الـمقـدمــة
من الغريب جداً أن تقوم إيران بتزويد بعض بلدان الخليج العربي بالمياه العذبة، ومياه شط العرب القريبة تذهب هباءً دون أن يفكر أحد في استثمارها أو الاستفادة منها. ويبدو من الواضح أن الإيرانيين قد أعجبوا كثيراً بفكرة بيع المياه وتصديرها إلى دول الجوار فأرادوا تقليد التقليعة التركية على غرار ذلك.
ويظهر أن البديل الإيراني لمشروع مياه أنابيب السلام التركي كان يدور في مخيلة الساسة الإيرانيين، منذ أن حجمت حرب الخليج الثانية عام 1991 دور العراق الإقليمي في المنطقة. وفشل تركيا أيضاً في تسويق مشروعها المائي نحو دول الخليج العربي، فبدا هذا الحلم يداعب الإيرانيين طمعاً في الحصول على بعض المكاسب السياسية والاقتصادية من وراء ترويجهم لهذا المشروع. فكانت قطر أول بلد خليجي يوافق على شراء المياه العذبة من إيران عام 1991، أعقبه إعلان الكويت قبولها المبدئي لهذا العرض شرط أن تجري المباحثات التمهيدية بشأنه في نطاقٍ من السرية التامة والتكتم الشديد ريثما تتاح الظروف المناسبة للإعلان عنه بصورة رسمية من قبل حكومتي البلدين.
يتناول هذا البحث دراسة مشروع المياه الإيراني كواحدٍ من بين مشاريع مائية كثيرة اقترحت في وقت سابق لتزويد الدول الخليجية بالمياه العذبة ومن بينها الكويت. واستعراض ما طرأ على هذا المشروع من تطورات لاحقة شملت الفكرة والمضمون، منذ أن بدأ الجانبان مباحثاتهما التمهيدية حوله في تموز / يوليو 2000. وكذلك إبراز أهم المشاكل والعراقيل التي واجهت تنفيذه إلى أن قررت الكويت في أيار / مايو 2006 إلغاءه وصرف النظر عنه ريثما تتاح الظروف الملائمة لإعادة إحيائه من جديد، مع استمرار العمل في بناء المزيد من محطات التحلية المخصصة لتزويد البلاد بما تحتاجه من مياه، نظراً لما تحتله هذه المشاريع الحيوية من أهمية كبيرة لا يمكن للكويتيين الاستغناء عنها في الوقت الحاضر.
المبحث الأول
مشروع تزويد الكويت بالمياه الإيرانية نشأته وتطوره
1- المباحثات الثنائية بين الكويت والكونسرتيوم الثلاثي بشأن مشروع المياه المقترح:
في أعقاب إعلان الكويت موافقتها المبدئية على العرض الإيراني بتزويدها بمياه نهر الكارون(*) الواقع شمال غربي إيران، أعلن وزير الكهرباء والماء الكويتي عادل صبيح أن بلاده اشترطت على الجانب الإيراني لقبول هذا العرض أن يكون سعر الغالون مناسباً من حيث التكاليف مقارنة بأسعار التحلية السائدة في الكويت، علماً أن نفقات تحلية الألف غالون من المياه لا تتجاوز الستة دولارات(1).
بموازاة ذلك سارع كونسرتيوم ثلاثي مؤلف من اتحاد عدة شركات استثمارية معروفة وهي شركة (مياه الخليج الكويتية) وشركة (المرافق الخليجية) التي أسسها مديرون سابقون لمجموعة تايلور ودروو (Tailor Wedroo) البريطانية، وشركة (استثمارات الطاقة الإيرانية)، إلى تقديم عرضٍ خاص للحكومة الكويتية، يرمي إلى سحب المياه من نهر الكارون باتجاه الكويت لنقل حوالي (200) مليون غالون يومياً عبر مد خط أنابيب بحري يبلغ طوله أكثر من (300) كم(2).
وقد كشفت صحيفة الرأي العام الكويتية في عددها الصادر يوم الجمعة 14 تموز / يوليو 2000 النقاب عن قيام وزارة الكهرباء والماء الكويتية، بإجراء مفاوضاتٍ مباشرة مع الكونسرتيوم المذكور، وصلت فيها المباحثات بين الجانبين إلى مراحل متقدمة طرح خلالها المفاوض الكويتي ( وزارة الكهرباء والماء) عدداً من الشروط التي يجب تضمينها في (اتفاقية المياه)(3) أهمها:
1- أن تتم عملية تنقية المياه داخل الكويت وليس خارجها بواسطة استخدام فلاتر وأجهزة حديثة متطورة .
2- أن تتحمل الشركة المذكورة التكاليف المالية لإيصال المياه إلى الكويت، عبر بناء خط أنابيب بحري شبيه بالخط الذي ينقل المياه إلى جزيرة فيلكا(4) الواقعة شرق الكويت، وهو نوع من الأنابيب المحمية ضد التآكل بفضل ما يسمى بالحماية السالبة .
3- أن تتضمن اتفاقية المياه قيام إيران بتزويد الكويت بالمياه العذبة لمدة تتراوح بين (20-30 ) سنة.
كما أشارت الصحيفة المذكورة إلى أنه بالامكان الاستفادة من خط الأنابيب الممتد من جزيرة فيلكا إلى الكويت، بحيث يكون مكملاً للخط المقترح مده من إيران إلى جزيرة فيلكا في حالة ما إذا تبين أن ذلك أفضل بكثير من إقامة خط مباشر لنقل المياه إلى الكويت(5).
كان رد اتحاد الشركات الثلاث ايجابياً من حيث المبدأ، حيث طالب الحكومة الكويتية بإمهاله مدة زمنية أمدها ستة أشهر لكي يقوم بدراسة هذه المقترحات دراسة تفصيلية، ومن ثم إبلاغ الجهات الكويتية ذات العلاقة برده الأخير على تلك الشروط خلال الأشهر الستة المتبقية من السنة تمهيداً لإجراء المفاوضات النهائية بخصوص مستقبل إقامة هذا المشروع(6) .
على صعيد أخر تراجع هذا الكونسرتيوم عن عرضٍ مماثل كان قد قدمه إلى دولة قطر لنقل المياه إليها من إيران(7)، بسبب الشكوك الكثيرة التي حامت حول جدواه الاقتصادية من جهة، وكذلك لارتفاع تكاليف بناء الأنبوب المقترح مده إلى قطر من جهة ثانية(8).
2- عروض ومقترحات الشركات الاستشارية لتزويد الكويت بالمياه الإيرانية:
بعد إعلان الكويت موافقتها الرسمية على قيام إيران بتزويدها بالمياه، سارعت العديد من المؤسسات الاستشارية من القطاع الخاص وغيرها، إلى تقديم عروضها ومقترحاتها بشأن المشاركة في بناء هذا المشروع الذي يعد من أكبر مشاريع نقل المياه في العالم. وكان من أبرز هذه الشركات هي:
1- اتحاد الشركات الكويتية-البريطانية-الإيرانية (الكونسرتيوم الثلاثي):
وهو ائتلاف مشترك مؤلف من اتحاد ثلاث شركات استثمارية كبيرة قامت بتقديم مقترحاتها إلى الحكومة الكويتية بخصوص جلب المياه من إيران لمدة (30) عاماً، بعد أن استطاعت شركة (استثمارات الطاقة الإيرانية) إحدى شركات هذا الكونسرتيوم الحصول على الحقوق الحصرية لتصدير المياه العذبة إلى الكويت(9) .
في بداية الأمر قدمت الشركات الثلاث مقترحاً يهدف إلى ضخ مياه الشرب من إيران باتجاه جزيرة بوبيان(10)، لكن المسؤولين الفنيين ارتاؤا تعديل الاقتراح المذكور بأن يكون هنالك خط من الأنابيب يمتد من الأراضي الإيرانية عند سد كرخة(**) إلى الشاطئ الإيراني على الخليج العربي بطول (330) كم وقطر (74,2) م، بعدها يتم نقل هذه المياه عبر الخليج بواسطة خطين من الأنابيب يبلغ طول كل منهما (210) كم وبقطر (42,1) م لكلٍ منهما أيضاً(11).
2- مؤسسة الخليج (Gulf Utilities) :
وهي شركة بريطانية تتخذ من لندن مقراً رئيساً لها، استطاعت أن تعقد مع الحكومة الكويتية مفاوضات شبه رسمية أعلى في مستواها من تلك المباحثات التي جرت مع منافساتها من المؤسسات الأخرى. وفي أعقاب الانتهاء من هذه المحادثات أعلنت المؤسسة المذكورة في شباط / فبراير 2001 أنها على وشك التوقيع على عقدٍ مع الجانب الكويتي بشأن مد أنبوب بحري لجلب المياه من سد كرخة الواقع في إقليم الاحواز (عربستان) إلى الكويت(12).
ولم يكد يمضي عدة شهور على هذا الإعلان حتى عادت الشركة من جديد لتصرح في 18 حزيران / يونيو 2001، أن الكويت وإيران وافقتا على العرض الخاص بنقل المياه عن طريق أنبوب يبلغ طوله (550) كم ، يبدأ من سد كرخة الواقع في المناطق الغربية من الأراضي الإيرانية على امتداد (330) كم مروراً تحت مياه الخليج العربي لمسافة تبلغ (220) كم قبل بلوغه السواحل الكويتية متجنباً بذلك المرور في الأراضي العراقية !!(13) .
وتوقع المسؤولون في هذه الشركة أن يتم التوقيع على العقود التمهيدية الخاصة بالمشروع بين شركتهم وكل من إيران والكويت في غضون ستة أشهر من العام 2001 لكي يتم بعدها الاستعداد مباشرة بإنشاء الأنبوب المقترح الانتهاء منه بحلول عام 2005 (14).
من خلال ما تقدم، يتضح لنا وجود نوع من التنسيق والاتصال المباشر غير المعلن بين إيران والكويت حول إيجاد صيغة تفاهم مشتركة لإقامة مشروع المياه بينهما، الأمر الذي دفع بعض الشركات العالمية إلى الإسراع في الإعلان عن خططها ومقترحاتها الفنية بشأن إقامة هذا المشروع لغرض نقل المياه العذبة من إيران إلى الكويت. ولأجل تحقيق ذلك دخل عدد من هذه الشركات في مباحثات رسمية مع المفاوض الرسمي عن الحكومة الكويتية هي وزارة الكهرباء والماء (الطاقة)، قدم فيها كل طرف عدداً من الشروط والمقترحات التي رأى أنها تصب في صالحه. وفي الوقت الذي اتفقت فيه جميع الآراء على أن يكون سحب المياه من نهر الكارون قرب سد كرخة، لكنها اختلفت في مسألتين فنيتين الأولى تتعلق بطول وقطر الأنبوب المقترح مده إلى الكويت، والثانية تخص التكاليف المادية التي سيتم عن طريقها تمويل وبناء هذا المشروع الكبير.
3- نشوء وتطور فكرة المشروع:
على هامش الزيارة التي قام بها وزير النفط الكويتي سعود ناصر الصباح إلى إيران في 24 تموز/ يوليو 2000 ولقائه بنظيره الإيراني بيجان زامجان، تداول الجانبان في مواضيع أخرى بعيدة عن قضايا النفط والطاقة، تناولت مسألة احتياج الكويت لمياه الشرب. ففاتح الوزير الضيف نظيره الإيراني بشأن إمكانية قيام بلاده بمد الكويت بما تحتاجه من مياه عذبة على أمل أن يخفف ذلك من حجم المشكلة التي بدأت تتفاقم حدتها يوماً بعد أخر لا سيما في أوقات فصل الصيف الحار. فتم على هذا الأساس التوقيع على مذكرة تفاهم أولية في 25 تموز/ يوليو 2000 سميت بـ(اتفاقية المياه)، تناولت التمهيد لإجراء مفاوضاتٍ رسمية بين الجانبين الكويتي والإيراني لغرض إقامة مشروعٍ مائي مشترك بينهما(15).
وبالفعل عقد الطرفان محادثات ثنائية ناقشا فيها الخطوط العريضة لإنشاء هذا المشروع، أعلن بعدها وزير الكهرباء والماء الكويتي طلال مبارك العيار أن بلاده وافقت مبدئياً على مشروع استيراد مياه الشرب من إيران، بواسطة مد أنبوب بحري تقدر تكاليف إنشائه بنحو (5,2) مليار دولار. وأكد الوزير أيضاً انه تم اعتماد كافة الجوانب الفنية للمشروع، ولم يتبق سوى اعتماد الكلفة المالية التي تعتبر المحك الرئيس لتنفيذه بعد إجراء تقييمات شاملة لجدواه الاقتصادية(16).
وفي أثناء الزيارة التي قام بها وزير الخارجية ورئيس مجلس الوزراء الكويتي صباح الأحمد الصباح برفقة وزير الكهرباء والماء طلال مبارك العيار إلى إيران في 11-14 كانون الثاني/ يناير 2003، قام الأخير بالتوقيع على مذكرةٍ أخرى مع الجانب الإيراني لكي تكون مقدمةً لإعداد اتفاقية ثانية حول المشروع(17).
ولتنفيذ ما جاء في هذه المذكرة شكّل الطرفان لجنة مشتركة لدراسة الجوانب التفصيلية لمشروع المياه المرتقب تنفيذه، قرر بعدها البلدان تأليف كونسرتيوم ثلاثي مشترك تساهم فيه الكويت بنسبة (35%) وإيران (35%) وشركة بريطانية (30%). وقد صّرح المسؤولون الإيرانيون أن قيمة العقد والشركات التي سوف يتم اختيارها لتنفيذ المشروع ستحدد بعد الانتهاء من جميع الدراسات التي تقوم بها اللجنة المذكورة(18).
في أعقاب ذلك تكثّفت اللقاءات والزيارات الرسمية بين وفود البلدين ففسح هذا الانفتاح المجال امامهما لوضع النقاط على الحروف، تمثل ذلك باللقاء المهم الذي ترأسه الوكيل المساعد لشؤون التخطيط في وزارة الطاقة الكويتية يوسف الهاجري والوفد الإيراني بتاريخ 24 تشرين الثاني / نوفمبر 2003، ناقشا فيها مسودة الاتفاقية التي تخص مشروع تزويد الكويت بالمياه الإيرانية. أعلن بعدها الهاجري أن الجانبين قاما بمناقشة الأحرف الأولى للاتفاق الذي يقضي بإيصال المياه الصالحة للشرب من إيران إلى الكويت عبر مياه الخليج العربي، مضيفاً أن مسودة الاتفاقية سوف يجري عرضها على وزيريّ الطاقة في كلا البلدين في وقتٍ لاحق(19) .
وفيما يتعلق بأسباب التأخير في إنجاز مشروع المياه المشترك المزمع بين الدولتين، وحول إذا ما كانت هنالك عقبات أخرى تحول دون الإسراع في تنفيذه، أجاب الهاجري عن ذلك قائلاً: " مشروع المياه حيوي بالنسبة إلى الكويت وإيران ويصب في مصلحة البلدين.. لذا فهو بحاجة إلى دراسات اقتصادية مستفيضة وطرح مناقصات، وتحديد أسعار وغير ذلك من الأمور " (20).
بيد أن الحكومة الإيرانية حاولت في إحدى اجتماعاتها أن تناقش هذا المشروع داخل البرلمان (مجلس الشورى)، إلا آن بعض المصادر غير الرسمية أشارت إلى وجود ملاحظات سياسية أثارها بعض النواب حالت في النهاية دون الموافقة على التوقيع النهائي للاتفاق الخاص بالمشروع(21) .
المبحث الثاني
الجوانب الفنية للمشروع
أولاً- المواصفات الهندسية:
يعتبر مشروع إيصال المياه العذبة من إيران للكويت واحداً من أهم وأكبر مشاريع المياه الاستراتيجية التي يجري التخطيط لإنشائها في منطقة الخليج العربي. وتبرز هذه الأهمية في إمكانية توسيع نطاق الاستفادة من هذا المشروع ليشمل دولاً أخرى غير الكويت مثل قطر والمملكة العربية السعودية في حالة إذا ما نجح الجانبان الكويتي والإيراني في تحقيق أفضل النتائج والأهداف المتوخاة من وراء تنفيذهم لهذا المشروع في المستقبل.
يتألف مشروع تزويد الكويت بالمياه الإيرانية من شبكة واسعة من الأنابيب تمتد من شمال غربي إيران في منطقة الاحواز (عربستان) وبالتحديد من نهر الكارون عند سد كرخة، بعدها يواصل الأنبوب مروره باتجاه المدن الإيرانية مثل المحمرة وعبادان إلى أن يجتاز مياه الخليج العربي عن طريق مد أنبوب بحري يتجنب المرور في الأراضي العراقية وصولاً في نهاية المطاف إلى الكويت.
كما سيجري أيضاً إنشاء مجموعة أخرى من المشاريع الثانوية المكملة للمشروع الرئيس مثل محطات الضخ ومعامل التصفية لمعالجة المياه، وكذلك بناء مستودعات أخرى للخزن وغيرها من الوحدات الضرورية في كلٍ من إيران والكويت.
أما طول الأنبوب المقترح مده فقد تباينت التقديرات الهندسية بشأنه فتارة تذكر أن طوله (500) كم ومرة (520) كم وأخرى (550) كم . ولعل هذا الاختلاف يعود إلى طبيعة الدراسات الفنية المقدمة من قبل الشركات الاستثمارية التي أيدت استعدادها لإنشاء هذا المشروع .
على أية حال فان معظم الدراسات أجمعت على أن الطول الكلي للأنبوب المقترح مده من إيران للكويت يبلغ (520) كم، منها (320) كم على سطح الأرض (البر) و (200) كم تحت مياه البحر (الخليج العربي). والغرض من ذلك كما أسلفنا تفادي مرور الأنبوب في الأراضي العراقية(22). وبالنسبة لسحب المياه فانه سيكون من نهر الكارون عند سد كرخة شمال غربي إيران وهو أكبر السدود الترابية في الشرق الأوسط، بعدها يتم نقل المياه إلى منطقة التجميع وصولاً إلى محطة الزور الواقعة جنوب الكويت(23). تبلغ كمية المياه التي سوف ينقلها الأنبوب حوالي (200) مليون غالون أي ما يعادل (900) الف م3 من المياه يومياً(24).
ثانياً- مسألة التمويل:
تشير التقارير إلى أن مسألة تمويل المشروع سوف تقع مناصفةً على عاتق كلٍ من إيران والكويت والشركة المنفذة. أما تكاليف البناء والإنشاء فتقدر بحوالي (5,1-2) مليار دولار(25) وهو رقم شديد الاعتدال بالقياس إلى جدواه الاقتصادية.
ثالثاً- مدة تنفيذ المشروع:
نصّ البروتوكول الموقّع بين إيران والكويت في 13 كانون الأول / ديسمبر 2003 على ضرورة الانتهاء من بناء هذا المشروع وبقية ملاحقه الأخرى في غضون ثلاث سنوات كحدٍ أقصى بعدها يتم استثمار المشروع(26). وبالنسبة للفترة الزمنية التي سيتم إسالة المياه العذبة للكويت فقد حددها الاتفاق المذكور بـ(30) عاماً(27).
المبحث الثالث
المعارضة البرلمانية للمشروع
أثار مشروع جلب المياه من إيران جدلاً واسعاً بين الأوساط السياسية الكويتية تباينت فيها المواقف وردود الأفعال بين مؤيدٍ ومعارضٍ لهذه الخطوة التي عدت في نظر البعض بداية مشجعة نحو تحقيق انفراج حقيقي لحل مشكلة المياه في الكويت. فيما وقف البعض الأخر موقف المنتقد والمعارض لإقامة هذا المشروع لما ينطوي عليه من مخاطر سياسية واقتصادية ومالية لا يمكن تلافيها بأي شكلٍ من الإشكال .
يتمحور حديثنا في هذا المبحث عن موقف البرلمان في كل من الكويت (مجلس الأمة) وإيران (مجلس الشورى) من مشروع استيراد وتصدير مياه الشرب. وكيف انبرى بعض الأعضاء فيهما إلى الإعلان صراحةً عن رفضهم لهذه الفكرة جملةً وتفصيلاً، وانتقادهم الشديد لاتفاق البلدين على إقامته دون الرجوع إلى مواد الدستور واستشارة البرلمان في ذلك وهو ما سنأتي على توضيحه .
أولاً- موقف مجلس الأمة الكويتي:
في أوائل عام 2000 طرحت الحكومة الكويتية على جدول أعمالها مقترحاً يتناول إمكانية الاستفادة من المياه الإيرانية في سد احتياجات البلاد من الماء. فبدأ مجلس الوزراء بمناقشة هذه الفكرة ودراستها دراسة تفصيلية لاختيار لجنة فنية متخصصة توكل إليها مهمة الاتصال مع الجانب الإيراني للتنسيق بشان الموضوع. وبالفعل تهيأت الظروف الملائمة لمناقشة ذلك أثناء اللقاء الذي عقد بين وزيري الطاقة الإيراني والكويتي في طهران منتصف تموز / يوليو من العام نفسه، أسفرت عن التوقيع على اتفاقين مهمين الأول يختص بالنفط والثاني يتعلق بالمياه لكن الذي حصل أن البرلمان الكويتي تفاجأ بعد مرور فترة قصيرة بإعلان حكومته موافقتها المبدئية على مشروع تزويد الكويت بالمياه الإيرانية دون الرجوع إليه أو حتى استشارته مما اغضب ذلك بعض النواب فيه، فطالبوا الحكومة باستجواب وزيري النفط والطاقة (الكهرباء والماء) من أجل معرفة تفاصيل هذا الاتفاق وملابساته وكيف تطور حتى وصل فيه الأمر على هذا النحو؟.
وبالفعل استضاف مجلس الأمة وزيريّ النفط والكهرباء والماء حيث اتسمت جلسات الاستجواب والمناقشات التي دارت داخل أروقة المجلس بالصراحة التامة والحرية المطلقة في التعبير عن الرأي. كما عبرت الملاحظات التي تقدم بها بعض النواب ممن قاموا باستجواب الوزراء عن حرصهم الشديد تجاه عدم تأثر مصالح البلاد بهذا المشروع وهذا ما تبين من خلال الإيضاحات والايجابات التي طرحت من قبل الجانبين. وفيما يلي استعراض لأهم هذه الجلسات:-
1- جلسة مجلس الأمة المنعقدة في ( تموز / يوليو 2001):
ضيّف البرلمان في هذا الاجتماع كلاً من وزيريّ النفط والكهرباء والماء فوجه اليهما بعض النواب عدداً من الأسئلة والاستفسارات التي تخص عمل ونشاط وزارتيهما كان أبرزها السؤال الذي وجهه النائب مرزوق الحبيني الى وزير الكهرباء والماء، طالباً منه تزويده بصورٍ (نسخٍ) من الوثائق التي تتعلق بالمشروع وهذا نص الطلب:
" السؤال الثاني: تناولت الصحف المحلية خلال الأيام الماضية الموضوع التالي: إن مجلس الوزراء قرر تشكيل لجنة برئاسة وزير الكهرباء والماء ووزير الشؤون الاجتماعية والــعمل لمناقشة المستثمرين في مشروع جلب المياه من جمهورية إيران الإسلامية. ونظراً لأهمية هذا المشروع وحيويته على المدى القريب والبعيد من النواحي المالية والفنية والسياسية والأمنية وما يتطلبه من تكاليف مالية وحاجته إلى دراسات مستفيضة من الناحيتين السياسية والاقتصادية، ومدى تأثيره على المتطلبات المحلية للاستهلاك الحالي والمستقبلي لمياه الشرب ورغبة في معرفة جميع التفاصيل المتعلقة بهذا المشروع، يرجى تزويدنا بالوثائق التالية:
1- صورة من جميع الدراسات ومحاضر الاجتماعات التي تمت فيها منــاقشة هذا الأمر
بما في ذلك الاجتماعات التي تمت مع الطرف الإيراني، وصور من جميع المراسلات التي تبادلتها الوزارة مع جـميع الأطراف بما في ذلك الـعروض المقدمة في هذا الشأن .
2- بيان الجدوى الاقتصادية بما في ذلك مدة العقد وكمية المياه وتكلفتها لكل ألف غالون، ومقارنة ذلك بالمصادر الحالية للحصول على المياه الصالحة للشرب في دولة الكويت.
3- بيان الضمانات لاستمرار تدفق المياه من خلال هذا المشروع والآثار الاستراتيجية للاعتماد على هذا المورد كأحد المصادر لتوريد المياه لدولة الكويت، ومدى تأثير ذلك على البدائل الأخرى، ومدى تأثيره على الاستمرار في إنشاء محطات التحلية في المستقبل "(28).
لعل من أهم الملاحظات التي تستوجب أن نقف عندها قليلاً لتحليل ما ورد في الطلب المقدم من قبل النائب الكويتي للوزير هي:-
1- لم يكن أعضاء البرلمان (مجلس الأمة) على علمٍ ودراية كافيةٍ بالخطوة التي أقدمت عليها الحكومة الكويتية عندما طلبت من إيران تزويدها بالمياه العذبة، خصوصاً وان وزارة الكهرباء والماء خولت من جانب الحكومة للتفاوض مع الطرف الإيراني نيابة عنها دون الرجوع إلى البرلمان تمهيداً لإطلاعه والحصول على موافقته المبدئية بذلك.
2- عدم استشارة أعضاء البرلمان في المسائل الفنية والهندسية التي تخص جوانب المشروع مثل أطوال الأنابيب المقترح مدها إلى الكويت، وفترة العقد المبرم بين الدولتين والكميات المنوى تزويدها وعروض الشركات الاستشارية وغيرها من الأمور الأخرى التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالموضوع.
3- هنالك مسألة جوهرية أخرى على جانبٍ مهم من الحساسية والخطورة لطالما أدركها جميع النواب الكويتيين في دورات البرلمان السابقة وتتعلق بقضية الضمانات وعدم استغلال المياه للضغط على الكويت وابتزازها. فهاجس الخوف والشك ظل ملازماً للكويت تجاه أي مشروع يطرح على الساحة السياسية في البلاد، مما أدى في النهاية إلى فشل جميع المشاريع المائية المطروحة وتلاشيها كما تتلاشى الغيوم من الأفق.
2- جلسة مجلس الأمة المنعقدة في (كانون الثاني / يناير- شباط / فبراير 2002):
أثار بعض نواب البرلمان في هذه الجلسة الحامية عدداً من التساؤلات والاستفسارات المهمة، اتسم بعضها بالجرأة والصراحة عكست عمق الوعي الكبير الذي يتمتع به النواب الكويتيون عند مناقشتهم لبعض القضايا الحساسة ومنها على سبيل المثال ما دار بين النائب وليد الجري ونائب رئيس مجلس الوزراء- وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة محمد ضيف الله شرار، من حوارٍ ونقاشٍ مستفيض طرح فيها النائب الجري على المسؤول الحكومي بعضاً من الأسئلة أهمها:
1- على أي أساس تقوم اليوم قضية جلب المياه من إيران ؟ .
2- ما هي الشروط والمعايير التي توفرت لاختيار الشركة الأهلية المكلفة بجلب المياه من إيران ؟ .
3- هل صحيح أن هذه الشركة سوف تقوم ببيع المياه القادمة من إيران دون أن تتدخل الحكومة في ذلك ؟ .
وبعد أن انتهى عضو البرلمان من طرح استفساراته النيابية رد عليه المسؤول الضيف بكل حزم وقوة قائلاَ: "... أما المياه جلب المياه من إيران فهذه قضية وردت في برنامج عمل الحكومة وقلنا إحنا هذه أحد الموارد اللي مهمة فعلاً وإحنا ملتزمين بنصوص الدستور وحق المجلس وحق الإخوة النواب في هذا المجلس أن يوقفونا إذا تجاوزنا النصوص الدستورية هذا حق مطلق ونعترف لهم فيه وإذا رأوا أن هنالك خللاً في هذا الجانب إحنا معهم أن نصلح هذا الخلل فما إحنا متعمدين بان نتجاوز الدستور أو القوانين أو نضع يعني أمور مالها مبرر في هذا الجانب إحنا ملتزمين وهمنا فعلا يعني مصلحة البلد..." (29).
لكن الجريّ سرعان ما اعترض على هذه الإجابة معلقاً عليها بالقول: ".. يقوم نائب رئيس الوزراء يقول لي والله إحنا هذول بيجيبون شركة خاصة بتجيب مياه، لن نلزم في ما حنا ملتزمين في شراء هذه المياه..لا إنت ملتزم، إنت ملتزم بشراء هذه المياه بالنهاية. هذه المادة(70) من الدستور واضحة اللي تترتب عليها التزامات خارج الميزانية. هذه الاتفاقيات يجب أن تعرض في هذا المجلس، هذا الجانب الدستوري والقانوني لكن الجانب الفني والسياسي في هذا الأمر شلون، شلون إحنا نعطي ناس مجموعة تروح هناك وتجيب الماء ولا تقام قواعد المساواة والشفافية والعدالة ونقول بالنهاية تعالوا تصرفوا؟لا إحنا نقول لكم إياها بكل وضوح في هذا المجلس هذه القضايا، هذه القضايا لن تمر بهذه السهولة"(30) .
يتضح من خلال هذا النقاش أن الاتفاق الذي ابرم بين إيران والكويت حول مشروع بيع المياه العذبة كان ينبغي عرضه في البداية على برلمان البلاد قبل التوقيع عليه طبقاً لما ورد في نص المادة (70) من الدستور، غير أن هذا لم يحصل مما دفع بعض النواب إلى التعبير صراحة عن امتعاضهم الشديد لما حصل، مطالبين المسؤولين في الحكومة عدم تكرار ذلك في المستقبل والا فان الأمور لن تسير كما كانت تجري في السابق من يسر وسهولة.
ثانياً- موقف مجلس الشورى الإسلامي الإيراني:
عارض العديد من النواب الإيرانيين في هذا البرلمان مشروع بلادهم لتزويد الكويت بالمياه، ووقف أغلبهم موقف الند بالند تجاه إصرار حكومتهم على تنفيذ مشروعها ومحاولة التصديق عليه.
كان من أشد المعارضين لهذا المشروع داخل مجلس الشورى الإيراني هم النواب العرب الممثلين لمنطقة الأحواز (خوزستان) ومنهم النائب العربي ناصر السوداني الذي رأى أن أي مشروع يقام لنقل المياه في هذا الإقليم لابد أن يحتاج إلى دراسات مستفيضة مبنية على أساس الواقع ، تستطيع أن تلبي الاحتياجات الضرورية لسكانه وبقية المتطلبات الحياتية الأخرى(31) .
وطالب السوداني أيضاً الجهات الحكومية بأن تقوم بإعداد المزيد من الدراسات الفنية حول استثمار المياه الجارية في هذا الإقليم على المستوى المحلي لكي يتم التفكير بعدها بنقل الفائض منها إلى بقية أقاليم البلاد أو تصديرها إلى الدول المجاورة القريبة من إيران كالكويت مثلاً بدلاً من أن تذهب إلى الخليج العربي هباءً دون أن يحاول أحد الانتفاع منها(32).
ويعّلل السوداني سبب معارضته لمشروع تصدير المياه الإيرانية وتسويقها إلى الجارة الكويت بقوله إن في إقليم الاحواز مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية التي تفتقر إلى مياه الريّ، وان الأهالي فيها يخشون أن تتحول أراضيهم الخـصبة إلى صحراء قاحلة وأرض بائرة(33) .
ويضيف هذا النائب انه لا يرفض نقل الماء إلى الكويت أو حتى جلبها إلى أبناء وطنه في إقليمي كرمان ويزد لأنه يرى أن الكويتيين هم امتداد لأهله وتربطهم علاقات وطيدة قائمة على أسس دينية وتاريخية ويهمه كثيراً أن تساهم بلاده في رفع معاناتهم وتلبية احتياجاتهم منها، فهذا الأمر يساهم في تعزيز وتعميق العلاقات بين الشعبين الجارين. ولكن هنالك في نفس الوقت نسبة مرتفعة جداً من البطالة تنتشر في إقليم الاحواز فإذا ما تم استثمار الأراضي الزراعية عبر توفير مياه الري لها فسيصبح بالامكان امتصاص حالة البطالة فيها وإحياء أراضي أخرى تساهم في دعم الاقتصاد الوطني للبلاد(34).
لم ينحصر نطاق المعارضة الرسمية ضد المشروع على بعض نواب البرلمان الإيراني فقط بل تعداه ليشمل أيضاً طبقة الأكاديميين وأساتذة الجامعات الإيرانية. فقد رفع نحو (115) أكاديمياً إيرانياً من أساتذة جامعة الشهيد جمران في مدينة الاحواز، رسالةً إلى البرلمان الإيراني طالبوا فيها عدم المصادقة على الاتفاقية الخاصة بتصدير المياه من جنوب إيران إلى الكويت بحجة أن المشروع سيضر بالاقتصاد الإيراني وبالـحالة الأمنية في محافظة خوزستان(35) . وتجدر الإشارة إلى أن بعض الصحف الكويتية كانت قد نشرت في وقت سابق بعض المقتطفات المهمة مما جاء في هذه الرسالة، أجملت فيها وجهة النظر الشخصية التي يراها هؤلاء الأكاديميون تجاه المشروع نذكر منها:
1- يحتاج هذا المشروع أولاً إلى إنشاء مراكز عملاقة والى شبكة أنابيب طويلة تقام على اليابسة وتحت البحر وهذه بمجموعها تتطلب توفير راس مالٍ كبيرٍ جداً.
2- بما أن التسويق سيكون لجهةٍ واحدةٍ فقط فان المشروع سيصبح هشاً، وستواجه البلاد في المستقبل مشاكل حقيقية، وفي المحصلة النهائية ستكون هنالك علامات استفهام كثيرة تتعلق بمدى الحصول على إيراداتٍ مالية مستقرة وفق تقدير الموقعين على هذه الرسالة(36).
في ضوء ما تقدم، يتضح لنا وجود قلقٍ إيراني كبير يتعدى درجة الخوف على اقتصاد البلاد، يتخذ أبعاداً أمنية واستراتيجية تعكس بمجملها طبيعة النظرة الإيرانية تجاه السواحل الجنوبية للخليج العربي حسب ما يراه هؤلاء الأكاديميون، إذ أن حجم المياه التي يراد تسويقها هي أكبر بكثير من حاجة الشعب الكويتي، ومن هنا سوف تأخذ هذه المياه طريقها إلى تطوير الإنتاج الصناعي وغيره من المشاريع المهمة التي ستجعل من الكويت منافساً حقيقياً لإيران وهذا ما يفضي إلى أن تتعرض بعض القضايا في البلاد لتحديات مصيرية شتى(37).
إذن فهذه الأسباب جميعها دفعت الكويت في النهاية إلى إيقاف مفاوضاتها مع إيران بشأن جلب المياه إليها عن طريق نهر الكارون، حيث أعلنت بعض الجهات الحكومية المختصة في 9 تموز / يوليو 2006 أن المباحثات الخاصة بتنفيذ المشروع تم إيقافها بسبب الظروف السياسية التي تعيشها المنطقة حالياً خصوصاً فيما يتعلق بأوضاع العراق والملف النووي الإيراني، فضلاً عن ضخامة المشروع ودخول عدد من الشركات العالمية كطرفٍ مساهم فيه(38).
وبحسب هذه المصادر فان مجلس الوزراء الكويتي قرر صرف النظر نهائياً عن إقامة هذا المشروع الذي لم يعد ذا أولوية كبيرة للبلاد كما كان في السابق إذ أصبح التركيز الان منصباً على تنفيذ المشاريع الكبرى الخاصة بزيادة إنتاج المياه المحلاة لكل من محطات الزور الشمالية والشعيبة والصبية، وان العمل جاري لتوسيع المحطات الحالية من أجل زيادة المقطرات والمصافي(39).
وبموزاة ذلك تباين الموقف الإيراني من مسألة إلغاء تنفيذ مشروع المياه مع الكويت، ففي البداية أعلنت وزارة الطاقة الإيرانية انه تم صرف النظر عن الاتفاق الثنائي الخاص ببيع المياه للكويت بسبب عدم تنفيذ المشروع في الوقت المحدد. وذكر مساعد وزير الطاقة رضا اردكانيان: " أن مذكرة التفاهم الخاصة ببيع المياه والموقعة من قبل الوزيرين الإيراني والكويتي ألغيت بشكل تلقائي، وذلك بسبب عدم تنفيذ كافة التشريعات القانونية اللازمة في الفترة المتوقعة في مذكرة التفاهم "(40).
وأوضح الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية حميد رضا اصفي في معرض رده على سؤالٍ لصحيفة الرأي العام الكويتية في شأن الأسباب التي دعت إيران إلى اعتبار هذه الاتفاقية ملغاة في بداية الأمر أجاب: " لقد وقعنا مع الكويتيين على مذكرة تفاهم لتصدير المياه إلى الكويت، وقد حددت فترة زمنية لهذه الاتفاقية، وهذه الفترة انتهت أخيراً، ربما أن الاتفاقية كانت مبرمة بين الحكومتين فانه كان من المقرر أن يصادق عليها حتى يتسنى بعد ذلك لبرلماننا المصادقة عليها "(41).
الخـاتـــمة
لم يكد يمضي عدة سنوات على توقيع البروتوكول الخاص باتفاقية المياه أواخر عام 2003 حتى أعلنت الكويت رسمياً إلغائها وإيقاف العمل بها من جانبٍ واحد. ويمكن توضيح أهم النتائج التي توصل إليها البحث في هذا المجال بالاتي:
1- شعور الكويت بان أمنها الوطني سيصبح في المستقبل بيد إيران، فالمياه التي ستباع إليها سوف تجري عبر أنابيب لها مفاتيح ومغاليق يشرف عليها الإيرانيون بأنفسهم وليس كما يتوقعه بعض الكويتيين من أن الماء المباع إليهم سينساب عبر مجاري طبيعية تمر نحو اتجاهات عديدة لتصب في النهاية داخل مصبات جغرافية طبيعية أخرى.
