفر المباشر لأنه جعل الدين غطاءاً للرذائل .
6. التبذير في المعيشة والتبطر على النعمة.
7. غلاء الأسعار: وتنتشر التجارة الطفيلية المعتمدة على الوساطة والسرقة بأنواعها كالاختلاس والغش و الابتزاز والأعمال السهلة كشراء الأسهم والتنقيب عن الذهب والبحث عن الجوائز .
8. ينتشر أدب الرفاه واللذة والمتع والمجون والخمريات كما في أدب الشاعر عمر بن أبي ربيعه الذي عاصر الجيل الطفيلي الأول في الدولة الإسلامية الأولى فقد كان عمر بن أبي ربيعه خوانا ينام ضيفاً عند الناس ويزني ببناتهم ويتشبب بهن ويذكر ذلك في أشعاره – بعد أن نام أبوها وبعد إن نام أخوها . وكان يلاقي أميرات بني أمية في الحج وفي نفس الوقت كان الأمراء ( أزواجهن ) مشغولون عنهن بالجواري حيث إن المجتمع الطفيلي كله فاسد فالفساد يقود إلى الفساد . إن شعر عمر بن أبى ربيعه وسيرته خير دليل على أدب الجيل الطفيلي .
بينما كان الشاعر حسان بن ثابت الذي عاصر الجيل الباني الأول في الدولة الإسلامية الأولى كان مثال الالتزام والنزاهة والأخلاق و العفة والشرف وشعره يدل على ذلك .
9. انتشار الأمراض والأوبئة كالطاعون والكوليرا والتيفود نتيجة الازدحام وعدم الاهتمام بالنظافة بسبب التراخي واللامبالاة هذا كان في القديم كما ذكره العلامة ابن خلدون في مقدمته حالياً تكثر الأمراض النفسية بسبب كثرة الانحرافات الأخلاقية والفراغ الروحي وتنتشر أمراض السمنة بسبب كثرة الاستهلاك وقلة العمل وتبلد الذهن بسبب عدم حاجة للتفكير .
فمن المعروف أنه في حالة النشاط الذهني فإن الإنسان يستخدم مخيلته وان المخيلة تصرف من الطاقة ( سعرات ) أكثر من صعود الدرج ( السلم ) .
10. يضعف الاهتمام بالتعليم من قبل الطلاب والأسرة والمتجمع وينتشر التعليم الاستهلاكي والبحث عن الألقاب وشراء الشهادات .
تصرف من الطاقة
تعاقب الأجيال والوراثة
لقد غالى الكثيرون في أهمية انتقال الصفات الوراثية من السلف إلى الخلف سواء الشكلية منها والسلوكية . ولكن النظام القبلي العربي والمعمول به من العراق إلى المغرب لا يعترف بأكثر من أربعة أجيال وفي ذلك شتيمة منتشرة في شبه الجزيرة ( السعودية ) وهي ( يلعن خامسك ) على أساس أن الشخص غير مسؤول عن جده الخامس ، فعندما يحصل دم ( جريمة قتل ) يكون المسؤول عنها كل الذين يرتبطون بالقاتل بصلة قرابة لغاية أربعة جدود ولكن الذين يرتبطون بالقاتل بصلة قرابة من الجد الخامس وما فوق فيجلسون مع أهل القتيل ولا يجلون ( يرحلون ) . مع أن الإسلام نقض هذه العادة فيقول سبحانه وتعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) . إلا أنه ما زال معمولا به في القبائل والريف وأطراف المدن بدرجات متفاوتة . وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على انقطاع تأثير الوراثة بعد أربعة أجيال .
ولكننا عندما نتأمل نظرية تعاقب الأجيال نجد أن الإنسان ينتقل من القوة إلى الضعف ومن الخير إلى الشر ومن قوة الارتباط بالدين إلى ضعف الارتباط بالدين والعكس بالعكس لكل الحالات المذكورة .
ويقول بن خلدون أيضاً بانتهاء القرابة بعد أربعة جدود وتتواتر الجدود على النحو التالي ( باني مستهلك باني مستهلك ) وقد يشذ البعض عن هذه القاعدة ولكن نسبة الشذوذ عن القاعدة تكون في الحدود المعيارية ( 5 – 10 % ) وقد شذ سيدنا يوسف عليه السلام عن هذه القاعدة . فقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : إنما الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم .
وقد توصف إحدى الأمم بالوحشية والأخرى بالرحمة ولكن أرجع بعد 38سنة لتجد انعكاس الصفات فتجد الأمة التي وصفت بالوحشية قد أصبحت توصف بالرحمة والأمة التي وصفت بالرحمة قد أصبحت توصف بالوحشية .
وكذلك العائلات تنعكس الصفات بعد كل جيل 38 سنة . وهذا يبطل مقولة السلالات النقية والدم الزرق التي يتباهى بها البعض .
ونجد عائلات كثيرة تحمل ألقاب مثل الأعرج والأعمى والأخرس قد تبوأت درجات رفيعة مع أنها كانت في الجيل السابق ضعيفة بالإعاقة كما تدل عليها ألقابها . فإنها قد عوضت عن إعاقتها السابقة بالحافز الروحي ( راجع الحافز الروحي – حافز الكوارث ) .
تعاقب الأجيال للعائلات الملكية ( الوراثية ) العربية :
في المغرب كان الملك المغربي محمد الخامس يقاوم المتآمرين الذين قتلوه بعملية جراحية وهمية ( المخابرات الفرنسية ) . لأنه كان يساعد الثورة الجزائرية . ثم أتى بعده ابنه الحسن الثاني الذي أذعن للمتآمرين .
وفي السعودية كان الملك سعود بن مقرن يقاوم المتآمرين وتعاون مع المصلح الديني الكبير الإمام محمد بن عبد الوهاب صاحب المذهب السلفي . بينما ابنه عبد العزيز بن سعود كان يذعن المتآمرين لكن ابنه فيصل بن عبد العزيز قاوم المتآمرين الذين قتلوه بواسطة غسل دماغ ابن أخيه .
وفي الأردن قاوم الحسين بن علي المتآمرين ونفوه إلى جزيرة رودوس ولكن ابنه عبد الله أذعن للمتآمرين ثم ابنه طلال قاوم المتآمرين الذين جنّنوه ونقلوه إلى مصح عقلي في تركيا ثم ابنه حسين أذعن للمتآمرين .
ملوك مقاومون محمد الخامس فيصل سعود بن مقرن طلال الحسين بن على
ملوك مذعنون الحسن الثاني عبد العزيز حسين عبد الله
المغرب السعودية الأردن
مخطط تعاقب الأجيال للعائلات الملكية ( الوراثية ) العربية - الملوك العلويين قاوموا المؤامرة ، والملوك السفليين أذعنوا المتآمرين .
وهذا يدل على أن الإذعان ليس صفةً أصيلة ( وراثية ) في الإنسان .
كما يدل أيضاً على أن المقاومة ليست صفةً أصيلة ( وراثية ) في الإنسان .
بل إنهما حالتان للإنسان الواقع تحت ضغط الخطر والذي لا فكاك منه إلا بالمقاومة تارةً وبالإذعان تارةً أخرى .
أن هذا يتوافق مع نظرية تعاقب الأجيال بالصعود والهبوط وبالانقباض والانبساط .
تعاقب الأجيال والهجرة
تحصل هجرات من الأمم التي في طور الانهيار إلى أمم أخرى في الجيل الباني أو في الجيل الطفيلي وأنفعها الهجرة من الأمة التي في طور الانهيار إلى أمة أخرى في الجيل الطفيلي حيث يشارك المهاجرون أبناء الجيل الطفيلي في الأمة المستقبلة ما جناه لديهم جيلهم الباني السابق ولكن عليه أن يتحمل التصرفات العنصرية التي يواجههم بها الطفيليون مثل حليقي الرؤوس في أوروبا . والعنصريات التي تواجه المهاجرين العرب من الدول الفقيرة إلى الدويلات النفطية . فإن أعظم الهجرات الداخلية في المنطقة العربية كانت تحصل بفعل
قانون الدم القبلي العربي
الذي ينشط في طور انهيار الأمة فتؤدي المنازعات بين الناس إلى القتل الذي يفضي إلى الهجرة كما هو مشروح في باب الوراثة .وإن الدم ( القتل ) يحصل بين العرب على الأرض أو العرض حيث تنحدر القيم الأخلاقية في نهاية الجيل الطفيلي لدرجة تفضي إلى الدم ( القتل ) فتحصل الهجرة بموجب القانون المذكور .
كما إن الهجرات من الأجيال البانية للدول النامية إلى الأجيال الطفيلية في الدول المتقدمة ( أوروبا وأمريكا ) تمد هذه الدول بالعقول لان الأجيال المستهلكة ( الطفيلية ) الغربية غير مستعدة لاستعمال عقلها لأنها قد فقدت الحافز لاستعمال هذا العقل فهي تأخذ كل شيء جاهز ( حتى العقول ) تشتريها أو تستهلكها كما تستهلك الطعام والحلوى ولكن هذا لا ينفع فهو من عوامل الهدم الذاتي الذي يقودها لزيادة تبلد الذهن وعدم استعمال العقل والانهيار بالتالي وبعدها يفيق أبناؤهم ليجدوا إن الوضع قد أصبح على الصفر فيضطروا لاستعمال عقولهم ويبدأ جيل باني أخر .
تداخل الأجيال
لا يتوقف البناء في الجيل المستهلك بل إن محصلة الجيل كله تكون استهلاكاً ؛
كما أنه لا يتوقف الاستهلاك في الجيل الباني بل إن محصلة الجيل كله تكون بناءً ؛
وعندما يكون أبٌ من الجيل الباني فيكون ابنه الأكبر من الجيل المستهلك ؛
بينما يميل ابنه الأصغر للجيل الباني .
والعكس عندما يكون أبٌ من الجيل المستهلك يتجه ابنه الأكبر للبناء ؛
بينما يتجه ابنه الأصغر للاستهلاك .
لا فرق بين الذكر والأنثى في البناء والاستهلاك . فالأنثى التي تتزوج من ذكر باني
فإنها سوف تساعده أو تشاركه في البناء أو قد تتوزع الأدوار كما يقول المثل الشعبي :
"الرجل جنّاء .... والمرأة بنّاء ... ة " فالرجل يجني الرزق لعياله والمرأة تدبر هذا الجني فتبني به أسرة ومقوماتها ؛ كما أنها غالباً ما تشارك معه في جني الرزق كما يحصل في الريف حيث تشارك المرأة الريفية زوجها بالعمل معه في الحقل يداً بيد وغلباً ما تسبقه بالعمل ؛ كما أن المرأة أو العملة عموماً تشارك زوجها في جني الدخل لأسرتهما ؛لكن قد لا يحصل التوافق الزوجي بين الزوجين عندما يكون الزوج من جيل والزوجة من جيل آخر لأن لكل جيل ثقافته وطريقته في التعامل والنظر إلى الأمور والحكم عليها .
لو افترضنا أن هذا المخطط لإحدى الجماعات أو الأمم على أساس أن عمر الإنسان
الهرمي هو 76 عاما ًمقسماً إلى أربع مراحل :
الأولى : 1ـ 19 عام ـ طفولة الثانية : 19 ـ 38 عام ـ شباب
الثالثة : 38 ـ 57 عام ـ كهولة الرابعة : 57 ـ 76 عام ـ شيخوخة
مع العلم أن الأولى والرابعة غير محسوبتين في تعاقب الأجيال
نستنتج ما يلي :
1 : أن مواليد عام 1 سوف يبلغ سن الشباب عام 19 أي أنه سوف يقضي شبابه بانياً
وسوف يقضي كهولته مستهلكاً أو متطفلاً على نفسه .
2 : أن مواليد عام 19 سوف يبلغ سن الشباب عام 38 أي أنه سوف يقضي شبابه
وكهولته ( عمره الإنتاجي ) مستهلكاً أو متطفلاً على جني أبيه .
3 : مواليد عام 38 سوف يبلغ سن الشباب عام 57 أي أنه سوف يقضي شبابه مستهلكاً
من جني أبيه ثم ينهار ويرجع إلى العمل والبناء في كهولته .
4 : مواليد عام 57 سوف يبلغ سن الشباب عام 76 وهو عام الانهيار لذلك فإنه سوف
يقضي شبابه وكهولته ( عمره الإنتاجي ) في البناء .
إن هذا هو المستوى المثالي من تعاقب الأجيال ، لكن قد تحصل ظروف تؤثر فيه وتغير ( قليلاً )
من هذه المثالية ؛ وهذه الظروف مثل : الكوارث والهجرة ؛ ولكن هذه الظروف تسود في الجماعة
بصفة غالبة .
إن سبب تداخل الأجيال هو اختلاف الزمان باختلاف تاريخ الميلاد واختلاف المكان بالهجرة .
إن أهمية تداخل الأجيال تكمن في وجود بناة في الجيل الطفيلي سوف يبدءون البناء بعد الانهيار ؛ وكذلك وجود طفيليون في الجيل الباني مما يديم التفاعل الجمعي للمجتمع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غازي احمد ابوفرحة - جنين - فلسطين
[email protected]
www.abufarha.jeeran.com
غازي ابوفرحة
تعريف : دراسة لمعرفة تأثير تعاقب الأجيال (الأب وابنه) في السياسة والتاريخ والاجتماع للتنبؤ بالمستقبل . فيقسم عمر الإنسان إلى جيلين :
1 - الجيل الباني والجاني (الذي يجني) 2 - الجيل المستهلك أو المتطفل .
الجيل البشري :
متوسط ما يعيشه الإنسان بالتداخل مع الأجيال الأخرى (الأب والابن) وهو يساوي نصف متوسط عمر الإنسان (الهرمي) الذي يهرم هرما طبيعيا بدون أن نسقط منه الوفاة بسبب المرض أو الحوادث أو وفيات الأطفال لأن الأطفال غير منتجين ولا يكونون أجيالا (لا يتزوجون) فيهملون من حساب تعاقب الأجيال وبالنسبة لوفيات الأمراض والحوادث فإنها تخلق لدى الابن الحافز الذي عن طريقه يكمل مشوار أبيه فتهمل أيضا .
وقد وقع في الخطأ العالم الأمريكي الذي ألف كتابا عن تعاقب الأجيال عام 1986 بعد ما سمي بمذبحة الاثنين الأسود للأسهم في بورصة نيويورك وتوقع فيها أن تنهار الولايات المتحدة الأمريكية عام 1989 فقد حسب على أساس أن متوسط عمر الإنسان في أمريكا بعد خصم وفيات الأطفال ووفيات الأمراض والحوادث هو 60 عاماً أضافها إلى عام 1929 عام الانهيار العظيم فأصبح عنده الانهيار المتوقع عام 1989 ولم تنهار أمريكا في ذلك الحين فاعتقد الكثير ببطلان النظرية .
لكن الحساب الصحيح يجب أن يتم على أساس أن متوسط عمر الإنسان الهرمي
( بعد الموت الطبيعي بعد الشيخوخة) هو 76 عاماً فيصبح الحساب الصحيح 1929+76=2005-+3 عام انهيار أمريكا المتوقع والحتمي بإذن الله وقد انهار الاتحاد السوفيتي بهذه الطريقة حيث أنه قد بدأ عام 1917 الثورة الشيوعية
1917+76=1993 -2 ، انهار الاتحاد السوفيتي تماما وتقسم إلى جمهوريات ولم تنفعه القنابل الذرية ولا الجيوش ولا الطائرات ولا الغواصات ، لقد استوى كحبة تمر بعد أن اكتمل نضجها سقطت على الأرض.
