وسلامي لكم !! بقلم: امل
تاريخ النشر : 2007-06-17
أنا يا أخي..آمنت بالشعب المضيع والمكبل..وحملت رشاشي لتحمل من بعدنا الأجيال منجل..وجعلت من جرحي والدماء للسهل والوديان جدول..دين عليك دماءنا والدين حق لا يؤجل..أين أخي.ومن أضاعه؟وكيف ضاع ؟

قد يصدأ الفكر أحيانا..فنشعر أننا نعجز عن فهم ما يدور حولنا .. وتصبح صغائر الأمور معضلات وطلاسم يصعب فك رموزها ..ولكن ان يدوم ذلك العجز فهذا ما يصعب على النفس تقبله.. انما هل لنا ان نسال ما اذا كان صدأ الفكر يتسرب الى القلب والروح فيصدأ الجسد برمته ؟؟

في هذه الأوقات ..أرى الجميع وقد جرفهم تيار لبركان حقد تفجر على حين غرة .ويبدو انه كان راكنا ولكنه ثار فجأة وبدون سابق انذار فجرف في طريقه كل ما اعتقدنا انه ثابت وراسخ وضارب جذوره في قلب الارض ورورحها ..ولكن يبدو اننا توهمنا وكبر الوهم في فكرنا الى ان تراكم طبقات فيه فاصدأه .. توهمنا بان الهم الذي يجمعنا والقلب الذي ينبض في صدورنا هما واحد .. واننا مهما اخنلفنا فان بوصلة إبحارنا نحو بر الأمان لن تفرقنا..لم نتخيل وللاسف ان سوط العدو الذي جلدنا يوما وبدل ان نحرقه في جهنم غضبنا اصبحنا نجلد اجساد بعضنا تلك التي لم يعد فيها متسع ولا طاقة للاحتمال.. لم نتخيل انه سيأتي يوم ويقتل الاخوة الاخ الصغير الذي استأمنهم عليه اكبر اخوتهم قبل ان يتعلق في مشنقة الاحرار حينما تقدم ولكيلا يشرب حسرة البقية ففضل ان يسبقهم بالموت ووصى يوسف على امه واخته ووصاهم على يوسف فاذا بهم يقتلوه..لم نكن نتخيل وتحت أي مسمى اننا سنستمريء صلب ارواحنا ونستعذب جلد ذاتنا ونشعر في النهاية اننا ابطال !! من قال انك ان قتلت اخاك تكون قد انتصرت؟؟ من قال أنك ان علوت توابيت الاحبة من اخوتك الذين رسموا معك ماضيك ومستقبلك وقاسموك مرارة الواقع المهين تكون قد انتصرت؟؟من قال أنك ان لبست ثوبا مطرزا بدماء اخوتك تكون قد انتصرت؟؟من قال ان النصر هكذا ؟؟!!! ستبقى الدماء تلاحق اصحابها وسيبقى المخيم يسأل من جاءوا ليلقوا التحية من غير اخوتهم عن بقية الاخوة؟؟اين ضاعوا ومن اضاع من؟؟ فاذا كان الانسان بطبعه ناكر للجميل فكلي ثقة بان المكان يعرف أهله جيدا وستبقى مآذن المساجد تنادي على الذين لم يعودوا ولم تأمهم صفوف الصلاة..ستسأل الشمس عنهم حينما تأتي لتطبع القبلة الاولى على وجه المخيم فلا تجدهم.. وستصل دمائهم الى المخيم تشكوا من ظلم الاخوة الذين استذأبوا يوما فاكلوا لحمهم..حينها من يستطيع ان يرفع عينه في وجه المخيم؟؟ والحقيقة قد تتوه احيانا ولكن وحده الايمان العميق والصادق الذي يسند جدران الروح ويدعمها ويفكك تلك الطبقات المتراكمة فوق الذهن فيمسح ضبابا أعيا الفكر وارهقه..وحده الايمان من سيدل المخيم والشمس والمآذن على تلك الحقيقة.. ولكن من اين ناتي بالايمان العميق في هذه الظروف القاسيية والصعبة والمهينة للنفس وللكرامة وللعهد الذي خطه ابناء الوطن سويا حينما كانوا سويا بدمائهم في ازقة المخيمات التي كانوا يعرفونها جيدا ولكنهم الان تنكروا لها فاصبحت ترزح تحت اعباء دمائهم المسفوكة بايديهم.. كيف يمكن ان تطوي المحبة شراعها من بيننا وترحل غير ملتفتة الينا وكانها يأست من قلوبنا ان يعمرها الحب مرة اخرى.. متى سنفهم اننا نفقأ اعييننا بايدينا وندميها فلا نبصر بنور الحقيقة ما يدبر في الظلام وما يحاك ضدنا ؟؟متى سندرك اننا نجرح كرامتنا في العمق..وفي الصميم وان جرح الكرامة لا يندمل ابدا.. متى سنعرف اننا نصلب اجسادنا ونجلد ارواحنا امام ناظرنا وللحمق نعتقد اننا نحقق نصرا ولكن هل ينتصر الانسان على ذاته؟؟ هل اذا هدم الانسان ذاته معنى ان يكون ؟؟ كيف يمكن ان يكون؟؟ متى وكيف ويبقى السؤال سؤالا.. ويبقى بدون جواب وكأنه قدر علينا ان نسأل اسئلة لا جواب لها..

كم اخاف على شعبي ان يبتعدوا كثيرا عن قلوبهم.. واخاف ان يألفوا القسوة فتردم الغربة بين قلوبهم جسر المحبة ويستوطن الحقد افئدتهم.. اخاف على شعبي انهم ارتضوا بالحفر بعد ان كان صعود الجبال اسمى امانيهم..حتى الحفر تنازعوا عليها رغم ضيقها وعتمتها.. اخاف انهم قنعوا بقطاع غزة وما هو الا قطعة من وطن مضغها الاحتلال فابلاها وحينما لم يستطع هضمها وابتلاعها لفظها نحوهم فانشغلوا بها..ونسوا ان هناك وطن كبير ينتظر التحرير قبل ان يصبح مضغة ملفوظة.. نسوا أو تناسوا ان هناك مسجد اقصى لن يقبل بهم فرادى ان لم يكونوا مجتمعين ولن تأمهم ساحاته الواسعة وفي قلب أحدهم كرها لأحد فكيف اذا ما سبقتهم اليه رائحة دماءهم المسفوكة قبل ان يصلوا هم الى ساحاته؟؟لم يعد في القلب متسع لاي شيء..كم على الاقصى ان ينتظر والى متى سيطول انتظار الوطن؟؟ وتصمت الروح في لحظة سكون علّها تهتدي الى اجابة..فتناجي الروح في صمتها صور الماضي الذي يبقى ورغم الآمه يحتضن حقبة مجيدة رسمت خطوط العزة والكرامة حينما كان الجرح واحدا ينبض من اجله قلب واحد فيصبح الالم واحدا..تعبر صور مؤلمة للنكبة وللنكسة وكأن تاريخنا لم يعد يتسع الا لتلك الصور!! لذلك سألت في البداية ان كان صدأ الفكر يتسرب الى الروح والقلب معا ويبدو لي أن الاجابة نعم..لاننا ونحن الان في قمة عجزنا الفكري عن استيعاب الذي يجري على ارض غزة الحبيبة نجد ان القلب والروح لا يستذكر الا الصور الحزينة والمؤلمة لجرحنا ولنزف الروح في روحنا حينما كان نزيفها يعني تكاتف الابناء لضمد الجرح ووقف نزيفه.. وفي صمت الروح اناجي الذين كان يجتمعون تحت راية الدم النازف ولم يكن يشغلهم الا كيف نوقف هذا الجرح الذي تآكلت الروح من استمرار تدفق الدم المنبعث منه واقول سلامي لهم … اناجي الذين كانو ينادون بصوت واحد "صباح الخير يا وطنا يسير بمجده العالي الى الاعلى واقول سلامي لهم.. انادي الذين كانوا يلقون التحية مجتمعين على جبهة الوطن ووجه المخيم..هناك حيث كانت الشمس تطبع قبلتها الاولى واقول سلامي لهم .. سلامي وسلام غزة لكل الذين رحلوا ورحلت صورهم.. قد تصمت روح غزة اما الما واما غضبا..واعتقد انها تجاوزت مرحلة الالم الذي استوطن روحها فهرمت وخار عزمها قلب فترة ولكن ولأنها غزة. وفقط لأنها غزة.. اعتقد انها ستثور يوما على الذين جرحوا الكرامة والمعنى في قلبها وصفعوا وجهها الكريم حينما غرسوا رشاش اخي في قلبه وهو كان يحمله لكي أحمل من بعده منجل..ستثور على الذي أسال دم اخي جدولا لا ليروي الوادي والسهل بل لانه لم يعد يجمعهما عهد ودين لا يؤجل..

أناديكم اخوتي واقول سلامي لكم افيقو قبل ان تكب غزة نار غضبها عليكم ..غزة ما زالت تهديكم السلام و تستصرخكم تقول لكم كونوا على حذر من الكريم اذا اهنتموه وانا كريمة وقد اهنتموني..ولكني لست ادري الى متى سأستطيع القول "سلامي لكم"