الأخبار
غزة: عطاء فلسطين تنفذ سلسلة مشاريع إغاثية طارئة للمتضررين من العدوانحمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليومي
2024/5/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وعد بلفور... القصة الكاملة بقلم: أسعد العزوني

تاريخ النشر : 2009-06-29
وعد بلفور... القصة الكاملة بقلم: أسعد العزوني
وعد بلفور ..... القصة الكاملة

بقلم: أسعد العزوني

ما من شك أن الأوروبيين وبعد أن ضاقوا ذرعا بممارسات اليهود التدميرية للمجتمعات المسيحية التي يعيشون بين ظهرانيها ، قرروا التخلص من فساد وافساد اليهود ، ولم تكن فلسطين مطروحة أصلا على قائمة الأوطان البديلة لليهود ومنها أوغندة وجورجيا وسيناء ، ولكن اليهود كانوا يرفضون ذلك بحجة أن جورجيا باردة ، وأن أوغندة حارة وتعج بالأفاعي والعقارب وهكذا ، ناهيك عن أن مؤسس الحركة الصهيونية د. ثيودور هيرتزل لم يكن متدينا بل كان علمانيا شأنه شأن د. حاييم وايزمن .
هذه هي النقطة الأولى المتعلقة بوعد بلفور ، في حين أن النقطة الثانية كانت تقييم بريطانيا تحديدا للعرب وسهولة " الضحك" عليهم ، وهذا ماثبت فعليا اذ وجدت الثورة العربية الكبرى نفسها بدلا من انجاز ( تحرر ) العرب من الحكم التركي متهمة بضياع فلسطين لأن بريطانيا وفرنسا تآمرتا على أهداف هذه الثورة ، وقامتا بتجيير كل النتائج لصالحهما حيث تقاسمتا النفوذ في المنطقة ، واستحوذت بريطانيا تحديدا على فلسطين التي أصبحت تحت انتدابها كخطوة أولى لارساء قواعد إسرائيل على أنقاض الشعب الفلسطيني ، ولنا في قول رئيس وزراء بريطانيا آنذاك ونستون تشرشيل " تخلصنا من السرطان اليهودي وألقينا به في حلوق العرب " خير دليل على النوايا البريطانية الفرنسية .
وما دعم الغرب المطلق لاسرائيل الا خوفا من انهائها واضطرار اليهود الذين هجروا اليها إلى العودة الجماعية إلى أوطانهم الأم ليمارسوا مجددا فسادهم وافسادهم ، علما أن معظم الاسرائيليين يحملون جنسية وطنهم الأصلي اضافة إلى الجنسية الإسرائيلية .
يقول المفكر العربي جورج أنطونيوس في كتابه " يقظة العرب " الصادر عام 1938 أن بداية المؤامرة البريطانية على الثورة العربية الكبرى بدأت عام 1916 بتوقيع بريطانيا اتفاق سايكس بيكو مع فرنسا وروسيا ، وأن السير مكماهون وما أن انجز صفقته مع الشريف حسين حتى شرعت وزارة الخارجية البريطانية بمباحثات مع الحكومة الفرنسية للحقوق التى تدعيها فرنسا في سوريا وبين العهود التى قطعتها بريطانيا للعرب . والغريب في الأمر أن بريطانيا لم تطلع فرنسا على اتفاقها مع الشريف حسين ، الأمر الذي أدى إلى استنكار فرنسا عندما تكشفت لها الحقائق مؤخرا .
اتفق المسيو جورج بيكو القنصل الفرنسي في بيروت مع السير مارك سايكس الرحالة والباحث البريطاني الشهير في المنطقة ، حول المناطق المقتطعة من الامبراطورية العثمانية ، وصدرت لهما الأوامر للتوجه إلى بتروغراد للتفاوض مع الحكومة الروسية في مشروعهما ،وانتهى الأمر باعداد مشروع لثلاث مذكرات تتبادلها كل من لندن وباريس وموسكو .
كان نصيب فرنسا القسم الأكبر من بلاد الشام مع جزء كبير من جنوب الأناضول في تركيا والموصل العراقية ، في حين حصلت بريطانيا على المنطقة الضيقة الممتدة من سوريا الجنوبية حتى العراق مع امكانية التوسع لضم بغداد والبصرة والمناطق الواقعة ما بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية مع ثغري حيفا وعكا وجزء صغير من ساحلهما ، وتم الاحتفاظ بمنطقة أخرى تضم جزء من فلسطين لاقامة ادارة دولية خاصة .
كانت فرنسا ترغب بالاستحواذ على فلسطين ، لكن بريطانيا رفضت لسببين ،الأول رغبتها في أن يكون لها في خليج عكا ميناء تتخذه منفذا للعراق على البحر المتوسط .
والثاني عدم ارتياحها لاحتمال استقرار فرنسا أو غيرها من الدول العظمى بجوار قناة السويس .
وشهدت أروقة الدبلوماسية البريطانية والفرنسية العديد من جولات الحوار حول ترسيم الحدود ومناطق النفوذ ، وكانت فلسطين هي المحور ، وجرى الحديث عن تدويل البلدة القديمة في القدس وبيت لحم حسب الاقتراح الفرنسي . كما أن روسيا حاولت فرض حمايتها على البلاد المقدسة لكن بريطانيا وفرنسا رفضتا ذلك .
يصف أنطونيوس اتفاق سايكس – بيكو بانه مثال بارز للمخاتلة ، وأنه اللبنة الأولى في جدار الفصل أمام الوحدة العربية تنفيذا لمبادىء بالمرستون المعادية لاقامة دولة عربية على طريق الهند البري .
والأغرب من ذلك أن الشريف حسين لم يكن على علم باتفاق سايكس – بيكو الا بعد ستة أشهر أي في كانون أول 1917 حيث فضحت الثورة البلشفية كل الأسرار المحفوظة في وزارة الخارجية الروسية بعد استيلائها على الحكم في روسيا ، وقد أرسله الأتراك إلى الشريف حسين مع عرض شروط صلح منفرد يعقد بين الترك والعرب بتوقيع من جمال باشا ، مع التنويه بأن المانيا تؤيد ذلك المقترح .
بعد ذلك أرسل وزير خارجية بريطانيا آنذاك بلفور رسالة إلى شريف حسين ينفي فيها صحة ما كشفته الثورة البلشفية ، وجاء فيها أن الوثائق لا تمثل اتفاقا بل هي مذكرات ومباحثات مؤقته بين بريطانيا وفرنسا وروسيا جرت في الأيام الأولى للحرب وقبل الثورة العربية بهدف تجنب الصعوبات بين الدول في حربها مع تركيا .
بعد أخذ ورد ونفي مطلق من قبل الدول العظمى آنذاك لتوقيع مثل تلك الاتفاقيات ، الأمر الذي دعا الحسين أن يصدق ذلك ، فتبددت مخاوفه ، وذلك بسبب ايمانه المطلق بالعدالة البريطانية!
آنذاك جرت مفاوضات حثيثة بين الحكومة البريطانية وزعماء اليهود في بريطانيا ونجم عنها الالتزام البريطاني بوعد بلفور ، وذلك بعد فشلهم مع تركيا التي رفض سلطانها آنذاك عبد الحميد الثاني السماح لليهود بالتوسع في فلسطين علما أن برلين كانت في ذلك الوقت مركزا للنشاط الصهيوني .
الأمر الغريب في تلك الفترة لم يكن بالحسبان ، اذ أن جهود وتحركات كبار زعماء الحركة الصهيونية وفي مقدمتهم د. حاييم وايزمان ووجهت بمعارضة شديدة من قبل غالبية اليهود البريطانيين الذين رفضوا الفكرة القومية التى ينطوي عليها المذهب الصهيوني السياسي .