هذا هو ناموس الحياة منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها ، فما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ، فأغنياء اليوم فقراء الغد والعكس بالعكس يقول تعالى " وتلك الأيام نداولها بين الناس " صدق الله العظيم.
وحسب نظرية ابن خلدون ( مؤسس علم الاجتماع والتاريخ ) حيث يقول : إن الأمم كالأفراد تمر في نفس المراحل نمو وتطور الفرد من الطفولة إلى الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة ثم إلى الموت .
تعاقب الأجيال في المجتمع :
1- أ – الجيل الباني والجاني ( الذي يجني )
ب – الجيل المستهلك أو المتطفل .
2- قد يستغرق البناء لدى بعض الأفراد جيلان وقد يستغرق الاستهلاك جيلان .
3- وقد تكون دورة الأجيال ثلاثة كما يقول المثل الشعبي : جيل يزرع … وجيل يلم … وجيل يبعثر.
4- وقد يحصل البناء والاستهلاك في نفس الجيل ويستلم الجيل التالي الوضع على الصفر .
إلا أن المحصلة تكون كما في البند رقم (1) جيلان : الجيل الباني والجيل المستهلك ، وتزداد قوة الجيل الباني كلما صعدنا إلى أعلى الهرم فيصل إلى القمة في البناء والقوة وينتهي الجيل الباني عند أعلى القمة ليبدأ الجيل المستهلك ( المتطفل ) بالانحدار ويزداد تطفلا حتى يصل أدنى نقطة أسفل الهرم فينهار تماما سياسيا واقتصاديا وحتى عسكريا رغم وجود المقومات المادية والاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية لديه ولكن حالة التطفل والتراخي المصاب بها بفعل التطور الطبيعي لتعاقب الأجيال تشله عن توجيهها لصالحه : كما حصل مع هتلر في ألمانيا الذي أتى في الثلث السفلي للجيل الطفيلي في ألمانيا وإن الجيل الطفيلي في ألمانيا آنذاك اعتقد عقائد خاطئة مدمرة وهي عقيدة النازية وألمانيا فوق الجميع فأكثر حوله الأعداء الذين دمروه ودمروا ألمانيا رغم ما حقق من انتصارات وهمية (لأن الانتصار الحقيقي يكون في النهاية ) في بداية الحرب العالمية الثانية والتي انتهت عام 1945 باحتلال وتدمير ألمانيا من قبل جيوش الحلفاء والاتحاد السوفيتي .
وهذا يتفق مع الحديث الشريف : (" سوف يأتي عليكم يوم تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها فقيل نحن من قلة أم من كثرة فقال أنتم من كثرة بل يصيبكم الوهن وتصبحون غثاء كغثاء السيل") والوهن هو قمة التطفل والانهيار وقد أتى هذا اليوم على المسلمين حوالي 20 مرة حسب تحليل التاريخ بناء على تعاقب الأجيال . لقد كان سيدنا محمد _ عليه أفضل الصلاة والتسليم _ صاحب رؤيا عندما قال هذا الحديث الشريف كما كان صاحب رؤيا عندما تنبأ بفتح مكة فقد ذكر الله هذه الرؤيا بالقرآن …" لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق". صدق الله العظيم .
عندما تصل الأمة إلى مرحلة الانهيار فإنها تجذب إليها عوامل الانهيار كما ينجذب الحديد إلى المغناطيس مهما بدت من بوادر انتصارات وهمية كما حصل مع ألمانيا في عهد هتلر (انظر الرسم المرافق ) . وعندما تصل الأمة إلى مرحلة القمة فإنها تجذب إليها عوامل القوة والنجاح كما ينجذب الحديد إلى المغناطيس أيضا مهما بدت من بوادر الانهزام المؤقت كما حصل للأمة العربية في نكسة 67 ولكنها عادت وانتصرت في حرب رمضان 1973 انظر الرسم المرافق .
مثال لتبسيط تعاقب الأجيال:
تخيل شخصا عصاميا بنى مصنعا وأخذ يسهر عليه ويصل الليل بالنهار حتى طوره وكبره وغدا من أعظم المصانع وأغزرها إنتاجا وأجودها منتجات وأقلها كلفة بحيث صارت منتجاته الأرخص والأجود وكثرت أرباحه ثم مات ذلك الرجل واستلم أبناؤه المصنع فيديرونه فترة من الزمن كالسابق وذلك بفعل نظرية القصور الذاتي أو الطاقة الكامنة (من أبيهم) وبعدها يلتهون بالمتع والملذات وبعضهم يتجه
للمخدرات فيقل إنتاج المصنع وتأخذ المصانع المنافسة بتطوير وتحسين الإنتاج وتقليل التكاليف فلا يصمد مصنعهم بالمنافسة فتكثر الديون عليه إلى أن ينهار .
الانهيار :
الانهيار يكون بالنفس التي تركن إلى التطفل ، وقمة التطفل هو الانهيار الذي يتحول من النفس إلى المادة كما حدث في الانهيار العظيم عام 1929 في أمريكا حيث عطلت البنوك سنتان ورجع الناس إلى نظام المقايضة واستمرت البطالة 7 سنين وقد تحولت الولايات المتحدة الأمريكية من دولة تطعم العالم ( الجيل الباني ) إلى دولة جائعة مدة 7 سنين ( الجيل الطفيلي ) إلى أن أنقذها الرئيس روزفلت بأن فرض عليها العزلة . فقد طبق عليها أسلوب طارق بن زياد الذي أحرق السفن وقال لجنده " البحر من ورائكم والعدو أمامكم " فخلق لدى جنوده الحافز الذي قادهم للنصر على عدوهم الذي يتفوق عليهم بالعدد والعدة عشرات المرات . والرئيس روزفلت عندما طبق العزلة على أمريكا خلق عند الأمريكان الحافز للعمل ليخرجهم من مستنقع التطفل الغارقين فيه بفعل التطور الطبيعي لتعاقب الأجيال .
إن انهيار الدولة لا يعني بالضرورة أن عدوا سوف يدمرها بل يعني نضج التطفل لشعبها فيسقط كنضج حبة الفاكهة التي تسقط على الأرض ، مع أن هذا لا يمنع حصول التدمير من قبل العدو كما حصل لليابان وألمانيا عام 1945.
علاج الانهيار الاقتصادي :
أحسن علاج للانهيار الاقتصادي : أحسن علاج هو العزلة وهو أسلوب طارق بن زياد المذكور الذي طبقه الرئيس روزفلت على أمريكا بعد انهيار عام 1929.
فمثلا لو أصبحت الإبرة بدولار ( بعد العزلة ) فيهب المستثمرون وينشئوا مصانع للإبر ويأخذون بالمنافسة وتحسين الإنتاج وتخفيض التكاليف إلى أن تصبح الإبرة بسنت ( مثلا ).
الظواهر والنظريات التي تعتمد عليها نظرية تعاقب الأجيال
1 – نظرية ابن خلدون : إن الأمم لها أعمار كالأشخاص ( لأن الأمة مجموعة أشخاص )
2 – نظرية القصور الذاتي أو الطاقة الكامنة .
3 – نظرية التحدي والاستجابة ( أر نولد توينبي )
4 – إيقاع الحياة
5 – قانون نيوتن – الثالث – لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه
6 – ظاهرة الانقباض والانبساط في الكائنات الحية .
7ـ الدليل من القرآن.
8 – الحديث الشريف عن الوهن وتداعي الأمم .
9ــ الدليل من حديث الإمام علي.
