وماذا بعد!! بقلم:فادي فيصل الحسيني
تاريخ النشر : 2007-08-04
وماذا بعد!! بقلم:فادي فيصل الحسيني


وماذا بعد!!!

فادي الحسيني



مضى ما يقارب من الشهر ونصف الشهر على الانقلاب الذي قامت به حركة انتخبت ديمقراطياً في رد كما تقول على ممارسات عدائية من الطرف الآخر أو كخطوة استباقية لانقلاب على شرعيتها كما يروج قادتها، والنتيجة مصير مجهول لأهل قطاع غزه بشكل عام مع تقطع آخر سبل العيش الكريم في ظل استمرار الحصار وتشديد الخناق على حركة حماس، وطلاب الثانوية العامة بشكل خاص بعد أن أعلنت وزارة التربية والتعليم في حكومة هنية المقالة في غزة نتائج امتحانات التوجيهي أمام عدم الاعتراف بها من قبل وزارة التربية والتعليم في حكومة فياض المسيرة للأعمال. وضع غريب وفريد من نوعه لم يتوقعه أو يتخيله أكثر المراقبين تشاؤماً بعد أن أصبحت كل خطوة يخطوها هذا الفريق أو ذاك تجسد الفرقة والانقسام وترسخ الانفصال بين شقي الوطن المحتل بعد أن توهم أولي الأمر أن أي من تلك القرارات سترسخ سيادتهم وسلطتهم أينما كانوا .



من يدفع فاتورة أهواك القادة ونزوات الفرقاء هم عامة الشعب الفلسطيني والذين وصلوا إلى درجة عالية من الإحباط والاستسلام لم يصلوها في أحلك وأصعب اللحظات إبان الصراع المرير مع الاحتلال الإسرائيلي فبعد أن صمدوا وتشبثوا بالأرض على مر السنين وإبان الحروب العديدة التي شهدتها أرضنا، بدأت الأرقام والمؤشرات تعكس إحباطاً كبيراً ورغبة أكيدة وقوية لدى السكان الفلسطينيين للهجرة ومغادرة هذا المكان الذي أصبح لا يبعث إلى قلوبهم سوى الإحباط والتشاؤم. فأحدث استطلاع للرأي أجرته شركة الشرق الأدنى للاستشارات (نير ايست كونسلتينج) يؤكد أن 31% من سكان قطاع غزة لديهم رغبة في الهجرة مقابل 15% في الضفة الغربية. إذاً نسبة عالية فقدت الأمل في البقاء بهذا المكان رغم أنني أرى أجد أن هذه الأرقام متفائلة بعض الشيء وخاصة فيما يخص قطاع غزة الذي يقبع في أوضاع معيشية متأزمة ومرشحة للتأزم أكثر وأكثر بالتزامن مع تقلص فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة بشكل صارخ. أما عن درجة الإحباط، فقد عكس الاستطلاع أن 81.3% من سكان قطاع غزة في حالة إحباط شديد مقابل 74.9% في الضفة الغربية. أرقام مزعجة وكيف لا تكون بهذا الشكل بعد أن رأى الجميع أن صراعنا أصبح محلياً وجهودنا أصبحت تصب في خدمة هدف واحد وهو إسقاط الفريق الآخر ونزع شرعيته وتعريته أمام الجميع بعد أن تناسى الفرقاء أصل القضية و المعنى الحقيقي للوطنية.



هذا السجال المرير بين الفرقاء امتد واتسع بشكل سريع لدرجة أنه لم يكتف بالمنابر الإعلامية المحلية، والمؤسسات الوطنية، والصحف والجرائد العربية والعالمية، بل وصل بسرعة البرق إلى أروقة الأمم المتحدة ليسخر العمل الدبلوماسي لخدمة أهداف سياسية حزبية ضيقة في سابقة خطيرة، فبعد أن كانت هذه المؤسسة العالمية مسرحاً للنشاط الدبلوماسي الفلسطيني والعربي لإدانة الاحتلال الإسرائيلي وانتزاع قرارات دولية تصب في مصلحة القضية الفلسطينية وتضيف رصيداً جديداً للمفاوض الفلسطيني، أصبحنا نتبارى فيما بيننا في تلك الأروقة لاستصدار قرار أممي ليأخذ هذا الفريق موطئ قدم هناك أو ليجهض ذاك الفريق جهود الطرف الآخر. أي قضية بقية لنا لندافع عنها وأي جهود أو تعاطف سيتبقى لنا في هذه الحلبة العالمية الهامة بعد أن بدأنا نفقد رويداً رويداً الاحترام من قبل أكثر الدول الصديقة والمتعاطفة معنا؟!



وماذا بعد؟ لم تخل ساحة حتى تم العبث بها ولم يتبقى منبراً حتى تم استهلاكه وإهداره ولم يبقى صديق حتى سقط تعاطفه معنا. بالأمس زج بالحجاج ليكونوا طرفاً في هذا النزاع، واليوم يتم العبث بمستقبل طلاب الثانوية العامة، وغداً سيكون أسوأ مما كان إن لم يعد أولئك الفرقاء إلى رشدهم، فلا يمكن لشقي الوطن العيش منفصلين أبدأً ولا يمكن أن يكون هناك منتصراً في هذه المعركة المقيتة، أما الهزيمة الكبرى والثمن الأفدح فسيكون من نصيب هذا الشعب وستدفع فاتورته القضية الفلسطينية وحدها، ولن تؤتي أي من القرارات أو السياسات التي يأخذها الطرفان أكلها لأن السيادة التي يبحثون عنها قد ماتت من قبل أن تولد فهي لا تعدو أن تكون أوهاماً لا وجود لها سوى في عقولهم ، أما الدعم الخارجي لهذا الطرف أو ذاك أو القدرة على الاستمرار لن تطول كثيراً وخاصة أن فلسطين لم ولن تكون المسرح الأول أو الأخير للعمالقة الكبار الذين قد يبحثون عن مسرح جديد أقل تكلفة وأكثر هدوءاً. أما آن الأوان لهذا الشعب الصبور أن ينهي حقبة الألم هذه ويزيح عظيم الإحباط والحبور، أما آن الأوان ليفيق من أعماق هذا الكابوس ويقول كفى عبثاً بمقدراتنا وهدماً لمؤسساتنا وتدميراً لقضيتنا. لن ينصرنا سوى شعبنا ولن يعيد البناء والرخاء سوى سواعدنا ولن يحرر أرضنا ويعيد مقدساتنا سوى رجالنا ونساءنا أما من يدفع الأموال للفرقاء فلن يحرر ولن يساعد سوى في تعزيز الفرقة والشقاق.