" التأريخ الشفوي عند الشيخ عثمان الطباع في كتابه " أتحاف الأعزة في تاريخ غزة " 1-4مج بحث وتحقيق : عبد اللطيف زكي أبو هاشم
تاريخ النشر : 2007-06-11



التأريخ الشفوي لدي الشيخ عثمان مصطفى الطباع (1300-1370هـ )

(1885-1950م )

في كتابه إتحاف الأعزة في تاريخ غزة (1-4) مج

بحث مقدم لمؤتمر التاريخ الشفوي المنعقد في جامعة القدس المفتوحة في الفترة ( 2-4يوليو 2007م ) بعنوان : " دور التاريخ الشفوي في الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية

بحث وتحقيق : عبد اللطيف زكي أبو هاشم

مديردائرة المكتبات = وزارة الأوقاف


نبذة عن الكتاب ومؤلفه : كتاب "إتحاف الأعِزَّة في تاريخ غزة" يُعَدُّ المصدر الأهم - إن لم يكن الوحيد – في تاريخ هذه مدينة غزة وجنوب فلسطين وقُراها.

ويشتمل الكتاب على عرض لتاريخ المدينة منذ العصور القديمة، حتى أواخر العهد العثماني، ثم بدايات عهد الانتداب البريطاني في فلسطين.

ويتكون الكتاب من أربعة مجلدات: الأول منها يتناول تاريخ غزة منذ العصور القديمة حتى بداية العهد المملوكي، والثاني يتحدث عن تاريخ المدينة منذ بداية العهد المملوكي حتى أواخر العهد العثماني وبداية الانتداب البريطاني على فلسطين.

أما المجلد الثالث فخُصِّص للعائلات والأنساب، ويشمل جميع أسماء العائلات الغَزِّيَّة التي تمتد جذورها إلى أعماق التاريخ مبينًا كُنْه ونشأة هذه العائلات، ومدى ارتباط أسمائها بالواقع التاريخي والحضاري.

وقد رتَّب المؤلف أسماء تلك العائلات حسب حروف الهجاء؛ حتى تسهل عليه عملية المراجعة.

وقد تناول في هذا الجزء أشهر وأعرق العائلات هذه المدينة في القديم والحديث على حد سواء، معتمدًا في ذلك على الوثائق والحِجج الشرعية، والوقْفِيَّات وأوراق العائلات ودُورِها وأنسابها، وعَرَض مخططات لشجرات العائلات موضحًا تسلسل الأنساب فيها.

بينما يتضمن المجلد الرابع تراجم للأعيان الذين أنجبتهم مدينة غزة؛ حيث بلغ عددهم مائتين وأربع عشرة ترجمة.

وقد بدأ بترجمة السيد هاشم بن عبدمناف - جد النبي صلى الله عليه وسلم - ثم الإمام محمد بن إدريس الشافعي، ثم عَرَّج على شاعرها الكبير أبي إسحق الغَزِّيّ، ثم العبقري الصوفي ابن زقاعة الغَزِّيّ، ثم أورد مشاهير هذه المدينة على امتداد تاريخها، وعلى اختلاف توجهاتهم من علماء، وفقهاء وأدباء، وشعراء وقادة، وساسة وأطباء، وملوك ورؤساء، فمن بني التمرتاشي إلى ابن النخالة، إلى آل الريس، وآل رضوان وعرفات القدوة، وآل مكي وبني الشوا حتى انتهى بترجمة حمدي الحسيني..

ويعتبر الكتاب "إتحاف الأعزة في تاريخ غزة" مرجعًا مهماً لأي باحث أو قارئ أو طالب علم، وهو من أهم مصادر تاريخ جنوب فلسطين، فقد استقى مؤلفه من جميع المصادر، وما استطاع الوصول إليه من كتب ومخططات، ووثائق وحُجج شرعية وصكوك ونقوش ورقوم، فضلاً عن البحث الميداني الجاد.



ترجمة مؤلف الكتاب

مؤلف الكتاب هو مؤرخ مدينة غزة الشيخ "عثمان مصطفى الطَّباع الغَزِّيّ" الذي وُلِدَ عام 1300هـ، 1882م وتُوفِّي عام 1370هـ، 1950م .

*مولده و نشأته :

ولد عثمان أبو المحاسن بن السيد مصطفى حامد الطباع في غزة هاشم (بفلسطين) سنة (1300هـ) الموافق لسنة (1882م)، وأتم دراسته الابتدائية في مدارسها آنذاك، فحفظ القرآن الكريم وجوده، ودرس التوحيد، والحساب والعبادات، وكان متفوقاً على لداته في دراسته الأولى، واتجه في دراسته الدينية وفق السادة الحنفية في الجامع العمري الكبير بغزة. وفى عام 1900 يمم مصر لإكمال دراسته في الجامع الأزهر، وحضر فيه دروس أكابر ذلك العصر، كالشيخ محمد السملوطي والشيخ أحمد الرفاعي( ) والشيخ محمد بخيت( ) والإمام محمد عبده( ) ـ مفتى الديار المصرية ـ والشيخ سليم البشرى( ) وأخذ عنهم الكثير من مختلف العلوم .

ثقافته وعلمه :

وبعد أن تمكن الشيخ الطباع من علوم اللغة، والدين ونال الأجازات فيها من مشيخة الأزهر الشريف . غادر مصر عائداً إلى غزة عام 1902م ، وشرع في التدريس، وإلقاء الخطب في مختلف جوامع غزة إلى أن أسند إليه التدريس في الجامع العمري الكبير في عام 1921م( )، ثم أسند إليه الخطابة فيه عام 1931م، ورأى الفقيد بنظره الثاقب أن غزة في حاجة ماسة إلى مكتبة عامة( )، فأخذ على نفسه أن يسد هذه الثغرة، فشمر عن ساعد الجد والاجتهاد حتى نجح في تأسيس مكتبة عامة خصها بغرفة فسيحة في الجامع العمري الكبير وزودها بنحو ثلاثة آلاف كتاب( ). وينتمي الشيخ الطباع إلى أسرة معروفة وعريقة في نفس الوقت . وقد تحدث عنها باسهاب بعد أن بين معنى الاسم واللقب (الطباع). حيث أنها كانت نتيجة المهنة والصنعة، والطباع هو من يطبع على السيف ونحوه ولها مرادفات كثيرة( ) ويسرد الطباع علبنا كثيراً من أجداده في القرون الماضية أثناء حديثه عن تاريخ أسرته فيقول : " ... والمعروف والمأثور والثابت المشهور أن الجد الأعلى لهذه العائلة ببغداد . لقب بالطباع لصنعته طبع السيوف وعملها وقد رحل منها ـ أي(بغداد) ـ ونزل دمشق وتوطنها واشتهرت عائلته بها ثم سكن بعض ذريته قرية الديماسيى مدة، وهى تبعد عن دمشق نحو خمس ساعات وتملك بها فصارت عائلته تلقب بالطباع الديماس ، ثم بسبب الطوفان المشهور الذي حصل بدمشق وعم أكثرها بعد الألف رحلت هذه العائلة من دمشق الديماس، وكانت تابعة لزملكا ثم عادت إلى دمشق " ( ).

وينقل الطباع عن بعض شيوخ عائلته فيقول : " وقد أخبرنى بعض شيوخ العائلة بدمشق أنه كان عندهم درج قديم يحتوى على فروع الشيخ عبد القادر، ورحلتهم من بلاد العراق وتفرقهم في بلاد سوريا وقرى دمشق ..... وممن ظهر بدمشق في القرن الحادى عشر الشيخ " عثمان بن السيد محمد الطباع الديماسى" وكان شيخ التجار بدمشق وشيخ القافلة والركب الدمشقي "وأمين الصرة الحجازية" وصار ذلك متسلسلاً في ذريته إلى أثناء القرن الثالث عشر، ولهم بهذه الوظائف السامية فرمانات سلطانية بالزعامة على قرية الديماس، و زملكا والكسوة والمزة وغيرها . والزعامة هي : "عبارة عن الإقطاعات السلطانية كما هو معروف قديماً " وأول من عمل الصرة للحرمين الشريفين السلطان مراد خان وهى عبارة عن قدر معين من النقود يرسل سنويا ًمع أمين الصرة الذي يتوجه مع محمل الحج إلى عرب الحج، وفقراء مكة والمدينة لكنها لم تكن بالقدر العظيم الذي بلغته بعد ذلك، ثم ظهر بعده في القرن الثاني عشر ابنه الشيخ محمد، ثم ابنه فخر التجار المعتبرين وصدر الرؤساء المعظمين العميد الوجيه والمقدم والرئيس النبيه المعظم السيد عبد الغنى بن الشيخ محمد بن الشيخ عثمان بن السيد محمد الطباع الديماسى الدمشقي . وهو الجد الرابع الجامع لفروع هذه العائلة.... وتوفى في أواخر القرن الثاني عشر عن نحو تسعين سنة ودفن عند قبور آبائه وعائلته بتربة الباب الصغير بدمشق، وخلف ابنه بكرى الطباع والعلامة الفقيه والفهامة النبيه الشيخ محمد بن السيد عبد الغنى الطباع وقد اشتغل بتحصيل العلم وأخذ عن فضلاء أهل القرن الثاني عشر حتى نبغ وتقدم وشهد له أهل عصره وبعد وفاة والده تولى وظائفه واشتغل في ضياعه إلى أن توفاه الله تعالى بدمشق في أوائل القرن الثالث عشر وخلف أنجاله السيد حامد وهو الذي أتى لغزة في سنة 1258هـ.

سبب مجيء الأسرة إلى غزة والاستقرار بها:

يذكر الشيخ عثمان سبب مجيء السيد حامد الطباع جده إلى مدينة غزة وذلك بسبب الوظيفة التي تعين لها حيث كان ناظراً ومديراً لرسومات الجمرك "بغزة" بسبب ضمانه لها، وتعهده بدفع مرتب للحكومة في نظير تلك الرسوم التي يجمعها ويأخذها لنفسه، وكذلك كانت الإمارة والنيابة والقضاء في البلاد العثمانية، وكانت هذه الوظيفة مهمة، ولها قيمتها لعلو مركزها، وجسام وارداتها بكثرة ورود قوافل التجارة المصرية، والشامية، والحلبية إليها تكن طريق البحر مفتوحة ولا أسكلة يافا فكانت "غزة"صاحبة الفكر والعلم، فحضر إليها في

سنة (1258ه =1842م )ولم يحضر أحداً من عائلته ونسائه غير جارية له وكان عمره

وقتئذ يتجاوز الستين سنة، ولم يرزق

ذرية البنين له أصحابه ومعارفه من كبراء المدينة وفقيهها الكبير أحمد محيى الدين أفندي( ) بالتزوج، وقد أخذ من النساء ثلاثاً أو أربعاً رجاء أن

يرزقه الله ذرية وخطبوا له بنت الخليفة الصالح الشيخ إسماعيل اللبابيدى، وأمها من عائلة "هاشم الشرفا" وكان القسمة لها، فتزوجها ، وعمل لها وليمة حافلة جمعت رؤساء

"غزة " وأعيانها، وموظفيها، وحسب ما عرف عنه أنه كان عنده كتب ومجاميع ودواوين بخطه وكان له تعلق شديد بالأدب، والشعر، والتاريخ والفوائد، والطرائف، والنفائس، والغرائب، حسن الفكاهة، حلو المحادثة، معتدل القامة، يميل إلى الطول، أبيض اللون، يغلب الشيب على لحياته سن المنظر، وقور كريم مهاب جليل، وكان طلق اللسان حسن الخط،يعرف اللغة العربية والتركية والفارسية، وله عدة أسفار، عدا أسفاره التي كانت لبلاد الحجاز، وسافر إلى الآستانة، وبلاد الروم مراراً وإلى حلب وبغداد، ومصر، وآخرها رحلته إلى غزة ولواء القدس، وصنف رحلته " لغزة " ذكر فيها الكثير من أهل ذلك العصر، وأقام بها نحو سنتين ولم يعجبه المقام بها لكثرة ما رأى فيها من الحسد، والفساد والشقاق، والخمول، والفقر والكسل، والفضول، مع قلة التمدن، والنظافة، وشدة الحر، والأقذار، والغبار، بالنسبة للبلاد، والمدن التي كان يقيم فيها . ولذلك قال فيها هذه الأبيات:

عجبـت لمن له عقلٌ ويرضى إقامتـــــه ولو يوماً بغزة

فمـا فيهـا سـوى حرٍ شـديدٍ و حمـــــاءٍ كنــارٍ مستفزة

نعم تجدن فيهــا صبراً كثيراً بغير الصبر لا تجد المعزة

فيا من لُطفــه فينا شهيرٌ تسكن ديننــا تسكن بغزة

وتعنى بالرجــوع إلى ديارى ولو في قرية تسمى بمزة

... ثم قدم استقالته من هذه الوظيفة، وعدل عن ضمانها وعزم إلى الرجوع إلى وطنه فلم تسمح له الدولة بذلك، ونقلته إلى " نابلس " فتوجه إليها، وأقام بها نحو ستة أشهر، ثم استقال ورجع إلى دمشق، وذلك فى حدود 1260هـ، وبقى قاطناً بمنزله ملازماً للعبادة والذكر، والتلاوة إلى أن توفاه الله تعالى بعد صلاة العصر، وهو على سجادة الصلاة في 1264هـ وقد جاوز السبعين سنة . وصلى عليه أخوه " الشيخ محمد بالجامع الأموي " ودفن بجوار قبور عائلته وأجداده بتربة الباب الصغير.

إذن استقرار جد المؤلف، ومن ثم أبيه كان هو بداية وجود هذه العائلة في مدينة غزة ولذلك يقول الشيخ عثمان عن عائلته: " وبالجملة فهي عائلة كبيرة عريقة في البلاد العربية، وقد بارك الله في ذرية جدها الكبير المترجم حتى انتشرت في بلاد الشام وفلسطين وشرقي الأردن ومصر والحجاز . لذلك فاسم هذه العائلة (الطباع) منتشر في جميع البلاد العربية " ( ).

شيوخه و أساتذته:

1 - رحلته إلى الأزهر الشريف سنة 0031هـ :

كان للشيخ عثمان تعلق شديد بالعلم وتعلمه وتعليمه . وكان متعطشا لأن ينهل من معينه أينما حل وأينما كان . وهكذا طالب العلم حيث أنه كما ورد في الحديث: (منهومان لا يشبعان: طالب علم وطالب مال ) .

وكان شيخنا من طلاب العلم وطالبيه فقد طلب العلم منذ نعومة أظفاره ومنذ أن توجه إلى الأزهر واستمع إلى دروس العلماء الأجلاء آنذاك ، فقد استمع إلى دروس كبار العلماء في الأزهر الشريف كالإمام محمد عبده مفتى الديار المصرية ، والعلامة الفقيه الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي الأزهري( ) الذي خلف الإمام محمد عبده في الإفتاء ، والشيخ سليم البشرى ، والشيخ محمد السملوطي والشيخ أحمد الرفاعي . حيث أخذ عنهم الكثير في مختلف العلوم.

وبصدد فترة تعلمه في الأزهر الشريف حرص شيخنا الفاضل على الاستجازة من العلماء الذين أخذ عنهم حيث أنه توجد له ثلاث إجازات:

الأولى: من الشيخ العلامة محمد بخيت المطيعى وهى في الفقه وفى السيرة النبوية.

والثانية : من الشيخ أحمد الرفاعى المالكي الأزهري سنة 1322 هـ.

والثالثة: هي من الشيخ حسن رجب السقا خادم العلم بالأزهر الشريف 1322 هـ.

وموضوع هذه الإجازت هو: تسلسل السند و إعطاء المجاز الحق في إذاعة ورواية الحديث أو مجموعة الأجاديث أو كتاباً معيناً منصوصاً عليه في الإجازة. فإجازة الشيخ المطيعى له في الفقه حيث يروى بسنده إلى ابن عابدين. والشيخ أحمد الطحطاوي الثانية وهى إجازة برواية كتاب "الشفا" للقاضي عياض حيث قال فيها: "وأروى الشفاء أيضا بالسماع من شيخنا العلامة الوحيد الشيخ محمد بخيت المطيعى الأزهري رئيس المجلس العلمي بمصر سمعته منه في أشهر عديدة بعد العصر في الجامع الحسيني بمصر".أ.هـ .

إلى أن يصل سنده بيحيى بن محمد الأنصاري المعروف بابن الصائغ عن القاضي عياض والتافلاتي المغربي المالكي الذي تحنف وتولى إفتاء القدس وهو يروى أيضا عن الشهابين أحمد الملوي والجوهري وتوفى في بيت المقدس 1191 هـ.

والإجازة الثانية هي من الشيخ أحمد الرفاعي أجازه قائلا: "... أما بعد... طلب منى ولدنا الفاضل والأغر الكامل الشيخ عثمان الطباع الغزي الإجازة به ليتصل سنده بأئمته فقلت : أجزته بكتاب الشفا في حقوق المصطفى . صلى الله عليه وسلم - كما أجازني به وتلقيت عنه شيخنا الولي الصالح الشيخ مصطفى المبلط الشافعي رحمه الله سماعاً منه و قرئ عليه وأنا أسمع عن شيخه العلامة محمد الشنواني إلى آخر سنده".أ.هـ. حررت الإجازة بتاريخ 14 ربيع الثاني 1322هـ.

والإجازة الثالثة التى أجازه بها الشيخ حسن رجب السقا الشافعى خادم العلم بالأزهر الشريف حيث وصف الطباع فيها: >بالإمام الكامل والهمام الفاضل والجهبذ الأغر اللوذعي الأريب والألممعي الأديب - ولدنا الشيخ عثمان أبى المحاسن ابن السيد مصطفى الطباع الغزي أيده الله بالمعارف ونصره - طلب منى أجازه ليتصل بسند سادتي سنده ولا ينفصل عن مددهم في سلك قد فاق غيره وبهر فأجبته وان لم أكن لذلك أهلا رجاء أن ينتشر العلم وأنال من الله فضلا وأنجو في القيامة مما للكاتمين من الضرر فقلت : أجزت المومئ إليه بما يجوز لى روايته ونصح عنى درايته من كل حديث وأثر . ومن فروع وأصول ومنقول ومعقول وفنون اللطائف والعبر ، كما أخذته عن الأئمة السادة والأكابر القادة مسددي العزائم في استخراج الدرر منهم ملاذنا الفهامة الكبير بوأه الله اسنى مقر عن شيخه الشهاب أحمد الملوي ..الخ ).

وهكذا نرى من هذه الإجازات مدى حرص الطباع على الأخذ عن العلماء فهذه الإجازات في الحديث الشريف وفي الفقه وفى السيرة . وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الموسوعية و الشمولية في طلبه للعلم وهذا جميعه قد اثر في ثقافته وصقل موهبته لينبوأ مركز الإمامة والصدارة بعد ذلك . وبالذات بعد أن عاد إلى مسقط رأسه غزة . ومما يبهرنا في شخصية شيخنا الفاضل هو طلبه للإجازات وهو لم يبلغ إلا اثنين وعشرين عاماً فتواريخ الإجازات جميعها هو 1322 ه أي بعد مولده باثنين و عشرين سنة و لاغرو في ذلك فهو سليل أسرة محبه للعلم ولها فيه الباع الطويل( ).

شيوخه وأساتذته في مدينة غزة :

لم يكتفِ الشيخ بما حصله من العلوم في الأزهر كمشايخ هذا الزمان الذين تركوا العلم حال أخذهم الشهادة ، فقد كان شيخنا كما قال الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه " مع المحبرة إلى المقبرة " وهكذا كان الشيخ الطباع ، فالعلماء الذين أخذ عنهم في مدينة غزة أكثر من العلماء الذين أخذ عنهم في مصر، حيث كانت غزة تغص بالعلماء من كل حدب وصوب ، ولو أطلعنا على عدد العلماء الذين كانوا ضمن جمعية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وجمعية الهداية وجمعية الإرشاد لأخذتنا الدهشة أثر ذلك.

ولربما كان سبب كثرة العلماء في ذلك الوقت هو مجيء الإنجليز كما يقول الشيخ عبد الحميد السائح في مذكراته: "... وبعد مجيء الإنجليز شعر أهل الغيرة في نابلس بالحاجة إلى وجود علماء لتفقيههم في دينهم وتعليمهم واجباتهم الدينية في مقاومة الاحتلال، فتألفت لجنة من العلماء والوجهاء فكنت ضمن من وقع الاختيار عليهم"( ).

ومن الممكن جدًا أن الأمر كان في غزة تمامًا كما هو في نابلس فالأحوال فيها لم تكن تختلف حسب ما ذكر دروزه أيضًا في مذكراته( ).

وقد تمركز جميع هؤلاء العلماء في الجامع العمري وحوله قبل أن تكون مكتبته الزاخرة. ومن هؤلاء العلماء :

1 - الشيخ أحمد بسيسو الحنفي : فهو الإمام العلام العلامة ، والحبر الفهامة ، تاج العلماء المحققين ، وسراج الفضلاء المدققين ، نادرة الزمان ، حامل لواء العرفان ، صاحب الفضل العلامة شيخنا الشيخ أحمد بسيسو أبو المعالي ابن الحاج أحمد سالم بن بسيسو - الخاني نزيل مدينة غزة ابن يوسف بن أحمد الملقب بسيسو العالم الكبير ، والفقيه الصوفي المعمر الشهير شيخ العلماء والطرق الصوفية بمدينة غزة البهية( ).

2 ـ الشيخ حامد السقا النويري الحنفي( ): العلامة عمدة الفقهاء، وعمدة الفضلاء، جلال العصر، وكمال القطر فقيه النفس الشيخ حامد ابن الحاج أحمد ابن السيد يوسف السقا ابن الشيخ أحمد بن صلاح الدين النويري الحنفي الذي ولد بغزة سنة 0521هـ. ثم أخذ في تحصيل العلم... وارتحل إلى مصر 2721هـ، وأقام في الجامع الأزهر ست سنين جد فيها بتحصيل العلوم على الأساتذة الأجلاء والجهابذة الفضلاء( ). وأخذ عنه ـ المترجم وأجازه برواية عدة كتب حيث إن الشيخ السقا كان ملازمًا لقراءة دروس الفقه للطلابِ بعد الشمس وبعد العصر كما يقول الطباع وقرأ "شروح مراقى الفلاح" "ومنلا مسكين"، "والعيني على الكنز"، و"الدر المختار على التنوير" مرات كثيرة مع تتبع حواشيها، وقد حضرت عليه أكثر ذلك، ولازمته ثلاث سنين وانتفعت منه، وأجازنى بما أجيز به، وكان رحمه ا" يذاكرني في الفتاوى والمهمات، ويعتمد على مراجعتي ونقلى لنصوص المذهب، وكان لا يضن بفوائده ودقائقه، ويحب مذاكرة العلم والاشتغال به... وله فتاوى كثيرة محررة منقحة لكنها لم تدون، ولازمته في المكتب سنتين وفى الجامع الكبير مدة الطلب ثلاث سنين... أصابه مرض الوباء (الكوليرا) وكان أول وطأته، فتوفى سنة 0231هـ. ولما وصل خبر وفاته لغزة هرعت الناس إلى الجامع الكبير، وضجوا بالبكاء والتأسف، وعملوا له الختمات ثلاث جمع متواليات على حسب العادة... ولما بلغني خبر وفاته قلت في رثائه:

المرء يفنى وإن في العمر تطويل وما نعيم الأولى إلاّ أباطيل( )

وهذا ما يدل على وفاء المترجم لشيخه رحمهما الله جميعًا.

3 - الشيخ سليم شعشاعة : العلامة فخر العلماء المدرسين وصدر الفضلاء البارزين عين الأماثل ، وزين المحافل الشيخ سليم ابن الحاج خليل شعشاعة العلمي( ) أخذ عنه الطباع وقرأ عليه بعض الكتب وذكر أنه قد حضر كثيرا من دروسه واطلع على تصانيفه. وقال عنه: إنه كان شغوفا بالعلم لا يرى إلا مطالعا أو مدرساً ، أو محررا دائم الاشتغال مغتنما للأوقات ، فلا يضيع وقته بلا عمل( ).

4 - السيد حنفي عبد الحي الحسيني الحنفي المفتى بغزة: العالم الأجل الفقيه ، والصدر الأمثل الوجيه السيد حنفي مفتى غزة وابن مفتيها ، وابن ابن مفتيها( ) الناهض المقدم، والبارز بين حاضرها و باديها.

5 ـ السيد عبد الحي أفندي الحسيني: العالم الكبير ، والنابغة البدر المنير عين أعيان عصره وصدر كبراء قطره السيد عبد الحي الحسيني ( ). وقد أشار عليه بإشارات نافعة في > إتحاف الأعزة " حيث قال : > ولقد استدعاني8 ليسمع منى ما كتبت في هذا التاريخ وكان على مسودته فأسمعته وأعجبه واستحسنه ، وأشار بالتحري والتوسع ، وكثرة البحث والتنقيب ( ).

6 - الشيخ يوسف شراب الحنفي ( 1254 - 1330هـ) : العلامة الحافظ الفقيه ، والفهامة المحدث المفسر النبيه الإمام الأجل والهمام الأمثل الشيخ يوسف بن سالم بن مقبل شراب الحنفي البصير بقلبه ، ولد بخانيونس 1254هـ( ).

7 - الشيخ حسين وفا العلمي الحنفي : فخر العلماء الكرام ، وصدر الفضلاء الفخام الشيخ حسين ابن السيد مصطفى العلمي الحسنى المقدسي القاضي بغزة . ابن السيد محمي ابن عين السادات الكرام السيد وفا العلمي نقيب الساد الأشراف بالقدس وناظر وقف الحرمين الشريفين( ) قال عنه : " وقد وقعت عنده موقعا عظيما وقدم لي هدية قيمة وقد اشتركنا معه في قراءة صحيح البخاري غير مرة ، ورأيناه على شيخوخته بهمة الشباب لا يكل ، ومن المطالعة والقراءة لا يمل مع المثابرة على الطاعات والحرص على الجماعات ، وحسن المحضر ، والأمانة في العلم ، والتثبت في النقل ، وكان يحيل علىَّ في الفتوى ، وقرظ كثيرا من مصنفاتي نثرا ، ونظما وأعجب بها . وقد وجهت إليه رتبة رئيس مدرسين ، وانتخبناه في سنة 1350 هـ ، رئيسا لجميعة الهداية الإسلامية التي صار تشكي لها بغزة وأنابني عنه في شؤونها بعد أن اعتراه الكبر وضعف الجسم"( ).

8 ـ الشيخ حسن الشوا الشافعي: العلامة عين النبلاء المدرسين، وزين الفضلاء المحققين، العلم البارز الأكمل، والشهم الناهض البطل "الشيخ حسن، ابن السيد هاشم، ابن السيد خليل الشوا الشافعي" الفقيه الأمثل الأديب والنبيه الأجل النجيب، ولد سنة 2921هـ، ثم قرأ القرآن وتعلم الخط والكتابة، وأخذ بتحصيل العلم بغزة، سنة 4031هـ على العلامة >عبد اللطيف الخزندار"والشيخ >سليم شعشاعة"وغيرهما، ثم رحل إلى الأزهر سنة 5031، وجد في التحصيل على شيوخ عصره( )، أخذ عنه الشيخ عثمان وقرأ عنده بعض كتب النحو والصرف والبيان والعروض والتجويد والفرائض، وكان يقرأ في اليوم أربعة دروس خلاف درس العامة، ويقيم في الجامع الكبير من أول النهار إلى آخره لحرصه على العلم وحبه للاستفادة والإفادة. أ. هـ( ). توفى سنة 0231هـ.

وهكذا نستطيع أن نقول بأن هؤلاء الشيوخ هم الذين أخذ عنهم مشافهة وقراءة وبحثًا وتمحيصًا للكتب التي كانت تقرأ في مجالسهم ويستمع لها والكتب التي كان يقرأها عليهم ويجيزونه عليها.

ولربما هناك كثيرٌ من الأساتذة والشيوخ الذين تتلمذ عليهم ولكننا لا نعرفهم، أو لم نقف على البعض منهم، ولكن أظن أننا قد وقفنا على الأغلب منهم، و الله وحده أعلم.


أصدقاؤه ومعارفه:

كان للشيخ عثمان مجموعة كبيرة من الأصدقاء والمعارف في داخل فلسطين وفى الخارج، وبقيت لدينا عدة أسماء محفوظة من خلال مكاتباته ومراسلاته وقد تنوعت صداقاته ومعارفه فمنهم رجل الدين ومنهم السياسي ومنهم الأديب ومنهم التجار والأعيان وأصحاب المناصب ومن أهم أصدقائه:

1 ـ الشيخ محيى الدين الملاح( ):

ولد سنة 6781م، وتوفى سنة 2591م. أي بعد وفاة الطباع بسنتين، وهو شاعر مفلق. ذكره الطباع في الإتحاف وأثنى عليه( ). وهو صاحب القصيدة التي قرظ بها "إتحاف الأعزة" حيث قال فيها:

لقد أتحفت عثمان الأعزة بخير مؤلف تاريخ غزة.

حسرت نقابها فبدت تهادى ........ الخ القصيدة( ).

وقد نعته الطباع بالعلامة الأديب والفهامة... وقد عرف بالاستقامة والصلاح والأخلاق الكريمة والمزايا الحسنة وله مؤلفات تدل على طول باعه وسعة اطلاعه منها: عمدة الحكام ومن يتردد على المحاكم، ونظم الدر المنثور من الحكم والأمثال والمأثور، ونظم "متن الحكم السكندرية"وقد طبعت ومنها: "سمر التمر في مولد خير البشر"( ).

2 ـ الشيخ سعيد أفندي أبو شعبان:

قال عنه: >صاحبنا العلامة الفاضل والفهامة الكامل الشيخ سعيد أفندي، وقد سبقنى إلى رحلة الجامع الأزهر، ثم أدركته في سنة 8131هـ، فقابلني مع الإخوان الغزية في المحطة وظهر سروره بقدومي فأنزلني في محله برواق الشوام ثلاثة أيام، وكان رحمه الله ـ كريم النفس، حسن الأخلاق، ثم حضر لغزة وقرأ الدرس الخاص للعلماء حسب العادة وظهر تحصيله وفضله واقتداره، ثم تعين معلمًا بالمدرسة الأميرية وإمامًا لجماعة الحنفية، ومدرسًا بالجامع الكبير ثم عين وكيلاً للقضاء والإفتاء مدة يسيرة، ورفعت عنه وظيفة التعلم ولم تعينه إدارة المعارف لأسباب حزبية حتى استقال من وكالة الإفتاء ونقلته معلمًا لمدرسة الرحلة وبقى بها إلى أن توفى سنة 5531هـ( ).

3 ـ خلوصي عمر بسيسو:

الأستاذ الألمعي، الجهبذ اللوذعي الشيخ خلوصي المتخصص باللغة العربية وقد أحرز الشهادة العالية وتعين معلمًا بالجليل والسبع( ).

4 ـ الشيخ عبد الله الغصين الشافعي:

(6521 ـ 1231هـ) (0481 ـ 3091م). قال عنه بعد أن ترجم له:"... كان رحمه الله ـ كثيرًا محترمًا ووجهًا مقدمًا، ذا حشمة ووقار يسر به أنيسه، ولا يمل جليسه، وقرظ شرحي: الديباج المنثور على زورق البحور في علم العروض وأنا بالأزهر، وكان بيني و بينه مكاتبة متواصلة ومما قلته فيه وكتبت به إليه:

عيون المها تسبى نهى كل ناظر وقلب الأولى يدمى بسهم النواظر

توفى سنة 1231 هـ في 61 شعبان وشيعت جنازته في مشهد عظيم( ).

5 ـ الشيخ محمد سعيد مراد الحنفي:

العلامة الذكي اللبيب والفهامة الألمعي النجيب محمد سعيد ابن الفاضل الشيخ عطا، ... ابن الشيخ محمد مراد الحنفي الأصولي النبيه القاضي الفاضل ـ العفيف الكامل ... كان مثالاً للنشاط، والإقدام والتضحية، والمفاداة فيما أخذه على نفسه من نشر الثقافة العربية( ).

6 ـ الرئيس الحاج سعيد أفندي الشوا:

قال عنه: "الوجيه الكبير، والرئيس الخطير، عين الأعيان الكرام، وصدر الرؤساء الفخام، الأجل عزيزنا الأمثل" "الحاج سعيد أفندي" ابن المرحوم السيد محمد أبو على، ابن السيد خليل ابن السيد صالح، ابن السيد خليل الشوا. ولد بغزة سنة 5821هـ،.. تعين رئيسًا لمجلس بلدية غزة وبقى بها من سنة 4231 هـ إلى الاحتلال: وقد أكسبته أسفاره إلى "سوريا"والآستانة ومصر وصحبته للعلماء والأعيان ووجهاء البلاد حنكة ومعرفة وإدارة... وتوفق وملك القلوب بما أوتيه من حسن الأخلاق والسياسة، والتودد إلى عموم الناس، حتى أصبح فردًا يشار إليه، وركنًا يصار له ويعتمد عليه. وفى أوائل الحرب العامة اعتمدته الدولة العثمانية لجمع المؤن، والأدوات العسكرية، ومهمات الجيش، وعينته رئيسًا لتلك اللجنة وتعهد بالحبوب وغيرها، ثم عينته وكيلاً عن قائم قام غزة، وخدمته الحكومة الملكية والعسكرية، وتوجهت عليه عدة نياشين، ورتب سامية... وبالجملة فقد كان رحمه الله ـ من الوجهاء النابهين، والنبلاء النابغين مجيدًا عاقلأ، و نبيهاً مدبرًا، توفى في 91 جمادى الأولى سنة 9431هـ، وقد ضجت البلاد لفقده، ثم شيع بجماهير كثيرة، حضرت من أطراف البلاد "بفلسطين"وغيرها( ).

7 ـ الدكتور الحاج محمد توفيق أفندي حتحت:

الطبيب الحاذق، والحكيم الوطني الصادق ... صاحبنا ورفيقنا في الطلب وصهرنا، ولد سنة 9921هـ، ثم تردد على المكاتب الابتدائية وأتم تحصيله سنة 9031هـ. وحاز على الشهادة العالية في الطب... وثابر على التمرين والتطبيق بالمستشفيات الكبيرة... توفى في 82 شهر رمضان سنة 2531هـ. ورثاه الشيخ عثمان بعدة أبيات( ).

8 ـ السيد حمدي أفندي الحسيني:

قال عنه: صديقنا ولد سنة 9981م وتعلم تعليمًا عاليًا حتى إنه أجاد عدة لغات منها: الأسبانية واليونانية والإيطالية والألمانية والتركية والفارسية والعبرية.

ترأس القائمة الوطنية في غزة سنة 6491م، ففازت قائمته فوزًا كبيرًا، وكان من المرشحين لرئاسة بلدية غزة، إلا أن سلطات الانتداب البريطاني حالت دون ذلك( ).

وهناك الكثير من أصدقائه وأقرانه لا يَحصرهم هذه السطور ولو اطلعنا على قائمة جمعية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر( ) أو جمعية الهداية أو جميعة الإرشاد( ) لكانت النتيجة هي أن جميع أعضائها على الأقل من معارفه وأقرانه والكثير منهم أصدقاء له.






أعماله والمناصب التي شغلها:

قام الطباع بعدة أعمال منها الدينية والعلمية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وشغل من المناصب:

خطيب الجامع العمري الكبير ـ وأمينًا لمكتبته.

وكان رئيسًا لجميعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وترأس أيضًا جميعة الهداية الإسلامية وإلى جانب ذلك كانت له عدة نشاطات سياسية قارع فيها دولة الانتداب البريطاني، وهناك عدة مكاتبات وعدة رسائل تدل على ذلك من حيث رفضه لمجمل ما كانت عليه إدارة الانتداب.

دوره في إنشاء مكتبة الجامع العمري الكبير:

أظن أنه من أهم الأعمال التي قام بها الطباع بعد تأليفه كتاب "إتحاف الأعزة" ومجموعة مؤلفاته الأخرى هو إلى جانب نشاطاته الدينية والسياسية هو قيامه بإنشاء مكتبة الجامع العمري الكبير في مدينة غزة. وقد تحدث عن نشأتها وعن دوره فيها في قسم التاريخ من الإتحاف( ). وهناك عدة مكاتبات ومراسلات بينه وبين المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في فلسطين برئاسة الحاج أمين الحسيني آنذاك مفادها: تزكية الشيخ عثمان وطلب مأمور الأوقاف في غزة بتاريخ 02/8/4531هـ الموافق 71/1/5391م. يطلب فيه تعين فضيلة الأستاذ الشيخ عثمان أفندي الطباع قيمًا على مكتبة الجامع العمري الكبير لضرورة ذلك ولاهتمامه في جمع كتبها ومساعيه المشكورة في تنظيمها، وحيث إن فضيلته أهل لهالوظيفة وأمين على هذه المكتبة، ولما نعهده فيه من غيرة عليها، وحيث إنها من الجهات العلمية وظيفة لجنة توجيه الجهات، كما هو مبين في ذلك، لذلك فإننا نقرر تعيين فضيلة الأستاذ الشيخ عثمان أفندي الطباع حافظًا لهذه المكتبة وقيمًا على إدارة شؤونها، تحريرًا في اليوم الحادي والعشرين من شهر شعبان المعظم لسنة أربع وخمسين وثلاثمائة وألف هجرية الموافق 81/11/5391. توقيع مأمور الأوقاف: والشيخ خليل الحليمي ورئيس لجنة التوجهات.

وكان عدد كتبها حسب ما ورد في وثيقة أخرى مؤرخ في 71/11/53م (5642)

وكل ذلك كان مهمة ومساعي فضيلة الشيخ عثمان الطباع حسب ما جاء في الوثيقة الأنفة.

وتوجد عدة مكاتبات يطالب فيها الطباع بميزانية لشراء وتجليد الكتب وبعض الأدوات والأثاث وطالب أيضًا بمراسل وفراش للقيام بتنظيف المكتبة وتقديم الشاي والقهوة.

وفى مكاتبة أخرى من قبل مأمور أوقاف غزة. بتاريخ 3/ جمادى سنة 1631هـ الموافق 19/5/2491م، يخاطب فيها الشيخ عثمان الطباع بأمين مكتبة جامع غزة العمري الكبير ـ المحترم.

ويطالبه بعمل فهرست عام ليضمن جميع موجودات المكتبة من الكتب مرتبًا ترتيبًا بحسب ذوقكم السليم (كما قال له) وذلك بناء على طلب المرجع الأعلى المؤرخ في 71 مارس سنة 2491م وفى وثيقة أخرى مفادها: ترسيم وتعيين الشيخ الطباع أمينًا لمكتبة العمري براتب شهري وقدره جنيهان فلسطينيان بما في ذلك علاوة غلاء المعيشة وذلك اعتبارًا من أول حزيران سنة 2491م والوثيقة بخط المدير العام للأوقاف في فلسطين المخول من المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى.

وقد حكى لنا الطباع قصة المكتبة كما أسلفت في المجلد الثاني من الإتحاف (ص611 ـ 621) ثم قام بسرد أسماء وأماكن وجود المخطوطات العربية في العالم العربي والإسلامي (721 ـ 331) من المجلد الثاني. وكما أسلفت عمل لها فهرسًا، جاء في 08 ورقة من الحجم الكبير. واحتوى على إحصاء للكتب لغاية شهر ربيع ثاني 3631هـ( ). وأثبت في مقدمة الفهرس جميع أعداد الكتب بمختلف أشكالها وفى جميع فروع الثقافة الإسلامية، حيث بلغت (0652) كتابًا. ثم عمل لها نظامًا دونه في مقدمة الفهرس ووقع عليه مأمور أوقاف غزة آنذاك (سعيد عبد اللطيف) وصدر الفهرس باللائحة الداخلية للمكتبة وأورد فيها كل ما يتعلق بقرارات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في فلسطين بشأن المكتبة وبصدد تعينه رئيسًا لها، وقيمًا عليها ومن ذلك يتبين حب المؤلف للكتب والمكتبات وتعلقه بها ونضاله من أجل الحصول عليها (يقول: ورأيت أوراق المصاحف والتفاسير وكتب الحديث وغيره مبعثرة في سائر الطرقات ومنها ما هو ملقى في القاذورات، فتذكرت بذلك وقعة الأندلس ووقائع التتار، وما اقترفوه بها، فخرجت منها لهفًا وبكيتها حزنًا وأسفًا... ثم توجهت إليها ثانية وانتظرت سكوت المدافع حتى تمكنت من دخولها في يوم الثلاثاء 22 شعبان 5331هـ. فقصدت كوم ندان الرملة، فآنسني ورحب بي وأرسل معي نفرًا من العسكر ليساعد من كان بصحبتي على استخراج بقية كتبي من مخبأها ويحافظ علينا، حتى نخرج منها( ).

وهكذا نرى كيف خاطر شيخنا بنفسه في سبيل الكتب وكيف ناضل لينقذ تلك الكتب والمخطوطات من أيدي الهلاك ومن بين الركام. وقد أسس الفقيد بصنيعه هذا مكتبة الجامع العمري الكبير، هذا الصرح العلمي الذي ما زال يؤتي ثماره إلى الآن. يؤمه الطلاب والدارسون من كل حدب وصوب.

ثقافته وعلمه وموسوعيته:

تعددت النواحي الإبداعية والعلمية لدى الطباع. ومن هنا تكمن الصعوبة في البحث في شخصيته، فهو متعدد المعارف ومختلف المواهب، وموسوع الثقافة. اجتمع في شخصيته العالم الأزهري، رجل الدين، والداعية الذي يصدع بالحق ويجاهر به رغم صعوبة الظروف والأحوال. وهو الكاتب والمؤلف في مختلف العلوم، حيث بلغت قائمة مؤلفاته حوالي اثنين وأربعين كتابًا، عدا إتحاف الأعزة. ومعظمها يدور حول العلوم الإسلامية من أصول دين ومنطق وحديث شريف وفقه، وشروح لبعض الكتب المهمة. وأهم كتاب له في الشريعة الإسلامية هو كتاب: "منتخبات الفتاوى العثمانية الغزية" وهو من القطع الكبير ويحتوى على أربع وثمانين ورقة وهو مخطوط. ولم يتيسر طباعة أي من هذه الكتب إلاّ كتاب "هداية الرحمن في هدم البدع وترك التنباك والدخان" وهى رسالة صغيرة في 02 صفحة( ).

ويبقى أوسع كتاب له في العلوم الإسلامية هو كتاب "منتخبات الفتاوى الغزية".

حيث إنه مجموع فتاوى له جمعها في هذا الكتاب وقسمه على أبواب الفقه بدءًا بالطهارة وانتهاءً الوصايا والوقف وغيره. وفيه مجموعة من الفتاوى التي تمس القضايا المعاصرة، وبالذات السياسي منها. حيث أجاب الكاتب على عدة أسئلة كبيع الأرض لليهود، وخطورة التعامل مع أعداء الأمة .

الطباع وموقعه بين المؤرخين الفلسطينيين :

يعد الشيخ عثمان الطباع من أعلام المؤرخين الفلسطينيين في عصرنا الحديث. ويمكن القول بأنه من أهم المؤرخين في فلسطين، عدا أنه المؤرخ الوحيد لمدينة تعد من المدن الفلسطينية المهمة (غزة). لذلك فالشيخ الطباع يعَّد من أقران العلامة المؤرخ الفلسطيني الأستاذ/ عبد الله مخلص الحيفاوي صاحب المؤلفات النادرة وعاشق المخطوطات العربية. ويماثله في ذلك الأستاذ/ مصطفى مراد الدباغ صاحب موسوعة بلادنا فلسطين والذي زود المكتبة العربية والفلسطينية بمجموعة نادرة من المؤلفات نشر منها الكثير وظل البعض منها مخطوطًا. وعلى رأس هذه المؤلفات كتابه الموسوعة بلادنا فلسطين بأجزائها الأحد عشر. ويماثله العلامة محمد عزة دروزة المؤرخ المخضرم مؤلف العشرات من الكتب والمراجع الضخمة ويماثله أيضًا الأستاذ أحمد سامح الخالدي ـ المقدسِي الذي نشر العديد من الكتب والنشرات الموثقة ـ التي كان يريد من خلالها أن يثبت عدم مصداقية الدعوة الصهيونية (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) أثبتها في كتبه كلها وبالذات "أهل العلم والحكم في ريف فلسطين" ففي كتابه هذا قام بتقديم صورة مشرقة للوجه الحضاري المضيء لهذه البلاد مينًا ومستدلاً بأوثق المصادر التي فحصها وسبر غورها. ويماثله أيضًا الأستاذ/ إحسان النمر مؤلف كتاب "تاريخ جيل نابلس والبلقاء" الذي أورد فيه العشرات من الوثائق والحجج التي لولاه لما عرفنا عنها أي شيء. ففي كتاب تاريخ جبل نابلس والبلقاء معطيات هامة ومهمة وإن لم يستفد منها المؤلف فلو لم يمكن إلاّ إيراده لها وتقديمها للباحثين لكفاه ذلك. وأرى أنه في كتابه كان منهجه يدل على بساطته وأظن أن المادة التي اعتمد عليها يستطيع أن يفيد منها العشرات من المؤرخين في ذلك. وقد قام بقراءتها بصورة بسيطة حسب مؤهلاته وثقافته إلا أنه يعَّد من المؤرخين الفلسطينيين في القرن العشرين أيضًا عارف العارف المؤرخ الفلسطيني المعاصر مؤلف تاريخ غزة وتاريخ بئر السبع وقبائلها والقضاء بين البدو ونكبة فلسطين والفردوس المفقود في (أجزائه الست) وتاريخ الحرم القدسي والمفصل في تاريخ القدس. وعلى الرغم من الملاحظات العديدة التي أبداها وبيَّنها الشيخ عثمان الطباع في مقدمة إتحاف الأعزة (قسم التاريخ). إلا أنه يبقى في قمة من أرخ لهذه البلاد وإن كان هناك بعض التحفظات على بعض ما ورد في كتابيه المفصل في تاريخ القدس والقضاء بين دو. وأخيرًا نستطيع القول بأن الطباع كان في مادة كتابه ملمًا ومحيطًا أكثر من كل الذين ذكرناهم ففي إتحاف الأعزة كان متنوع المصادر ومتعدد إلى درجة الإفراط في الاستشهاد من المراجع المختلفة بشتى صورها، إن كانت مخطوطة أو مطبوعة من نقوش ومخطوطات ورقوم وحجج شرعية ووقفيات ووثائق وسجلات شرعية ودفاتر عثمانية خاقانية .

كل هذه المصادر تمثلها الطباع في إتحاف الأعزة وأراد من خلالها أن يقدم لنا صورة حية ومرئية ومؤرخة لهذه البلاد. بل تجده أحيانًا وكأنه يريد أن يطلعك على حوليات هذه المدينة بشتى أشكالها ونواحيها. ثم بعد ذلك تأخذك الدهشة من قوة ملاحظاته وتعدد نظراته ومدى استيعابه لأحوال البلاد بشتى صورها العلمية والحضارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. هذا عدا المصادر التي اندثرت وهى غير متوفرة الآن. بقسميها الكتابي والميداني: فالكتابي هو مجموعة المكاتبات والوثائق والدفاتر الخاقانية. فقد أرخ لنا من ذاكرة الأجداد الذين سبقونا، وأشار هو لذلك. ولو حسبنا هذا المصدر لوجدنا أنه يعود لمائتي سنة قبل وجود المؤلف حيث أنه أخذ عن المسنين الذين كانوا يكبرونه بأكثر من ثلاثة عقود. وهم أخذوا عمن يكبرونهم بنفس النسبة أو أكثر. ولم نسمع بالتأريخ الشفوي إلا في عصرنا الحديث إلا أن شيخنا قد كان رائدًا فيه. وهو متمثل في ذلك لعلوم الإسلام الأولى علم الحديث الشريف بشقيه علم الرواية والدراية هذا المنبع الذي تقدم فيه المسلمون على جميع الأمم استفاد منه الطباع حيث أنه رجل دين في المقام الأول وصاحب منهج ومذهب وله في ذلك باع طويل. وأظن أنه تمثل ذلك ووصل هذا الجانب بالتاريخ أي كان الحلقة التي اطلع عليها مؤرخنا الجليل وحسب علمي وحسب ما وقفت عليه فأن سجلات غزة العثمانية مفقودة ولا يوجد منها إلا سجلين في مدينة دمشق وحسب رواية البعض بأنها قد سقطت من الطائرة أثناء نقلها إلى إستانبول. ولكن شيخنا قد اطلع عليها وأفاد منها أيما إفادة.

ومصدر آخر هو: الرقوم والنقوش والكتابات التي كانت على المباني والجدران والعمائر بشتى أشكالها الدينية والمدنية فقد قرأها شيخنا وسجلها في كتابه ولولاه لما عرفناها. فقد نقلها لنا بكل دقة وأمانة وهى تعتبر وثيقة خالدة على تواجدنا في هذه البلاد.

المصدر الآخر وهو المصدر الميداني: وهذه ميزة لم تتوفر لأي مؤرخ فلسطيني في القرن العشرين حيث ـ ابتدع المؤلف أسلوب التأريخ الشفوي والوصل بين علم الرواية الإسلامية وبين منهج التأريخ الشفوي. وهو في ذلك ملتزم بالمنهج العلمي الاستردادي التوثيقي الذي هو في جوهره منهج علم الحديث لدى المسلمين. وفيه قال بعض المستشرقين أنه قد كفا المسلمين فخرًا في ذلك.

وأعود للقول بأن هذا المصدر التاريخ الشفوي نجده واضحًا في الجزء الثاني من الكتاب المخطوط في الأنساب والعائلات حيث إن جميع ما أورده قائم على المعاينة والمشاهدة والمعايشة ومن ثم معرفة أصول وجذور هذه العائلات، ونجد ذلك في القسم الثاني من التراجم حيث أنه ترجم لكثير من العلماء الذين عاصروه وعددهم يعد بالعشرات. فلو لم يترجم لهم لماعرفنا عنهم إلا النزر اليسير القائم على الشفاهية أما الطباع فقد وثقه وقدمه للأجيال ليقول: هكذا كان من سبقونا. فلنكن مثلهم.








مؤلفات الطباع المخطوطة :

1 ـ إتحاف الأعزة في تاريخ غزة (النسخة المسودة): 428 صفحة ، 19*27سم . 24سطراً . نسخة مسودة الكتاب الأساسي . انتهى مؤلفها من كتابتها سنة 1330هـ، والنسخة المبيضة فرغ منها بتاريخ 18/5/1947م ، وقد تم تبييضه بعد أن اطلع عليه "أمير اليان" شكيب أرسلان،والعلامة أحمد زكى باشا، والأستاذ عبد العزيز الثعالي.

2 ـ بلوغ المراد في الأدعية والأوراد .

3 ـ البدر المنير على مولد الدردير.

4 ـ الثبت الفريد في عالي الأسانيد .

5 ـ التعاليم الدينية في الخطب المنبرية. 21ق ، 19س ، مقاس 10*14.5سم .

6 ـ تحرير المقياس في تقرير القياس .

7 ـ التقليد والنظر في أصول الدين والفقه .

8 ـ تتميم البيان في تحريم الدخان. 8ق ، 17س ، مقاس 11*14.5سم .

9 ـ تنبيه المحاكم رسالة في اعتبار الإقرار في غير مجلس الحاكم . وفيها شرح المادة 69 من قانون أصول المحاكمات الحقوقية . 10ق ، 20 ـ 21س ، مقاس 15*10.5سم .

10 ـ تنيه المختار في شرح المادة 60 من أصول المحاكمات .

11 ـ الجبايات والعقوبات الشرعية الإسلامية . 11ق ، 19س ، مقاس 15*11سم.

12 ـ حاشية على رسالة المدابغي في ليلة النصف من شعبان .

13 ـ حكمة الخبير ونظرة البصير .

14 ـ خلاصة الأنساب . 37ق ، 17س ، مقاس 20*10سم .

15 ـ الدروس الأولية للمكاتب الوطنية في علم الجغرافية والفلك . 13ق، 16 ـ 7 ـ 11س، مقاس: مختلفة المقاس .

16 ـ دفتر يتضمن بيان صور ووثائق شرعية وسندات نظامية وأوراق رسمية وفوائد قانونية . 30ق ، 26س ، مقاس 30*15.5سم .

17 ـ الديباج المنثور على زورق البحور في العروض .









18 ـ الرحلة والتاريخ وهو يحتوى على رحلة المؤلف لمصر ونشأته وسيرته وتاريخ الأزهر ومشايخه وتراجم كثيرة لمشاهير القرن الثالث والرابع عشر جزء 2 . وهذه المخطوطة مفقودة ولم نقف عليها .

19 ـ رسالة العلامة منلا حسين بن إسكندر الحنفي في ذم الدخان وتحريمه والترغيب باتباع الشريعة والترهيب من البدعة الخبيثة . 6ق ، 16س ، مقاس 14.5سم .

20 ـ رسالة في الساعة وأشرا طها . 19ق ، 16س ، مقاس 19*12.5سم .

21 ـ رسالة في التقليد والنظر . 11ق ، 19س ، مقاس 15*11.5سم .

22 ـ رسالة في المنطق . 12ق ، 15س ، مقاس 12*7.8سم .

23 ـ رسالة في أصول الطرق السنية الصوفية: وهى مطالب علية وتلخيصات سنية من شرح النفحات الندية على الوظيفة الأحمدية للشيخ العلامة والحبر الفهامة الشيخ أحمد بسيسو الغزي الحنفي . 22ق ، 20س ، مقاس 15.5*10.5سم .

24 ـ رسالة الكشف عن مجاوزة هذه الأمة . لجلال الدين السيوطي (نسخة بخط الشيخ عثمان) . 14ق، 13س ، مقاس 15*11سم .

25 ـ السفينة الأولى .

26 ـ السفينة الثانية .

27 ـ السفينة الثالثة في الضوابط والفوائد .

28 ـ السفينة الزاخرة في محاسن الأشعار الفاخرة: للشيخ عثمان الطباع . فرغ من تأليفها سنة 1334هـ. 315ق وهى أشبه بالمجاميع الأدبية .

29 ـ الشجرة الزكية في طرق الصوفية . (هذا الكتاب مفقود من مؤلفاته وهو ضمن فى ثبت مؤلفاته ) .

30 ـ الضرب الغريب في الرد على الخطيب . 16ق، 20س ، مقاس 15*10.2سم.

31 ـ علم السياسة في علم الفراسة . 8ق ، 16س ، مقاس 15*11سم .

32 ـ فخامة النبأ في وخامة الربا . 20ق ، 19س ، مقاس 11*15سم .

33 ـ فصل الخطاب في جواب أسئلة العلامة الشيخ محمود خطاب.

34 ـ فصاحة اللسان في علم البيان وحاشيته عليها .

35 ـ القول المرتل في شرح المسلسل بيوم عاشورا .

36 ـ مجموعة الإجازات والشهادات العلمية .

37 ـ مدارك التحقيقات على مراقي السعادات .

38 ـ مناهل الرضوان فيما يتعلق برمضان . 76ق ، 21س ، مقاس 14.5*12سم( ).

39 ـ منتخبات الفتاوى العثمانية الغزية: 84ق ، 25س ، مقاس 21.5*15سم .

40 ـ المنح السنية في تحليل الدخان والتنباك والقهوة البنية . 20ق ، 16س ، مقاس 15*10سم .

41 ـ نظم المباني في مبادئ المعاني .

42 ـ هداية الرحمن في هدم البدع وترك التنباك والدخان . 20ق ، 16 ـ 14س ، مقاس 13*10.5سم . وهو الكتاب الوحيد المطبوع من مؤلفاته . طبعت هذه الرسالة على نفقة الأستاذ الفاضل الشيخ محمد سعيد أفندي الطوباسي بيافا . وقد تم نشر هذه الرسالة في 12 شوال سنة 1343هـ . يافا: مطبعة الترقي .

43 ـ الورد الصافي في علم القوافي .


















دراسة في الكتاب

بلغت المدة التي كتب فيها الطباع كتابه : " ست وثلاثين سنة " حيث انتهى من مسودة الكتاب سنة 1330هـ، وهى المرة الأولى وانتهى من تبييضه للمرة الثانية في 27 جمادى الثانية سنة 1366هـ الموافق 18/5/1947، كما ورد ذلك في آخر صفحة من الجزء الأول من النسخة المبيضة، وبيَّن في بعض أوراقه وذلك من خلال رسالة كان يريد أن يرسلها إلى الملك فاروق ملك مصر، ولكنه لم يرفعها ـ ولا أدرى ما هو السبب ـ وفى مقابل ذلك كانت هناك عدة أبيات من تقريظ الشيخ محيى الدين الملاح أيضاً( ) رفعها من التقريظ . وأظن أن السبب في ذلك بعدما تكشفت وانكشفت بعض الحقائق بصدد حرب فلسطين وبالذات بعد النكبة . الشاهد في ذلك هو المدة التي ذكرها الطباع فقال: " هذا الكتاب الذي لم يسبق له نظير المسمى إتحاف الأعزة في تاريخ غزة، وهو عدة حياتي، ونتيجة جهود في مدة تزيد عن ثلاثين سنة، ولو حسبنا ذلك لوجدنا أن المدة بالضبط هي ست وثلاثون سنة، حيث انتهى من المسودة سنة 1330هـ. وأرجح أن بداية

الكتابة بشكل أولى في هذا الكتاب (النسخة المسودة) من الإتحاف هي سنة 1324هـ . إذن كانت بداية المشروع سنة 1324هـ . وانتهى من الجزء الأول على ما ذكر سنة 1366هـ فتكون مدة كتابته وتنقيحه وتبيضه 42 سنة اثنتين وأربعين سنة أي ما يعادل نصف قرن تقريباً . والدليل على ذلك هو ما ذكره في آخر صفحات مسودة الكتاب حيث قال : " وليكن هذا آخر ما أردنا إيراده وفيه الكفاية والحمد لله في البدء والنهاية، وكان الوصول إلى هنا والفراغ مما يرائي لنا في يوم الجمعة المبارك الموافق للثامن عشر من ذي الحجة سنة 1325هـ ولم أغفل بعد ذلك عنه، بل بذلت الجهد، وأفرغت الوسع في البحث والتنقيب، والضبط والتحرير والتهذيب مع رفض الغرض، واتباع الحق وطرح الأهواء وتحرى الصدق، إذ لا شرف للتاريخ بغير ذلك، وقد ضل كثير من الناس في هذه المسالك، سيما أصحاب الكتب المصنفة في تاريخ الأمراء،

وتراجم الرؤساء والأعيان فلا يعتمد عليها، ولا يوثق بها لمخالفتها للعيان، ومن سبر كتب التاريخ عرف عاليها من سافلها وصحيحها من سقيمها . وذكر في صفحة أخرى من خاتمة المسودة أنه انتهى من تبييضها (المسودة) للمرة الأولى سنة 1330هـ فقال :" انتهيت من تبييضه في المرة الأولى وكان الفراغ منه في يوم الأربعاء الموافق للثاني عشر من شهر رجب الفرد سنة 1330هـ، وحينما لاح نور تمامه. وفى نهاية النسخة المبيضة والمنقحة قال :" وليكن هذا آخر ما أردنا إيراده في الجزء الأول من كتاب إتحاف الأعزة في تاريخ غزة، وكان الفراغ من تنقيحه بعد العصر من يوم الأحد الموافق 27 جمادى سنة 1366هـ ، 18/5/1947م على يد مؤلفه الذي أنفق فيه من حياته وعزيز أوقاته السنين العديدة.

****

توثيق نسبة الكتاب لمؤلفه

ذكر هذا الكتاب غير واحدٍ من الباحثين الذين كتبوا عن تاريخ هذه المدينة مثل الأستاذ حلمي أبو شعبان في كتابه "تاريخ غزة نقد وتحليل" سنة 1943 ، والدكتور معين صادق في كتابه عن الآثار الإسلامية المملوكية في مدينة غزة. وذكره عارف العارف في إهدائه كتابه تاريخ غزة فيما أهداه للشيخ عثمان الطباع. وكان هذا الكتاب مصدرًا مباشرًا لكتاب "أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني" للدكتور عادل مناع. وكثيرًا ما لاحظت أن الأستاذ "إبراهيم سكيك" ينقل عنه دونما توثيق . أيضًا هذا الكتاب معروف لجميع أبناء مدينة غزة منذ خمسين سنة أو ما يزيد. ولا يجهل هذا الكتاب أحد منهم فالكل يعرف أن الشيخ عثمان الطباع قد كتب كتابًا عن تاريخ غزة وعن عائلاتها. هذا ما يعرفه الجميع. ولا ينكر ذلك أحد.

فقد ذكره الأستاذ حلمي أبو شعبان عدة مرات في كتابه "تاريخ غزة نقد وتحليل" واستشهد بآراء الطباع أثناء رده على عارف العارف.

وكرر كثيرًا اسم الشيخ عثمان الطباع( ). واستدل من كتابه إتحاف الأعزة فقال عنه: أورد المؤلف في كتابه "تاريخ غزة لعارف العارف" عن الأماكن الأثرية في غزة وفيما يلي رأى الأستاذ الشيخ عثمان الطباع، الذي يواصل منذ أكثر من ثلاثين سنة دراسة تاريخ غزة بالتفصيل وهو مؤلف كتاب "إتحاف الأعزة في تاريخ غزة" المعد للطبع( ).

ويشهد أيضًا أثناء رده بصدد قبر المتبولى فيقول: " وجاء في كتاب إتحاف الأعزة( ). وهكذا نستطيع بذلك أن نطمئن إلى أن هذا الكتاب هو من أهم كتب الطباع على الإطلاق وهو معروف لأبناء المدينة منذ ما يقرب من خمسين سنة.

***

بداية مشروع الكتاب :

كما ذكرت بأن الشيخ عثمان بدأ مشروعه في كتابة النسخة المسودة، وهى نسخة جاءت في 428 ورقة من الحجم الكبير، وهى مليئة بالحذف والشطب والكشط والإضافة، واحتوت على قسمين في مجلد واحد، ويوجد تداخل كبير فيها في المعلومات مما يدل على بداية التدوين والكتابة فيها، فأحياناً تجد بعض المعلومات في غير محلها . كما نجد في قسم العائلات، والأنساب حيث وجدنا تداخل حتى في الترتيب حسب حروف المعجم، إذ لم تكن مرتبة ترتيباً صحيحاً . ويرجع السبب في ذلك ـ حسب أغلب الظن ـ إلى أن قسم العائلات والأنساب كان الشيخ يريد أن يزيد فيه وينقص . تنقسم النسخة المسودة إلى قسمين: ـ وكل قسم هو بمثابة جزء كبير واحتوى كل قسم على عدة مواضيع، وكانت خطبة الكتاب ثابتة لم تتغير، ولكن التمهيد الذي في النسخة المعدلة غير موجود إطلاقاً حيث أن التمهيد كتبه للرد على عارف العارف في كتابه " تاريخ غزة " حيث طبع العارف كتابه سنة 1943م( ) ونوّه بأنه قد أخذ واستفاد من كتاب الطباع وقد انتقده الشيخ نقداً لاذعاً بسبب ما اقترفه من في كتابيه عن البدو . ثم تحدث بعد الخطبة عن تاريخ غزة قبل الإسلام وبالذات في العصور القديمة، وذكر سكان غزة الأصليين، ثم أورد الفترات التاريخية المختلفة لتاريخ غزة حتى العهد الروماني إلى الفتح الإسلامي (ق 1 ـ 15) ثم تحدث عن فضائل مدينة غزة وموقعها، ومساحتها وحدودها، وحوادث القرون الماضية وتعرضها للفترات التاريخية التي مرت بها منذ الحروب الصليبية حتى مجيء الدولة العثمانية والحملة الفرنسية وحروب إبراهيم باشا المصري (ق 15 ـ 24) . ثم أورد أقوال العلماء والأمراء، والرحالة عن مدينة غزة . ثم انتقل إلى الحديث عن آثار المدينة بدءاً بالجوامع والمساجد الأثرية الموجودة والمندثرة وإنهاءً بالمقامات والمزارات والترب والمقابر (ق72 ـ 80) وقد أفرد قسماً خاصاً للحديث عن الزوايا والأماكن الدينية الأخرى (ق80 ـ 92) . وبهذا الصدد أورد معلومات هامة مفيدة للمؤرخ، ورجل الآثار وبالذات عن الجوامع الأثرية، والمندرسة منها واصفاً لها وقارئاً لنقوشها ومنقباً عن تاريخها . ثم تحدث بعد ذلك عن موقع مدينة غزة وصنائعها وتجارتها وعن أهلها وبيّن القرى والمدن التي كانت تابعة لها (92 ـ 155) . ثم عن أقسام غزة ومحلاتها، وهي ما يسمى قديماً بالخطط( ) (ق160 ـ 180) . وبعد ذلك انتقل للحديث عن البيوت والأنساب والعائلات المندرسة والقديمة والحادثة حسب تقسيمه لها ثم انتقل بعد ذلك إلى تراجم أبنائها وعلمائها بهذا القسم أنهى الكتاب .

* النسخة المعدلة :

وهى النسخة التي قام الشيخ عثمان تبيضها عن المسودة وتعديلها وإجراء تغييرات جذرية عليها من جميع النواحي، من حيث الأبواب والفصول والمعلومات . فهناك اختلاف كلي بين النسختين ولا يوجد أي مقارنة بينهما ومن الممكن القول بأن النسخة المسودة هي بمثابة مختصر بسيط ووجيز للنسخة المعدلة التي هي مدار بحثنا وحديثنا . فمن حيث التقسيم: قسم الطباع النسخة المعدلة من الإتحاف إلى جزئين الأول هو التاريخ، وتحتوى هذه النسخة على ثلاثمائة وسبع صفحات من القطع الكبير . وأورد فيها تاريخ غزة منذ العصور القديمة حتى أواخر العهد العثماني، وبداية الانتداب البريطاني على فلسطين إلى مرحلة ما قبل النكبة، حيث إنه قد فرغ من تأليفها سنة 1947 كما أسلفت . وسأعود للحديث عنها بشكل مفصل . الجزء الثاني وهو مقسم إلى قسمين قسم العائلات والأنساب ويبدأ من 1 وينتهي بـ 254 ، القسم الثاني وهو عن تراجم الأعيان الذين أنجبتهم مدينة غزة ويبدأ من 255 وينتهي بـ 353.

وأغلب الظن أن هذا القسم بالذات ـ العائلات والأنساب والتراجم ـ كان يريد أن يجرى عليها عدة تعديلات إلاّ أن المنية أدركته .

***

موارده في الكتاب ونماذج من ذلك

هنا يشير الشيخ عثمان إلى مصادره في الكتاب وهى :

1 ـ كتب التاريخ : وقد ترك لنا ثبتاً بها في أول صفحات المخطوط .

2 ـ كتب الرحلات: كرحلة ابن بطوطة وابن جير والنابلسي وغيرهم .

3 ـ وثائق العائلات وأوراقها من حيث عمود النسب والوثائق والحجج الشرعية.

4 ـ التحارير والصكوك والوثائق القديمة .

5 ـ السجلات والقيود الشرعية المطبوعة في المحاكم الشرعة .

6 ـ الرسائل المتبادلة بين العلماء .

7 ـ النقوش والرقوم التي كانت موجودة على واجهات المساجد والجدران والقبور والمقامات ( وقد اندثر الأغلب منها ).

8 ـ المصدر الميداني: وهو ما أخذه الشيخ عثمان من أفواه المسنين أبناء بلدته وهو مصدر مهم جداً بحيث لا يتوفر في كل وقت وفى كل حين، وهذا المصدر من أهم المصادر.


كتاب إتحاف الأعزة ومباحثه

القسم الأول (التاريخ) وأهم ما ورد فيه

أشار المؤلف في بداية الكتاب إلى أن أمير البيان شكيب أرسلان قد امتدح الكتاب، حينما كان متوجهاً من غزة إلى طرابلس الغرب لأداء بعض مهامه الرسالية للإسلام والعروبة . فارتجل بعض أبيات من الشعر وصدّر بها الكتاب وذلك سنة 1330هـ، وهذه الأبيات موجودة أيضاً في الورقة الأولى من النسخة القديمة (المسودة). ثم بعدها أشار إلى أن شيخ العروبة أحمد زكى باشا قد تصفح الكتاب وعجب به، وطلب منه أن يقوم بتبييضه وتنقيحه، وأشار عليه بأن يحذف بعض أشياء منه وأغلب الظن أن اطلاع شيخ العروبة كان على النسخة المسودة لأنه لو اطلع على النسخة المعدلة لأشار بأشياء أخرى على المؤلف، لأنني حسب دراستي ومعايشتي للكتاب وجدت أنه يلزمه تنقيح وتهذيب، بل أتجاسر أن أقول: إعادة صياغة وإعادة كتابة وإعادة ترتيب وتقسيم للفصول وهذا لن يتم إلاّ بعد تحقيق ونشر النسخة الأصلية والتعليق عليها .

أقول هذا الكلام على الرغم من قناعتي الكبيرة بأهمية الكتاب، حيث أنه (مصدر أوحد) لتاريخ هذه المدينة (غزة) . ففيه ما لا يوجد في غيره من حيث المادة والموضوع ومصداقية المعلومات وتوثيقها، وندرة المصادر التي أخذ عنها.

* مقدمة الكتاب :

أشار المؤلف في المقدمة إلى موضوع الكتاب ومجمل الموضوعات التي يبحثها فذكر أن هذا الكتاب (الإتحاف) يشتمل على تاريخ غزة ذات الفخار والعزة، وما احتوت عليه من المزارات، والآثار وتراجم جماعة من أعيان علمائها الأخيار مع التنويه بما فيها من الأسر الفخيمة، والبيوت القديمة، والمندرسة منها والمتجددة فيها.

بعد ذلك تحدث عن معاناته في الكتاب وكم استغرق من الجهد والوقت فقال:" وقد صرفت فيه من ريعان الشباب نحو سبع سنين، شمرت فيها عن ساعد الجد والاستبصار، وواصلت عن مطالبه في الليل بالنهار، حتى وقفت على ما لا يمكن الوقوف عليه من تواريخ الأواخر والأوائل ومن الكتب والرحل والدروج والأنساب والصكوك القديمة والسجلات الشرعية والرسائل والكتابات المنقوشة على القبور والأبواب والجدران، وما يعرفه الخبراء من أفواه المتقدمين ذوى العرفان، وتحريت الصحيح من الأخبار، وأكثرت من البحث والاختبار، وأضفت لذلك جملاً من نفائس الفرائد ونبذاً من عرائس الفوائد فجاء نزهة لفضلاء العصر وبهجة لنبغاء الدهر "( ).

بعد ذلك يوجه الطباع نقداً لاذعاً في المقدمة (ص8) لكل من جرجي زيدان في كتابه تاريخ التمدن الإسلامي ولعارف العارف في كتابه عن بئر السبع وقبائلها وعن القضاء بين البدو. ويعزز نقد شبلي النعماني لكتاب جرجي زيدان تاريخ آداب العرب (ص9) حيث ذكر فيه على حد قوله مثالب العرب، ورميهم بكل معيبة وشين، ويعزو إليهم كل دنية وشر، وجعل العرب من أشر خلق الله وأسوأهم وذلك بأن نسب إليهم حريق خزانة الإسكندرية في عهد خلافة عمرو بن العاص، وذلك باستشارة أمير المؤمنين الخليفة عمر بن الخطاب. ثم يقارن الطباع نفس الحادثة بما كتبه عارف العارف في كتابه (تاريخ بئر السبع) و(القضاء بين البدو)( )، وهذا الكتاب في اعتقادي (الباحث) أنه من أهم المثالب التي ألصقت بالعرب، وبالذات استغلال الدعاية الصهيونية لهذا الكتاب حيث قدمته للعالم بطريقة مشوهة ومغرضة لتكرس في أذهان الغرب أن هؤلاء لا يستحقون الحياة حيث أن هذه هي معتقداتهم وتقاليدهم. وقد رأيت هذا الكتاب ـ حيث انتزعت منه عدة فصول ـ يدرس على طلاب الجامعات الإسرائيلية وأهمها الجامعة العبرية في القدس. لذا يقول الطباع بصدد هذا الكتاب:"ولم يترك...صغيرة ولا كبيرة إلاّ درجها حتى كلمات الرعاة وقراءة الغفل وصلاتهم وعقائد وعادات خاصة وخلالاً مروية أو نادرة على أنها سجية لعرب بوادي السبع، وأخلاق شائعة بين العموم، وقد عد الناس هذا ضربة لهم واستخفافاً واضطهاداً لقبائلهم، موحياً بحقارتهم لدى الطوائف، والأجانب الذين لا يحبون العرب جميعاً، ويريدون محوهم من الوجود، سيما أرض فلسطين المقدسة، ولذلك تلقفوا هذا الكتاب بلهفة وطبعوه لعدة لغات، وقد كتبت له ـ عندما أهداني الجزء الأول ـ ضرباً من الانتقاد عليه وإن نوّه فيه باسمي ونقل عن كتابي هذا، ونبهته لتدارك إصلاح ما ينبغي إصلاحه في الجزء الثاني وأصر على رأيه وأصبح بسوء تصرفه وعدم اكتراثه هدفاً لمن يشعر بما فيه، بعدما ابتز منهم أضعافاً مضاعفة ثم بذل جهده وواصل سعيه في تأليف تاريخ لغزة فأشرت عليه بما عنده من خبرة باللغات الأجنبية،واطلاع على ما كتبه الأجانب عن غزة في تواريخهم ورحلاتهم، أن يترجم ذلك ويلخصه ويختار المفيد منه ويضم إليه ما يظفر به من الحقائق، والنبذ الرائعة فيكون بذلك صفة تشكر على ممر الدهور إن كان يريد خدمة غزة وأهلها "( ).

وهكذا يوجه الطباع نقداً لاذعاً لعارف العارف في كتابه عن غزة وبئر السبع وقد كتب الأستاذ حلمي أبو شعبان ـ وبإشارة من الطباع ـ كتيّباً صغيراً كله نقد لكتاب عارف العارف بعنوان: "تاريخ غزة لعارف العارف" _ نقد وتحليل، ذكر أبو شعبان في بداية الكتاب أن الشيخ عثمان الطباع قد شاركه في تمحيص الحوادث التاريخية( ). ثم بين فائدة التاريخ مستشهداً بأبيات لبدر الدين الغزي العامري وهى :

ومن عرف التاريخ أخبار من مضى وخلـف علمـاً أو جميلاً من الذكر

كمن عـاش كل الدهر بالعز فاغتنم بعلم وجـود في الدنيا أطـول العمر

وقول شوقي :

دقــات قلب المرئ قائلة له إن الحيـاة دقائق وثواني

خلد لنفسك ذكرها تحيَ به فالذكر للإنسـان عمر ثاني( )

ويلوم الطباع من يدّعى أنه من أبناء الوطن وهو يجهل تاريخ أمته ومصره، ولا يعرف سيرة إقليمه وقطره، ويعيش مغروراً بنفسه جاهلاً بحوادث الزمان، غافلاً عن أخبار من عمروا قبله الأوطان على حد تعبير الشيخ عثمان( ). ويلمح الطباع في المقدمة عمن أخذوا وظائف على حساب وطنهم ودينهم فيقول: "ومن سوء الزمان وضعف الإيمان، نرى ممن استهوتهم الدنيا واستغوتهم الوظائف من أبناء الوطن، ورجال الأمة من الكبير له ولها، وتدبير الأعمال الأثيمة، والمساعي المخزية الرجيمة نحو وطنهم وأمتهم "( ) . ثم يبدأ في مقدمة أخرى عن تاريخ الإنسان القديم الغارق في القدم( ) (ص27 ـ32) وعن أصل الإنسان ورده إلى أولاد سيدنا نوح عليه السلام وحام . وفي أورد أقسام السلالات البشرية التي تمتد جذورها إلى عدة قرون قبل الميلاد مثل : الموآبيون، من أبناء لوط ومنازلهم بين نهر أرنون الأزرق وتبوك ، والمديائيون وهى قبائلعربية تشعبت من مدين قبيلة شعيب عليه السلام (ص33 ـ 34) . وتحدث عن العرب العاربة والمستعربة وعن بطونها، وقبائلها وأماكن سكناها (ص 39 ـ 42). وتحدث عن الوحدة العربية وضرورتها لحياة الأمة وحفظ كيانها. (ص49). وعن الوحدة المفروضة وحدة الدين واللغة، وأشار لدعاة الإسلام أن يجتهدوا في إعادة الوحدة الإسلامية إلى ما كانت عليه في الصدر الأول، " خير القرون قرني ثم الذين يلونهم " . وفى (ص55) تحدث عن فلسطين وحدودها وبين أسماءها وأورد أشهر مدنها . وفى (ص69 ـ 71) تحدث عن مدينة غزة وحدودها وقدمها ومكانتها وذكر أنها من قواعد فلسطين الشهيرة . وبين أنها إحدى الرحلتين لقريش المذكورة في القرآن في قوله تعالى: رحلة الشتاء والصيف. ويعزو ذلك إلى تفسير ابن عبد البر، وحينما بحثت عن تفسير ابن عبد البر فلم أجده وقرأت كل ما ورد عنه في كتب التراجم فلم يذكر من ترجموا له بأن له تفسيراً وقد نقل ذلك عن التمرتاشي في رسالته "الخير التام". فهو الذي ذكر تفسير ابن عبد البر . ثم يستشهد من بعض كتب الجغرافيا عن مدينة غزة وعن موقعها (ص72) وتحدث عن غزة وقدم عروبتها ونقل عن المستشرق اليهودي البريفسور " ليون ماير " في كتابه عن غزة وأن صلة العرب بهذه المدينة ترجع إلى القرن السابع عشر قبل الميلاد، وأن قوماً من المعنيين أقاموا دولة عظيمة في شبه الجزيرة العربية قبل قيام دولة السبأيين، وامتد نفوذهم إلى شواطئ البحر المتوسط وكانت مدينة غزة على الأرجح من أهم الأسواق لترويج تجارتهم في البخور والبهارات، وكانت تنتهي عند غزة طريق القوافل من الصحراء (83ـ85)

الشهادة على الأحداث والمصدر الميداني القائم على الشهادة :

كثيرا من الأحداث التي أرخ لها الطباع في كتابه كان معاصرا لها مثل الحرب العالمية الأولى والانتداب البريطاني على فلسطين والحرب العالمية الثانية وما تلاها من الحوادث حتى سنة 7491 حيث انتهى من تأليف كتابه . وفى هذا الفصل أورد بعض المعلومات الهامة التي قد لا نجد غيرها في أي مصدر آخر ، وذلك فيما تحدث عن زحف الجراد على غزة سنة 3191م و3331هـ والضرر الذي حصل بالمزروعات . وتحدث عن الوباء وموت الكثير من جراء الأمراض الفتاكة وبين ناحية مهمة نستطيع أن نستدل منها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لمدينة غزة. حيث حصل الوباء ومن جرائه نتج الغلاء وحصل سوء الغذاء وفساد الهواء وصار الفقراء يقتاتون من الأعشاب والترمس والقشور والجيف ، فأحدثت فيهم الأمراض الفتاكة ومات أكثرهم بالجوع ، ذلك سنة ( 4331هـ - 4191م ) . وفى آخر هذه السنة شرعت حكومة الانتداب بفتح شارع بغزة من الغرب إلى الشرق وأخذت في هدم المحلات المتبقية والأبنية الجسيمة ، ومسحت القبور المقابلة لمزار الشيخ شعبان وهدمت جزءا كبيرا من جامع الوزير بسوق الخضرة وما والاه من الحوانيت والدور ، حتى وصل الهدم بخان الزيت فقسم الشارع نصفين ، ولحق الناس مالا مزيد عليه من الغصة والحسرة، عندما شاهدوا الهدم والتخريب لمحلاتهم ومساكنهم بالقهر والقوة من غير رحمة ولا مفاوضة ولا تعويض ، وفيها صار إعدام كثير من العساكر شنقاً ورميًا بالرصاص لفرارهم من الخدمة العسكرية كما شنق كثير من أعيان البلاد العربية بسبب طلبهم من الدولة الإصلاح قبل الحرب ، واستنصارهم بالدول الأجنبية ، وغربوا كثيرا من الوجوه لبلاد الأناضول وكان الأتراك يسيئون الظن بالعرب ويضمرون لهم العداء ، حتى أصر الاتحاديون على إبادتهم أو تتريكهم بنقلهم إلي بلاد الأتراك ونقل الأتراك إلى البلاد العربية ، وفى سنة 5331هـ /1915 م . أمر ناظر الحربية وقائد الجيش والحملة على مصر >أحمد جمال باشا" بتغريب جماعة من أهالي القدس والخليل ويافا وغزة ، فكابدوا من ذلك أنواع الشدائد ، ومن خرج منهم صار

قبضه وإعدامه ص (413 )مشاهدات المؤلف وانطباعه عن الحرب العالمية الأولى والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية إبان الحرب :

بعد أن قص علينا ما أصاب البلاد والعباد جراء هذه الحرب وما قام به العساكر من أعمال مشينة حيث كانت العساكر تكسر الأبواب وتنهب ما فيها ، والحكومة اقتصت آثار الأهالي في القرى فرحلتهم حيث مات أكثرهم بالغم والهم والجوع ولم يوجد من يغسلهم ويكفنهم ويصلى عليهم ويدفنهم، وإنما كانوا يرمونهم بثيابهم في الآبار المهجورة رمى الجيف ومنهم - وقليل ما هم - من رحل إلي "الرملة" و"اللد" والقدس والخليل ونابلس "ودمشق" . ثم إن العساكر الأتراك أعادوا الكرة على "غزة" فلم يتركوا بابا إلا خلعوه ولا سقفا أو جدارا إلا هدموه ، ونقضوه حتى خلعوا منابر الجوامع وبددوا الكتب والمصاحف الموثوقة بها ، والكتب الموجودة بدور أهل العلم والفضل ، وأخذوا منها ما أخذوه وباعوه بقيمة زهيدة لاتوازي مؤنه حملهم ، وأصبحت – "غزة وأهاليها " بحالة يرثى لها ، وجرى عليها مالم يسبق له نظير" ثم يتحدث المؤلف عن انطباعه ومشاهدته الشخصية لآثار تلك الحرب المدمرة فيقول >وكانت رحلتي بمدينة الرملة فسافرت منها إلى غزة عن طريق "الفالوجة" ثم "المحرقة" لتخفف ما بلغني عنها ومشاهدة ما حل بها ونقل ما تركته فيها من مكتبتي النفيسة، فدخلتها مع المخاطرة في يوم الأحد الموافق 42 جمادى الثانية 5331هـ. والمدافع من الأسطول الإنجليزي وجيشه تتوالى قذائفها على العساكر العثمانية التي كان مقرها خلف جبل المنطار، فرأيت حالتها تبكى العيون وتفطر الأكباد. مدينة خالية خاوية على عروشها لا يقع النظر فيها إلاّ على خراب، وأنقاض من كل جانب بها شرذمة من العساكر يلتقطون بقايا أمتعتها وأساسها، ويهدمون الأصقفة والجدران لأخذ ما فيها من الأخشاب والكرميد والحديد، والخروع ويقطعون الأشجار من الكروم والبساتين واليارات، ويسرّحوا الدواب والخيول في المزروعات؛ ورأيت أوراق المصاحف والتفاسير وكتب الحديث وغيره مبعثرة في سائر الطرقات، ومنها ما هو ملقى في القاذورات، فتذكرت بذلك واقعة الأندلس ووقائع التتار، وما بها اقترفوه {ولو شاء ربك ما فعلوه}. فخرجت منها لهفًا وبكيتها حزنًا وأسفًا" اهـ( ).

وأستطيع القول بأن هذا الفصل هو من أهم فصول هذا الجزء. وهو أشبه بسيرة ذاتية للشيخ عثمان، وفى نفس الوقت انطباع وشهادة على المرحلة التى عاشها آنذاك وهي مرحلة مهمة، فيها نقلة متباينة من العهد التركي إلى إدارة الانتداب

البريطاني على فلسطين. وفيه أيضًا تصوير لنتائج هذه الحرب وما جرته على البلاد وتعليل لأسباب ذلك، ونقد لاذع للساسة والقادة الذين أداروا رحى هذه الحرب.

وفى الصفحات اللاحقة يصور لنا المؤلف أحداث الحرب بصورة تفصيلية( ). ثم ينتقل الكاتب إلى غدر بريطانيا بالعرب. وإعلان وعد بلفور وإعطاء اليهود دولة فلسطين تطبيقًا للمقولة الصهيونية (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) وهو إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق. ثم ينتقل بنا في هذا الفصل الهام عن حوار ساخنٍ دار بينه وبين المستر ملز سنة 6391م (مساعد حاكم اللواء) وهو من أحرار الإنجليز على حد تعبير المؤلف( ).

بعدها ينتقل المؤلف يسرد لنا جميع الحكام الذين تواردوا على غزة منذ الفلسطينيين الأوائل "الكنعانيين" وحتى أوائل هذا القرن وانتهاء بعهد القائمقامية.

حيث كان أخرهم إحسان بك السعيد اليافي. ثم ينتقل بعد ذلك للأوضاع الإدارية لمدينة غزة بعد الفتح العثماني، وعن التقسيمات بدءًا بالألوية وأقسامها. حيث كانت غزة تابعة للواء الجنوبي ومركزة بين المدن الفلسطينية( ).

ثم يبدأ بعد ذلك بالحديث من جديد عن تاريخ غزة في العهد المملوكي، ثم غطى الفترة المسيحية، ثم أورد أسماء جميع الرحالة الذين زاروا غزة وآراءهم فيها. ثم أرخ لها وتحدث عن المدن والقرى التى كانت تتبعها ثم تلاها بالحديث عن الآثار والمعابد والمزارات والمشاهد والمكاتب والترب والمدارس. وهذا الفصل في رأيي من أهم فصول الكتاب. حيث أورد فيه معلومات منتقاة من مصادر نادرة أغلبها مفقود (كالدفاتر العثمانية الخاقانية والوقفيات والحج والوثائق، والنقوش التى اندثرت ولم يبق منها إلا النزر اليسير. بسبب الحروب.

ثم عرَّج المؤلف إلى ناحية مهمة جدًا حيث أورد أوقافًا قديمة مسجلة، هذه الوقفيات أوقفها السلاطين المماليك على المدن والقرى الفلسطينية وهذه الوثائق وثائق وحجج نادرة لا نجدها في أي مصدر آخر( )، ثم أورد الأوقاف المندرسة.


ثم تحدث عن المدارس والكتاتيب. وهذا يفيدنا في التعرف على الأوضاع العلمية والثقافية لمدينة غزة في نهاية العهد العثماني، وبداية الانتداب البريطاني، ثم عرج بعد ذلك على المدن والقرى التى كانت تتبع غزة من الناحية الإدارية مع إيراده لجميع القبائل العربية التى تتبع لكل مدينة من المدن الفلسطينية أو سميت بأسمائها. كمنطقة بئر السبع مثلاً فقد أورد المؤلف جميع القبائل التى تتبع لبئر السبع، وعنه أخذ عارف العارف فكرة كتابة مؤلفه "تاريخ بئر السبع وقبائلها" وانتقده الطباع بشكل لاذع في مقدمة الجزء الأول من التاريخ لأنه كتب كتابًا آخر. بعنوان "القضاء بين البدو" كانت له آثاره السيئة على الفلسطينيين وعلى العرب وكأنه مصداق للدعوة الصهيونية التى ألصقت بنا الجهل والخرافة، فقام العارف بتوثيقها على أرض الواقع تقريبًا، ثم بعد ذلك أورد جميع المواقع والآثار التاريخية بقضاء بئر السبع وما احتوت عليه من الآثار المتبقية التى قام باكتشافها بعض علماء الآثار البريطانيين. ونشرت جميع الآثار التى اكتشفت في جريدة حكومة عموم فلسطين التى كانت تصدر آنذاك. وقد قمت بتوثيق جميع تلك الآثار من المصادر الموثقة وألحقتها في الهوامش( ). ثم ختم هذا الجزء بالحديث بكل لوعة وأسى لما آلت إليه الأمة العربية والإسلامية وكيف كانت في الماضي وإلى أين وصلت في الحاضر ثم ذكر أسباب انحطاطها وطرح بديلاً لنهضتها وبعدها أرخ لانتهائه من الجزء الأول (قسم التاريخ) وذلك بتاريخ 72/ من جمادى الثانية 6631هـ، الموافق 81/5/ 7491م. ونبه إلى الجزء الثاني من المخطوط بقسميه العائلات والأنساب والتراجم.

القسم الثاني (العائلات والأنساب والتراجم)

هذا القسم لعله من أهم الأقسام في الكتاب. حيث فيه ما ليس في غيره البتة. بدأ المؤلف حديثه بعد الافتتاحية بتقديم عمله هذا وقيمته وأهميته حيث أن معظم مصادره نادرة حيث اعتمد على معرفته بهذه العائلات وجذورها الممتدة عبر التاريخ، واعتمد في توثيق وتوضيح أصولها على الوثائق والحجج الشرعي والوقفيات والدروج والأنساب والصكوك كما أشار في بداية القسم الأول من التاريخ: ثم إنه أيضًا خاض في كنه وأسباب ونشأة أسماء العائلات من حيث ارتباطها باللقب الوظيفي أو اتصالها وامتدادها إلى القبائل والبطون العربية وتدرجها إلى من اشتهر من رؤساء الأُسر وأفذاذ العائلات كزين الدين وتاج الدين ورضوان وعرفات، وحكى ونحو ذلك. ثم صارت وتطورت




هذه الألقاب إلى أصحاب الحرف والصنائع كالسَّراج والفراء والصائغ والنحاس، ونحو ذلك.

منهجه في العائلات والأنساب:

رتب المؤلف أسماء العائلات حسب حروف المعجم بغية تسهيل المراجعة، تاركًا للاستدراكات والملاحق مكانًا وهذا من أهم الأسباب التى جعلته لا يلتزم الترتيب المعجمي بشكل مرتب ومضبوط. حيث أن هناك تداخلاً كبيرًا في ترتيب إيراد العائلات من حيث الدقة.

وأرّخ في بداية الكتاب إلى ناحية مهمة في تواجد وتجمع العائلات في فلسطين وفى غزة بالذات فقال: "واعلم أولاً أن البلاد بسبب الحروب الصليبية التي تواصلت فيها نحو مائتي عام تغيرت نضارتها، ودك عمرانها، ومزق أهلها، وخلت من سكانها حتى صارت تساق الناس من أقاصي البلاد من سوريا ومصر والمغرب والحجاز والجراكسة والأتراك. وغيرهم. ويذكر بأن عدد سكان غزة قد زاد على الستمائة ألف آنذاك( ).

ثم بدأ بحرف الألف بعائلة الإسفاقسى وانتهى بحرف الياء بعائلة ياسين. وقد تناول في هذا الجزء مائتين وثمانين عائلة من أشهر وأعرق عائلات غزة سواء القديم منها التي انقرضت أو التى بقيت فروعها أو العائلات الحادثة على حد تعبيره وهى التي جاءت من فترة ليست بعيدة.

وهناك عائلات كانت شبه محطات يقف عندها وبعض العائلات لم يتجاوز في الكتابة عنها خمسة أسطر. وهى طبيعة الترتيب الموسوعي للكتاب.وقد قام برسم وتخطيط شجرة لحوالي سبعين عائلة بدأ بجدها الأكبر وحتى أولاده وأحفاده في زمنه.

وكما أسلفت كان في هذا الجزء معتمدًا على مصادر أصلية مكتوبة والأغلب منها شفهي يعتمد على معرفته بأصول وجذور لكل العائلات ومهما تحدثت عن هذا الجزء فلن يغنى عن مراجعته وقراءته. وستكون النتيجة معرفة عميقة بأصول وجذور العائلات ومن ثم إضافة نواحي مهمة في تأريخ هذه المدينة من الناحية الاجتماعية والأنثروبولوجية.




منهجه في كتابة التراجم (المجلد الرابع):

استهل المؤلف هذا الجزء بعبارة تراجم الأعيان الذين أنجبتهم مدينة غزة أو نزلوا بها ونسبوا إليها وبدأ بالسيد هاشم بن عبد مناف ـ جد النبي "، ثم بالإمام الشافعي، ووقف عند محطات له في الترجمة كأبي إسحاق ألغزي، وابن زقاعة الغزي وبنى التمرتاشى وبنى النخالة وغيرهم. وكان أهم مصدر من مصادره في الترجمة لأعلام العصر المملوكي الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر وكتاب الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع للسخاوي، ثم كان مصدره في تراجم أعيان القرن الحادي عشر والثاني عشر كتاب خلاصة الأثر للمحبي وسلك الدرر للمرادي ثم حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر لمحمد راغب الطباخ. وهكذا. وأطن أن أهم من ترجم لهم في الكتاب هم أعلام مدينة غزة في أواخر العهد العثماني حيث أن تراجم هؤلاء قد لا نجدها في مصدر آخر غير إتحاف الأعزة. وجل هؤلاء العلماء كان الطباع معاصرًا لهم سواء تتلمذ عليهم أو كانوا من أصدقائه ومعارفه والأغلب منهم كان كذلك فمن خلال وقوفنا على دفتر جميعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ودفتر جميعة الإرشاد والهداية الإسلامية، وثبت أسمائهم يتضح لنا بأنه قد ترجم لكثير منهم وبالذات الذين توفوا في حياته. وتحدث عن الكثير منهم إن كانوا أصدقاء له أو أقارب أو مجرد معرفته بهم وبأعمالهم أو مؤلفاتهم ولم يقتصر في ترجمته على رجال الدين وحدهم بل ترجم للساسة والقادة والحكام وجميع المشهورين.

منهجه في التراجم:

احتوى الكتاب على مائتين وأربع عشرة ترجمة كان آخرها ترجمة لحمدي الحسيني جاءت هذه التراجم في أربعمائة وثمانين صفحة. وقد كان يترجم للمتوفين منهم فقط إلا حمدي الحسيني ولا أدرى ما هو السبب؟ حيث أن هناك الكثير من معارفه ولم يترجم لهم في قسم التراجم ولم يفرد لأي منهم أي ترجمه كالشيخ محيى الدين الملاح وبعض أقرانه وزملائه. لأنه التزم في إيراده للترجمة بأن يترجم للمتوفين فقط.

وأخيرًا أقول بأننا بحاجة ماسة لقراءة هذا الكتاب من أوله لآخره هو وجميع الأجزاء التي سبقته، حتى نأخذ تصورًا جيدًا عن الأجداد ونحذوا حذوهم فحياة العظماء وحياة العلماء والأبطال والمجاهدين الذين كانوا نبراسًا لنا نهتدي به في وقتنا الحاضر.

تقريظ الشيخ الملاح : العلامة الشيخ محيي الدين الملاح

قاضي غزة الشرعي

لَقَدْ اتْحَفْتَ عُثْمَان الأعّزة بخَيـر مُؤلَّـفٍ تَاريـخ غَـزة

حَسرتَ نِقَابها فَغَدت تُهـادِي بأَجْمَـل حُلَّةٍ وَبُحسْـنِ بِزّة

جَمَعْتَ لَهُ المَصَــادِرَ عَنْ ثُقَاةٍ وَمِنْ كُلٍ قَدْ استخرجتَ كِنْزَه

فَمنْ علم إِلي أَدَبٍ نَفِيـسٍ إِلي أَثرٍ بِهَا أَظْهَرتَ لُغْزَه

نَشَرْتَ إِلي بَنْيهَا مَا طَوْتُه يدُ الأزْمَانِ مِنْ مَجْدٍ وَعِزّه

فَكَانَ لَهَا وَكَانَ إِليكَ ذكراً رفيعاً لا يري الإنصافُ وخزه

ودلَّ علي فضائلَ فيك تسْمُو عَلي سِعَـةِ اطْلاعِ كَـان حِرْزَه

عَلَي جُهْـد عَلَي حُسْنِ اعْتِنَاءٍ أَصبتَ بِجيّـدِ الترتيـبِ رَمْـزَه

يَقْينَاً لَوْ سِوَاكَ أَرادَ هَــذَا لأَظْهَرَ واسـعَ التـاريخ عَجْزَه

قَرأتَ صحـائفاً منـــه وَكَشْفاً له فَعَرتني يا عُثْمَـان هَزّة

فَيا ذَا الفَاضِل الطبَّاع أَقْبل علي طَبْعِ الكِتَـاب ينَال فَوْزَه

تُخَلّدُ ذِكْركَ الأَيامُ فِيـــــهِ وَشُكرِكَ مِنْ خُصْومِكُ والأعزّة

الفقير إلي الله تعالي

محيي الدين بن حسن بن إبراهيم بن الشيخ محمد تقي الدين الشهير بالملاح

من أهل طرابلس الشام المتوطن غزة منذ أعوام

غفر الله له ولوالديه وللمسلمين

آمين

عملي في الكتاب :

بعد أن تسلمت مخطوط الكتاب، من الأخ الفاضل/ فيصل عمر الطباع (أبو هشام) ـ بالإنابة عن الأخوة آل الطباع ـ ورثة المؤلف ـ واتفقنا على حيثيات الطبع والنشر، ومن الطريف بهذا الصدد أنه قد اشترط علىَّ بألاَّ تزيد مدة التحقيق عن ستة شهور،وقدر ا" أن تزيد المدة عن خمسة سنوات لا ستة أشهر. واكتشفت أثناء التحقيق وأثناء نقل الكتاب على الحاسوب أن هذه المخطوطة (القسم الأول منها) لا تتناسب مع القسم الثاني (الأنساب والعائلات). وقررت في نفسي أن هذه النسخة يستحيل أن تكون هي النسخة التي كتبها الشيخ عثمان الطباع. حيث إن فيها تكرارًا للأنساب والعائلات بصورة غير كاملة. ولا يوجد فيها أي تناسق مع الجزء الثاني من الكتاب (العائلات والأنساب وتراجم الأعيان) وذلك لعدة أسباب منهجية وموضوعية وتاريخه. فأعدت السؤال بإلحاح على الأخ "فيصل" وحاول مجاملتي يلطف ووافق على البحث مرة أخرى في كتب وأوراق الشيخ عثمان الطباع، فعثرت على "النسخة المبيضة" فدهشت وطرت من الفرح! وقرأت في أول ورقة منها: وقد اطلع عليه شيخ العروبة أحمد زكى باشا فأعجب به وحملني على تنقيحه وتبيضه وحذف أشياء منه، فقلت هي إذن. وبدأت العمل من جديد وبهمة ونشاط أكثر من ذي قبل، حيث أنني عثرت مع النسخة المسودة على مجموعة من رسائل وأوراق الشيخ عثمان الطباع وبدأت أنقل ما فيها على الحاسوب بدلاً من النسخ، وانتهيت من ذلك بعد سنة ونصف لأنني أمضيت نصف سنة في المسودة. ففي خلال سنة ونصف كنت قد أنهيت نقل المخطوط الذي تزيد أوراقه عن السبعمائة صفحة بقسميه (التاريخ والعائلات والأنساب والتراجم): ومن خلال عملية النسخ والنقل تعرفت على جميع مصادر المؤلف وبعدها بدأت رحلة التحقيق والبحث والدراسة في الكتاب. ومعايشته. وكان منهجي في التحقيق هو المنهج المتعارف عليه لدى جميع الباحثين والدارسين في الشرق والغرب وحسب علم نشر النصوص القديمة. وقد قمت بتقسيم الكتاب في البداية إلى ثلاثة أجزاء:

الأول: قسم التاريخ (بجزأيه التي تمت طباعتها).

الثاني: عن العائلات والأنساب.

الثالث: تراجم الأعيان.

ثم أثناء المونتاج الأخير تم تقسيم الكتاب بصورته الأخيرة إلى أربع مجلدات

(مجلدين للتاريخ) ومجلد للعائلات والأنساب ومجلد للتراجم.

وهذا التقسيم آذى اهتديت له أخيرًا كان على ضوء تقسيم المؤلف لكتابه المخطوط فهو أفرد جزءًا للتاريخ (803 ورقات) والقسم الثاني بجزأيه للعائلات والأنساب والتراجم. وقد زودت المجلد الثالث بفهرس أبجدي للعائلات والأنساب، ومثله فهرس آخر للتراجم حسب حروف المعجم لتسهل المراجعة والبحث فيهما.

وحتى يتمكن الجميع: الباحث والطالب والقارئ من الحصول على المطلوب في أسرع وقت ممكن.

وتمثل منجهي في التحقيق في الخطوات التالية:

1 ـ قمت بقراءة المخطوط ونقلت النص على الحاسوب.

2 ـ حققت النص وأخرجته كما أراده مؤلفه.

3 ـ خرجت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

4 ـ خرجت الأشعار والأمثال وغيرها.

5 ـ قمت بضبط وتوثيق أسماء الأعلام والمدن. مع الإحالة إلى مصادر التراجم ومصادر البلدانيات والمدن والقرى. الفلسطينية والعربية على حدٍ سواء.

6 ـ قمت بتخريج وتوثيق الحوادث التاريخية والتعليق عليها.

7 ـ قمت بشرح وتوضيح الكلمات العربية وبالذات التركية منها (لغة الخلافة) ـ لاتصالها الوثيق بمجريات الكتاب.

8 ـ قمت بشرح معاني المصطلحات والألقاب الواردة للأمراء والسلاطين والحكام والأعيان وأصحاب الشأن واعتمدت على المصادر المخصصة بهذا الصدد.

9 ـ نقلت شجر العائلات من شكلها المخطوط وقمت بتوزيعها على الحاسوب، حتى تسهل قراءتها كما هو واضح في المجلد الثالث (الأنساب والعائلات).

01 ـ قمت بتخريج التراجم الواردة في المجلد الرابع (التراجم) وصححت الكثير منها وأحلت إلى مصادر ترجمة الأعيان المترجم لهم، ثم أبرزت كثيرًا من المترجمين الذين لم تورد عنهم المصادر إلاَّ النزر اليسير.

11 ـ قمت بعمل فهارس لكلٍ من الأنساب والعائلات حسب حروف المعجم ولتراجم الأعيان أيضًا حيث أن المؤلف لم يلتزم الترتيب المعجمي في كلا القسمين وأنا عازم على عمل فهارس فنية شاملة لجميع مجلدات الكتاب فيما بعد أن شاء الله تعالى.

12ـ قمت بالرجوع إلى المئات من المصادر والمراجع. حيث زادت عن الثلاثمائة من



الكتب المخطوط منها والمطبوع وقمت بمراجعة مئات أخرى لم استفد منها ظنًا منى بأن فيها بغيتي فلم أقيدها لأنني لم أدون منها شيئًا، وطالعت المئات من الوثائق والحجج والوقفيات وأوراق العائلات والدروج (أعمدة النسب) لما لها من اتصال بموضوع الكتاب عدا عشرات المخطوطات التي لم تنشر. وقمت بتفريغ البعض منها على الحاسوب "ككشف النقاب لبسيسو" وخلاصة الأنساب للطباع وذلك لكثرة استعمالي لهما ورجوعي لما فيهما بين آونة وأخرى. وكلفني البحث عن تلك المصادر والمراجع أن سافرت ثلاث مرات متوالية إلى جمهورية مصر العربية وكنت أداوم دوامًا رسمياً في معرض الكتاب الدولي حيث لم أدع مكتبة أو دار نشر إلاَّ وقرأت عناوينها بالكتاب وتتبعت دور النشر في سوريا وعمان ولبنان وأفدت فيها بالكثير والحمد "، ثم ذهبت إلى مكتبات القاهرة وبحثت فيها جميعها وخرجت أيضًا بالخير الكثير، ثم تتبعت بعض المكتبات الخاصة عدا دار الكتب المصرية فأخذت منها ما أخذت، وكنت في كل مرة أكابد مشقة السفر بسبب كثرة ما معي من الكتب. هذا عدا مكتبتي الخاصة التي وصل عددها الآن ثمانية آلاف كتاب، فهي مجهزة بكل ما يتصل بالتراث العربي المخطوط منه والمطبوع. وأحمد ا< عز وجل إلى أن وفقني منذ نعومة أظفاري لجمعها وترتيبها وإفادة أهل العلم منها. وأعود للقول بأن عملية تحقيق هذا الكتاب تجاوزت الخمس سنوات سلختها من عمري وأنفقت على هذا الكتاب من قوت وعلى حساب معيشة أولادي، ولم آخذ معونة من أحد ولم يقدم لي أحد أي شيء، فقد تداينت مبلغًا ضخمًا من الأستاذ الفاضل جرار القدوة ـ حفظه الله وكان دينًا شرعياً وعليه شهود وكان مشكورًا في ذلك. وساهم معي الأخ الفاضل الناشر بجزء من تكلفة طباعة الكتاب. وهذا كله لا يمثل شيئًا بالنسبة لما بذلته من جهد فكم سهرت ومتى نمت وكم قرأت وكم كتبت وكم فكرت، وكم حلمت فى هذا الكتاب في الحلم وفى اليقظة، لقد كان مصدر قلقي لخمس سنوات خلت اختلط فيها الخيال بالواقع وتأنى الحلم باليقظة. وباختصار كان إتحاف الأعزة بالنسبة لي سيمفونية أريد أن أرى نهايتها. فقد كانت هذه السيمفونية تعذبني وتلهب مطامحي. وهكذا كنت وهكذا كابدت ولا يستطيع أحد أن يتصور إلا من خاض التجربة، فكما قال الشاعر:

لا يعرف الشوق إلاّ من يكابده ولا الصبـابة إلاّ من يعانيها

فالليالي التي سهرتها والجهد الذي بذلته والمال الذي أنفقته إلى أن وصل الكتاب بما عليه الآن، بشكله الأخير. حيث أنني أشرفت وشاركت في كل خطوة من خطوات المونتاج وكنت أنتقل بين القاهرة وغزة أكثر من أربعة شهور كان معظمها إجازات ـ إلى أن تمم الله عز وجل نعمته علىّ فله الفضل والمنة. فبتوفيقه وكرمه وصلت إلى ما وصلت.

وفى الختام أرجو أن ينال عملي هذا القبول وأن أكون قد قدمته بشكل يليق بمكانته المحفورة في ذاكرة أبناء هذه المدينة.

فالحمد الله وحده وأسأله تعالى أن يوفقني لإصدار المزيد إنه سميع قريب مجيب الدعاء.