الفنان دريد لحام : غوار الطوشي يتعبني !! حوار أجراه: جرير محمد
تاريخ النشر : 2007-02-25
-أعمالي وطنية وليست سياسية ! .. والفن ليس شرطياً !!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

-ماذا قال عن العراق ؟ ما رأيه بأعماله المسرحية ؟ ما قصة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أغنيتي (تفرحون أفرحلكم وسلامات) معه ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لم تقتصر معالم دمشق على جبل قاسيون ، وسوق الحميدية ، والحارات والنافورات الشامية ! فهي أيضاً شعر نزار قباني وكتابات محمد الماغوط وروايات حنا مينا وصوت صباح فخري وميادة الحناوي وفن دريد لحام .. (غوار الطوشي .. تلك الشخصية الفنية الأكثر شهرة في الوطن العربي) والذي كنت على موعد معه بمكتبه الأنيق الذي اكتست جدرانه بشتى الجوائز والشهادات والأوسمة والصور التي أضفت على المكان سحراً خاصاً جعلته يبدو كمتحف فني يشع زائره أمام تاريخ هذا الفنان الزاخر بالعطاء الفني والإنساني .

وكانت نقطة البداية في حواري مع الفنان دريد لحام حول زيارته إلى العراق وما علق بذاكرته هناك وكيف وجد المتلقي العراقي ؟ فأجاب :

كانت زيارتي إلى العراق في أوائل الثمانينات حيث عرضنا مسرحية (كاسك يا وطن) في أكثر من مدينة عراقية ، وأؤكد لك أنها كانت من أجمل أيام حياتي ومن أجمل أيام عروض هذه المسرحية نتيجة التفاعل الرائع بين الجمهور وبين العمل مما يدل على مقدار محبة الجمهور العراقي للمسرح ومدى تعاطفه مع طرح المسرحية وهذا ينم عن مدى محبة الشعب العراقي لوطنه وتمسكه بوطنيته وبالمبادئ الكبيرة العظيمة ، وحجم التفاعل الجماهيري كان كبيراً لأن العمل كان وطنياً . وأعتقد أن الحس الوطني لدى العراقيين كبير لدرجة أنك إذا أخذت دماً عراقياً لتحلله في مختبر للتحليل ستجد أن الجينات الوطنية هي الغالبة أكثر من الكريات الحمراء والبيضاء ! فلا أنسى أبداً أيامي الجميلة في العراق خصوصاً في الموصل والحفاوة التي قوبلنا بها هناك .

هل احتفظت بصداقات من بين الوسط الفني أو الأدبي في العراق ؟

قد تكون المسافة والبعد الزمني الذي تجاوز الـ 24 سنة نتيجة الظروف القاسية التي مرت على العراق جعلت التواصل صعباً .. لكني أود ذكر مسألة قد تبدو طريفة حصلت في ذلك العام الذي عرضنا فيه كاسك يا وطن حيث حرص الأشقاء العراقيون وقتها بإطلاعنا على الفن العراقي وخصوصاً الغناء ووقتها سرقن أغنيتين لمطرب عراقي وضمنتها في سلسل اسمه (وادي المسك) الأولى اسمها (تفرحون أفرحلكم) والثانية (سلامات) .

ثمة من يقول بأنك لا تنجح بغير شخصية غوار الطوشي في نظر الجمهور كيف تعلق ؟

هذا شيء يتبعني أنا شخصياً ، فشخصية غوار الطوشي عالقة في أذهان وذاكرة الجمهور ، وأنا حاولت أن أخرج من هذه الشخصية ، وهم لم يستطيعوا الخروج منها !؟ لذلك يحكمون على أعمالي إذا كان فيها غوار أولاً ! فإذا لم يكن غوار موجود يحكموا سلباً على الفور مهما كان نوع العمل ومهما كانت قيمته الفنية ، وهم يطالبونني دوماً بالعودة إلى هذه الشخصية ولكن لأنه هذه الشخصية مرتبطة بعمر محدد وهو عمر الشباب من الصعب العودة لعمل في هذه الشخصية ، ففي غوار وصح النوم ومقالب غوار وحمام الهنا كان من الممكن في هذه الشخصية أن يسرق غوار تفاحة من على شجرة تفاح مثلاً ليؤذي أبو صياح ولكن الآن في هذه المرحلة وهذا العمر يجب أن يسرق بنك ! لذا أرى من السعب العودة الآن إلى تلك الشخصية !

لماذا أنت مبتعد عن التلفزيون ؟

حالياً لأني أستعد لتصوير فيلم سينمائي بعنوان (الآباء الصغار) وهو على غلرار فيلم (كفرون) لا أدري أن كنت قد شاهدته ، والفيلم كوميدياً إنسانياً للعائلة غير موجه لشريحة محددة بل موجه للعائلة بشكل عام وهو مأخوذ على طريقة الاتجاه المعاكس فمن المعروف أن الأب يعمل ليتعلم الأطفال لكني أخذت الأمر على العكس تماماً الأطفال يعملون ليتعلم الأب !.

والأعمال السياسية … هل ابتعدت عنها ؟

أنا لم أعمل في حياتي بالسياسة ! ولا أحب السياسة أصلاً والأعمال التي قدمتها هي أعمال وطنية وليست سياسية فعندما نطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية فهذه من أولويات المواطنة وهي علاقة المواطن بالوطن وبالتالي هي أمور وطنية وليست سياسية ولكن (هم) دائماً يخوفوننا من هذه المسألة ويقولون لماذا تدخل بالسياسة ؟ مع أنها وطنية وليست مسألة سياسية والحرية ليست سياسة هي تحقيق للذات والمطالبة بها ليس فعلاً سياسياً وإنما هي فعل وطني .

ولا زلتم تطالبون بهذه المطاليب فكم تحقق منها على أرض الواقع العربي برأيك ؟

لا بل قل كم دمر منها ! فما جرى ولا زال يجري في الوطن العربي عكس ما كنا نأمل ونحلم به ولكن مع ذلك يجب أن لا نيئس إطلاقاً .

هل سببت لك هذه الأعمال الوطنية لهذه المطاليب أي مشكلة في سيرتك الفنية ؟

لا إطلاقاً وأنا حريص على آداب الكلام وأستعمل الرموز كي لا أجرح أحداً .. فمثلاً في فيلم (الحدود) لم أسمي بلدين عربيين بل استخدمت مصطلح شرق استان وغربستان فلا تستطيع أي دولة أن تدعي أني أقصدها لذلك ألجأ إلى الرموز كي لا أوضع في موقف محرج مع أي نظام في العالم العربي وتمر الأمور على هذا الأساس .

ما رأيك بما حققته الدراما السورية والقول بأنها سحبت البساط من تحت الدراما المصرية ؟

أنا ضد استخدام مسألة سحب البساط هذه أو الصيحات التي تقول أن الدراما السورية ستلغي الدراما المصرية ، لأني أرى أن الدراما العربية مثل لوحة فسيفساء بوجود هذه القطع الصغيرة تكتمل الصورة والدراما السورية هي قطعة من هذه اللوحة وليست هي اللوحة كلها ولن تكون اللوحة كلها أو بديلة لهذه اللوحة وستبقى جزء منها وكذلك بالنسبة للدراما العراقية والخليجية والمصرية هي كلها تتظافر لتشكل لوحة الفن العربي فلا يمكن لدراما أن تحل محل الآخرين . لكن من الممكن ان صبح لها وهج خاص نتيجة ذهابها باتجاهات أخرى مثل التاريخ والفنتازيا أو الذهاب إلى عمق المجتمع والى رحم المجتمع وبحثها مشاكل اجتماعية بالإضافة إلى وجود أمور لها علاقة بنجاح العمل كجغرافية المكان والديكور وذهاب أكثر هذه الدراما باتجاه دمشق القديمة وبيوتها القديمة وهذا النوع من الديكور قد شارك في صنع هذا النجاح .

تقول بعض الآراء أن أعمال الفنتازيا قد شوهت الثقافة العربية … ما رأيك ؟

يجب أن لا نحملها ما لا تحتمل .. هي حكاية وليست تاريخ ولا علاقة لها بالتاريخ إنها حكايات مثل ألف ليلة وليلة ويجب التعامل معها على أنها حكاية وليست مادة دست لتغيير سلوك أو لزرع أفكار وليست بالضرورة أن تكون نابعة من تراثنا العربي هي حكاية ولذلك أسموها فنتازيا .

في ضوء المتغيرات الحاصلة اليوم في المنطقة ماذا يتطلب من الفنان والفن عموماً ؟

لا يستطيع الفن أن يكون شرطياً يجبرك على تصرف أو يمنعك من تصرف . الفن يزرع فكرة ، والفن أصلاً متعة للنظر والسمع وإذا استطاع أن يتسلل إلى العقل ويشكل متعة عقلية فذلك أفضل لكنه يزرع فكرة فلا نقدر أن نقول أن الفن يستطيع تغيير شيء في المرحلة التي انطلق فيها .

ولكن ألا يجب أن يكون الفن مرآة عاكسة على الأقل لما يحدث اليوم ؟

ليس فقط مرآة يجب أن يكون صادقاً طبعاً وبالتالي من الممكن أن نطلق عليه مرآة ! لكن يجب أن يكون أيضاً في داخله منارة للمستقبل أما إذا يكون مرآة فقط فنحن كلنا نرى ونشاهد ما يجري أما الفن فمهمته أن يتقدم على مسألة المرآة بأن يكون منارة أيضاً لما يمكن.

ألا تحلم بعمل مسرحي يعيد إلى الأذهان تاريخك المسرحي ويجدده ؟

لا أفكر حالياً بهذا الاتجاه ، إذ أنني أعتبر أن مخزوني المسرحي لغايته الآن وهو بحدود الست مسرحيات كافياً ، وإذا سألتني رأيي في هذه المسرحيات أقول أنها موضوع واحد معالج بأشكال مختلفة .

قدمت برامج تلفزيونية نجحت بأسلوبك الخاص لماذا توقفت ، وهل في النية دخول برنامج جديد ؟

عادة المحطات التلفزيونية إن كانت خاصة أو عامة حين ينجح برنامج تفضل أن توقفه وهو في أوجه ، حتى لا يبدأ الخط البياني له بالهبوط وهذا ما حدث في قناة (MBC) حين استبدلوا برنامج على مسؤليتي ببرنامج دريد للأطفال ثم برنامج دريد هذا المساء ، والآن لدى الـ MBC فكرة برنامج جديد لي من الممكن طرحه في رمضان وهو برنامج رمضاني قد لا يحمل فكرة ولكنه يحمل متعة .

ما رأيك بمسرح الفنان همام حوت وهل تعتقد أنه امتداد لدريد لحام أم هو شكل جديد ؟

لم أطلع كثيراً على تجربة همام حوت فقد شاهدت له عمل واحد في الحقيقة لكني لا أقدر أن أقول أنه استمرار أو نقل عن دريد لأن كل فنان هو حالة قائمة بذاته والفن حالة خاصة وليس حالة عامة فلا يوجد فنان يشبه الآخر لذلك أنا ضد من يقول مدارس فنية لأني لا أعتقد بوجود مدارس فنية لأنه حين تكون مدرسة يصبح الفنانون استنساخ لبعضهم وفي الفن لا أحد يحل محل الآخر أو فنان يشبه الآخر وأنا أشجع همام حوت طالما هنالك جمهور يصغي له وبالتالي هي معادلة خاصة به .

كلمة أخيرة :

أنا ممنون جداً لهذا الحديث وأتمنى للعراق الحبيب الذي يعاني ونحن كلنا نعاني معه حيث اختلطت الأمور واختلط الفعل الوطني بالفعل الإجرامي وصار الاختلاط كبيراً فإن تقاتل المحتل عو فعل وطني ولو أنها مرحلة أنتم أدرى بها ولكن أن يقتل ناس بالمجان هو غاية الإجرام وهذا الذي يؤلمنا كثيراً وللأسف كل الأفعال تذهب بهذا الاتجاه ، فحينما يقف شباب عراقيون لطلب العمل وطلب العمل يعني رغيف خبز وأن ينحروا وهم يطلبون رغيف الخبز ليس هناك جريمة أكبر من هذه الجريمة ولا أعتقد أن هذه من شيم العرب .