القدس والفرس ـ الهيكل (المعبد) اليهودي من صنع الملك الفارسي داريوس ، بقلم تيسير مشارقة *
طابور خامس من اليهود والمرتزقة في الصحراء ساعدوا الفرس (سنة 539 ق م )في احتلال فلسطين. فقد استفاد الغازي الملك كورش الفارسي (قورش) من اليهود في معرفة المسالك المؤدية إلى القدس. وكانت هذه عادة اليهود مع كل حقبة احتلالية في فلسطين التاريخية..أي مساعدة غزاة القدس وفلسطين، فقد ساعد اليهود كل من اليونان (الإغريق) والرومان، وغيرهم في الدخول إلى فلسطين والقدس. كان اليهود بمثابة طابور خامس أو مرتزقة عبر العصور التي مرّت على القدس . وعاش اليهود على جنبات وأطراف الدول ومنها فلسطين.
دخل الملك كورش الفارسي إلى القدس عام 539 ق م وبرفقته مئات اليهود الذين قام الامبراطور نبوخذ نصر بسبيهم إلى بابل العراق(كان ذلك خلال غزو البابليين القدس اورشليم بقيادة نبوخذنصر العام 586 ق م ).أقام اليهود في بابل العراق 48 سنة(وفي رواية تاريخية أخرى 70 عاماً) تعلموا فيها الآرامية وكتبوا توراتهم هناك باللغة الآرامية.(هذا الحدث يبطل المقولات التي تقول إن التوراة من الجزيرة العربية ـ يهود خيبر ومكة ـ أو من مصر الفرعونية أو حتى من صحف موسى في صحراء سيناء)
ساهمت زوجة كورش ، إستير اليهودية، في تحريض الملك الفارسي على غزو أورشليم مروراً ببابل وإعادة اليهود إلى أورشاليم ،وكان اليهود قد قدموا البنت اليهودية الجميلة إستير هدية لكورش فكانت خير مثال على ( الجمال والحيلة) .. فأعاد كورش اليهود الذين تم سبيهم كعبيد وبنّائين بالسخرة إلى بابل.
وكان كورش يستفيد من اليهود في كل غزواته وكان يفرض على اليهود الذين لا يقاتلون معه العرب دفع المال لتجهيز الجيش وكانوا يدفعون بسخاء.
التوراة (التي كتبت أثناء السبي البابلي لليهود ، وهي أساطير نسجها الرواة عن اليهود، وتختلف عن الوصايا العشر التي نزلت على النبي موسى ـ صحف موسى المكتوبة على الحجارة ـ في صحراء سيناء بالقرب من العقبة)تقول "إن الرب أوصى كورش ببناء الهيكل" وهذه العبارة استباق للأحداث وتقويل لله وتحريض لكورش لكي يقوم باعادة اليهود إلى القدس(أورشاليم) وبناء معبد ـ هيكل ـ يهودي لهم هناك.
عاد كورش وبرفقته جنود فرس وسرية خاصة من المقاتلين اليهود الذين تم تدريبهم في بابل واحتلوا القدس ( هكذا كان اسمها الكنعاني : يبوس) ، وفي زمن كورش الفارسي تم تعيين وال يهودي على القدس وهو من القادة اليهود الذين عاونوه في الوصول إلى القدس.
الحاكم الفارسي لفلسطين (الملك داريوس) الذي حكم بعد الملك كورش ، هو الذي أمر ببناء الهيكل لليهود. وبالتالي، وحسب النص التوراتي فالهيكل اليهودي فارسي الأصل ومن بناء الملك الفارسي داريوس.. ليكسب رضى الرب الذي أوصى كورش في التوراة ببناء معبد لليهود.
كان من مصلحة الفرس في حكمهم لفلسطين أن يكسبوا ود اليهود الذين ساعدوهم ومكنوهم في احتلال البلاد. وقد قام الفرس فعلاً بضم (فلسطين والأردن = فلسطين التاريخية = بلاد فلسطين ) إلى ولايات الامبراطورية الفارسية العشرين ، وأصبحت فلسطين التاريخية الولاية الفارسية الخامسة من بين عشرين ولاية فارسية وسميت باسم (ولاية فلسطين).
ما أشبه اليوم بالماضي .الفرس (الشيعة ) قادمون بقوة إلى الغرب العربي والإسلامي، زحف شيعي جديد، والأقصى في خطر . وأعمال حفرية تحت حائط البراق(الذي سمي بحائط المبكى ، لبكاء اليهود على هيكلهم أو معبدهم الفارسي الذي دمرّته حقب احتلالية متعددة في القدس)وعمليات الحفر الإسرائيلية الاحتلالية جارية في البحث عن هيكل[ أو معبد] داريوس الفارسي.
استمر الحكم الفارسي في فلسطين من 539 حتى 333 قبل الميلاد ، إلى أن قام الإمبراطور الاسكندر المقدوني الكبير ، ملك اليونان عام 332 ق م بهزيمة الملك داريوس الثالث الفارسي في معركة إيسوس (الاسكندرون حالياً نسبة إلى الاسكندر المقدوني ) وقد استولى الاسكندر المقدوني على القدس بمساعدة اليهود أيضاً دون قتال وكان المقدوني قد جعل بلاد الشام ومنها فلسطين ، وكذلك مصر ، والعراق تتبع إدارياً الامبراطورية اليونانية االمترامية الأطراف. وللعلم فقط فإن الاسكندر المقدوني كان قد زحف إلى القدس بعد أن استولى على صور ثم غزة.
ملاحظة أخيرة 1:
كانت اللغة الآرامية القديمة هي المنتشرة في كل فلسطين والقدس ووجدت اللغة اليونانية القديمة صعوبة في الانتشار ، وبالرغم من سياسة المصاهرة اليونانية لتذليل أي مقاومة ، حاول الاسكندر دمج الحضارة اليونانية الوافدة بحضارة الشرق الأدنى ، وسميت هذه الحضارة الهجينة بالحضارة الهيللنستية ومن آمن بها سمي بالهيللينيHellenistic .
ولا تبتعد الهيللينستية عن الدعوات الشرق أوسطية والشرق الأوسط الجديد(التي جاء بها شمعون بيريز حديثاً) كي يقوم بعملية دمج العرب والفلسطينيين مع اليهود ومع إسرائيل(الأمر الواقع) في تعايش استعماري حضاروي صهيوني جديد أشبة بالهيللينيستي. بقي أن نعرف ما هي حدود الشرق الأوسط الجديد وما هي محتوياته (بالطبع إسرائيل أحد العناصر المكونة )وما هي ثقافته أو أديانه.
ملاحظة أخيرة 2:
الإسرائيليون ينقبون عن بقايا المعبد (الهيكل)الذي بناه الملك الفارسي داريوس لليهود أثناء الحكم الفارسي للقدس وفلسطين. والإسرائيليون يحاولون هدم المسجد الأقصى في القدس أو الحفر تحت أساساته لاعتقادهم أن المسجد الإسلامي بني على أنقاض المعبد اليهودي القديم في زمن الحكم الفارسي لفلسطين.
ـــــ
*(من محاضراتي في تاريخ القدس بجامعة الإسراء الخاصة في الأردن)
[email protected]
القدس والفرس ـ الهيكل (المعبد) اليهودي من صنع الملك الفارسي داريوس ، بقلم: تيسير مشارقة *
تاريخ النشر : 2007-02-17