2- أفرزت الانتقادات الكثيرة والمعارضة الرسمية التي أثيرت من قبل الأوساط السياسية في إيران والكويت، نتائج خطيرة على مستقبل إقامة المشروع لدرجة أن البعض شكّك في مدى خروج الطرفين بنتائج ايجابية تحقق اهدافهما الطموحة التي طالما تطلعا إلى تحقيقها معاً. فقد عارض كل من مجلسيّ الأمة الكويتي والشورى الإيراني مشروع التصديق على اتفاقية استيراد المياه العذبة، ووقف بعض نوابهما موقف المتصدي والرافض لتنفيذ هذا المشروع لما ينطوي عليه من مخاطر وأثارً عديدة تمس بشكلً مباشر اقتصاد وأمن البلدين.
3- تزايد الضغط العربي من جانب بعض الدول الكبرى في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية التي ازدادت مخاوفها من تنامي التدخل الإيراني في الشؤون الخليجية لكونها تعتبر نفسها وصيةً أو وليةً على المنطقة.
4- تزايد الضغط الدولي على الكويت وبالتحديد من قبل الولايـات المتحدة الأمريكية التي رأت في إيران دولة معادية لها ولمصالحها القومية خصوصاً في منطقة الخليج العربي .
إزاء هذه الضغوط الكبيرة أعلنت الحكومة الكويتية في النهاية تغاظيها عن قبول مشروع المياه الإيراني بعدما وجدت أن إيران تعاني من عجزٍ ونقصٍ كبير في المياه، وان تصديرها سوف يعمل من دون شك على توسيع الهوة بصورة متزايدة وخصوصاً في الأقسام الجنوبية منها. إضافة إلى رغبة بعض السكان الإيرانيين في الوسط استغلال تلك المياه والاستفادة منها لكونها تعتبر من اشد المناطق الصحراوية جفافاً في البلاد.
هوامش ومصادر البحث
(*) ينبع من جبال البختيارية وهو من أكبر الأنهار الجارية في إيران وقد كّون سهل الاحواز بسبب ترسباته الكثيرة. تقع منابعه في جبل زنك عند مدينة شوشتر وينقسم إلى فرعين صالحين للملاحة، وبالقرب من سابلة يتفرع النهر إلى ثلاثة فروع لتصب في الخليج العربي هي الشط القديم، وشط العمياء، ونهر بهمشير. للإطلاع، ينظر: محسن عبد الصاحب المظفر، " مشكلات الموارد المائية في إيران- دراسة جغرافية"، مجلة الجمعية العراقية (بغداد)، العدد 23، تموز 1989، ص 37.
(1) إسلام اون لاين.نت، " الكويت وإيران مختلفتان حول أسعار المياه" منشور في 22 تموز / يوليو 2000 على الموقع:
www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/-uon-2000/qpoliticle.
(2) صحيفة الرأي العام الكويتية، " هل تشرب الكويت من إيران ؟"، منشور في 14 تموز / يوليو 2000 على الموقع:
www.alraiaalaam.com/2000-07-14/frontpage.htm.
(3) المصدر نفسه.
(4) فيلكا أو افيلجا تسمية يونانية تعني الجزيرة، وقيل أنها تسمية من فيلكس بمعنى السعيدة. تبعد عن العاصمة الكويتية مسافة (32) كم. لمزيد من التفاصيل عن هذه الجزيرة، ينظر: حمد محمود السعيدان، الموسوعة الكويتية المختصرة، الجزء الثالث، الطبعة الثانية، (الكويت، وكالة المطبوعات، 1981)، ص 1155.
(5) إسلام أون لاين. نت، " الكويت تستورد مياه الشرب من إيران"، منشور في 16 حزيران / يونيو 2000 على الموقع:
www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/alhadath/2000-jul-16/alhadath9.ash.;
صحيفة الرأي العام الكويتية، " هل تشرب الكويت من إيران ؟"، المصدر السابق.
(6) إسلام اون لاين.نت، " الكويت وإيران مختلفتان حول أسعار المياه"، المصدر السابق.
(7) إسلام أون لاين. نت، " المياه تقوي علاقات طهران والكويت"، منشور في 15 أيار / مايو 2001 على الموقع:
www.islamonline.net/arabic/2001-05-16/article12.shtml.
(8) صحيفة الرأي العام الكويتية، " هل تشرب الكويت من إيران ؟"، المصدر السابق.
(9) صحيفة الطليعة الكويتية ، " بخط أنابيب طوله 450 كيلومتر وتكلفة 564 مليون دينار- تكلفة المياه الإيرانية على المستهلك" أغلى من بيع السوق" "، العدد 1512 في 26 كانون الثاني / يناير – 1 شباط / فبراير 2002، منشور على الموقع:
http;//local.taleea.com/archive/newsdetalis.php?id=2724&issueno=1512.
(10) قناة الجزيرة الفضائية، أرشيف الأخبار، " ضمن مشروع بكلفة 5,2 مليار دولار: الكويت توافق مبدئياً على شراء مياه من إيران"، منشور في 21 نيسان / ابريل 2001 على الموقع الخاص بالقناة:
www.aljazeera.net/news/archive/arshive/?archeld=7066.
(**) يتكّون هذا المشروع من سدة تقع على نهر الكرخة بطول (192) م وبارتفاع (5,4) م وله عشرة أبواب تتحكم بالمياه . وقد تم حفر قناتين في مقدمة هذا السد الأولى تقع على الجانب الأيمن ويبلغ سعتها (43,12) م3 / ثا، والثانية على الجـانب الأيسر وتبـلغ سعتها (40) م3 / ثا. لمزيد من التفاصيل عن هذا السد ، ينظر:
كنعان منصور خليل، السدود التخزينية ووسائل حمايتها ودورها في تحقيق الأمن المائي الوطني، جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا (الملغاة)، كلية الدفاع الوطني، بغداد، 1990، ص 95.
(11) صحيفة الطليعة الكويتية، " بخط أنابيب طوله 450 كيلومتر وتكلفة 564 مليون دينار- تكلفة المياه الإيرانية على المستهلك" أغلى من بيع السوق" "، المصدر السابق.
(12) قناة الجزيرة الفضائية، أرشيف الأخبار، " ضمن مشروع بكلفة 5,2 مليار دولار: الكويت توافق مبدئياً على شراء مياه من إيران"، المصدر السابق.
(13) صحيفة الثورة العراقية، " مياه إيرانية في مجاري كويتية !! " العدد 10328 في 26 تموز / يوليو 2001؛ قناة الجزيرة الفضائية، الاقتصاد والأعمال،" الجفاف يتهدد مشروع تزويد الكويت بمياه من إيران"، منشور في 20 حزيران / يونيو 2001 على الموقع:
www.aljazeera.net/econmics/2001/6/6-20-8.htm.
(14) المصدر نفسه.
(15) إسلام أون لاين. نت، " المياه تقوي علاقات طهران والكويت"، المصدر السابق.
(16) قناة الجزيرة الفضائية، أرشيف الأخبار، " ضمن مشروع بكلفة 5,2 مليار دولار: الكويت توافق مبدئياً على شراء مياه من إيران"، المصدر السابق.
(17) صحيفة الشرق الأوسط، " اتفاق لنقل المياه الإيرانية عبر الأنابيب للكويت لتفادي الأراضي العراقية"، العدد 9147 في كانون الأول / ديسمبر 2003 منشور على الموقع:
www.asharqalawsat.com/detalis.asp?section=6&issue=9147&article=207585.
(18) صحيفة بابل العراقية، " الكويت تريد شراء مياه من إيران"، العدد 3535 في 20 كانون الثاني/ يناير 2003.
(19) صحيفة الوطن الكويتية، " اللجان الفنية الكويتية الإيرانية بحثت اتفاقية التزود بالمياه"، منشور في 24 تشرين الثاني / نوفمبر 2003 على الموقع:
www.alwatan.com.kw/default.aspx?page=2&topic=209870.
(20) المصدر نفسه.
(21) صحيفة الوطن الكويتية، اقتصاد: " يعتبر الأول من نوعه في المنطقة: إيران تستعد لتوقيع اتفاق لتزويد الكويت بالمياه العذبة "، في 12 كانون الأول / ديسمبر 2003 منشور على الموقع:
www.alwatan.com./graphics/2003/112dec/12/dailyhtml/economy.html.
(22) صحيفة صوت الشعب الالكترونية، " العلاقات الإيرانية- الخليجية "، الحلقة الثالثة، منشور في 16 شباط / فبراير 2005 على الموقع:
www.Sootelshab.blogspot.com/2005-02-01-sootelshab-archive.html-976k.
(23) صحيفة الرأي العام الكويتية، " النائب " العربي" الإيراني: نعارض مشروع المياه للكويت ليس رفضاً لتلبية حاجتها بل لمعاناتنا شحاً "، منشور في تشرين الثاني / نوفمبر 2004 على الموقع:
www.alraialaam.com/30-11-2004/ie5/fronpage.htm.
(24) وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، " الكويت وإيران توقعان بروتوكولاً لنقل 900 ألف متر مكعب من المياه يومياً "، منشور على الموقع:
www.kuna.net.kw/sory.asp?dsno=582477.
(25) صحيفة الرأي العام الكويتية، " النائب " العربي" الإيراني: نعارض مشروع المياه للكويت ليس رفضاً لتلبية حاجتها بل لمعاناتنا شحاً "، المصدر السابق.
(26) صحيفة الشرق الأوسط، " اتفاق لنقل المياه الإيرانية عبر الأنابيب للكويت لتفادي الأراضي العراقية"، المصدر السابق.
(27) صحيفة الوطن الكويتية، " اللجان الفنية الكويتية الإيرانية بحثت اتفاقية التزود بالمياه"، المصدر السابق.
(28) صحيفة الطليعة الكويتية، " الحبيني يستفسر عن مشروع جلب المياه من إيران"، العدد 1486 في 21 تموز / يوليو 2001 منشور على الموقع:
www.taleea.com/arhive/newsdetails.php?id=7475&issueno=1486.
(29) للإطلاع على ما جاء في هذه الجلسة من مناقشات وأراء، ينظر الموقع الخاص بمجلس الأمة الكويتي المنشور على صفحات شبكة المعلومات الدولية (الانترنت):
www.alommah.gov.kw/meeting/indexcontent.asp?filename=1082a3.x&line=80&size=232.
(30) المصدر نفسه.
(31) صحيفة الرأي العام الكويتية، " النائب " العربي" الإيراني: نعارض مشروع المياه للكويت ليس رفضاً لتلبية حاجتها بل لمعاناتنا شحاً "، المصدر السابق.
(32) المصدر نفسه.
(33) المصدر نفسه.
(34) المصدر نفسه.
(35) قدس برس، " أكاديميون إيرانيون يبدون قلقهم من صفقة لتصدير مياه " الاحواز" للكويت"، منشور ي 26 حزيران / يونيو 2005 على الموقع:
www.gudspress.com/data/aspx/d23/8393.aspx.
(36) المصدر نفسه.
(37) يرى هؤلاء الأكاديميون أن حاجة الكويت الفعلية من مياه الشرب مقارنةً بحجم سكانها الحالي يفترض أن لا يتجاوز (55) مليون م3 من المياه، في حين نصت إحدى بنود الاتفاقية المعقودة تزويد الكويت بحوالي (200) مليون م3 من المياه، وهذا بالطبع يزيد أضعافاً مضاعفة على احتياجاتها الاعتيادية مما سيترك بلا شك أثاراً سلبية على الاقتصاد الإيراني الذي سيشهد منافسة قوية من جانب الكويت، ينظر بخصوص ذلك في: المصدر نفسه.
(38) صحيفة القبس الكويتية، " وقف مشروع جلب المياه من إيران"، العدد 11889 منشور في 9 تموز / يوليو 2006 على الموقع:
www.alqabas.com.kw/final/newspaperwebsite/newspaperpublic/articlepage.aspx?articleid=184214.
(39) المصدر نفسه.
(40) البينة: الموسوعة السنية في الشيعة ألاثني عشرية: " إيران تلغي اتفاق بيع المياه إلى الكويت"، منشور في 14 كانون الثاني / يناير 2005 على الموقع:
www.albainah.net/index.asp?fucion&id=itm8id.
(41) المصدر نفسه .
ايران ومشروع تزويد الكويت بمياه نهر الكارون بقلم:د. ريان ذنون العباسي
تاريخ النشر : 2007-06-27