الشيعة الحمدانيون والواقع المعاصر بقلم:م.هاشم أحمد العاصي
تاريخ النشر : 2007-01-29
الشيعة الحمدانيون والواقع المعاصر بقلم:م.هاشم أحمد العاصي


الشيعة الحمدانيون والواقع المعاصر

الحمدانيون سلالة عربية تنتسب إلى قبيلة تغلب ، حكمت شمال العراق وشمال سوريا ، من الموصل مروراً بمنطقة الجزيرة في سوريا إلى مدينة حلب ، في الفترة : 905-1004 م ، تعود التسمية إلى حمدان بن حمدون الذي كان عاملاً على الموصل للمعتضد بالله العباسي ، ثم إستقل الحمدانيون عن الدولة العباسية بقيادة ناصر الدولة الحسن ، الذي حكم من : 929-969 م في سوريا ، وبقي ولاة الحمدانيين في الموصل موالين للخليفة في بغداد، أشهر قادتهم سيف الدولة الحمداني ، الذي ضم حلب وحمص إلى سلطانه عام 945م ، وأمضى معظم فترة حكمه في غزوات ضد البيزنطيين الصليبيين في الشمال ، وقد أزد هرت حلب وشمال الشام في عهد سيف الدولة ، ففي بلاطه كتب المتنبي أشهر قصائده ، وكذلك أبي فراس الحمداني ، إبن عم سيف الدولة ، الذي أسره الروم خلال إحدى المعارك ، إشتدت الحرب مع البيزنطيين في عهد سعد الدولة : 967- 971م ، وبدأت النزاعات مع الفاطميين في الجنوب . في عام 1002 م ، بدأ الحمدانيون يفقدون سيطرتهم على السلطة التي إنتقلت فيما بعد إلى الفاطميين .

أما دخول الحمدانيين في المذهب الشيعي النقي بتصوري ، فقد ظهر ذلك جلياً في استقبالهم لبعض علماء الشيعة ، وفي مدح بعض شعراء الشيعة لهم ، وفي سنة 324 هـ . ضرب سيف الدولة دنانير جديدة كتب عليها (( لاإله إلا الله محمد رسول الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فاطمة الزهراء الحسن والحسين جبريل عليهم السلام )) . سيف الدولة الحمداني ، مصطفى الشكعة ، ص 24 .

وقد ذكرت بعض الكتب التاريخية أن الحمدانيين قد اعتنقوا المذهب الشيعي الأثني عشري ، ولكن باعتقادي أن الحمدانيين قد اعتنقوا المذهب الشيعي النقي غير الرافضي ، ولدي دلائل كثيرة على ذلك .

فعند قيام القرامطة باجتياح مكة المكرمة ، وقتلهم الحجيج فيها ، وسرقتهم للحجر الأسود وإخفائه في البحرين لمدة 23 عاماً ، قام علماء السنة بالطلب من الحمدانيين للعمل على إرجاع الحجر الأسود ، فطلب الحمدانيون من الخليفة الفاطمي عدة مرات بالضغط على القرامطة لإرجاعه .

وأيضاً معاداة الخلفاء الفاطميين الذين جاءوا بعد زمن سيف الدولة الحمداني للدولة الحمدانية ، وقتالهم لها ، وأخيراً سيطرتهم عليها .

وأكبر دليل أيضاً معاركهم الشبه دائمة مع البيزنطيين الصليبيين لإيقافهم عند حدهم ، ومنعهم من الاعتداء على بلاد المسلمين .

هاهم العظماء الحمدانيون الشيعة يقاتلون الصليبيين ، وما أن يخرجوا من معركة معهم إلا أن يدخلوا معركة أخرى معهم ، وكل ذلك في سبيل الله ، للذود عن أعراض المسلمين وأموالهم وأوطانهم .

ولكن الآن ماذا يفعل هؤلاء الذين يدعون بأنهم شيعة في العراق ، يتآمرون ويتعاونون مع الصليبيين لكسر شوكة المسلمين والقضاء عليهم هناك ، فشتان ما بين الحمدانيين الشيعة ، وبين شيعة العراق وإيران هذه الأيام . [راجع : سيف الدولة الحمداني لمصطفى الشكعة ، أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء لمحمد راغب الطباخ ، الكامل في التاريخ ] .

لذا من أجل ذلك كان لزاماً منا وإنصافاً للحقيقة التاريخية ، أن نوضح حقيقة هؤلاء الرجال الأبطال أمام أناس غشيهم ما غشيهم من افتراءات وأكاذيب من الفرس المجوس واليهود بحق الشيعة الأولين ،وكشف الحجب أمام أعين العوام من الشيعة الحاليين ، لكي يعيدوا حساباتهم إزاء عقائدهم ومبادئهم التي عمل على تحريفها وابتداعها لهم .... بداية فقهاؤهم المؤسسين لمبدأ الرافضة ، الذين تستروا بستار الشيعة، فأطلقوا على المذهب الجديد اسم الشيعة الإمامية ، ونهايةً بالفقهاء المتأخرين الذين أيدوا وناصروا الفكر المنحرف ، بل وأضافوا عليه أفكاراً محرفة جديدة ، وما فتئوا إلى الآن يتلاعبون بعقول أتباعهم البسطاء ، المغرر بهم باسم حب آل البيت رضوان الله تعالى عليهم .

بتصوري واعتقادي وليس تصوري حجة بعد البحث والتحري في الروايات الواردة في الكتيب التاريخية ، أن الحمدانيين كانوا على نهج الشيعة الحقيقي ، أي مذهب الشيعة القدامى ، فبل أن يأتي فقهاء الشيعة المتأخرين نوعاً ما عن زمن علي رضي الله عنه ، أمثال الكليني والقمي والمجلسي والمفيد وإبن بابويه وكاشف الغطاء ، ويضيفوا ويحذفوا في المذهب الشيعي النقي ما لايرضي الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويعتمدوا آراءً وأفكاراً استحدثوها من تلقاء أنفسهم ، عليهم مايستحقون من الله ، والدليل على الذي فعلوه بالمذهب الشيعي ، ما وصلنا من روايات تاريخية ، حيث يقول أبو إسحق السبيعي : (( خرجت من الكوفة وليس أحد يشك في فضل أبي بكر وعمر وتقديمهما ، وقدمت الآن وهم يقولون ويقولون ، ولا والله ما أدري ما يقولون ...)) المنتقى : ص 360 ، وكان أبو إسحق السبيعي شيخ الكوفة وعلمها ، انظر ترجمته في تهذيب التهذيب :8/63 .

ولا يعرف بدقة تاريخ خروج السبيعي من الكوفة ولا تاريخ رجوعه بعد ذلك إليها ، لكي نعرف متى بالدقة بدأ فكر الرافضة يسيطر على المذهب الشيعي ، لذلك يتوقع أن يكون المؤسسين لمذهب الشيعة الرافضي ، كانوا يتواجدون أواسط عمر أبي إسحق السبيعي ، والله تعالى أعلم .

ويقوا أيضاً تأكيداً لنفس السياق الليث بن أبي سليم : (( أدركت الشيعة الأولى وما يفضلون على أبي بكر وعمر أحداً ....)) المنتقى : 360-361 .

لذا إذا اتضحت لنا هذه الحقائق فلا غرابة أن نرى مواقف الحمدانيين التي لا تنم إلا عن أناس ارتووا من نبع الإسلام الصافي ، وأخذت جوارحهم تعمل بكل جزيئه من جزيئاته .

فها نحن ننادي ونناشد أحفاد هؤلاء الأبطال ، للوقوف بوجه هؤلاء الذين تستروا بستار حب آل البيت رضوان الله تعالى عنهم ، من اليهود والفرس المجوس وأتباعهم ، لمساندة إخوانهم المسلمين ، لكشف وبيان حقيقتهم أمام العالم أجمع ، لأن الله سبحانه وتعالى سيسائلهم يوم الحساب عن تقصيرهم هذا إذا بقوا متفرجين على ما حدث ويحدث لإخوانهم المسلمين في العراق الجريح ، فها هو ذا حِلفُ الكُفرِ كِلِه وقف مع بعضه البعض في العراق ضد حِلف الإسلام كِله ، فعلام بقى ساكتين ، وإلى متى نظل متفرجين .

م. هاشم أحمد العاصي

كاتب إسلامي