الأخبار
نتنياهو يستفز الإمارات باقتراحها للاشتراك في إدارة غزة(هيومن رايتس ووتش): إسرائيل ترتكب جرائم حرب بذخائر أمريكيةأبو عبيدة يكشف مصير الأسير الإسرائيلي نداف بوبلابيلشاهد: سرايا القدس تسيطر على المسيرة الإسرائيلية (سكاي لارك)شاهد: حركة حماس تنشر مقطع فيديو لأسير إسرائيلي في غزةجيش الاحتلال يوسع العملية العسكرية برفح.. ويدعو سكان مناطق بشمال غزة للإخلاءمع بدء ترحيل السكان.. تصاعد التحذيرات الدولية من اجتياح رفحمجلس الحرب الإسرائيلي يُقرر المضي في عملية رفحطالع: تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حماسحماس تُبلغ قطر ومصر موافقتها على مقترحهم لوقف إطلاق النارممثل عشائر المحافظات الجنوبية يحذر من خطورة اجتياح الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفححماس: انتهاء جولة المفاوضات الحالية ووفدنا يغادر القاهرة للتشاور مع قيادة الحركةهنية يكشف أهم شروط حركة حماس للتواصل لاتفاق مع إسرائيلمقتل أربعة جنود إسرائيليين بقصف المقاومة الفلسطينية لمعبر (كرم أبو سالم) العسكريالحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجزيرة تحت ذريعة أنها "قناة تحريضية"
2024/5/12
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ثلاثية عبد خال بقلم:عادل الانصاري

تاريخ النشر : 2009-07-21
مرت سنوات طويلة منذ قرأت ثلاثية نجيب محفوظ ( بين القصرين – قصر الشوق- السكرية ) , وربما أهم ما علق في ذاكرتي من تلك الأعمال الخالدة ذلك العبق الذي يملأ الخيال بأصوات الحياة الشعبية ورائحة الأزقة ورطوبة الحواري , ولوحات مدهشة عن حياة الأسرة القاهرية ونموذج (سي السيد) وبناته وأولاده الذين يمثلون أغلب الصفات للإنسان المصري البسيط ابن الحارة وزخات هائلة من مشاهد بيئية واجتماعية وسياسية تمثل حقبة زمنية محددة من عمر قاهرة المعز .
وتتابع المشاهد في نفس الإطار عبر قصر الشوق والسكرية , وهي امتداد لحياة سي السيد و الست أمينة وأولادها وزوجاتهم فتتوالى الصور الاجتماعية والسياسية لتلك الحقبة ورغم تغير الأحداث عبر تفاصيلها الصغيرة إلا أن الإطار العام الذي يحتضن البيئة المصرية وحواري القاهرة ومعالم أبناء البلد بكل أطيافهم ومشاكلهم وأحلامهم مازالت تأخذ بالقارئ لعالم افتراضي يستطيع من خلاله أن يجلس في وسط المقاهي وبين الناس ويراقب الحياة الأسرية من خلال ركن مهمل في أحد المنازل القاهرية وكأنه يرى ويلمس ويحس بتلك الحياة وليس مجرد قارئ لكتاب جامد بين يديه .

لقد استطاع نجيب محفوظ أن ينقل صورة ابن البلد وهمس المشربيات وهمهمة الأبسطة القديمة والفوانيس إلى العالمية بعد أن نالت جائزة نوبل وترجمت إلى لغات عالمية كثيرة , وقدم دراسة نفسية عميقة للأسرة القاهرية في الأربعينات , ورغم ما علق بذاكرتي من بعض الجرأة لتصوير نماذج سلبية إلا أن نجيب كان حياديا في تناوله للشخصيات وقدمها كما يراها هو من حيث واقعيتها وليس من حيث المبادئ والقيم المجردة والمأمولة .

ورغم بعض التلميحات لنيله العالمية لأسباب سياسية بحتة , ورغم وجود مبدعين تناولوا بيئات شعبية وعبر كثير من المجتمعات كما يفترض , إلا أنه ربما أختلف الموقف مع محفوظ قليلا , حتى لو تدخلت الاعتبارات السياسية أو مكانة المجتمع المصري بالنسبة للشرق الأوسط , فمن المهم تقديم نموذج شرق أوسطي للعالم بصورة أدبية مقبولة , كما أن الفترة التي ظهرت فيها الثلاثية فترة سياسية أحدثت اهتزازات وتساؤلات عن هذا الشرق الأوسط للعالم , فتدخل الأدب لينقل للثقافة الإنسانية صورة لشخصيات شرق أوسطية يتعرف بها العالم على هذا الإنسان وكيف يفكر , كيف يتعامل مع بيته وزوجته وأبنائه , كيف يمارس نشاطه اليومي , ما هي اهتماماته , كيف يفكر في قضايا بلده وعالمه .

ولكن لماذا ابن البلد البسيط ؟ لماذا لم تكن شخصيات من قاردن سيتي أو المجتمع المخملي القاهري ؟
هل لهذا علاقة بكون قادة مصر( قادة الثورة ) هم من الفلاحين أصلا وأبناء البلد والطبقة البسيطة ؟
يعني هل يمكن استنتاج دراسة استخباراتية من ثلاثية محفوظ بطريقة علماء النفس والاجتماع ؟
وهنا يبرز سؤال آخر , كان يمكن استخلاص أي دراسة دون أن تنال الثلاثية أي تكريم عالمي ؟


( لقد علق بذهني بعض الأشياء عن فوز محفوظ بنوبل وأحببت أن أوردها هنا عبر هوامشي المتواضعة )


مرت سنوات طويلة بالفعل على قراءتي لثلاثية محفوظ ولقد عادت لذاكرتي بقوة بعد وقوع رواية بالصدفة في يدي للمبدع العبقيري (عبد خال) .
وهي ( الموت يمر من هنا ) , وبعدها بدأت أقرأ كل ما أجده من كتابات عبده خال وربما أحببت أن أدون هوامشي هنا عن عبده خال من خلال روايات :




( الموت يمر من هنا – نباح – فسوق )



مما حفزني على هذه الهوامش نقاش مع أحد الأصدقاء , تحدثنا عن سبب تقلص الروايات العالمية من مئات الصفحات إلى روايات ( جيب ) لا تتجاوز العشرات من الصفحات , وطبع السبب الأول هو التماشي مع العصر ورتمه السريع وانحسار الوقت عن القراءة الطويلة لصالح الفضائيات والأنترنت .
وتساءلنا هل يمكن تقزيم روايات مثل ثلاثية نجيب محفوظ إلى عدة صفحات أو روايات (جيب) ولا أدري إن حصل هذا أم لا .
وأنا بدوري سألته هل يمكن أن نجد روايات عبده خال أيضا روايات (جيب) من عدة صفحات ؟
وكان ذهولي واستغرابي أن صديقي باغتني معترضا قائلا : ومن عبده خال هذا حتى يهتم أحد برواياته ؟
سكت لوهلة مذهولا , كون صديقي هذا يبدو عليه أنه مثقف وحواراته ثرية والغريب أنا من نفس منطقة عبد خال , يعني ينبغي له التحيز له وليس العكس .
هنا تماسكت قليلا وسألته ماذا قرأت لعبده خال ؟
فجاءت إجابته مخيبة وغير متوقعة بتاتا , فقال قرأت له بعض المقالات في جريدة عكاظ !
سألته : يعني لم تقرأ له قصة واحدة قصيرة كانت أم رواية ؟
فكان جوابه : لا
فقلت هي عندي ما رأيك لو أعيرك إياها ونؤجل حديثنا حتى تفرغ منها , ونقارن بينها وبين ثلاثية محفوظ ؟
فرد سريعا وكأنه ينتصر لنجيب محفوظ : لن أقرأها وأضيع وقتي في كلام فاضي , ثم لا تقارن كاتب عالمي بكاتب سعودي مغمور مثل عبده خال ( مغمور رغم أنه لم يقرأ له أي شئ إلا بعض مقالات صحفية بالجرائد ؟؟؟ ) !!!
أتصدقون أن صديقي أمين مكتبة ولديه الكثير من الوقت لو أراد قراءة أي شئ , حتى أنني ظننت أن بينه وبين عبده خال موقف شخصي .

لماذا قفز لذهني تلك المقارنة بين هذه وتلك ( من وجهة نظري المتواضعة جدا جدا ) ؟
أولا :
لم تتهيأ الظروف السياسية والاجتماعية والزمنية والبيئية لثلاثية عبد خال .
ثانيا :
رغم كون ثلاثية نجيب تتحدث عن شخصيات محددة وهي أسرة (محمد عبدالجواد) , فإن شخصيات عبده خال متعددة عبر ثلاثيته المختلفة المضمون .
ثالثا :
تدور أحداث ثلاثية نجيب من خلال أحد أحياء القاهرة الشعبية , وتدور ثلاثية عبده عبر أحياء جدة الشعبية أيضا , وعبر قرية شعبية بجنوب المملكة وعبر أزقة عدن .

عبده عبر ثلاثيته (من وجهة نظري ) لا يقل عبقرية ولا إبداعا عن نجيب محفوظ , وربما لو قرأ المخالفين لرأيي رواياته بشئ من الهدوء والحيادية لشاطروني الرأي , نجيب أبدع في وصف الشخصيات القاهرية وتصوير البيئة القاهرية الشعبية وكل ما تعج به من أطياف وأحداث وملابس وأثاث وغرف ومشربيات , وهذا ما أبدع فيه أيضا عبده خال من خلال تصوير حواري جده وأزقتها وشخصياتها المتنوعة وكذلك جعلنا نعيش مع السوادي في قريته النائية وتحت رحمة سياطه وسطوة جبروته , تستطيع وأنت تقرأ الموت يمر من هنا أن تغمض عينيك تماما لتشم رائحة الدم ممزوجة برائحة المطر والطين , تستطيع أن ترقب ثقوب العشش وتسلل المطر من بين أعواد القش , صورة ربما تتكرر كثيرا من خلال ألاف القرى النائية ليس في جنوبنا بل في جميع المجتمعات البشرية , إذا هي صورة نمطية عالمية لنموذج القرية النائية التي ترقد تحت سياط ألف سوادي وعبر أزمنة مختلفة .

ورغم ما قيل عن رواية (فسوق) من النقاد والقراء , إلا أن هذه الرواية لا تخلوا من تلميحات عبقرية لعبده خال , ودون الدخول في تفاصيل عن الصح والخطأ وما يجوز وما لا يجوز كما تناولها البعض , إلا أنها رواية استطاعت أن تنقل قارئها إلى مدارات غريبة لحالات نفسية مترسبة في أعماق الكثير منا حتى دون شعور منا بذلك , كما صور الألم والجنون والفسق بعيدا عن المثالية التي يصر البعض على زجها بغير واقعية , ويبقى السؤال لمن رمى هذه الرواية بألف حجر , هل تجزم بعدم وجود بعض تلك الشخصيات أو الصور النفسية داخل مجتمعنا ؟
وربما ركز عبده خال في نباح على الأحداث السياسية كثيرا , وبين جدة وعدن تناول الكثير من الشخصيات ولا يخلو تناوله لها عن بعض التشريح النفسي والاجتماعي , ورغم خياله الواسع فقد حرص على الكثير من الواقعية في تناوله للأحداث .

في اعتقادي لو هيئت لعبده خال ولو بعض ما هيئ لنجيب من ظروف مماثلة ربما لاستحقت رواياته الكثير من الضوء حينها .

هذه الهوامش شخصية وربما لا ترضي البعض عن عبده خال ولكنها كما سبق وقلت (هوامش شخصية)
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف