اعقل وتوكل بقلم: الدكتور حسن القرعاوي
تاريخ النشر : 2007-04-12
اعقل وتوكل

اعقُـــــل بعزمكَ واعتصم وتوكـل ***** واسلك سبيلك فالظلام سينجــــلي

إن كنت بــــــــالله المدبّر موقنـــــاً ***** فالله خير ميسّــــــر ومذلّــــــــــل

فإذا طغى بحر النعاس بأعـــــــين ***** فضع الرّحال على الجوانب وانزل

وانشق عبيراً للخزامى نفحهـــــــا ***** طب النفـــــوس وبرؤها لمعـلـل

ودع البنينَ على الكثيب بشوقــــهم ***** يتزلجون بكلّ دعص مرمــــــل

وانظر لليلى والعيون شواغـــــــل ***** تبلغ بها ألفـا ًبــدون تملمـــــل

فإذا نأت عنك الديار وأهلهــــــــــا ***** وأحبة برحــــــــابها لا تعجـــــل

نعم الإله على العباد كثيـــــــــــرة ***** وأجلّهـــا مــــا تستقل وتعتلـــــي

تطوي مسافات يطول زمانهـــــــا ***** كانت تشقّ على جميع الرّحّــــل

أضحت على مرمى العيون لعائــد ***** والشوق ما بين الجوانح يغتلــي

خلق القيادة أن تسير كمـــــا سرى ***** ماء الصفـــاء على امتداد الجدول

بترفق في النفس يعكس ظلهــــــــا ***** والعين ترقب ما ترى بتأمــــــــل

لمن امتطى صهوات(فرد) أهــوج ***** أو كانَ ( للهنـدا ) لظهــر معتلـي

إن مر من أقصـى اليمين مـــراوغ ***** فافسح وقل يا ابن الكرام تفضـّلِ

فاكبح جماح النفس حين نفارهـــا ***** وخذ الأمور بكل كل تحمّــــــــل

متوقفـــاً متلفتــــــــا بتقاطــــــــــع ***** قد يقطع الحبل المتين ويبتلـــي

أمن الوصول إلى نهايــة دربنـــــا ***** صبـر النفوس وسيرها بتسلســل

أمــــن المواطن غاية يهفو لهــــــا ***** القلب الرحيم ولايعي القلب الخلي

إنّ المـــواطن ثـــــروة أبديــــــــة ***** وكنوزها في النفس من أحلى الحُلي

فالدين رسخ في النفوس مبادئــــــاً ***** فيها الحياة لعـــز قوم أفضـــــــل

وبـــــه اعتـدالٌ لا يميــل لجانـــب ***** متجاوزاً قدراً بما لم يعقَـــــــــــلِ

مـــن زاد بــــالله القديـــر تيقنــــاً ***** يمضي ويعبـــر كلّ درب مقفــــل

إن كان من يمضي به مستمســــكاً ***** بالعروة الوثقى بكلّ توكّــــــــــل

لم يُرخِ للمركوب طول عنـــانــــه ***** إلا بثاقب فكره المتأمـــــــــــــل

لكنّ مــن ألقى القيـــادة للهــــــوى ***** فأراد سبقاً للزمــان المقبــــــــل

عصفت بـــــه ريح المنـون فجاءةً ***** من شاهق والرأس بين الأرجُـــل

*****************************

فحوادث الأيــــــام لا لا تمّحــــــي ***** آثارها وغمامة لا تنجلـــــــــــي

في كل يـــوم تستجــــد حـــــوادثٌ ***** ما خلفته يفوق كل تحمّــــــــــل

لمضرّج بدمائــــه ومعــــــــــــوّق ***** لتمزق في الساق حتى المفصــــل

حتى غدا من بعد حسن قوامـــــــه ***** كالغصن في فرع له متهــــــــدل

*****************************

وهناك من ذهبت حوادث جمــــــة ***** بعقولهـــم في غمرة لا تنجلــــي

فوق الأسرة في المشافي رقّــــــــدٌ ***** من يائس حزناً بهــم مُثقـــــــلِ

هــذا ابتلاء كي نراعيَ أنفســــــــاً ***** فيما يمـر من الحوادث أو يلــــي

لكننا بعــــــد انجلاء غمامــــــــــة ***** ننسى مذاق مرارةٍ كالحنظــــــــل

كـــم آلـــــــةٍ معجونة بدمائنــــــــا ***** في العين كانت مشهداً لتَمثّـــــل

غابت عن الأنظار دون تفكُّـــــــر ***** وتدبـــر بحياتنـــــا وتأمـــــــــــلِ

وكأننا ذاك الحصــاد فزرعــــــــهُ ***** ما كان إلاّ لاستباحة منجـــــــــــلِ

*****************************

إنَّ الحضارة نقمــة في حاضـــــرٍ ***** إن لم توجَّه نحو خير أمثـــــــل

تستخدم الآلاتُ تـــــلك لحاجــــــة ***** لا للمنيًّــة والردى المنتنقـــــــــل

*****************************

لكنَّها الأقدار لا دفـــــــع لهـــــــــا ***** إن تطرق الأبواب قلتَ لها ادخلي

مستثنياً مرءاً تجــــــاوز حـــــــده ***** فيما أتاه من المصير المذهــــــل

كـــم من بيوت فارقت أحبابهــــــا ***** في القلـــب قد تركت بقايا دُمَّـــل

فاعقل سوامك واعتزم وتوكـــــــلِ ***** فالله يدفع كلَّ شـر مقبـــــــــــل

هدي الرسول منــــارة وضـــــاءةٌ ***** وهاجة في برجها السامـي العلـي

ماضلَّ من سارت خطاه بهديــــــه ***** حتى يحل مقـــــــام عـــــــز أول