خاصرة النهرين شعر:فولاذ عبد الله الأنور
تاريخ النشر : 2007-04-14
خاصرة النهرين شعر:فولاذ عبد الله الأنور


جاءنا البيان التالي :

خاصرة النهرين

شعر

فولاذ عبد الله الأنور

كيف لى أن أحبَّكِ أكثرَ ، مما أحبُّكِ ،

أو أن أموت لأجلك أكثر مما أموت ،

اكتحلتُ بعينيكِ ،

حتى رأيتك أوضح مما عليه ،

تجلَّيت سيدتى فى دمى ،

فأضاء المد ى ، باتساع صراخ الولادةِ ،

حتى صياح المماتِ ،

كأن نجوم السماء بعينيكِ ،

قد غَرِقَتْ فى مياه الفراتِ ،

ويعلو البيانِ ،

ويشتبك الطير والأفعوان ،

وتنهض بغداد بين الركامِ ،

وتحيا ببعض الفتاتِ ،

ويسقط من حولها الشهداءُ ،

هى الأرض ،

لا فرقَ بين اكتحالِكِ سيدتى ،

ودموعِ العراقِ ،

اكتحلتُ بعينيكِ ،

حتى رأيتك أوضحَ مما عليه ،

رأيتك أعمق من فرقة وتلاقٍِ ،

أ أَنْتِ التى كنتِ فى صحبتى ،

فوق شاطئ " دجلةَ " من سنوات .

أوَ أنت التى أَدْخَلَتْنى ، " حدائقَ بابلَ "

حين وصلتُ أزقّةَ بغدادَ ،

فاختلط اليأسُ بالأمل الحلوِ ،

والأمسُ بالآتِ ،

سيدتى ،

ذهب العمر بالأمنياتِ ،

وعيناكِ أبلغُ ،

عيناكِ ما ئجتان بعمق الخطابِ ،

أرينى قصاصة هذا الهوى ،

أطلعينى على آخر الدمع ،

ها ، إن سبعين مريلةً ،

بَقِيَتْ فى رُفات تلاميذنا ، غيرُ كاذبةٍ ،

والأسرَّةُ مكتظةُُ بالدفاتر والشهداء ،

انظرُى لى ملياً ،

تَرَىْ أثراً مِن حُنُوُّكِ فى نظرتى ،

قَدَرَاً مِن دُنُوُّكِ فى خُطوتى ،

أطلعينى على آخر الحبّ ،

ثم اتبعينى ،

لعلى أواصلُ بَثّ جنازاتِنا فى النهار ،

وليلاً اناوئُ جلد الذئابِ ،

وتبقين سيدتى لا شبيهَ لعينيكِ ،

عيناكِ رائقتان وغائمتان ،

ومُفعمتانِ بهذا السحابِ ،

وتبقى بعينيكِ بغدادُ ،

حىُّ الرصافةِ ، والمشهد الكاظمىُّ ،

وبابُ المعظّمِ ، والمكتباتُ ،

ودجلةُ يحضِنُ دارَ الخلافةِ ،

والأثرُ البابلىُّ يمشِّطُ شَعرَ الليالى ،

ويجرى برائحة الأقدمين الفراتُ ،

وتبقين أنتِ ،

ويبقى الهوى الأبدىُّ بعينيكِ ،

سيدتى ،

يا حبيبةَ قلبى ،

اركضى جانبى ،

اركضى بين مُغْتَسَل بارد وشرابْ .

===================

فولاذ عبد الله الأنور

[email protected]