لم يكن للصهيونية آنذاك سوى نصيرين قويين خارج الدوائر اليهودية وهما رئيس جريدة " مانشستر غارديان" البريطاني سكوت وبلفور، لحقهما رئيس الوزراء لويد جورج بعد ان فاتحة وايزمان بذلك، حيث جرى اختيار بلفور وزيرا للخارجية بعد انتهاء فترة رئاسة اسكويث.
كانت هناك العديد من القضايا التي تحد من العبث البريطاني بفلسطين، ، منها تعهد الحكومة البريطانية للحسين عام 1915 بالاعتراف بدولة عربية مستقلة تضم فلسطين اضافة إلى اتفاقية سايكس – بيكو التى نصت على اخضاع البلاد المقدسة إلى نوع من الادارة الدولية . ناهيك عن معارضة غالبية اليهود انشاء الدولة اليهودية التى يدعو اليها الصهيونيين الذين قادوا حملة تزعمتها لجنة مندوبي اليهود البريطانيين والاتحاد الانجليزي اليهودي وهما الهيئات اللتان كانتا تمثلان يهود بريطانيا أحسن تمثيل ، بهدف اقناع الحكومة البريطانية بعدم دعم فكرة الصهيونيين ، وكانتا مدعومتين من وزير الهند القوي في الحكومة البريطانية .
لم تعق هذه العقبات اندفاع رئيس الوزارء البريطاني لويد جورج لتحقيق الحلم الصهيوني فكلف سايكس بمفاوضة زعماء الحركة الصهيونية ، وقد اكتنف تفسير العوامل التى حملت الحكومة البريطانية على اصدار وعد بلفور ضباب كثيف من الخرافات والدعاية المضللة منها ان اليهود أدخلوا أمريكا في الحرب من خلال نفوذهم السياسي والاقتصادي وأن وعد بلفور هو مكافأتهم التى يستحقونها ، علما أن ذلك كان ضربا من الخيال والشائعات لأن أيا من المؤرخين لم يتطرق لها .في مجال بحثهم قضية التدخل الأمريكي في الحرب العالمية ومن الشائعات أيضا أن وعد بلفور صدر لقاء وعود تعهد أصحابها فيها بتقديم اعانات كبيرة يمد بها اليهود القرض الحربي ، وما يدل على كذب تلك الشائعة هو أن أكبر عدد من سندات القرض الحربي التى ذهبت إلى اليهود هي التى اشتراها اليهود المعارضون للصهيونية ولبلفور نفسه ، وهناك خرافة أخرى تقول أن وعد بلفور جاء مكافأة للدكتور حاييم وايزمان على اختراعه نوعا جديدا من المتفجرات في وقت الحاجة له .
لكن الحقيقة تتمحور في هذا المجال حول سببين أولهما رغبة بريطانيا باستمالة صهاينة المانيا والنمسا الذين كانوا يفاوضون تركيا للحصول على وعد مماثل لوعد بلفور من أجل اهتمام هؤلاء اليهود بنصر الحلفاء وتخفيف حدة عداء اليهود لروسيا في بلاد الحلفاء وتزويدهم بما يغريهم بالعمل على ابقاء روسيا في الحرب وهم الذين عملوا بنشاط لقلب نظام القياصرة . في حين كان السبب الثاني هو جعل فلسطين حصنا يحمي مركز بريطانيا في مصر ويؤمن الاتصال مع الشرق ، وهذا برأي المحللين آنذاك هو السبب الرئيسي ، علما ان السبب الرئيس هو الرغبة البريطانية الملحة في التخلص من فساد وافساد اليهود للتمكن من اقامة دولة انجليزية مسيحية خالصة ، وقد جاء على لسان رئيس الوزراء ونستون تشرشيل : " لقد تخلصنا من السرطان اليهودي وألقينا به في حلوق العرب " .