10 – نظرية الحافز
1 – الحافز الفيزيائي – عود الكبريت يشعل غابة – البرق وسماد النيتروجين
2 – الحافز الكيميائي المعدني – أهمية شبكة البلاتين في صناعة حمض الكبريتيك
3 – الحافز الكيميائي العضوي – الفيتامينات للإنسان والحيوان – العناصر السمادية
4 – الحافز الكيميائي الحيوي – الهرمونات
5 – الحافز الروحي – ربط الحافز الروحي بالحوافز المادية عن طريق نظرية اينشتاين
( المادة تتحول إلى طاقة والطاقة تتحول إلى مادة ) .
1 – حافز الإيمان بالعقيدة – الاستشهاديون
2 – حافز حب الحياة ( البقاء ) – إغلاق ثقوب النمل .
3 – حافز الكوارث – طه حسين وأبو العلاء المعري وهيلين كيلر
4 – حافز استشعار الموت – الكي عند العرب
5 – حافز الموت – الترياق ( الكورتيزون )
6 - حافز المقاومة – حشر القط
7 – حافز الأمل – التناسل
8 – حافز الأنا والتفرد – الأثرياء والعلماء
9 – الحافز التشجيع – التكريم ، التصفيق
10 – حافز التحدي – البدر بن عمار ، المصارعة الصينية
11 – حافز الإصرار – إصرار الشعوب على التحرر
12 – حافز الحب – جورج واشنطن
13 – الذكاء المحفز
خلاصة الحافز
الحافز العكسي
1 – الخوف – الإحباط – الرعب
2 –الحرب النفسية – الانضباع – الانجماد
تأثير الحافز في تعاقب الأجيال
1 – نظرية ابن خلدون
التي تقول بأن الأمم لها أعمار طبيعية كالأشخاص
نبذة عن العلامة ابن خلدون
ابن خلدون
هو عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون الحضرمي ولد في تونس عام 1332م وتوفي بالقاهرة عام 1406 .
وهو مؤرخ وفيلسوف اجتماعي عربي من أعلام زمانه في الإدارة والسياسة والأدب والعلوم .
تولى أعمالاً سياسية مؤسس ورائد لعلم فلسفة التاريخ والاجتماع في فاس وغر ناطة وتلمسان واستقر بالقاهرة وتولى قضاء المالكية فيها .
يقول ابن خلدون أن العمر الطبيعي للإنسان 120 سنة ويتضمن ثلاثة أجيال كل جيل 40 سنة وان الدولة تنهار على عمر 120 سنة واستشهد بالآية الكريمة : " فإذا جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون " صدق الله العظيم .
أي أن الدولة عندما ينتهي عمرها تنهار مثل الأشخاص تماماً وان انهيارها حتمي .
يقول ابن خلدون في أطوار الدولة ( الفصل الرابع عشر ) :
1 – طور الظفر – يشترك فيه كل أفراد المتجمع ويكون الحاكم واحداً منهم لا ينفرد دونهم شيء أسوة بقومه .
2 – طور الاستبداد – الحاكم يصطنع الرجال واتخاذ الموالي بجدع أنوف أهل عصبيته وعشيرته .
3 – طور الفراغ والدعة – لتحصيل ثمرات الملك لما تنزع إليه طبائع البشر من تحصيل المال وتخليد الآثار وبعد الصيت .
4 – طور القنوع والمسالمة – كون الحاكم قانعاً بما بني أولوه مقلداً للماضين من سلفه فيتبع آثارهم .
5 – طور الإسراف والتبذير – يكون الحاكم متلفاً لما جمع أولوه في سبيل الشهوات والملاذ والكرم على بطانته وفي مجالسه واصطناع إخذان السوء وخضراء الدمن .
تطور نظرية ابن خلدون حسب تحليل التاريخ .
إن عمر الإنسان لم يصل 120 سنة إلا عند المعمرين بينما عمر الإنسان في الدولة الإسلامية كان 66 سنة وإن ابن خلدون نفسه استشهد بالحديث الشريف : "أعمار امتني بين الستين والسبعين" . وانه ذكر أن الجيل البشري 40 سنة لكنه عاود وذكر أن المائة سنة تحوى ثلاثة أجيال . إن ما جاء به ابن خلدون قبل ستمائة سنة لم يصل إليه كثير من العلماء المحدثين ولكننا لا نأخذه مسلماً بل نأخذ منه الفكرة العبقرية بان الأمم لها أعمار طبيعية كالأشخاص ( لان الأمة مجموعة أشخاص ) إن الأمة تتطور كما يتطور الشخص من الطفولة إلى الشباب إلى الكهولة إلى الشيخوخة ثم إلى الموت للشخص الواحد أو الانهيار لمجموعة الأشخاص .
2 – قانون نيوتن - الثالث
ولد اسحق نيوتن عام 1642 وتوفي عام 1727م وهو فيلسوف وعالم ورياضي وفيزيائي إنجليزي وهو أول فكر بالجاذبية – قصة التفاحة التي سقطت على الأرض بجانبه .
له ثلاثة قوانين في الحركة والذي يهمنا هو القانون الثالث الذي ينص على أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه.إن فعل البناء في الجيل الباني يقابله فعل الهدم في الجيل المستهلك وهو مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه . كما أن فعل المقاومة للخطر يقابله فعل الاذعان للخطر في مخططات الأمم الواقعة تحت ضغط الأخطار الخارجية المدمرة. إن فعل المقاومة هو فعل بناء وفعل الاذعان هو فعل هدم حيث يستجيب الإنسان لكل متطلبات الخطرفي هدم بناء أمته من أجل أن يتناسل ويكون أسرة مع كل متطلباتها من عمل دؤوب ليفي بكل احتياجات الأسرة من طعام ومأوى وتعليم وصحة .
3 – إيقاع الحياة
إن إيقاع تعاقب الأجيال هو نفس إيقاع الحياة في :
تعاقب السنين
تعاقب الأيام
تعاقب الليل والنهار
تعاقب الفصول
الألوان : ابيض – اسود
الشمس : شروق – غروب
ضوء – ظلام
الجسم : تعب – راحة
قوة – ضعف
حرص – لامبالاة
الحرارة : تمدد – تقلص
الماء والقمر : مد - جزر
إن فترة الإذعان رغم أنها عامل هدم للأمة إلا أنها تخلق حالة استرخاء لدى الخطر يستفاد منها في فترة المقاومة القادمة.
4– نظرية القصور الذاتي
أو الطاقة الكامنة
عندما تقذف كرة فان الكرة تظل سابحة في الفضاء بفعل الطاقة الكامنة التي أخذتها الكرة من يدك أو رجلك لان يدك أرجلك لا تتابعها في الفضاء وعندما تنتهي الطاقة الكامنة فإنها تتوقف وتسقط على الأرض وبفعل الجاذبية . وكذلك عندما يبني أي شخص مصنعاً ويسهر عليه ليل ونهار يطوره وبعد أن يموت ذلك الشخص يستلم ابنه المصنع فيسير معه بالقصور الذاتي أو الطاقة الكامنة من أبيه الباني وعندما تنتهي الطاقة الكامنة يتوقف المصنع وينهار .
وكذلك عندما يبني الجيل الباني الأمة وعند نهاية الجيل الباني يستلم الجيل المستهلك الأمة وتجري الأمور معه بالقصور الذاتي إلى أن تنتهي الطاقة الكامنة التي وضعها الجيل الباني فتنهار الأمة
5 – نظرة التحدي والاستجابة
أر نولد توينبي
أر نولد توينبي : مؤرخ إنجليزي معاصر من اشهر مؤرخي القرن العشرين صاحب نظرة : التحدي والاستجابة .
فان الشخص الفرد أو الأمة عندما تنهار فإنها تواجه تحدي الفناء فتستجيب للتحدي وتعيد البناء في الجيل القادم . وبعض الأشخاص أو الأمم لا تستجب للتحدي فتفني وتندثر وبعدها لا تجد شيئاً تحلله ( تاريخياً ) والتاريخ ملئ بالأمم التي اندثرت ولم تستجيب للتحدي وكذلك بعض الأشخاص والعائلات التي اندثرت لعدم استجابتها للتحدي
6 – ظاهرة الانقباض والانبساط في الكائنات الحية
إن هذه الظاهرة تتجلى في التنفس : شهيق – زفير
وكذلك في نبضات القلب والتي تشبه في مخططاتها مخططات تعاقب الأجيال للأمم .
كما أن حالة الانقباض الدائم للجيل الباني مردها لأنه ذاق مرارة الفقر لأنه بدا من الصفر .
تقابلها حالة الانبساط الدائم للجيل المستهلك مرادها لأنه بدا من القمة وكل ظروفه مؤمنة من أبوية البانيين .
7:
الدليل من القرآن الكريم
قال تعالى :" و ضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون." صدق الله العظيم .
إن هذه الآية من الممكن تطبيقها على أي أمة في مرحلة الانهيار خصوصاً على حالة الولايات المتحدة الأمريكية اليوم فلا يوجد اليوم أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية يأتيها رزقها رغداُ من كل مكان ؛ ولا يوجد مثلها بالكفر بأنعم الله والعدوان على المستضعفين المؤمنين من عباده .
8 – الحديث الشريف عن الوهن وتداعي الأمم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :
سوف يأتي عليكم يوم تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها قيل : أمن قله نحن أم من كثرة قال : تكونون من كثرة بل يصيبكم الوهن وتصبحون غثاءً كغثاء السيل .
صدق رسول الله
لقد رأي سيدنا محمد ببصيرته انهيار الأمة قبل أن يقع وقد وقع الانهيار للمسلمين حوالي 20 مرة بحسب مخططات تعاقب الأجيال .
لقد كان سيدنا محمد صاحب رؤيا عندما قال هذا الحديث كما كان صاحب رؤيا عندما تنبأ بفتح مكة وذكر ذلك لأصحابه وتم الفتح كما ذكر لهم وقد وردت قصة فتح مكة بالقران الكريم .
بسم الله الرحمن الرحيم : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسكم لا تخافون " . صدق الله العظيم
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : النبوة ست وأربعون شعباً أولها الوحي وثانيها الرؤيا .
إن الرؤيا معترف بها في العلوم الحديثة ( خاصة علم الباراسيكولوجي ) وقد ذكر الرئيس الفرنسي جاك شيراك في الذكرى المئوية لوفاة أديب فرنسا الكبير فكتور هوغو الذي تنبأ بوحدة أوروبا . فذكر شيراك أن هوغو كان صاحب رؤيا لان أوروبا قد توحدت .
أن سيدنا محمد أولى بتصديق رؤياه فهو متصل بالله عز وجل فهو رسول الله إلى العالمين .
9:
الدليل من حديث الإمام علي
قال الإمام علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه
"يأتي على الناس زمان لا يقرب فيه إلا لماحل ولا يظرف فيه إلا لفاجر ولا يضعف فيه إلا المنصف ، يعدون الصدقة غرماً والعبادة استطالة على الناس فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان".
الماحل: هو الساعي بالوشاية عند السلطان.
الخصيان: العبيد الذين كان السلاطين يخصونهم لأنهم كانوا يختلطون بنسائهم.
إن هذه الأخلاق السيئة التي توقعها الإمام علي موجودة في الأجيال الطفيلية خصوصاً في أواخرها.
مقارنة بين خصائص الجيلين
الجيل المستهلك (الطفيلي) الجيل الباني
مجال المقارنة
الاتجاه للملذات الاتجاه للعمل والإنتاج وتحسين العمل وتطويره بسبب الخوف الدائم من الفقر الذي ذاقه في الصفر عند البداية الصفة الرئيسة
يبدأ من القمة وينتهي في الصفر يبدأ من الصفر وينتهي في القمة البداية والنهاية
استرخاء ولا مبالاة انقباض وجدية وحرص حالة الشخص
شكلية والمشاعر مزيفة قوية وأصالة بالمشاعر العواطف
ضعف الوازع الديني والتدين الشكلي
الوازع الديني قوي والقيم حقيقية التدين
أنانية وتفرق تعاون وتكافل العمل الجماعي
مفككة والتماسك شكلي متماسكة الأسرة
التبذير في المعيشة والتبطر على
النعمة الاقتصاد في المعيشة المعيشة
غالية رخيصة الأسعار
طفيلي كالميراث والتجارة الطفيلية
المعتمدة على الوساطة والسرقة بأشكالها كالاختلاس والابتزاز والأعمال السهلة كشراء الأسهم والتنقيب عن الذهب والبحث عن الجوائز
بنائي كبناء المصانع والمؤسسات والتجارة البناء المعتمدة على خدمة المجتمع مصدر الدخل
ضعيف لضعف الحافز الروحي بالرغم من توافر عناصر القوة المادية من مدافع ودبابات وطائرات ويصبح كما وصفه رسول الله (كغثاء السيل ) أي الفقاقيع على وجه سيل ماء جارف يوحي بالقوة الهائلة ولكن عند لمس الفقاعة بطرف الإصبع فإنها تنفس قوي مشحون بالقوة الروحية والحوافز التي هي أقوى من المدافع والدبابات والطائرات الجيش
ينتشر أدب الاستهلاك والرفاه واللذة والمتع والمجون والخمريات ينتشر الأدب الجاد المعتمد على الحكم والإبداع وكشف الطريق للحياة الأدب
قديما كانت تنتشر الأوبئة كالطاعون والكوليرا نتيجة الازدحام وعدم الاهتمام بالنظافة بسبب التراخي واللا مبالاة . حاليا تكثر الأمراض النفسية بسبب الفراغ الروحي والابتعاد عن الدين وتنتشر أمراض السمنة بسبب كثرة الاستهلاك وقلة العمل وتبلد الذهن بسبب عدم الحاجة للتفكير وتنتشر الأمراض الجنسية لانحدار الأخلاق وضعف الوازع الديني وتكثر أمراض الإدمان من خمر ومخدرات جيدة لاستعمال الجسم والعقل بشكل جاد ولكن تنتشر أمراض الشد العصبي الصحة
يضعف الاهتمام من قبل الطلاب والأسرة والمجتمع ويصبح التعليم روتيني فقط الاهتمام بالتعليم من قبل الطلاب والأسر والمجتمع التعليم
ينتشر التعليم الاستهلاكي والبحث عن الألقاب وشراء الشهادات. الاهتمام بالإبداع والبحوث الجدية المفيدة التعليم العالي
الانحراف
انحراف مخططات تعاقب الأجيال
عندما تقذف كرة لأعلى عدة مرات بنفس القوة وتقيس الزمن الذي تستغرقه حتى تنزل إلى الأرض نجد أن الوقت يختلف اختلافا بسيطا بمعدل 2-3% وهذا الاختلاف يسمى بالانحراف المعياري .
أما إذا حدث وهبت عاصفة في إحدى القذفات فسوف تؤخر العاصفة نزول الكرة للأرض حسب شدتها ولكن الكرة في النهاية سوف تنزل مهما كانت شدة العاصفة ويسمى هذا التأخير بالانحراف المسبب والذي سببه في هذه الحالة كانت العاصفة .
إن قذف الكرة وسيرها يكون حسب نظرية القصور الذاتي التي تعتمد عليها نظرية تعاقب الأجيال.
الانحراف المعياري : في الخارطة الجيلية لأمريكا نجد أن قمتها كانت عام 1967 عندما أرسلت إنسانا للقمر وهو آرمسترونج الذي وطئت قدماه أرض القمر وهذا العمل يدل على القمة وكان عام 1968م .
1968 – 1967 = 1سنة مقدار الانحراف
1÷ 76 طول عمر الجيل = 3. 1 % وهو انحراف معياري أقل من 3% .
وكذلك الخارطة الجيلية للاتحاد السوفييتي فإن قمتها كانت 1955 بينما أرسلت أول صاروخ للفضاء (غزو الفضاء ) وهذا العمل يدل على القمة وكان عام 1957 .
1957- 1955 = 2 سنة مقدار الانحراف .
2÷ 76 طول عمر الجيل = 6. 2% وهو انحراف معياري أقل من 3% .
الانحراف المسّبب :
في الخارطة الجيلية لأمريكا نجد أن انهيارها كان 1855 بينما قامت الحرب الأهلية الأمريكية عام 1865 (الانهيار الحقيقي ) .
1865-1855 = 10 سنوات مقدار الانحراف .
10÷ 72 طول عمر الجيل = 88. 13% وهو انحراف غير معياري أي انحراف مسبب وسببه كثرة الهجرة لأمريكا في ذلك الجيل الذي جرى إضافة دماء جديدة لها أدت إلى تأخير الانهيار .
إن الانحراف المعياري وكذلك الانحراف المسبب قد يكون إيجابيا ( + ) أي يقع بعد المعدل أو سلبيا ( – ) أي يقع قبل المعدل المحدد بالخارطة .
وقد تنحرف الخارطة الجيلية للأمة نتيجة تعرضها لخطر خارجي اكبر من طاقتها بكثير أو نتيجة اتحادها أو اندماجها مع أمة أو أمم أخرى كالوحدة الاقتصادية الأوروبية التي ستوحد بالتالي التفاعلات الجيلية لكل الأمم الأوروبية الداخلة في الاتحاد حسب محصلة الخوارط الجيلية لجميع الدول .
حــوار الأجيـــال
البكاء على الأطلال
يبكي أبناء الجيل الباني على العز الذي كان يعيش فيه أبناء الجيل الطفيلي الذي سبقهم ( آباؤهم ) ويروون القصص عن البذخ ويتوقون إلى تلك الأيام ويظلون يعملون بكد إلى أن يوصلوا أبناءهم إليها ليبدأ جيل طفيلي آخر . ويبكي أبناء الجيل الطفيلي على الأخلاق التي كان الجيل الباني الذي سبقهم (آباؤهم) من دين وشهامة ومروءة وشرف وصدق وتكافل اجتماعي ومحبة الناس لبعضهم وتعاونهم وترابط الأسر وقناعة ورخص الأسعار ويزرعون هذه القيم في أبنائهم ليبدأ جيل بانٍ آخر .
حكاية أعدس وأبصل :
حكاية شعبية تراثية تقول بان شخصاً ( يبدو انه من الجيل المستهلك ) كان فاتحاً للناس كما يسمى بالعامية ( بيت كرم ) كان يتردد عليه الطفيليون فيذبح لهم من الدواجن المتوفرة لديه ويقيم لهم الولائم وعندما مات ذلك الشخص وجد ابنه إن الوضع قد أصبح على الصفر فقد استهلك المرحوم والده كل ما كان عنده وبعثره على الناس فأتاه أحد الطفيليين الذين كانوا يترددون على والده ، أتاه ضيفاً ، فطبخ له العدس ، وقدمه له وقدم إلى جانبه البصل وهما أرخص مادتين للطعام ولا يصلحان للولائم والضيافة والتي من المعتاد إن تكون من أرفع وأعز مواد الطعام .
فقال له الضيف : يرحم أباك … ذابح الأدياكا.
فرد عليه المضيف ( المعزب ) : أعدس وأبصل … واتركك من ذاكا .
البكاء على الأطلال وأمريكا
لقد قدمت الأجيال البانية الأمريكية فضائل للحضارة الإنسانية فقد قدم الجيل الباني الأول ( جورج واشنطن ) الحرية الاقتصادية والاتحاد قوة جسدوها بشكل عملي وقدم الجيل الباني الثاني ( أبرا هام لنكولن ) تحرير العبيد بقرار رسمي وقدم الجيل الباني الثالث ( روزفلت )النظرية الاقتصادية العمالية ( الليبرالية ) والتي تدعو للرفاه والتي عبّر عنها الاقتصادي الإنجليزي جون ماينارد كينز صاحب النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقد عام 1936 والذي بحث في تقلبات الدخل القومي ومستوى التشغيل بعد مناشدات من الرئيس روزفلت لأصحاب الأعمال بزيادة الأجور وتقليل ساعات العمل والتي قضت على النظرية الاقتصادية السابقة والتي كان قد عبر عنها الاقتصادي الإنجليزي (آدم سميث ) في القرن التاسع عشر والتي عرفت "بنظرية حد الكفاف " وبالعامية ( نظرية حلب النملة ).
ولكن الذين يدافعون عن الأعمال الشريرة التي تقوم بها أمريكا في المنطقة العربية والإسلامية ومناطق أخرى من العالم وما يتمخض عنها من كوارث ومآسي يندى لها جبين الإنسانية وأهمها ، تولي أمريكا زمام المبادرة في المؤامرة المسلطة على الأمة العربية والإسلامية والتي كانت قد بدأتها الأجيال الطفيلية الأوروبية ( بريطانيا وفرنسا ) وعملت أمريكا على استمرارها بعد انهيار بريطانيا وفرنسا في الحرب العالمية الثانية 1945م على يد الرئيس الأمريكي هاري ترومان صاحب نظرية إعادة الاستعمار وسماها ( نظرية ملء الفراغ ) وصاحب مقولة ( من ليس معي فهو ضدي ) فكان أول عمل تآمري قامت به أمريكا هو دعم قيام إسرائيل 1948م والثاني كان انقلاب حسني الزعيم على حكومة شكري القوتلي المنتخبة في سوريا عام 1949م والثالث انقلاب شاه إيران المطرود على حكومة محمد مصدق المنتخبة التي قامت بتأميم النفط الإيراني عام 1951م وهذه الأعمال اعترفت بها أمريكا وبغيرها الكثير .
إن الذين يدافعون عن أمريكا إنما ينطلقون في دفاعهم ونظرتهم لأمريكا من خلال البكاء على الأطلال أي النظرة لأمريكا من خلال ما قدمته للإنسانية عبر الأجيال البانية الثلاثة المذكورة أعلاه ولكن فاتهم أن الإنسان ( والأمم ) تتغير من الخير للشر والعكس بالعكس وأن الخير والشر موجودان في النفس الإنسانية جنبا إلى جنب ويتغير ظهور أحدهما أكثر من الآخر حسب الانقباض والانبساط والمد والجزر التي تتعرض له النفس البشرية بمسيرة قانون الأجيال وعوامل أخرى .
والمدافعون عن أمريكا ثلاثة أنواع :-
النوع الأول : هم الطفيليون العرب الذين ينظرون إلى أمريكا حسب نظرية ابن خلدون التي تقول ( إن المغلوب يقلد الغالب ويدافع عنه ) . فهؤلاء يدافعون عن أمريكا عند أي خطر يواجه الأمة من أمريكا فتراهم يتقمصونها ويبررون أعمالها مهما كانت شائنة ويسفهون أعمال قومهم مهما كانت بطولية ويسميهم العرب بالطابور الخامس ونزعتهم في ذلك مصدرها كما وصفهم ابن خلدون في مقدمته ( المغلوب يقلد الغالب ويدافع عنه) ولكن تراهم إذا ما تزلزل الغالب وانهار بفعل تعاقب الأجيال انقلبوا (180 درجة ) وغيّروا أفكارهم ومعتقداتهم ولكن ظلوا على نزعتهم القائمة على التقليد فقط والخالية من إعمال العقل والتفكير . إنهم كالزانية التي تدافع عن زانيها .
والنوع الثاني : وهم العرب الذين تأثروا بالإنضباع والحرب النفسية التي تشنها أمريكا على المستضعفين فغرقوا في الجبن حتى أخمص قدميهم . وهؤلاء يستفيقون من سكرتهم ( الإنضباعية ) عندما يفهمون حقيقية أمريكا وأنها تقوى وتضعف حسب تفاعلاتها الداخلية ككائن حي ( مثلما يرمي إليه هذا الكتاب ) ، كما انهم يستفيقون أيضاً عند انتصار المستضعفين . ولو أن بعضهم قد بلغ به الإنضباع والجبن مبلغاً جعله يشكك في أي انتصار للمستضعفين .
والنوع الثالث : ويضم عربا وأمريكيين يدعون أنهم مفكرون ولكنهم لو فكّروا بطريقة صحيحة لعرفوا أن نفس الإنسان ( والأمم ) تتراوح بين الخير والشر كما تتراوح بين الانقباض والانبساط ، فلا خير دائم ولا شر دائم . فالفكر الذي يبنى على معطيات فكرية متغيرة يجب أن يغيرها عندما تتغير هذه المعطيات .
خصائص الجيل الطفيلي
1. كثرة الاستهلاك مع تباطؤ في الإنتاج بحيث يتجه المجتمع للبحث عن مصادر تطفلية كالاقتراض والاستهلاك إذا كانت الدولة ضعيفة كالأرجنتين والاستعمار والسطو على الضعفاء إذا كانت الدولة قوية كالولايات المتحدة الأمريكية.
2. الاتجاه للملذات بما فيها المخدرات والتي تشل الإنسان عن الإنتاج وتجعله عبئا على المجتمع .
3. الفساد الأخلاقي والاجتماعي والتفكك الاجتماعي والأسري.
4. التحزب للمباريات والمراهنات والبحث عن الجوائز الوهمية .
5. ضعف الوازع الديني: إن كثيراً من المتدينين تدينهم شكلي وفي بعض الأحيان أقل من شكلي بل يقصد به خداع المجتمع والتغطية على انحرافات يقومون بها وهذا ضد الدين من الأساس الذي يدعو للفضائل . إن هذا التدين الشكلي إثمه عظيم وأعظم من الكفر المباشر لأنه جعل الدين غطاءاً للرذائل .
6. التبذير في المعيشة والتبطر على النعمة.
7. غلاء الأسعار: وتنتشر التجارة الطفيلية المعتمدة على الوساطة والسرقة بأنواعها كالاختلاس والغش و الابتزاز والأعمال السهلة كشراء الأسهم والتنقيب عن الذهب والبحث عن الجوائز .
8. ينتشر أدب الرفاه واللذة والمتع والمجون والخمريات كما في أدب الشاعر عمر بن أبي ربيعه الذي عاصر الجيل الطفيلي الأول في الدولة الإسلامية الأولى فقد كان عمر بن أبي ربيعه خوانا ينام ضيفاً عند الناس ويزني ببناتهم ويتشبب بهن ويذكر ذلك في أشعاره – بعد أن نام أبوها وبعد إن نام أخوها . وكان يلاقي أميرات بني أمية في الحج وفي نفس الوقت كان الأمراء ( أزواجهن ) مشغولون عنهن بالجواري حيث إن المجتمع الطفيلي كله فاسد فالفساد يقود إلى الفساد . إن شعر عمر بن أبى ربيعه وسيرته خير دليل على أدب الجيل الطفيلي .
بينما كان الشاعر حسان بن ثابت الذي عاصر الجيل الباني الأول في الدولة الإسلامية الأولى كان مثال الالتزام والنزاهة والأخلاق و العفة والشرف وشعره يدل على ذلك .
9. انتشار الأمراض والأوبئة كالطاعون والكوليرا والتيفود نتيجة الازدحام وعدم الاهتمام بالنظافة بسبب التراخي واللامبالاة هذا كان في القديم كما ذكره العلامة ابن خلدون في مقدمته حالياً تكثر الأمراض النفسية بسبب كثرة الانحرافات الأخلاقية والفراغ الروحي وتنتشر أمراض السمنة بسبب كثرة الاستهلاك وقلة العمل وتبلد الذهن بسبب عدم حاجة للتفكير .
فمن المعروف أنه في حالة النشاط الذهني فإن الإنسان يستخدم مخيلته وان المخيلة تصرف من الطاقة ( سعرات ) أكثر من صعود الدرج ( السلم ) .
10. يضعف الاهتمام بالتعليم من قبل الطلاب والأسرة والمتجمع وينتشر التعليم الاستهلاكي والبحث عن الألقاب وشراء الشهادات .
تصرف من الطاقة
تعاقب الأجيال والوراثة
لقد غالى الكثيرون في أهمية انتقال الصفات الوراثية من السلف إلى الخلف سواء الشكلية منها والسلوكية . ولكن النظام القبلي العربي والمعمول به من العراق إلى المغرب لا يعترف بأكثر من أربعة أجيال وفي ذلك شتيمة منتشرة في شبه الجزيرة ( السعودية ) وهي ( يلعن خامسك ) على أساس أن الشخص غير مسؤول عن جده الخامس ، فعندما يحصل دم ( جريمة قتل ) يكون المسؤول عنها كل الذين يرتبطون بالقاتل بصلة قرابة لغاية أربعة جدود ولكن الذين يرتبطون بالقاتل بصلة قرابة من الجد الخامس وما فوق فيجلسون مع أهل القتيل ولا يجلون ( يرحلون ) . مع أن الإسلام نقض هذه العادة فيقول سبحانه وتعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) . إلا أنه ما زال معمولا به في القبائل والريف وأطراف المدن بدرجات متفاوتة . وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على انقطاع تأثير الوراثة بعد أربعة أجيال .
ولكننا عندما نتأمل نظرية تعاقب الأجيال نجد أن الإنسان ينتقل من القوة إلى الضعف ومن الخير إلى الشر ومن قوة الارتباط بالدين إلى ضعف الارتباط بالدين والعكس بالعكس لكل الحالات المذكورة .
ويقول بن خلدون أيضاً بانتهاء القرابة بعد أربعة جدود وتتواتر الجدود على النحو التالي ( باني مستهلك باني مستهلك ) وقد يشذ البعض عن هذه القاعدة ولكن نسبة الشذوذ عن القاعدة تكون في الحدود المعيارية ( 5 – 10 % ) وقد شذ سيدنا يوسف عليه السلام عن هذه القاعدة . فقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : إنما الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم .
وقد توصف إحدى الأمم بالوحشية والأخرى بالرحمة ولكن أرجع بعد 38سنة لتجد انعكاس الصفات فتجد الأمة التي وصفت بالوحشية قد أصبحت توصف بالرحمة والأمة التي وصفت بالرحمة قد أصبحت توصف بالوحشية .
وكذلك العائلات تنعكس الصفات بعد كل جيل 38 سنة . وهذا يبطل مقولة السلالات النقية والدم الزرق التي يتباهى بها البعض .
ونجد عائلات كثيرة تحمل ألقاب مثل الأعرج والأعمى والأخرس قد تبوأت درجات رفيعة مع أنها كانت في الجيل السابق ضعيفة بالإعاقة كما تدل عليها ألقابها . فإنها قد عوضت عن إعاقتها السابقة بالحافز الروحي ( راجع الحافز الروحي – حافز الكوارث ) .
تعاقب الأجيال للعائلات الملكية ( الوراثية ) العربية :
في المغرب كان الملك المغربي محمد الخامس يقاوم المتآمرين الذين قتلوه بعملية جراحية وهمية ( المخابرات الفرنسية ) . لأنه كان يساعد الثورة الجزائرية . ثم أتى بعده ابنه الحسن الثاني الذي أذعن للمتآمرين .
وفي السعودية كان الملك سعود بن مقرن يقاوم المتآمرين وتعاون مع المصلح الديني الكبير الإمام محمد بن عبد الوهاب صاحب المذهب السلفي . بينما ابنه عبد العزيز بن سعود كان يذعن المتآمرين لكن ابنه فيصل بن عبد العزيز قاوم المتآمرين الذين قتلوه بواسطة غسل دماغ ابن أخيه .
وفي الأردن قاوم الحسين بن علي المتآمرين ونفوه إلى جزيرة رودوس ولكن ابنه عبد الله أذعن للمتآمرين ثم ابنه طلال قاوم المتآمرين الذين جنّنوه ونقلوه إلى مصح عقلي في تركيا ثم ابنه حسين أذعن للمتآمرين .
ملوك مقاومون محمد الخامس فيصل سعود بن مقرن طلال الحسين بن على
ملوك مذعنون الحسن الثاني عبد العزيز حسين عبد الله
المغرب السعودية الأردن
مخطط تعاقب الأجيال للعائلات الملكية ( الوراثية ) العربية - الملوك العلويين قاوموا المؤامرة ، والملوك السفليين أذعنوا المتآمرين .
وهذا يدل على أن الإذعان ليس صفةً أصيلة ( وراثية ) في الإنسان .
كما يدل أيضاً على أن المقاومة ليست صفةً أصيلة ( وراثية ) في الإنسان .
بل إنهما حالتان للإنسان الواقع تحت ضغط الخطر والذي لا فكاك منه إلا بالمقاومة تارةً وبالإذعان تارةً أخرى .
أن هذا يتوافق مع نظرية تعاقب الأجيال بالصعود والهبوط وبالانقباض والانبساط .
تعاقب الأجيال والهجرة
تحصل هجرات من الأمم التي في طور الانهيار إلى أمم أخرى في الجيل الباني أو في الجيل الطفيلي وأنفعها الهجرة من الأمة التي في طور الانهيار إلى أمة أخرى في الجيل الطفيلي حيث يشارك المهاجرون أبناء الجيل الطفيلي في الأمة المستقبلة ما جناه لديهم جيلهم الباني السابق ولكن عليه أن يتحمل التصرفات العنصرية التي يواجههم بها الطفيليون مثل حليقي الرؤوس في أوروبا . والعنصريات التي تواجه المهاجرين العرب من الدول الفقيرة إلى الدويلات النفطية . فإن أعظم الهجرات الداخلية في المنطقة العربية كانت تحصل بفعل
قانون الدم القبلي العربي
الذي ينشط في طور انهيار الأمة فتؤدي المنازعات بين الناس إلى القتل الذي يفضي إلى الهجرة كما هو مشروح في باب الوراثة .وإن الدم ( القتل ) يحصل بين العرب على الأرض أو العرض حيث تنحدر القيم الأخلاقية في نهاية الجيل الطفيلي لدرجة تفضي إلى الدم ( القتل ) فتحصل الهجرة بموجب القانون المذكور .
كما إن الهجرات من الأجيال البانية للدول النامية إلى الأجيال الطفيلية في الدول المتقدمة ( أوروبا وأمريكا ) تمد هذه الدول بالعقول لان الأجيال المستهلكة ( الطفيلية ) الغربية غير مستعدة لاستعمال عقلها لأنها قد فقدت الحافز لاستعمال هذا العقل فهي تأخذ كل شيء جاهز ( حتى العقول ) تشتريها أو تستهلكها كما تستهلك الطعام والحلوى ولكن هذا لا ينفع فهو من عوامل الهدم الذاتي الذي يقودها لزيادة تبلد الذهن وعدم استعمال العقل والانهيار بالتالي وبعدها يفيق أبناؤهم ليجدوا إن الوضع قد أصبح على الصفر فيضطروا لاستعمال عقولهم ويبدأ جيل باني أخر .
تداخل الأجيال
لا يتوقف البناء في الجيل المستهلك بل إن محصلة الجيل كله تكون استهلاكاً ؛
كما أنه لا يتوقف الاستهلاك في الجيل الباني بل إن محصلة الجيل كله تكون بناءً ؛
وعندما يكون أبٌ من الجيل الباني فيكون ابنه الأكبر من الجيل المستهلك ؛
بينما يميل ابنه الأصغر للجيل الباني .
والعكس عندما يكون أبٌ من الجيل المستهلك يتجه ابنه الأكبر للبناء ؛
بينما يتجه ابنه الأصغر للاستهلاك .
لا فرق بين الذكر والأنثى في البناء والاستهلاك . فالأنثى التي تتزوج من ذكر باني
فإنها سوف تساعده أو تشاركه في البناء أو قد تتوزع الأدوار كما يقول المثل الشعبي :
"الرجل جنّاء .... والمرأة بنّاء ... ة " فالرجل يجني الرزق لعياله والمرأة تدبر هذا الجني فتبني به أسرة ومقوماتها ؛ كما أنها غالباً ما تشارك معه في جني الرزق كما يحصل في الريف حيث تشارك المرأة الريفية زوجها بالعمل معه في الحقل يداً بيد وغلباً ما تسبقه بالعمل ؛ كما أن المرأة أو العملة عموماً تشارك زوجها في جني الدخل لأسرتهما ؛لكن قد لا يحصل التوافق الزوجي بين الزوجين عندما يكون الزوج من جيل والزوجة من جيل آخر لأن لكل جيل ثقافته وطريقته في التعامل والنظر إلى الأمور والحكم عليها .
لو افترضنا أن هذا المخطط لإحدى الجماعات أو الأمم على أساس أن عمر الإنسان
الهرمي هو 76 عاما ًمقسماً إلى أربع مراحل :
الأولى : 1ـ 19 عام ـ طفولة الثانية : 19 ـ 38 عام ـ شباب
الثالثة : 38 ـ 57 عام ـ كهولة الرابعة : 57 ـ 76 عام ـ شيخوخة
مع العلم أن الأولى والرابعة غير محسوبتين في تعاقب الأجيال
نستنتج ما يلي :
1 : أن مواليد عام 1 سوف يبلغ سن الشباب عام 19 أي أنه سوف يقضي شبابه بانياً
وسوف يقضي كهولته مستهلكاً أو متطفلاً على نفسه .
2 : أن مواليد عام 19 سوف يبلغ سن الشباب عام 38 أي أنه سوف يقضي شبابه
وكهولته ( عمره الإنتاجي ) مستهلكاً أو متطفلاً على جني أبيه .
3 : مواليد عام 38 سوف يبلغ سن الشباب عام 57 أي أنه سوف يقضي شبابه مستهلكاً
من جني أبيه ثم ينهار ويرجع إلى العمل والبناء في كهولته .
4 : مواليد عام 57 سوف يبلغ سن الشباب عام 76 وهو عام الانهيار لذلك فإنه سوف
يقضي شبابه وكهولته ( عمره الإنتاجي ) في البناء .
إن هذا هو المستوى المثالي من تعاقب الأجيال ، لكن قد تحصل ظروف تؤثر فيه وتغير ( قليلاً )
من هذه المثالية ؛ وهذه الظروف مثل : الكوارث والهجرة ؛ ولكن هذه الظروف تسود في الجماعة
بصفة غالبة .
إن سبب تداخل الأجيال هو اختلاف الزمان باختلاف تاريخ الميلاد واختلاف المكان بالهجرة .
إن أهمية تداخل الأجيال تكمن في وجود بناة في الجيل الطفيلي سوف يبدءون البناء بعد الانهيار ؛ وكذلك وجود طفيليون في الجيل الباني مما يديم التفاعل الجمعي للمجتمع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غازي احمد ابوفرحة - جنين - فلسطين
[email protected]
www.abufarha.jeeran.com