تحليل وقراءة لرسالة أبو خالد العملة الموجهة لخالد مشعل
بداية كنت أتمنى من الأخ أبو خالد العملة أن يرضى ذمته وضميره الذي تحدث عنه في مكان ليس بالمكان وفي مرحلة ليست بالمرحلة وعندئذ كان يمكن أن تكون قراءة الرسالة شيء مختلف عن ذلك .
حقيقة رسالة مطولة وتحتوي في أحشائها بالشكل أو بالمنظور الاستراتيجي لوجود الثورة الفلسطينية كظاهرة في الوطن العربي والمأساة والألم الذي تجرعته الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني من الحقيقة القائلة أن الثورة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الفلسطيني فتح قد عرت الاستراتيجية العربية في مواجهة العدو الصهيوني .
تحدث كثيرا أي بمعنى صلب الرسالة موجهة بشيء تحريضي هنا لا أقيم سلبي أم إيجابي على النظام السوري وإن عمرت في البادية فإنما تعبر عن مدى الطعنة التي تلقاها أبو خالد العملة والتي أدت إلى وجوده في السجن .
أتفق تاريخيا وحدثا عن كل الوقائع في العلاقات السورية الفلسطينية وبمنظور محايد رغم أنني كإنسان فلسطيني مصاب بطعنة عميقة من النظام السوري وكذلك كعربي إلا أن رؤية حزب البعث العربي الاشتراكية لفلسطين كجغرافيا لا تتعدى عن كونها جزئية من أراضي الشام بقيادة سوريا أما عن قضية ماهية النظام السوري العلوي وبرغم موقفي من هذا النظام السياسي والنضالي إلا أنني أقول أن أبو خالد العملة يتناولها بردة فعل فالعلوية لم تختلف منذ أن تسلم حافظ الأسد رئاسة الدولة السورية أبان مجزرة أيلول في الأردن عام 1970 فأبو خالد العملة لا يقبل منه أن يكون مثل الأبله ولا يستطيع تفسير الظواهر السياسي وتوجهاتها عندما يتحدث عن هذا النظام .
في عام 1983 وعندما حدث الانشقاق كنت في ذلك الوقت في قوات عدن وعندما رفع أبو موسى مطالبه للإصلاح أيدها غالبية القوات وعندما تبين الأمر أن هناك دعم سوري للإنشقاق هجر هذا التأييد غالبية من اقتنعوا بالمطالب على أرضية عدم جدية النظام السوري في التعامل مع قضية احتلال الجولان ومع قضية احتلال الأرض الفلسطينية وعملية الحصار لقوى المقاومة الفلسطينية لأن تمارس حقها في مقاومة العدو الصهيوني من خلال الحدود السورية الإسرائيلية في حين أننا قد أدنا هذا الإنشقاق الذي كان يقوده أبو موسى والذي وصفه أبو عمار بفارس الثورة ، كانت الرؤية العامة لكثير من كوادر فتح بأن هذا الإنشقاق قد أضر بالقوى التقدمية والاصلاحية بداخل حركة فتح فباسم الانشقاق تم ملاحقة واقصاء وحصار كثير من كوادر حركة فتح الشرفاء التي كان لها مواقف مناقضة للخط السياسي القائم في منظمة التحرير أو فتح وان صح التعبير الانشقاق جعل هيمنة اليمين أمرا مشروعا على كل أقدار منظمة التحرير وحركة فتح ومن هنا قبل كثير من الكوادر البقاء مع الشرعية لحركة فتح ولو كان لها تحفظات على قيادتها ومن هنا أتت نقطة العذاب لكثير من الكوادر الذين لا حقتهم الأجهزة الأمنية وقامت بتشويه صورتهم ووصفهم بالمنشقين وهم في داخل الإطار وهو اتهام كفيل باقصائهم أو تجويعهم أو قطع رواتبهم ومن هنا كثير من الكوادر تعتبر حركة الانشقاق قد أضرت بحركة فتح وبكوادرها الشرفاء الذين استقرءوا الأخطاء منذ الخطوات الأولى لخروجنا من عمان .
وعودة مرة أخرى لرسالة الأخ أبو خالد العملة غير مقنع أن نتحدث عن القرار الفلسطيني المستقل فالساحة الفلسطينية مليئة بالتدخل الإقليمي والدولي بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح وأطرها وأجهزتها فمن الصعب أن تحافظ حركة على استقلاليتها وهي خارج أرضها وليست بين شعبها وليس لديها عمق استراتيجي وان وجدت فهو مشروط وهو ما أدى إلى العبث من هذا النظام أو ذاك فمن الغريب أن يقول الأخ أبو خالد العملة أن سوريا قد حاولت السيطرة على القرار الفلسطيني المستقل فربما سوريا وبنظرتها الحزبية والتاريخية ربما تقفز عن الرؤية الإقليمية للكينونة الفلسطينية والسورية هذا اذا افترضنا حسن النية والقضية الفلسطينية وجبة شهية لكل من يريد أن يقوم بعملية تلميع لنفسه تحت مضمون وشعار الثورية والوطنية فجميع الرؤساء التقدمي منهم واليميني منهم وجدوا من القضية الفلسطينية تبويب للشهرة وتكريس الذات وقطع الطريق على أي قوى صادقة في التعامل مع القضية الفلسطينية وهذا ليس بغريب فما مارسه النظام السوري ربما مارسته كثير من الأنظمة وإن اختلفت أوجه الممارسة ما ظهر منها وما بطن فالغريب سياسيا أن يتحدث أبو خالد العملة عن القرار الوطني الفلسطيني المستقل ونحن نتجرع من آلام أوسلو سياسيا واقتصاديا وأمنيا ومن السخف أن نتحدث عن قرار فلسطيني مستقل ونحن مجبرون بموجب أوسلو أن نتعامل مع كل المؤسسات الإسرائيلية وتحت شروطها وهذا ما تطالب به السياسية الفلسطينية الآن وقيادة منظمة التحرير .
أما عن الكلام العاطفي الممزوج بالتوبيخ أحيانا لخالد مشعل وأعتقد والذي لم يذكره أبو خالد العملة وتجاوبا مع ندائاته فاليذهب خالد مشعل خارج سوريا وليترك ما يسمى بالحلف الإيراني السوري هل هذا سيعطي خالد مشعل وحماس القرار المستقل وإلى أين يذهب بالتأكيد إلى أميركا ومدرسة أميركا وتحت تبويب هل أصبح الولاء لأميركا هو القرار الوطني المستقل ؟ .. وهل إذا ذهب خالد مشعل إلى الحلف الأمريكي يعني ذلك سيحقق شعبنا مطالبه الوطنية في الدولة المستقلة في الضفة وغزة ؟ والقدس واللاجئين ؟ في اعتقادي أن الوضع معقد أكثر مما ذكر الأخ أبو خالد العملة والسيد أبو خالد العملة والذي نتمنى له الخروج من أزمته مع أبو موسى ومع النظام السوري لم يتناول قضية الوضع الفلسطيني من جميع الزوايا بل تناولها من فكرة أنه مسجون في سجن المزة وكما ذكرت يا ليته تحدث بذلك منذ سنين ومنذ ساعات الهوى التي وصفها مسلكيا له .
هل يعني القرار الوطني الفلسطيني المستقل أن تحدد خيارات الشعب الفلسطيني أما مع أميركا وحلفائها أو مع إيران وحلفائها وهذه الأزمة النظرية أو العملية للثورة الفلسطينية عندما لم تستطيع تحديد معسكر الأصدقاء ومعسكر الاعداء لتحدد آليات عملها على ضوء ذلك ولا مجال هنا لذكر ما لم يذكره أبو خالد العملة عن التدخل الأمريكي في كل قراراتنا والتدخل الاقليمي لبعض الدول العربية أيضا وفي حالة الانقسام العربي سيحاول كل طرف أن يجلب لصفه الورقة الثمينة التي يمكن أن يربح منها في مجالات كثيرة ومتعددة فليس مفاجئ ما ذكره أبو خالد العملة عن السلوك السوري ولكن للعدالة كان يجب عليه أن يذكر للتاريخ مواقف العرب جميعا وبما أن أبو خالد العملة يتحدث عن أوضاع غزة ويتحدث وبشكل موارب عن امكانية فصل الضفة عن غزة وهذا ما تحدثت عنه في كثير من مقالاتي أريد أن أوجه السؤال الثاني عندما يدرب الكادر الأمني والقتالي في أميركا والجزائر والأردن هل على قاعدة تدعيم قوى الصمود الفلسطيني في مواجهة إسرائيل أم أن الأرض الفلسطينية وما علينا إلا أن نقوي أجهزتنا الأمنية لمواجهة العابثين من الفلسطينيين كما سماهم بشكل غير مباشر ، أليس صحيحا أن إسرائيل وقواها في داخل قطاع غزة لها مفعول أيضا في قتل الأطفال وتأجيج الصراع الأمني بما يسمى حالات الفلتان الامني المتعددة والمختلفة فكان أبو خالد العملة أن لا يعتمد على سياسة الكيل بمكيالين أم أن أبو خالد العملة يراهن على الدور الأمريكي في ان يلعب لعبته ويخرجه من سجن المزة بعد أن دفع صك الاعتراف والذنب ويطلب الرحمة على هذه القاعدة أنا لا أشكك في ما قال في كثير من رسالته ولكن أشكك في الطريقة التي صيغت فيها نظرته للأمور .
ويبقى السؤال من المسؤول عن تدهور الوضع الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها أهي حماس وعصابات حماس أم أن الأمور قبل ذلك فلماذا لم يذكر السيد أبو خالد العملة أن الصراع سياسي ويأخذ منحى آخر أمني واللعبة تدور خارج نطاق القرار الوطني المستقل ومن هنا يبقى الوضع الفلسطيني من أولويات عمله البحث كيف نخرج من المؤثر الإقليمي برمته وهذا الذي لا يمكن أن يحدث ولأن الثورة الفلسطينية صيغت آلياتها وبرمجياتها على العمل المكشوف والأطر المكشوفة والتي أتاحت لكل الأنظمة أن تفعل فعلتها في الثورة الفلسطينية بالاضافة للسبب الرئيسي والأساسي أنها كانت خارج الوطن والآن ما هو العذر أن قوى الثورة داخل الوطن وثقلها داخل الوطن إذا ماذا يحدث حدث الحصار وحدث التدخل الدولي والاقليمي وبصور أخرى إذا كيف للشعب الفلسطيني أن يخرج من هذه الأزمة سؤال يبقى قائما .
بقلم / م .سميح خلف
تحليل وقراءة لرسالة أبو خالد العملة الموجهة لخالد مشعل بقلم:سميح خلف
تاريخ النشر : 2007-01-18
