ما بين نظرية داروين وحرية الاختيار بقلم:مريم سبيت
تاريخ النشر : 2007-02-27
ان قدرتنا على الاختيار -النابعة بلا شك من قدرتنا الإنسانية على التفكير- استطاعت أن تفصلنا تماما عن الحيوان وعن نظرية داروين والتي تزعم أن الإنسان ما هو إلا مخلوق حيواني من سلالة القرود التي تطورت الي أن أصبحت إنسانا مفكرا.

لا احاول في هذه المقالة القصيرة إثبات أو عدم إثبات صحة نظرية داروين الشهيرة, ولكني أقول أن البشر وان كانوا في العهد القديم قرودا أو حيوانات فقدرتنا الآن على التفكير والاختيار ما بين الصح والخطأ تفصلنا بشكل تام ونهائي عن سلالة الحيوانات. الإنسان أصبح إنسانا في تلك اللحظة التي هدم بها الترتيبات الطبيعية البيولوجية ووقف صامدا أمام تحديات حرية التفكير والاختيار.

تخيفني الفكرة السائدة بان نظرية داروين صحيحة, اذ انها تحمل في طياتها فظائع إنسانية عظمى من حروب, مجازر, وكوارث في حق الإنسانية ومن صنع الإنسان الذي لطالما ظن انه حيوان ناطق يتحتم عليه مثل كل المخلوقات الحيوانية أن يتنافس على مكانه وطعامه كي يبقي حيا يرزق في هذا العالم.

نظرية داروين الشهيرة فسحت المجال وبشكل غير مباشر لتفسير أعمال وحشية والتي تعود الي قانون الغاب (القوي يأكل الضعيف).

اننا نتنافس على مكاننا في العالم, مع العلم بان العالم يتسع لجميعنا, نحن نتنافس على طعامنا مع العلم ان في العالم طعاما يكفي لجميعنا, كل هذه الأعمال وغيرها والتي لها صلة كبيرة في تأثير نظرية داروين على العالم الغربي.

الحيوان لا يستطيع الاختيار ولذلك فقدرته على العمل محدودة مسبقا, وذات صلة مباشرة بطبيعته وبيولوجيته. فالجمل مثلا لا يستطيع الطيران او التنفس تحت الماء, ولكن الإنسان بقدرته على التفكير وحرية الاختيار استطاع الغوص والتحليق عاليا واستطاع حتى الوصول للقمر. ولذلك ان حرية الاختيار التي يتمتع بها الإنسان تمنحه المقدرة ليكون مختلفا في شخصيته, قيمه وهواياته.

هوايات الإنسان لا تتحدد مسبقا بل تتطور مع كل إنسان حسب الموهبة والمناخ المتوفر له, فكم من عالم فقدنا او مخترع تاه وسط الفقر او عدم اخذ فرصه التعبير عن إبداعه. من هنا علينا أن نمنح ذات الفرص لجميع البشر في اكتشاف مواهبهم وإمكانياتهم, وعلينا أن نعي دائما أن في كل إنسان تكمن موهبة عظمى ليستفيد بها كل البشر, فمن الطبيعي ان تولد الطبيبة التي تستطيع اكتشاف دواء لمرض السرطان في إحدى العائلات الفقيرة او المعدمه او المهمشه لاي عرق انتمت, لذلك علينا كمجتمع وكبشر ان نمنحها فرصة التعلم والتربية لاكتشاف موهبتها, وإلا سنخسر الطبيبة العظيمة التي سيكون لها الفضل في إنقاذ البشرية من هذا الوباء.

مما ورد أعلاه نستطيع الاستنتاج ان امتحان المجتمع السليم يكمن في مقدرة هذا المجتمع لمنح ذات الإمكانيات والفرص لجميع البشر دون تمييز بين دين, عرق, جنس, لون, امة وغيرها.