الفوضى ..لغويا ( أ ) .. بقلم محمد سليم ؛
من حتمية أفلاطون الى فوضوية بوش ؛...
** الفوضى حقيقة نراها في بيئاتنا ومجتمعاتنا و نلمسها في حياتنا وعلاقاتنا.. وأن كثيراً منا يشكو من هذه الفوضى والعشوائية ، ونذكر فلاناً بأنه فوضوي أو عشوائي بمعنى ؛ إن به رجة أو هفة أو هو إرتجالي ..والفوضى كغيرها من الأخطاء أو الظواهر تتسلل الى واقعنا .. وتكون في بادئ الأمر غريبة أو نادرة شاذة .. ثم تنتشر شيئاً فشيئاً .. حتى تغدو مألوفة معروفة غير منكرة ولا مستهجنة .. ومن ثم تصبح متأصلة متجذرة مستعصية على التغيير و يستسلم الناس لها .. وتغدو بعد ذلك أمراً مقرراً معتبراً ما يعارضه هو الذي يلقى العناء والمشكلات ..
** فوّض ؛ أصل ثلاثى يدل على اتكال في الأمر على الآخر ورده إليه ، ومنه قوله تعالى ؛ وأفوّض أمري الى الله .. ومن ذلك قولنا ؛ باتوا فوضى أي مختلطين .. بحيث أن كل واحد قد اتكل على غيره فاختلط الأمر بحيث لم يعد مستباناً .. وقيل في معنى القوم الفوضى ؛ هم الذين لا أمير لهم ولا من يجمعهم.. وقوم فوضى أي متساوون لا رئيس لهم ..
قال الأفوه الأودي؛
لا يصلح القوم فوضى لا سراة لهم .... ولا سراة إذا جهالهم سادوا ..
** مرادفات الفوضى ؛
1 – العشوائية؛
فلان عشوائي ؛ أي فوضوي - وأصله في اللغة يدل على ظُلمة وقلة وضوح في الشيء ، ومن هنا يسمى العشاء عِشاء ؛ لأنه أول ظلمة الليل الذي تبدأ الرؤيا فيه تضعف ويبدأ الظلام يغطي على الأشياء .. والعشواء من النوق أو من الجمال ؛ هي التي كأنها لا تبصر ما أمامها فتخبط كل شيء بيديها .. ركب فلان العشواء ؛ خبط أمره على غير بصيرة ؛ لأنه يفعل الأمور وهو لا يعرفها كأنه لا يبصرها .. وعشى يعشو ؛ ضعف بصره ..ومن الأمثال ؛ هو يخبط خبط عشواء ؛ يضرب للسائر الذي يركب رأسه ولا يهتم لعاقبته .. وتعاشى الرجل في أمره إذا تجاهل . وإذا أردنا أن نستخلص فهى ؛ ضعف في البصيرة وعدم وضوح وعدم تدبر للعواقب ، ومعرفة للغايات والأهداف .
2 ـ الإرتجالية ؛
الإرتجالي هو الذي يدع الأمر دون أن يستعد له أو يفكر فيه ويخطط له ، وإرتجل الرجل إرتجالاً إذا ركب رجليه في حاجته ومضى ..، يعني الذي يمشي هكذا سريعاً مندفعاً دون الحاجة الى معرفة المسار وما يحتاج إليه .. ويقال ؛ إرتجل مارتجلت ؛ أي اركب ما ركبت من الأمور ؛ يعني كما يقولون على كما تشاء ؛ فإن الأمر في الآخر عاقبته يعود عليك .
3 ـ الهفهفة ؛
يقولون عن فلان بأنه مرجوج أو مهفوف وهذا من الرجّة أو الهفة ..فالرجّة أصلها من الرجّ وهو أصل يدل على الإضطراب .. ويقال للضعفاء من الرجال الرجّاج أي الذي دائماً يضطرب ويتردد .. ضعيف في عقله فلا يستطيع التمييز والإختيار .. ضعيف في إرادته فلا يتسطيع العزم والحزم .. ضعيف في صبره فلا يستطيع الثبات والمواصلة .. الرجّ ؛ تحريك الشيء ، وارتجّ الكلام ؛ التبس ..ولذلك أيضاً هو من معنى الهفة ؛ لأن الهفّة أصلٌٌ يدل على خفة وسرعة في سير وصوت.. وهفو أصل يدل على ذهاب الشيء في خفة وسرعة ، ومنه هفا الإنسان إذا زلّ .. هفا الهفوة هي الزلة ؛ لأنها تقع بسرعه وخفة من غير ذلك القصد .. الهفو أخف من المعصية وأخف من الخطيئة هي هفوة ..ولذلك يقولون سامح أخاك إذا هفى يعني الهفوة من الأمر اليسير الذي يكون سريعاً وعابراً ........
**الفوضوية ؛ نزعة سياسية تقول بإلغاء الحكومة وبناء العلاقات على الأسس الفردية الحرة ..والمفاوضة ؛ تبادل الرأى من زوى الشأن فيه بغية الوصول الى تسوية واتفاق ....
وهكذا تجد أن هذه المعاني من إتكالية وغبش ، أو عدم وضوح الرؤية ، وعدم تحديد الأولويات ، وعدم وضوح الغايات ، وغير ذلك كله سمة من سمات هذه الفوضوية ..
------------ للمزيد ؛
الفوضى مشكلة كبرى؛ الشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح
تتبع مع .. الفوضى.. حتمية و فيزيقية ( ب )
2007-01-30
الفوضى لغويا ( أ ) بقلم: محمد سليم
تاريخ النشر : 2007-01-31