وقد مهد وعد بلفور السبيل أمام بريطانيا للمطالبة بفلسطين حصة لها بعد نصر الحلفاء لتتمكن من تنفيذ الوعد الذي قطعته رسميا لليهود ويقضي بانشاء وطن قومي لهم في فلسطين .
لم يكن زعماء الصهيونية على علم باتفاق سايكس – بيكو ، ولذلك أعدوا مقترحا افتراضيا بعد نصر الحلفاء يقضي بقيام ادارة فرنسية أو بريطانية مشتركة بينهما ، وذلك انطلاقا من توقعهم لفوز فرنسا بفلسطين كجزء من سوريا لكن لويد جورج رفض ذلك الاقتراح .لأنه يساوي بين الفرنسيين والبريطانيين في حكم فلسطين وعلى الفور فهم زعماء الصهاينة الرسالة فعمدوا إلى حذف اسم فرنسا من الخطة ، وتوجه تفكيرهم نحو اقامة حكم بريطاني في فلسطين ، وجرى أول مؤتمر صهيوني – بريطاني أداره سايكس في السابع من شباط 1917 في لندن شدد الصهاينة فيه على معارضتهم لادارة دولية للبلاد المقدسة مهما كان شكلها ، وأنهم سيعملون جادين على جعل فلسطين تحت الحماية البريطانية ، وقد أيدتهم بريطانيا في ذلك .وهنا تبين أن ذلك يشكل أساس الصفقة الصهيونية – البريطانية ، حيث صدر وعد بلفور بعد تسعة أشهر من ذلك الاجتماع .
نشرت الهيئة التنفيذية الصهيونية تقريرا عام 1921 جاء فيه أن أهمية فلسطين بالنسبة للامبراطورية هي التى جعلت حكومة لويد جورج تصدر وعد بلفور ، علما أن وايزمان نفى ذلك في خطاب ألقاه في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن يوم التاسع من حزيران 1936 ، أكد فيه أن الحكومة البريطانية اشترطت أن لا تلقى مهمة حكم فلسطين على كاهل بريطانيا ، ورغم عدم منطقية هذا القول الا أن اعتبار اليهود لبريطانيا قبيل تأسيس إسرائيل بالدولة المستعمرة ومطالبتها بالرحيل ، وشن الهجمات المتكررة على جنودها ومعسكراتهم وتعليق جثث الجنود البريطانيين على أعمدة النور والأشجار في الطرق العامة يؤكد أن هذا هو شرط زعماء الصهيونية وليس شرط الحكومة البريطانية .
يقول رئيس الوزراء البريطاني الأسبق في مذكراته ليوم الخامس من آذار 1915 حول وعد بلفور أن اقتراح الانتداب على فلسطين لم يحظ سوى بتأييد لويد جورج الذي لا يكترث باليهود بتاتا ولا بماضيهم ولا بمستقبلهم ، ولكنه كان يعتقد بأن السماح لفرنسا التى تسودها الفلسفة المادية واللاتينية بالاستحواذ على الأراضي المقدسة بأنه عار سيلحق ببريطانيا .
كان مقررا صدور وعد بلفور قبل الثاني من تشرين ثاني 1917 ، لكن المعارضة اليهودية أعاقت ذلك ، حيث أصدروا بيانا نشرته التايمز في الرابع والعشرين من آيار 1917 ، ووقعه رئيس لجنة مندوبي اليهود البريطانيين ديفيد اليكساندر ورئيس الاتحاد الانجليزي اليهودي كلود مونتيفيوري ، أعلنا فيه تعلقهما بالصهيونية الفكرية التى تجعل فلسطين مركزا روحيا ، ورفضهما للصهيونية السياسية التى تسعى لجعل المستعمرات اليهودية في فلسطين مجموعة قومية بالمعنى السياسي ، ومنح سكانها حقوقا على أساس من الامتياز السياسي والتفضيل الاقتصادي وتنبأ بأن انشاء قومية يهودية في فلسطين سيؤدي حتما إلى " منح كافة يهود العالم صفة الغرباء في ديارهم والى تهديد مركزهم الذي فازوا به بعد بذل جهد كبير كمواطنين ورعايا في تلك البلاد ، "
وكان تلكؤ فرنسا في التنازل عما ادعته من حقوق لها في فلسطين بضغط من قوى نفوذ سياسي واقتصادي وكهنوتي ، عامل آخر في تأخير صدور وعد بلفور وكان في مقدمة الرافضين شخص اسمه ريبو وقد استغرقت المفاوضات ووضع الخطط وقتا طويلا بين الصهاينة وفرنسا وبريطانيا ولدى سماع الصهاينة باتفاق سايكس بيكو شعروا بانهم ضحية خداع فقدموا احتجاجا للحكومة البريطانية التي سعت لارضائهم بدليل ان المفاوضات استمرت وكأن اتفاق سايكس بيكو غير موجود .
في نهاية المطاف قبلت فرنسا باصدار تصريح يصب في مصلحة الصهوينيين وقام القاضي برانديس بتسخير نفوذه في البيت الابيض الامركي بمهارة تامة للحصول على موافقة الرئيس نيلسون على نص ذلك التصريح لكن المفاوضات تعطلت لفترة بسبب تباين في الاراء بين الوزراء البريطانيين وبين زميلهم اليهودي الوحيد في الوزارة ادوين مونتاغو المعارض الشرس للفكرة من اساسها اضافة إلى شكل الوطن اليهودي حيث طالب الصهاينة بريطانيا بالاعتراف بفلسطين وطنا قوميا لليهود لم تلزم لندن نفسها بمثل هذا التعهد المتطرف ورفضت ان تعد بشيء اكثر من النظر بعين الارتياح إلى " انشاء وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي " و الفارق بين الفكرتين هو الفارق بين وطن قومي يهودي محدود ووطن قومي غير محدود .
وفي نهاية المطاف قبل زعماء الصهاينة بالأمر ووافقوا على صيغة التصريح النهائية وهي :" ان حكومة جلالت لتنظر بعين الارتياح إلى انشاء وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي وستبذل مساعيها لتسهيل بلوغ هذه الغاية وليكن معلوما انه لن يعمل شيء من شأن ان يلحق الضرر بالحقوق المدنية و الدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين أو بالحقوق التي يتمتع بها اليهود في أي بلد اخر و المركز السياسي الذين حصلوا عليه فيه ".
اثار وعد بلفور هلع الشريف حسين وطلب تفسيرا له وتم تكليف احد رؤساء المكتب العربي في القاهرة وهو ديفيد جورج هوغارت بالسفر إلى جده للقاء الشريف الحسين حيث التقاه مرتين وطمأنه فيها بان ذلك لن يلحق الضرر بالثورة العربية وجاء في رسال الحكومة البريطانية " لن يسمح باسكان اليهود في فلسطين الا بالقدر الذي يتفق مع حرية السكان العرب السياسية و الاقتصادية ابلغ الشريف حسين المبعوث هوغارتن انه سيبذل كل نفوذه لتحقيق تلك الفكرة اذا كان الهدف منها ايجاد ملجأ لليهود من الاضطهاد كما انه يقبل أي تدبير ملائم لوضع الاماكن المقدسة في فلسطين بيد انه شدد على رفضه للمساس بالسيادة العربية على تلك الاماكن .
ومن فوره ارسل مندوبيه إلى انصاره في مصر وقوات الثورة العربية يعلمهم ان بريطانيا اكدت له ان اسكان اليهود بفلسطين لن يتعارض مع استقلال العرب , وحثهم على الثقة ببريطانيا ووصل الرسل ايضا إلى ابنائه وفي مقدمتهم فيصل في العقبة واوعز بكتابة مقالة في جريدة " القبلة " التي كانت تنطق بلسان حاله الرسمي في عددها الصادر في 23 آذار 1918 يذكر الشعب الفلسطيني بان كتبه المقدسة وتقاليده تفرض عليه القيام بواجب الضيافة و التسامح وحثهم على الترحيب باليهود كإخوان يتعاونون معهم لتحقيق مصالحهم المشتركة واغلب الظن ان الشريف حسين كتب ذلك المقال بنفسه حسب الباحث جورج انطونيوس .ويدل ذلك المقال على عدم تعصب الشريف حسين الديني وموقف العرب من اليهود قبل مجيء الصهيوني .
تمكنت بريطانيا من صرف الانظار العربية عن تداعيات وعد بلفور وقد وصلت الى القاهرة في شهر آذار لجنة صهيونية برئاسة د.حاييم وايزمن في طريقها الى فلسطين جهودا حثيثة في هذا المجال مع العديد من رجالات العرب في مصر وقد ركز معهم على ضرورة التعاون بين الصهيونيين و العرب كما تم تنظيم لقاءات موسعة جمعت زعماء العرب انذاك بزعماء الصهيونية وقام فارس نمر باشا احد مؤسسي جريدة ( المقطم ) اليومية المشهورة التي كانت تصدر من القاهرة بتسخير صحيفته القوية للقضاء على شكوك العرب فيما يتعلق بمستقبلهم السياسي و الدعوة الى التفاهم بين العرب و الصهاينة ويذكر ان نمرباشا كان أحد الاعضاء المؤسسين لجمعية بيروت السرية .
قام سبعة من الزعامات العربية المقيمة في مصر بتشكيل هيئة للقيام بعمل مشترك في ربيع عام 1918 بعد هياج الشعور العربي اثر اعلان وعد بلفور واذاعة اتفاق سايكس بيكو وادى ذلك الى زعزعة اركان الحف العربي البريطاني وبدأت الشكوك حيال المصداقية البريطانية وان بريطانيا ستسمح للعرب بالاستقلال بعد انتصارها على تركيا .
سلم هؤلاء وهو سوريون مذكرة موجهة للحكومة البريطانية شرحوا فيها قراءتهم للمرحلة وطلبوا من بريطانيا تعريف سياستها في المنطقة العربية من خلال اصدار بيان واضح الى المكتب العربي في القاهرة كي ترسل الى لندن على عجل وطلبوا عدم اظهار اسمائهم حتى يتم كشف المذكرة وجوابها أمام الرأي العام وتبين فيما بعد انهم كانوا خائفين من غضب الشريف حسين .
في السادس عشر من حزيران 1918 قام احد كبار موظفي الاستخبارات البريطانية وهو والروند بتسليم جواب الخارجية البريطانية للمذكرة آنفة الذكر في مقر قيادة الجيش البريطاني وابلغهم انه تم ارسال نسخة من مذكرة السبعة الى الشريف حسين ووصف ذلك الجواب بأنه الأخطر من نوعه وتلي بالانجليزية ثم قام احد الحضور بترجمته الى العربية حيث تحدث الجواب عن مساحات المنطقة وتقسيمها الى اربعة اقسام ونجح ذلك التصريح بالكذب حيث قال ان بريطانيا ستحافظ على تعهداتها للعرب ولن تقيم أي نوع من انواع الحكم دون الاتفاق مع السكان الأمر الذي شجع العرب على مواصلة الهجوم على تركيا .
قام الرئيس الأمريكي ولسون في الرابع من تموز 1918 بالقاء خطاب في " ماونت فرنون " تضمن نفس المبدأ البريطاني ما ادى الى اثارة كافة الشكوك حول نوايا بريطانيا لكن الشمس لا يمكن تغطيتها بغربال واثبتت مجريات الأمور سوء نوايا بريطانيا وسذاجة العرب الذين تحالفوا معها .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف