ودعت ذاتي بعدما صرت عنها غريب
كما تودع الشمس السماء وقت المغيب
وتترك احمرار الشفق يروي حكاية حزن
عن يوم منذ فجره كان كئيب
ودخلت مدينة الظلام تاركا خلفي
كل ذكرى مع صديق أو حبيب
هناك في مدينة الظلام
تعلق على أبوابها الأحلام
وتكسر الحروف وتحرق الأقلام
وتصبح رمادا اسودا تحت الأقدام
أما المشاعر فحجارة حول الطريق
وتماثيل مصنوعة من رخام
مشيت في المدينة بلا حواجز
رأيت أطفال من حزنهم عجائز
يأخذون طعامهم من بين أنياب الظلم
ويصرخون كالفرسان هل من مبارز؟
ومن بعيد تطل شجرة بلا أغصان
عرفتها من لون العرق الذي يغطيها
من رائحة الدم الذي يرويها
وثائر على الأرض يكتب بالشريان
الله اكبر يا فلسطين يا أجمل الأوطان
لمستها قبلتها ودعوت لها الله
أن يحيطها بالحب والسلام والأمان
في اظلم بقعة في المدينة
رأيت حماقة وغرور الإنسان
وكيف صار كبيرا في هذا الزمان
وقفت حائرا وسألت نفسي
لماذا نقتل الأزهار في نيسان ؟
لماذا نغدر ونظلم ونخون ؟
لماذا نرضى الذل ونشتري الهوان ؟
صفعني الظلام عندما اظهر لي حياتي
وذكرني لماذا أنا هنا الآن
هربت باكيا لا ادري أين طريقي
على ارض مصنوعة من قهر وحرمان
وحولي تناثرت ألف ألف مأساة
وانهار من دموع وأشواك ودخان
أأعود إلى حياتي كما كنت ؟
وأنا الذي طول عمري عشت
قطرة ماء في قعر فنجان
حبيبتي الآن يحلو لك البكاء
بعدما ضيعتني وطردتني من قلبك
ووضعت في عيوني ألف شتاء
وتقولين أنا مشتاقة إليك
لا تكذبي لقد مللت فيك حماقة النساء
ما عدت أريد شفقتك ولا عطفك
برغم كل أحزاني لم يمت فيّ الكبرياء
أتعلمين كم أنا منك مستاء ؟
فكل ما أعطيتك من حب وحنان
احتاج بعضه لأحب نفسي أكثر
ولا ادخل مدينة الظلام كل مساء
هربت بعيدا عن مدينة الظلام
بعد أن ذبحتني ذكرى حبيبتي
أمسكت بيدي طفلة على تلة خضراء
طفلة جميلة اسمها قصيدتي
قبلتها ألف مرة فضحكت وقالت
يا سيدي لا تهوى لنفسك التعذيب
فمهما جرى في قلبك الصغير
فالأمل مهما كان بعيدا يبقى قريب
نظرت خلفي فوجدت المدينة تحترق
فرحت وتراقص في عيوني ذاك اللهيب
أنا لن أعود يا مدينة الظلام أبدا
مهما صرخت ولم أجد من يجيب
[email protected]
مدينة الظلام بقلم: محمد رجائي الطيبي
تاريخ النشر : 2007-04-17