إعدام الرئيس العراقي صدام حسين صبيحة عيد الأضحى
الحمد لله رب العالمين ولاعدوان الا على الظالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد إمام المجاهدين والمبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين..
لم يعد خافيا على عاقل أن حكم الاعدام بحق الرئيس العراقي صدام حسين كان قد صدر منذ اليوم الأول للاحتلال الامريكي، وما شاهدناه من مسرحية قضائية مملة كان مجرد مضيعة للوقت، ومحاولة يائسة لإقناع من تبقى من العراقيين المخدوعين بعدالة الاحتلال وأذنابه، وأن العراق مقبل على عهد ديمقرطي جديد في المنطقة، في الوقت الذي كان يرتكب فيه الجنود الأمريكان أبشع أشكال التعذيب والقتل والاغتصاب في أبو غريب والمحمودية وحديثة والفلوجة وباقي مناطق العراق.
أما اختيار أول أيام عيد الأضحى المبارك في الشهر الحرام فقد كان دون شك مقصودا من قبل الادارة الأمريكية لتوجيه رسالة مذلة ومهينة الى مليار مسلم في يوم عيدهم ويوم فرحتهم وابتهاجهم، وكانت مقصودة أيضا من حكومة المالكي الطائفية ومن ورائها جارة الشر الفارسي والتي أشارت بخبث وبصريح العبارة الى البعد الطائفي في قرارها على أن يوم السبت هو ليس في نظرهم يوم عيد، ولتذهب الملايين المسلمة (من النواصب) الى الجحيم!
وعند مشاهدة شريط تنفيذ حكم الاعدام يظهر بوضوح أن من شهده وتلذذ بتنفيذه كان مدفوعا بدوافع الانتقام الطائفي، حيث تعالت الشتائم وصيحات الهتاف باسم الصدر ومقتدى، الذين ترتكب فرق الموت تحت رايتهم وبفتاوى معمميهم اليوم أبشع الجرائم بحق العراقيين، في مشهد يبعث على الاشمئزاز والتقزز في الاستهانة بالنفس البشرية قبل ازهاقها. ولقد رقص الصفويون فرحا لإعدامه، لانهم كانوا يخشونه حتى وهو في المعتقل، ويرتعدون خوفا من نظرات عينيه.
قواعد المروءة والعدل والانسانية تقتضي منا ومن غيرنا انصاف هذا الرجل الذي ذهب الى لقاء ربه كما شاهد الجميع وهو مرفوع الرأس، ثابت الخطى، غير خائف ولاجزع. وتلك مواقف مبدأية ورجولية في وقت عز في الرجال من القادة والسياسيين العرب. لقد أفضى صدام الى ما قدم وهو الآن في قبضة الملك العادل علام الغيوب، لكنه دخل التاريخ في نظر الملايين رجلا شجاعا ضحى في سبيل مبادئه وخدمة وطنه.
ورغم ما اتصفت به فترة حكمه من سلبيات كبيرة، الا أنه لم يخن شعبه، ولم يتواطأ مع المحتل الاجنبي، وبنى قاعدة علمية غير مسبوقة، وقضى على الأمية، وأمم صناعة النفط وحولها الى ملكية وطنية، وجعل من العراق قوة مهابة في منطقة ملتهبة، وقال لا كبيرة للهيمنة الامريكية، ورفض ان يستسلم رغم المغريات الضخمة، العربية والامريكية، بحياة مترفة في منفى آمن، مقابل ان يسلم مفاتيح بغداد للتتار الجدد وعملائهم.. ، أما الذين وقّعوا قرار اعدامه ووقفوا يتلذذون بتنفيذه فهم الذين قسموا العراق، وقتلوا أكثر من ستمائة الف من ابنائه واغرقوه في الحرب الاهلية الطائفية، واستباحوا اعراض اهله، وتواطأوا مع المحتل الاجنبي، وسهلوا غزو بلادهم، وكللوا أنفسهم بالخزي والعار الى أبد الدهر.
صدام حسين ترك العراق وقد تحول بفضل حكامه الجدد الى مقبرة جماعية، حيث لا ماء ولا كهرباء، لا امن، لا وظائف، لا رعاية صحية، لا وحدة وطنية او ترابية، وانما اشلاء ممزقة، وحرب اهلية طاحنة تهرس ارواح اكثر من مئتي عراقي يوميا. فعراق الحكيم وعلاوي والمالكي والجعفري والجلبي والربيعي والطالباني عراق ذليل، فاسد، محتل، فاقد الهوية، يهرب منه اهله، طلبا للأمان، وسعيا من أجل لقمة العيش، ونجاة من عمليات التطهير العرقي، وفرق الموت، والتعذيب بالمثقاب الكهربائي.
اعدام الرئيس العراقي صدام حسين لن يحل مشاكل العراق، ولن ينقذ الاحتلال ومشاريعه، ولن يضفي اي مصداقية على الحكومة الطائفية الحالية، بل سيخلق مشاكل جديدة اكثر خطورة، وهذا ليس جديدا على غباء الادارة الامريكية الحالية.
وفي صبيحة يوم إعدام صدام حسين استأنفت المقاومة العراقية الباسلة عملياتها، والتي لم تبدأ بأمر من أحد ولن تنتهي بزواله، وستواصل جثث قوات الاحتلال العودة الى بلادها ملفوفة بأعلام الذل والمهانة، وستظل طائرات العدو تهوي ومدرعاته تنفجر وآلياته تتهشم تحت وطأة ضربات أبطال العراق حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.. أما حفنة العملاء والأذناب والحاقدين المختبئون خلف الأسوار الكونكريتية في المنطقة الخضراء أو في قلاعهم بجبال الشمال العراقي بحماية السيد الأمريكي والاسرائيلي، فان مصيرهم محتوم ونهايتهم بائسة.. وندعو الله أن يختار العراقيون غير أيام العيدين إن أرادوا شنقهم !
د. محمد العلي
إعدام الرئيس العراقي صدام حسين صبيحة عيد الأضحى بقلم:د. محمد العلي
تاريخ النشر : 2007-01-01