الأساليب الدفاعية اللاشعورية بقلم:ريما قاسم
تاريخ النشر : 2007-03-29
.. إذا عجز الفرد عن مواجهة مشكلاته بصراحة و إقتدار فان ذلك يدفعه إلى أساليب من التكيف يقصد بها تخفيف حدة التوتر الناتج عن الاحباط .(فالنفس البشرية يحكمها مبداْ الحياة الوجدانية وهو البحث عن السعادة وتجنب الالم) ومن هذه الأساليب الحيل اللاشعورية- وتشترك جميعها في أنها نوع من تشويه الحقيقة .وتتلخص أسباب إستخدام الفرد لهذه الحيل الدفاعية (اللاشعورية) في تجنب الفرد حالات القلق في مواقف الحياة ومايصاحبها من شعور بالاثم ,و التقليل من الصراعات في داخله وأيضا لحماية ذاته من التهديد ,وقد يلجأ لها لعدم قدرته على إرضاء دوافعة بطريقة سوية واقعية لأسباب كثيرة كأن تكون المشكلة فوق إحتمالة أو تكون نتيجة دوافع لاشعورية لا يعرف مصدرها, أو تكون ناتجة عن ضعف أو قصور في تكوينه النفسى.

و لكنها تصبح ضارة و خطرة عندما تعمى الفرد عن رؤية عيوبة و مشاكلة الحقيقية و لا تعينة على مواجهة المشكلة بصورة واقعية .

وقبل أن نتحدث عن أنواعها أو أشكالها دعنا نعرفها:

هي عمليات لاشعورية يمارسها الفرد لمواجهة الأخطار و التخفيف من حدة التوتر والشعور بالضيق الناتج عن الاحباط وعند عجزه على التغلب على العوائق التي تعترض إشباع دوافعه

سنستعرض هنا بعض الحيل أو الأساليب الدفاعية والتي يكثر إستخدامها من قبل أطفالنا إلا أننا سنجدها مستخدمة من قبل الكبار أيضا بمقدار ما تستخدم عند الأطفال ولكن سأركز في حديثي وعرضي لهذه الحيل على الأطفال لما لها أثر في بناء شخصية الطفل و بالتالي أثرها عليه عندما يكبر ...

أولا:الكبت:

هو العملية الدفاعية الأساسية اللاشعورية الأولى, فالأفكار التي تؤدي للقلق يتم عزلها عن الإدراك الواعي الشعوري فهو ليس برفض أو إنكار من قبل الفرد لأن يتذكر الواقعة إنما نجد أن الفكرة أو الواقعة تستبعد من الشعور بواسطة قوى لا شعورية لا سلطان للفرد عليها حيث أن الفرد الذي كان يتذكر الفكرة أو الواقعة في وقت ما أصبح لا يتذكرها حتى أن الأسئلة المباشرة لا يمكن أن تعيدها إلى إدراكه الواعي.

ثانيا:الانكار:

هي عملية وثيقة الصلة بالكبت إلا أنها أكثر بدائية فهنا الفرد يدرك الفكرة أو الواقعة ولكنه ينكر حدوثها تماما و يصر على عدم صحتها .

ومثال ذلك: فتاة توبخ و تنتقد بطريقة قاسية من والديها تغضب ويلاحظ ذلك بسلوكها ولكنها تنكر أنها غاضبة و تصر على أن أبويها يحبونها و أنها تحبهم.

نشير هنا أن هناك فرق بسيط بين الكبت و الإنكار...ففي الكبت الطفل(أو الفرد) لا يستطيع أن يتذكر الواقعة أو الفكرة المؤلمة نهائيا مثال ذلك في مثالنا السابق الطفلة لا تستطيع في حالة إستخدامها للكبت تذكر المناقشة الحامية بينها وبين أباها و والدتها أما في الإنكار فالفكرة يتم إنكارها و هنا ينكر الطفل أنه سمع المناقشة فعلا بينما هو واع لمجرياتها ويتذكرها .

ثالثا:الاسقاط او الازاحة...

حيلة دفاعية يتم فيها إعتراف الفرد بالمشاعر غيرالمقبولة أو النوازع غير المقبولة ولكن ينسبها الى مصدر آخر.

فالإسقاط.. هو أن تعزو غير المقبول من الأفكار و الأفعال الى شخص آخر على حين أن هذه الأفكار أو الأفعال إنما ترجع إليك بالحقيقة فمثلا كثيرا ما نسمع طفل يقول:"ماما منى إلي بترمي الأغراض على الأرض مو أنا!" وهذه أكثر الأمثلة شيوعا عند الأطفال فنجد أن الطفل يضع دائما السلوك المرفوض من قبل الوالدين على شخص آخر خوفا من أن لا يحظى بحبهم .

الإزاحة..هنا الأمر مختلف فالطفل هنا يستجيب للإنفعال بالشكل الصحيح ولكن بنفس الوقت لا ينسبه للمصدر مثل خوف الطفل من والده قد يكون مؤلما جدا للطفل إلى حد أن لا يعترف به ولكن بسبب هذا الخوف نراه ينسب الخوف إلى بديل رمزي مقبول عن والده كأن ينسب إحساس خوفه وقلقه إلى الظلام..المكنسة..لون معين كالأسود..وغيرها..

رابعا:التبرير..

حيلة دفاعية نعمد إليها كلنا لا الأطفال وحدهم وهنا نوجد أسباب مقبولة إجتماعيا لسلوكنا وخصائصنا عندما لا يكون السبب الحقيقي مقبول بحيث أننا لو أتحنا له الدخول إلى وعينا وإدراكنا الشعوري لأدى إلى الشعور بالقلق و التوتر المؤلم.

ومثال ذلك :الطفل شديد الخجل الذي يبرر فشله في التفاعل الاجتماعي في المدرسة وعدم وجود أصدقاء له بأن يقول أن جميع الطلاب على مستوى خلقي وضيع وهو لا يحب أن يكون مثلهم إنما هو يبرر خجله ولكن بطريقة لا تمسه.

خامسا:التكوينات العكسية..

وهذه تستخدم عندما لا يريد الشخص الاعتراف بالحقيقة وهي التعبير عن الدوافع المستنكرة في شكل معاكس. فإذا كان الفرد يشعر بكراهية لشخص ما، فقد يظهر مشاعر الود والحب تجاه هذا الشخص، وعادة ما ترجع أشكال متطرفة من السلوك إلى تكوين العكسي .

سادسا:الانسحاب..

وهو من الأساليب الدفاعية المنتشرة جدا بين الأطفال في سن ماقبل المدرسة,وهو التجنب المباشر للناس أو مواقف التهديد.

مثلا إبتعاد الأطفال عن اللعب الكهربائية الموجودة في الحدائق مثلا ورفضهم اللعب فيها رغم أنها من الألعاب التي يحبونها في المنزل قد يعزى ذلك لكونه يشك بقدرته على إستخدامها إستخدام ناجح فينسحب .

ولكن هذا الأسلوب الدفاعي و إستخدامه عند الأطفال قد يؤثر في نموه وتطوره لأن الميل للإنسحاب يزداد قوة في كل مرة يمارس فيها الطفل هذا الأسلوب ومن هنا فرفض الطفل التعامل مع المواقف الصعبة و التي تحتاج إلى التفكير و التفحص قد يؤدي الى خوف الطفل من كل المشكلات و بالتالي لا يتعلم أن يتناول الأزمات التي سيمر فيها بمراحل نموه ومن هنا علينا أن نمنع أطفالنا من إستخدام هذا السلوب بل ندفعهم لأن يواجهوا مثل هذه المواقف الصعبة بالرفق و اللين و بالتدخل غير المباشر في تفسير الموقف للطفل مما يجعله يألف الأمر فلا يهابه.

سابعا:النكوص أو الآرتداد..

أن يعود الطفل إلى سلوك كان شائعا في مرحلة سابقة من نموه ,وعادة ما يظهر عند قدوم مولود جديد على الأسرة .

ومثال ذلك عودة الطفل لمص إبهامه أو التبول على فراشه فهذا السلوك يفسر على شكلين الأول أنه محاولة للفت النظر من قبل الآباء وإستجرار حنانهم,والثاني أن الطفل يحاول الرجوع إلى مرحلة أقل توتر من هذه في حياته وهي مرحلة الرضاعة .

وهنا أعزائي من خلال إستعراضنا لبعض أنواع الأساليب أو الحيل الدفاعية نجد أن كل واحد منا يستخدمها,ولكن علينا الإنتباه هنا بالنسبة لمرحلة الطفولة فالطفل الذي يعتمد عليها إعتمادا كثيرا لا يتعامل مع الواقع بكفائة ,وبالتالي إستخدامه مثل هذه الحيل قد يعطل الوصول إلى سلوك يكون أكثر نصيبا من التكيف و التوافق.

احترامي و تقديري ...


ريما قاسم

6/2/2007

عمان / الأردن