الأخبار
وفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيا
2024/4/30
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الطفل المعجزة بقلم:عبدالرحمن مصطفى

تاريخ النشر : 2006-01-02
جرت العادة أن يعقب صلاة الجمعة درس يلقيه شيخ الجامع.. غير أن ما أُعلن في ذلك اليوم كان فريد من نوعه، فقد كان من سيلقي الدرس هذه المرة طفل صغير لم يتجاوز الستة أعوام (!) وبالفعل.. وقف الطفل بجلبابه الأبيض و الغترة الحمراء على كرسي كبير بالمسجد وأخذ يخطب في الناس وينذر ويتوعد على عادة كبار الشيوخ.. فاجتمع الناس من حوله يتبسَّمون وينادون على غيرهم من أجل رؤية هذا العرض (الطريف)، وأخذت كاميرات الهواتف المحمولة تسجل خطبة هذا الطفل الصغير..!

جرى هذا الأمر منذ عدة أسابيع في جامع عمرو بن العاص أول مسجد جامع في مصر وأفريقيا، وأكثر المساجد الكبرى في مصر بعدا عن السلبيات التي قد نراها في بعض المساجد الشهيرة الأخرى... واليوم نجد نفس الخطبة لهذا الطفل الصغير لا ينقص منها حرف أو يزيد تباع بالأسواق على هيئة أشرطة كاسيت كمحاضرة لأصغر داعية في العالم كان قد ألقاها في مسجد العزيز بالله بالقاهرة .

ولعل فكرة أن يقوم أحد الأطفال بإلقاء خطب الوعظ على رؤوس المسلمين ليست بالأمر الجديد، ففي عام 1999 مـ علا نجم أحد أطفال تنزانيا المعروف (بالشيخ شريف) عندما قدمته الصحف وقتها على أنه داعية متجول لم يتجاوز الرابعة من عمره، ووصلت شهرته أن التقى ببعض رؤساء أفريقيا كالعقيد معمر القذافي، والرئيس التشادي، ورئيس بنين وغيرهم.. وأذيع وقتها عن هذا الطفل أنه قد بدأ التحدث باللغة العربية وتلاوة القرآن وهو ما زال طفل رضيع في الشهر الرابع من عمره (!) وأنه قد ولد لأسرة مسيحية دخلت الإسلام على يديه .

واتضح في النهاية من خلال حوار أجرته معه مجلة الشباب المصرية أن هذا الطفل (الشيخ شريف).. ما هو إلا مدّعي كان عمّه يحفظه الخطب كي يتلوها على مسامع الناس، و أنه لا يحفظ حتى آية الكرسي، وقد انفض الناس من حوله في بلاده بعد أن اكتشفوا حقيقته وحقيقة عمره الذي لم يكن ليقل بأي حال عن ثمان سنوات .

وفي إيران... وبين الأوساط الشيعية بزغ نجم الطفل محمد حسين الطباطبائي منذ أواسط التسعينات، وأطلق عليه البعض وقتها (المعجزة القرآنية) لكونه حفظ القرآن في سن صغيرة، رغم أن هذا أمر عادي في أغلب أقطارنا الإسلامية... وكالعادة تعددت أسفاره ليقـدَّم إلى العالم على أنه أعجوبة تستحق التقدير، خصوصا.. بعد أن حصل هذا الطفل - على حد قول بعض المصادر- على الماجستير من جامعة تبريز ثم الدكتوراه من جامعة لندنية، وإن كنا لا ندري على أي أساس كان ذلك التكريم، أما عما كان يقدمه هذا الطفل من (عروض)... فهي أشبه بالعروض التلفزيونية التي تتكون من فقرات يجيب فيها عن أسئلة الحضور بنصوص القرآن ويحدد لهم أرقام الآيات المقصودة، وكأنه أشبه بجهاز كمبيوتر يستدعي المعلومات... وكان يسانده في تلك اللقاءات مدير العرض ووالده الذي أصبح الآن مديرا لجامعة القرآن الكريم في الجمهورية الإسلامية .

ورغم ما أشيع حول ذلك الفتى - الذي قد يجاوز عمره الآن الخامسة عشرة - من إشاعات عن أنه قد تعرض لضغوطات من النظام الحاكم في إيران بعد زعم البعض أنه قد رأي في المنام أن الإمام المهدي يدعوه أن يبتعد عن الحكومة الإيرانية.. إلا أنه يظل الأمر كله مجرد تسليط أضواء على طفل له بعض المهارات التي لا ترقى أن تكون معجزة .

أطفالنا ثروة حقيقية تستحق التكريم، لكن..أن تنتظر الأمة الوعظ من أطفالها فهذا أمر يثير الشفقة ويدعونا إلى إعادة ترتيب أوراقنا مرة أخرى... فكل تلك الحالات التي قد يطرب لها الشيوخ والشباب من المسلمين لم تقدم لنا إلا أطفالا حُـفـّاظا، والله وحده أعلم إذا ما كانوا يدركون ما تحمله تلك النصوص الطاهرة من معان أم لا.. إن مشهد (الداعية الطفل) الذي يعظ بما قد لا يعيه لهو رمز لحالتنا العقلية التي جعلتنا نرى في طفل لديه القدرة على الحفظ أنه داعية يجب أن تــُطرح له الشرائط بالأسواق كما حدث مؤخرا مع الطفل المصري محمد سعيد .

قد يكون حفظ النصوص الدينية أمر واجب ومحبب إلى النفس، لكن هذا للاستئناس بها وتدبر معانيها.. غير أن البعض – على ما يبدو – قد رأى في الحفظ والتلقين المبتغى والمراد تماشيا مع فلسفة مؤسساتنا التعليمية، وذلك بدلا من التفكير في وضع نهج حديث نطور فيه من أنفسنا ومناهج تدريسنا فندرب أطفالنا على الفهم والاستنتاج و البحث.

قد يكون حـُفـّـاظ الكتب كثيرون، أما العلماء.. فهم قلة .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف