الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هل فقد صائب عريقات لقب" كبير المفاوضين"؟!بقلم: أ. سعيــد الصرفندي

تاريخ النشر : 2009-11-16
هل فقد صائب عريقات لقب" كبير المفاوضين"؟!
بقلم: أ. سعيــد الصرفندي
بدايةً، لسنا ندري، أو على الأقل فأنا لا أدري، على وجه اليقين، من الذي اسبغ على الدكتور صائب عريقات لقب "كبير المفاوضين"، فقد ظهر هذا اللقب في وسائل الإعلام دون الإشارة الى تسلسل في درجات طاقم المفاوضات، ابتداءً من الصغير الى الأكبر الى كبيرهم الدكتور صائب عريقات.
ولأن كل لفظ في عالم السياسة له دلالاته وإشاراته وخلفياته التي تحتاج الى شرح وتفسير؛ فإنه ليس من باب الصدفة أو التباهي والتفاخر تم اطلاق لقب كبير المفاوضات على الدكتور صائب عريقات.
من المعلوم، أن هناك فرقاً بين الفكر السياسي والفعل السياسي، فالفكر السياسي هو مجموعة المنطلقات والأفكار المعيارية التي يؤمن بها السياسي، ولكن هذه الأفكار غالباً ليست من صنع السياسي بل هي من صنع المفكرين السياسيين في هذا البلد أو ذاك؛ إذ في كل دولة أو أمة أو شعب، مجموعة من المفكرين الذين يقومون بصياغة الفكر السياسي المعبر عن الأهداف والغايات التي يسعى الشعب لتحقيقها، ولو تتبعنا كثيراً من الفعل السياسي في الدول الغربية منذ الثورة الفرنسية حتى الآن، لوجدنا هذا الفعل مرتبطاً بالفكر السياسي الذي صنعه المفكرون والكتاب، فأصبح هناك خلفية واضحة للسياسي عندما يقوم بالفعل السياسي. بعد انتهاء الحرب الباردة ظهرت أفكار سياسية جديدة، منها مثلاً ما كتبه صامويا هانتنغتون في كتابه الشهيرClash Of Civilizations " صدام الحضارات"، كذلك ما كتبه فرانسيس فوكاياما في كتابهEnd Of History أو "نهاية التاريخ"، فقد أصبحت تلك الأفكار وغيرها هي الموجه للسياسة الأمريكية، إضافة طبعاً الى الفكر السياسي الذي تراكم في تراث ال"Neoconservatives" أو المحافظين الجدد .
أي أن هناك مرجعية فكرية للعمل والفعل السياسي، فالفكر السياسي أكبر من السياسي الذي يمارس الفعل السياسي، وفي حالة التخبط والتردد من السياسي أو مواجهة مسائل مستعصية، فلا بد من العودة الى الخلفيات الفكرية أي الى الأكبر.
من هنا استطيع القول بلا تردد أن وصف الدكتور صائب عريقات بكبير المفاوضين الفلسطينيين، كان المقصود منه اعتباره هو المرجعية الوحيدة في المفاوضات، فما يقوله مقبول وما يرفضه مرفوض، وهذا التفسير له الغلبة والأرجحية على ما سواه؛ لأن المتأمل في فكر الدكتور السياسي، وهذا من التسلط، فلا يجوز أن يكون شخص ما، مهما كبر اسمه ونسبه ولقبه، هو مرجعية شعب.
بعد فشل منهج المفاوضات، وبعد أن لم يعد من بين المفاوضين من يوصف بصغيرهم ولا كبيرهم، هل يكون الدكتور صائب عريقات قد فقد اسم ولقب كبير المفاوضين؟
لا اعتقد أن الامر كذلك؛ فسوف يبقى صائب عريقات هو كبير المفاوضين سواء فوضه الشعب بذلك أم لم يفوضه، فمسيرة المفاوضات ستبقى قائمة، فالحياة مفاوضات، ولا يمكن أن تتوقف المفاوضات، وما الاعلان الجديد بالتوجه الى مجلس الأمن الا محاولة يائسة للضغط على إسرائيل لتقديم فتات لهم يسوقوه باعتباره انجازاً عظيماً.
امريكا، لن تسمح بخروج الملف الفلسطيني الاسرائيلي الى جهات دولية؛ لأن هذا اعتراف أن قضية الصراع تهم العالم كله، وهذا مخالف لسياسة امريكا القاضية بأن النزاع بين الفلسطينيين والاسرائيليين فقط، ولذلك عملت خلال السنوات الماضية على اخراج الدول العربية من دائرة الصراع، بل تضغط عليهم من اجل التطبيع مع اسرائيل، حتى لا يبقى للقضية الفلسطينية اي علاقة بالعالم العربي، فكيف ستسمح بجعلها قضية دولية.
سوف يعود صائب عريقات الى المفاوضات ولن يفقد لقب "كبير المفاوضات"، فالمفاوضات ثم المفاوضات هي السبيل الذي تم رسمه للتعاطي مع القضية الفلسطينية، لقد كانت هناك انتفاضة مباركة عبَّر الشعب الفلسطيني من خلالها عن رفضه للاحتلال بطريقة عنيفة حتى اصبح المحتل غير قادر على دفع ثمن احتلاله لشعب آخر، فكانت المفاوضات هي التي أطفأت جذوة الانتفاضة، وبدونها ستسحب الV.I.P، وكذلك ستهدم المشاريع التي اقيمت في عهد السلطة والتي كانت نتيجة المفاوضات.
سيعودون للمفاوضات مع اول شيء يلقى اليهم، ثم يعلنوا التوبة والندم على قولهم بأن المفاوضاتت فشلت، وسيبقى الدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين دون أن نعلم من هو صغيرهم.
[email protected]
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف