اعقل وتوكل
اعقُـــــل بعزمكَ واعتصم وتوكـل ***** واسلك سبيلك فالظلام سينجــــلي
إن كنت بــــــــالله المدبّر موقنـــــاً ***** فالله خير ميسّــــــر ومذلّــــــــــل
فإذا طغى بحر النعاس بأعـــــــين ***** فضع الرّحال على الجوانب وانزل
وانشق عبيراً للخزامى نفحهـــــــا ***** طب النفـــــوس وبرؤها لمعـلـل
ودع البنينَ على الكثيب بشوقــــهم ***** يتزلجون بكلّ دعص مرمــــــل
وانظر لليلى والعيون شواغـــــــل ***** تبلغ بها ألفـا ًبــدون تملمـــــل
فإذا نأت عنك الديار وأهلهــــــــــا ***** وأحبة برحــــــــابها لا تعجـــــل
نعم الإله على العباد كثيـــــــــــرة ***** وأجلّهـــا مــــا تستقل وتعتلـــــي
تطوي مسافات يطول زمانهـــــــا ***** كانت تشقّ على جميع الرّحّــــل
أضحت على مرمى العيون لعائــد ***** والشوق ما بين الجوانح يغتلــي
خلق القيادة أن تسير كمـــــا سرى ***** ماء الصفـــاء على امتداد الجدول
بترفق في النفس يعكس ظلهــــــــا ***** والعين ترقب ما ترى بتأمــــــــل
لمن امتطى صهوات(فرد) أهــوج ***** أو كانَ ( للهنـدا ) لظهــر معتلـي
إن مر من أقصـى اليمين مـــراوغ ***** فافسح وقل يا ابن الكرام تفضـّلِ
فاكبح جماح النفس حين نفارهـــا ***** وخذ الأمور بكل كل تحمّــــــــل
متوقفـــاً متلفتــــــــا بتقاطــــــــــع ***** قد يقطع الحبل المتين ويبتلـــي
أمن الوصول إلى نهايــة دربنـــــا ***** صبـر النفوس وسيرها بتسلســل
أمــــن المواطن غاية يهفو لهــــــا ***** القلب الرحيم ولايعي القلب الخلي
إنّ المـــواطن ثـــــروة أبديــــــــة ***** وكنوزها في النفس من أحلى الحُلي
فالدين رسخ في النفوس مبادئــــــاً ***** فيها الحياة لعـــز قوم أفضـــــــل
وبـــــه اعتـدالٌ لا يميــل لجانـــب ***** متجاوزاً قدراً بما لم يعقَـــــــــــلِ
مـــن زاد بــــالله القديـــر تيقنــــاً ***** يمضي ويعبـــر كلّ درب مقفــــل
إن كان من يمضي به مستمســــكاً ***** بالعروة الوثقى بكلّ توكّــــــــــل
لم يُرخِ للمركوب طول عنـــانــــه ***** إلا بثاقب فكره المتأمـــــــــــــل
لكنّ مــن ألقى القيـــادة للهــــــوى ***** فأراد سبقاً للزمــان المقبــــــــل
عصفت بـــــه ريح المنـون فجاءةً ***** من شاهق والرأس بين الأرجُـــل
*****************************
فحوادث الأيــــــام لا لا تمّحــــــي ***** آثارها وغمامة لا تنجلـــــــــــي
في كل يـــوم تستجــــد حـــــوادثٌ ***** ما خلفته يفوق كل تحمّــــــــــل
لمضرّج بدمائــــه ومعــــــــــــوّق ***** لتمزق في الساق حتى المفصــــل
حتى غدا من بعد حسن قوامـــــــه ***** كالغصن في فرع له متهــــــــدل
*****************************
وهناك من ذهبت حوادث جمــــــة ***** بعقولهـــم في غمرة لا تنجلــــي
فوق الأسرة في المشافي رقّــــــــدٌ ***** من يائس حزناً بهــم مُثقـــــــلِ
هــذا ابتلاء كي نراعيَ أنفســــــــاً ***** فيما يمـر من الحوادث أو يلــــي
لكننا بعــــــد انجلاء غمامــــــــــة ***** ننسى مذاق مرارةٍ كالحنظــــــــل
كـــم آلـــــــةٍ معجونة بدمائنــــــــا ***** في العين كانت مشهداً لتَمثّـــــل
غابت عن الأنظار دون تفكُّـــــــر ***** وتدبـــر بحياتنـــــا وتأمـــــــــــلِ
وكأننا ذاك الحصــاد فزرعــــــــهُ ***** ما كان إلاّ لاستباحة منجـــــــــــلِ
*****************************
إنَّ الحضارة نقمــة في حاضـــــرٍ ***** إن لم توجَّه نحو خير أمثـــــــل
تستخدم الآلاتُ تـــــلك لحاجــــــة ***** لا للمنيًّــة والردى المنتنقـــــــــل
*****************************
لكنَّها الأقدار لا دفـــــــع لهـــــــــا ***** إن تطرق الأبواب قلتَ لها ادخلي
مستثنياً مرءاً تجــــــاوز حـــــــده ***** فيما أتاه من المصير المذهــــــل
كـــم من بيوت فارقت أحبابهــــــا ***** في القلـــب قد تركت بقايا دُمَّـــل
فاعقل سوامك واعتزم وتوكـــــــلِ ***** فالله يدفع كلَّ شـر مقبـــــــــــل
هدي الرسول منــــارة وضـــــاءةٌ ***** وهاجة في برجها السامـي العلـي
ماضلَّ من سارت خطاه بهديــــــه ***** حتى يحل مقـــــــام عـــــــز أول
اعقل وتوكل بقلم: الدكتور حسن القرعاوي
تاريخ النشر : 2007-04-12