الأخبار
معروف: مذكرات التوقيف بحق نتنياهو وغالانت خطوة قانونية بالاتجاه الصحيحإعلام إسرائيلي: القتال العنيف بغزة سيستمر حتى أكتوبر 2024ما دور العقوبات الأمريكية في حادث مروحية الرئيس الإيراني؟كتائب القسام: قصفنا معبر رفح بقذائف الهاون من العيار الثقيلقوات الاحتلال تتوغل شرق دير البلح وسط اشتباكات ضارية مع المقاومةأونروا: نزوح 810 آلاف فلسطيني من رفح خلال أسبوعينحماس: نية المحكمة الدولية باستصدار مذكرات اعتقال بحق قيادات حماس مساوة بين الضحية والجلادإسرائيل تنشئ "غرفة حرب" لمواجهة تحرك المحكمة الجنائيةالجنائية الدولية تسعى لإصدار مذكرات اعتقال لنتنياهو والسنواروفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحيتهحادث "هبوط صعب" لمروحية تقل الرئيس الإيراني ووزير الخارجيةتحول هام.. الولايات المتحدة تستعد لتصنيف القنّب كمخدر ذو خطورة أقلثورة القهوة واستخدامها في صناعة الخرسانةالإعلامي الحكومي بغزة: الاحتلال منع إدخال 3000 شاحنة مساعدات خلال 13 يوماًسموتريتش: إسرائيل في طريقها للحرب مع حزب الله اللبناني
2024/5/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سياسة التصفية بقلم:مريم طارق حمودي

تاريخ النشر : 2009-03-02
سياسة التصفية n

مريم طارق حموديnn

يعيش المسيحيون العراقيون في شدّة كبيرة، أقلُّ ما يُقالُ عنها أنها فاقت كلّ التصوّرات وكسحت كلَّ الحسابات، مع تنوّع أجندات المتورطين فيها من قريب أو بعيد وذلك بسبب تشابك مصالح الجهات المستفيدة من الهجمة المشبوهة التي تُحاك ضدّهم يصعبُ التصديق لأفعال التي ترتكبها أيديهم في التخطيط والتنفيذ معاً، مهما كان حول طبيعة الشارع الموصلّي تجاه المسيحيين خاصة والأقليات الدينية الأخرى عامة. أما أن تأتي هذه السابقة الخطيرة في تاريخ العراق الطويل في هذه الآونة بالذات، فذاك أمرٌ فيه نظر، لاسيّما بعد تفاقم الظروف واشتداد النزاع بين الكتل الفئوية المتصارعة علي السلطة والجاه والمال التي لم تكن تحلم يوماً بورود مثل هذه الفرصة كي تنفذ الجهة التي تدعمها وتوجهها وفق مصالحها المحلية والإقليمية. nمهما كان ومهما حصل، فإنّ سوابق التاريخ تذكّرنا بتكافل أبناء الموصل الطيبين منهم وبتعايشهم السلمي منذ مئات السنين. ولم يُسمع أن تعكّر صفو العلاقات في فترة ما إلي هذا الحدَ القاسي كما في أيامنا العصيبة هذه إلاّ فيما ندر. nقد تكون هذه المأساة التي تزامنت مع محاولة بعض الفئات الحاكمة إطلاق رصاصة الرفض لمبدأ الديمقراطية ضدّ المكوّنات الدينية والقومية قليلة العدد، يُقصدُ منها جسَُّ نبض هذه الأقليات ومعها نبض الشارع العراقي والإقليمي والدولي معاً، من أجل الوقوف علي العتبة التي تيسّرُ لها هذه المهمة كي تُحكم هيمنتها إلي ما تستطيعُه. وبذلك تكون قد استخدمت ما تيسر لها من وسائل الصدّ والردع والتهديد ضدّ هذه الأقليات الأصيلة لمنعها من المطالبة بضمان حقوقها الدستورية كاملة شأنها شأن غيرها من المكوّنات الكبيرة التي تنهشُ اليوم جسدَ هذا البلد بلا هوادة. nصحيحٌ أن الأعمال الإرهابية قد طالت جميع العراقيين بلا استثناء، ولكنها كانت مريرة وقاسية علي المسيحيين والصابئة والإيزيديين منهم بصورة خاصة، لا لشيء، إنما لكونهم الحلقة الأضعف في المعادلة السياسية ألم تغيّبهم الكتل السياسية وقرّرت تهميشهم عن سبق إصرار وترصّد حتي من أبسط حقوق المواطنة في التوظيف في مؤسسات سيادية وفي غيرها من مواقع الدولة المهمة وحتي البسيطة فيها بفعل سياسة المحاصصة المقيتة؟ فيما حاولت غيرُها إذابتهم باتباع شتي الوسائل المتاحة، بقصد دمجهم في ما تُسمّي بمكوّنات أكبر لها اليوم ثقلها علي الساحة السياسية بدعمٍ من الغازي الأمريكي، وكلّ ذلك علي مرأي ومسمع من هذا الأخير. راحت تدّعي وتتبجّح في ضوء ما تراءي لها نوعٌ من النصر بفعل الامتياز الذي حظيت به من جانب المحتلّ، والذي يخوّلها بحسب أجندتهم تنفيذ مآربها العرقية والمذهبية الضيقة بحجة تعرضها هي أيضاً لتمييز عرقيّ ومذهبيّ في عهودٍ سابقة. nاضطهاد مضمَر وتهجيرٌ منهجيٌّ منظَّم n إن الإحصائيات الرسمية لشؤون اللاجئين في 2005 مغادرة ما يقارب 700 ألف عراقي إلي سوريا بين عامي 2003 ــ 2005 ، حيث شكّل المسيحيون ما يقرب من 36% منهم، أي ما يعادل 300 ألف مسيحي في هذه الفترة القصيرة. وقس علي ذلك أعداد المغادرين فيما بعد مع تواصل التهديدات الصريحة من قبل جماعات متطرفة وميليشيات مجهولة الهوية ضدّ أبناء شعبنا المسيحي في عموم محافظات العراق، حيث تواصل نزيفُ الهجرة هذه المرة، نحو الخارج والداخل، بدءاً من البصرة وبغداد والموصل وكركوك بصورة خاصة عندما كشّرت قوى التعصب القومي والتشدّد الديني الأصولي عن أنيابها لتنال ممّا تبقّي لهذا البلد من ثقافة رسّخها المسيحيون فيه منذ أجيالٍ وقرون عبر حضارات وثقافاتٍ سادت العالم كلّه لآلاف السنين ولم يتبقي منها سوي هذا النزر اليسير منهم والذي لا يتجاوز النصف مليون. nلقد أصبح للمسيحيين حديثاً، هم أيضاً قضية بعد أحداث 2003، بسبب صراعٍ سنّي ــ شيعيّ ــ كرديّ محتدمٍ علي السلطة والجاه والمال، كلٌّ وفق أجندته ومنهجه. ومن الواضح أيضاً أنه تم استغلال هذا الصراع من أجل تحقيق مكاسب سياسية علي حساب المواطنة والوطن والشعب. فصار التهديد بالقتل منهجاً وطلبُ الجزية سلوكاً شرعياً مباحاً والتخيير بالتحوّل إلي الإسلام قسراً أو ترك المنازل غنائم أو حتي الإيحاء بوجوب المطالبة بمحميةٍ آمنة تابعة لإقليم كردستان حصراً، من جملة الوسائل المنهجية المتبعة في تصفية المسيحيين وتهجيرهم من مناطق تواجدهم ضماناً لسلامتهم. لذا، فلا عجب أن تشارك عصاباتٌ ضالة أو منظمة ، ترتبط بكتل سياسية مشاركة في السلطة المركزية منتشرة في مدن رئيسية مثل البصرة والموصل وكركوك وبغداد في ترعيب هذه الشريحة ا المسالمة ودفعها للهجرة إلي بلاد الاغتراب قسراً بعد أن سُدّت بوجهها أو ضعفت عواملُ الأمان والاستقرار في ديارها أو خاب أملُها في تحقيق طموحاتها بسيادة القانون ورؤية مؤسساتٍ ديمقراطية تسيّرُ دفة البلاد والعباد دون تمييز. nهناك حقيقة أخرى لا يمكن التغافل عنها حين نتحدث عن عمليات التهجير المنظم ضد المسيحيين قبل أحداث 2003. فمن العبث أن نبرّئ ساحة النظام السابق من أسلوب متفرّد في اضطهاد المسيحيين واستغلال وضعهم القومي والديني وحالتهم المتفرّدة لصالح تنفيذ أهدافه المعلنة وغير المعلنة أنذاك. ففي الوقت الذي ارتزقت بعض شرائح الشعب العراقي حديثي النعمة من مكاسب وفوائد محدودة في ظلّ ذلك النظام، نرى غيرهم، وهم الغالبية الساحقة، قد تضرّر كثيراً بسبب تلك الممارسات غير الحكيمة، ومنهم المسيحيون أيضاً ومعظم مؤسساتهم الدينية والثقافية والاجتماعية. فقرارات تأميم مدارسهم ووضع كنائسهم ورجالاتها ومؤسساتها تحت تصرّف النظام بوسائل عديدة ومنهجية، تُعدُّ في حدّ ذاتها حرباً غير معلنةٍ ضدّ وجودهم من حيث تقييد حرّية عملهم وتحديد أنشطتهم وتقليص ممارساتهم وطقوسهم الكنسية إلي أبعد الحدود بحجج كثيرة. ومن هذه القيود يمكن أن يُضاف إخضاع قساوستهم للخدمة العسكرية الإلزامية دون احترام للمهام الدينية الملقاة علي عاتقهم وحاجة كنائسهم لخدماتهم. ولا ننسى مثيل هذا من قرارتٍ مشكوك في إصدارها ومنها بالذات ما يتعلّق بقانون الأحوال الشخصية الجائر في بعض بنوده وإلزامية تدريس مادة القرآن في المدارس ومحاربة بعضهم ، لاسيّما بعد إطلاق ما سمّي بالحملة الإيمانية في عام 1991 وما رافقها من إجراءاتٍ تهوّرية وتطاول واضح علي أبناء الديانات غير المسلمة عموماً. nولكن ما جري ويجري منذ أحداث نيسان 2003 قد تعدّي تلك الجرائم من حيث بروز تياراتٍ عرقية وقومية ضيقة الآفاق وأخري إسلامية سياسيّة مذهبية أو ذات توجهات سلفية متشددة تسابقت في مزايداتها بأجنداتٍ دينية أو إقليمية رأت في الصراع القائم خيرَ فرصة لتنفيذ مخططاتها بتصفية المكوّن المسيحي بصورة خاصة. nكما لا يمكن فصل كلّ هذا وذاك عن أجندة المحتل الأمريكي الذي لا تهمّه مصلحة أية جهة أو طائفة لأيٍّ من مكوّنات النسيج العراقي المتماسك تقليدياً في تاريخه والذي بدأ بعد تصاعد نفوذه بشتي الوسائل منذ اللحظة الأولي لوطأة قدمه أرض العراق. والغرض من ذلك كله، كان تفتيت مكوّنات النسيج العراقي بالعزف علي أوتار فئوية حينأ ودينية في أخري وعرقية أحياناً ومذهبية في غيرها،. nبعد كلّ الذي بدا لنا حملةً منظمةً لتهجير قسري واضطهاد منهجيّ دينيّ وعرقيّ معاًّ لعموم أبناء شعبنا المسيحي بمختلف طوائفه وملله وكنائسه من الكلدان والسريان والأرمن والآثوريين وغيرهم، يتبادر إلي ذهننا وقوعُه ضمن ذات السلسلة التصفوية في اقتلاع مكوّناتٍ أخري صغيرة تتعايش في هذا البلد وهذه المنطقة منذ آلاف السنين. ومن حقنا أن ننظر إلي الموضوع بمهنية ونحلله بشفافية لنخرج بمعلومات وافية وأفكارٍ واضحة حول الجهات الفاعلة المحتمَل تورطُها في الأحداث الأخيرة تخطيطاً وتنفيذاً. مبدئياً لا نقبل بالتجنّي مسبقاً علي أية جهة حتي لو أُشيع عن تورطها هي أو غيرُها في هذه العملية التي طالت عموم أحياء مدينة الموصل الحدباء. فإننا نتساءل، من يتيح تشكيل إدارات أو كياناتٍ محليةٍ تضمن الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية لمختلف المكوّنات القائمة ومنها الكلدان السريان الآشوريين والتركمان إلي جانب العرب والأكراد، كلٌ في مناطق تواجده. ومن الممكن جدّاً أن يكون لأيادٍ خبيثة مسؤوليةٌ في تنفيذ جزءٍ من هذا المخطط المشبوه عبر رموز سياسية وعرقية ودينية متشعبة.n
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف