حديث غريب في النفيخ والطبيخ الخليلي بقلم: عوكل ابو الزمامير
تاريخ النشر : 2006-11-29
حديث غريب في النفيخ والطبيخ الخليلي
بقلم: عوكل ابو الزمامير


يبدو انني لن أتخلص نهائيا من مسألة الهوامش، رغم ان المقالة ليست مترجمة هذه المرة، بل هي نقلٌ عن صديق، وما أنا إلا راوٍ دقيق.. ولكنني سأخفف منها على كل حال في هذا المقال.. وكالعادة، انصح القاريء بمتابعة الهوامش كلما ظهر الرقم، وعدم تأجيل ذلك..

حدثني صديقٌ عن رفيقٍ عن أخٍ، فقال: ما ارويه اليك من قص ليس مجرد نص.. وليس شيئا غريبا ولا مستحيلا ولا هرطقة من الكلام غير المستساغ.. فاسمع ولا تقطع.. وتبحر وتنور.. وخذ ما شئت منه وارمِ في البحر بما شئت فانت حر.. وما سأحدثك به من صلب السياسة الفلسطينية كما يجب ان تكون.. فالوضع الفلسطيني الآن يتطلب حلولا للمستقبل(1)

اعتدل محدثي في جلسته وقال: إعلم يا صديقي ان الخلايلة(2) كانوا يفكرون بحلول لمشكلة الشتاء البارد وطعامه، من غير اللحوم. فكانوا كسائر البشر يتحضرون لها في الصيف.. ويبتكرون في هذه المؤونة او "خطوط الرجعة" و"الخطط البديلة" كما تسمى في عالم السياسية.

نظرت لمحدثي نظرة استغراب، ففهم علي. وأضاف من فوره موضحا: "ان ابن خلدون عندما كتب "المقدمة" كتب عن الشعوب وعاداتهم وتقاليدهم وطباعهم ومأكولاتهم وعلاقتهم بالبيئة وصفا دقيقا، او كما يسمى الآن وصفا اثنوغرافيا... ويتحدث آخرون في هذه الأيام عن المؤخرة.. وهم لايعرفون حقيقة الفلسطيني. فمهما بلغت النظرة الاستشراقية من قبل المحتل اليهودي لأرض فلسطين واستعبادهم للفلسطينيين، فانهم لا يفهمون عنطبيخية(3) الحال على سبيل المثال.. لايفهمون ما قاله يوما راشد حسين:

سنفهم الصخر ان لم يفهم البشر *** أن الشعوب اذا هبت ستنتصر

مهما صنعتم من النيران نخمدها *** ألم تروا أننا من لفحها سمر

الى قوله .... *** تمرد الشيخ والعكاز والحجر

وانطلق محدثي يقول بلغ عني ما يلي: هكذا يجب ان تكون الدراسة الإثنوغرافية للعباد في هذه البلاد. فبعد ان تعرف طبيعتها وسكانها عليك ان تقرر! فإن وجدت بنفسك قدرة على استيعاب هذه التقاليد فأنت منها. وان اصريت بغطرسة على غير ذلك فانت مطرود منها لا محالة.. ان لم يلفظك البشر، ستلفظك الأرض..

لا تظنن ان الحياة بهذه البلاد تكون بكتلة اسمنتية تعينك على الصمود بوجه الزمن العاثر او "العدو الغادر"! وحلولك يا سيدي واهية ولا تجدي.. بينما حلول الخليلي مثلا، عبر الزمن من الاجداد ومن ثم الآباء تكمن في ان يتعايش مع هذه الارض الطيبة بما تنتجه من طيب وخبيث. وانت لا تجد سوى تدمير الأرض وتغيير معالمها وطمسها. وتقتلع اشجارها من جذورها بالإكراه.. وهنا السؤال!! هل يستوي الجدار الاسمنتي الغريب عن البيئة مع الدالية الخليلية الأصيلة؟؟؟

سؤالي للإسرائيلي المشترق او المستغرب(4)!! هل تعرف ما هو العنطبيخ؟.. العنطبيخُ، يا سيدي،، هو سرُّ ما يذيقه لك الخلايلة من "علقم" بصمودهم على ارضهم الوعرة والخشنة، التي تعودوا عليها. فيما انت تريدها ابنة مطيعة لك دون عناء.. هل تستطيع ان تتذوق هذا العنطبيخ؟.. بالطبع هذه ظاهرة تستعصي على الاستشراق او المقدمات الخلدونية. ولهذا هي من المؤخرات لا أكثر.. هذه هي حقيقة الخليلي والفلسطيني في تمسكه بارضه وزيتونته وداليته. بالله عليك هذا الزبيب الأشقر الصغير، المهجن الذي ينتجه الاسرائيليون "بدون بذور" والذي يدعى (بالسلطانة في العالم) هل هذا زبيب؟.. انه عملية تخنيث واضحة، وليست تهجين للخروج بنوع جديد.. هي محاولة اخصاء للمشهد الحقيقى لهذه الأرض وما عليها.. انني اصلا ارى في هذا الزبيب الغريب غربة، وعدم قدرة المستوطن على فهم طبيعة هذه البيئة ومنتجاتها.. وهو بذلك يحاول ان "يبدع" فيها ما يروق له.. ولكن الاشارات، كل الاشارات، تفيد برفض هذا الغريب على هذه الأرض..

وقبل ان اقول كلمة مقاطعا قال صديقي: اليك ما اريد ان اتركه فيك وان تمسكت به لن تضل الطريق. وأعرف انك ستحتج في سريرتك على ما ساقص عليك، فاسمع واخشع، عليك تفهم وينزل النورُ عليك!! حدثني رفيق عن اخ من مدينة الخليل، قال: كثيرا ما اسمع أصدقاءنا، من "غير الخلايلة"،(5) يبادرون الى إلقاء كلمة "عنصبيخ"،(6) عندما أعرّف بنفسي وبأصلي الخليلي. فيبادرونني، بدلا من كلمة "تشرفنا"، بتلك الكلمة، ليقولون لي إنهم يعرفون من اين انا على وجه الخصوص. ورغم انهم بذلك قد يقصدون معانٍ ومفردات لا يقولونها، الا انني أفاجأ في معظم الأحيان، انهم يقولون الكلمة، ولا يعرفون ماذا تعني، او ما هي هذه الكلمة اصلا وأهميتها لدى الخلايلة، ناهيك عن اللفظ الخاطيء للكلمة..

ولهذا وجدت من اللائق ان ابادر الى هذه الكتابة. وانا في غربتي هنا، انظر الى انواع العنب في الأسواق، لأشتري منها لبيتي وابنائي، وانا أتحسر على غابر الأيام. واقول في نفسي (آه منك يا عنب الخليل). وربما وجدتني اكتب هذه الاسطر تغزلا به، او هو نوع من الحنين الى الوطن. ولكن على الطريقة الخليلية...

الخليل، كما يعلم معظم القراء، مدينة جبالها عالية ومياهها البعلية وفيرة. ووجودها في مرتفع تطل عليه الشمس ما بين فترتي الشروق والغروب، ما يجعل من مزروعاتها الجبلية وخصوصا الأعناب والزيتون، تطبيقا حرفيا لما جاء في كتاب الله تعالى وصفا للزيتون ذات الزيت المضيء، ليضفي نوره على النور نورا "لا شرقية ولا غربية"، لأنها تتعرض لضوء الشمس طيلة اليوم من كل الجهات.

ويكاد زيت الزيتون الخليلي يضيء، كما العنب الخليلي، يكاد يكون شفافا. مستفيدين من نعمة خاصة في اجواء زراعية بيئية بعلية، ليخرج علينا العنب الخليلي. هذا المنتوج الفلسطيني الشهير، الذي تغنى به الشعراء والموسيقيون الفلسطينيون في أكثر من واقعة.

ومن المعروف ان الخلايلة يعتنون بالعنب بطريقة تختلف عن بقية المزارعين الفلسطينيين. وهم يقسمون زراعة الأعناب الى نوعين أساسيين: الممدود والمعرش..

اما الممدود، فيتركونه على الأرض ويهتمون به باستمرار. ويحاولون ان يقصروا الجذع قدر الامكان، ليبقى قويا. فيعطي ثمرا طيبا وجيدا. وحبته كبيرة جدا بالمقارنة مع انواع العنب الآخرى. وهذا النوع، من الزراعة العنبية او الكرمية، يكون عادة للتجارة (للتسويق المحلي والتصدير).. وهم يطلقون على هذا النوع من العنب المزروع تسمية الكروم. وهي جمع كرمة، اي شجرة العنب..

وأما المعرش، فحكايته مختلفة بطبيعة الحال. ويطلقون عليها في هذه الحالة الدوالي ومفردها دالية. وهي شجرة او نبتة العنب المدلاةُ قطوفُها.. وعادة تكون في المنازل، وليس في المناطق المخصصة للزراعة التجارية. اضافة لكونها منتجة للعنب للتناول السريع في المنازل، فهو في فصل الصيف ليس فقط ثمرا يأكلونه اويطبخونه، وانما يصنعون منه الخبيصة او يشربون عصيرا باردا (الراووق)(7)، او يلفون ورقه (الدوالي) او يخللون ثمره الحصرم.. بل هو ايضا شجرا يستظلون به ليقيهم شر الحر في مواسم تموز وآب. فالخلايلة نقلوا هذه الطريقة الى بقية البشر والتي تستخدم لتزيين مداخل المنازل. او ينصبوها "عريشة" او "معرش" في حدائقهم ليستظلوا بظلها، ولتضفي ايضا خضرة جميلة لمدخل المنزل. وسبحان من خلق الخليقة وعلم الانسان...

وبالمناسبة فان ورق الدوالي المطبوخ، نوعان أساسيان: الدوالي، الذي يلف به الأرز واللحم. والآخر الصومة. والذي يأتي بالأرز والثوم والحمص المسلوق. وهو طبق نباتي، يُعمد بعد طبخه الى تبريده وتمليسه بزيت الزيتون. وخطأ يطلق عليه البعض (ضلمة). وهي كلمة تركية عموما تعني كل ما هو محشي. ولا اريد هنا ان استفز شهية القاريء، بالتحدث عن ورق الدوالي، الذي يطبخ بينه لحم الضآن او الدجاج، او مع الكوسا المحشي او البندورة المحشية. حيث تمتص هذه العناصر الإضافية في الطبخة، حموضة الدوالي، وتتعشق بها، فتصبح من ألذ الوجبات..

ما علينا، دعونا من التلمض والوحمة ولننتقل الى الحديث الآخر في العنب. وعموما فان حديثنا سيكون عن العنب بلونيه او نوعيه الأبيض والأسود.. او كما يحلو للبعض تسميته: الأخضر والأحمر..

عندما ينتهي موسم تسويق العنب الذي يتم تناوله للأكل مباشرة، وعندما يتم فرز الأفضل من العنب للتسويق، تبقى هناك بقايا وانواع لا يمكن تسويقها للأكل المباشر. فيعمد الخلايلة الى انتاج وصناعة مواد تموينية اخرى منها وبمسيات مختلفة، تصلح لتناولها في اوقات الخريف والشتاء والربيع، عندما لا يكون هناك موسم للعنب.. ومنها على سبيل المثال الزبيب وهو العنب المجفف بأنواعه الكثيرة والمحضرة بطرق مختلفة وتعرفونه جميعكم بلا شك.

اما الدبس وهو عصارة العنب الأسود (ويجوز ان يكون ابيض)، والمعصور والمشذب والمهذب من انواع البذور. والمطبوخ على نار الحطب لساعات، حتى يتخثر ويتكثف. فهو من انواع المنتوجات الصيفية المحضرة لفصل الشتاء. حيث نتناوله بطرق عدة: منها على سبيل المثال لا الحصر، ان نغمِّسه بالخبز مباشرة. وبعد ان دخلت الزبدة الى عالم المدهنات على الخبز المحمص او غير المحمص، أصبحنا نستخدمه ايضا بوضعه فوق الزبدة على الخبز الخليلي القريب من الطابون..

وأشهر طريقة معروفة عن الخلايلة، لتناول الدبس هي خلطه مع الطحينة(8)، و"تغميسه" بالخبز ايضا وهذا كله في الصباح. ويقوم بعضهم بشرب ما مقداره فنجان من دبس العنب يوميا. وقد يأكلونه مخلوطا بالكُسبة(9). ولهم في ذلك اسبابهم التي يطول شرحها..

اما الخصوصية الخليلية في تناول الدبس فهي غريبة واليكم الطريقة:

الخلايلة، ربما، الوحيدون في المنطقة، الذي يستمتعون بأكل المثلجات في موسم الثلوج.. فإذا ما أتى موسم الثلج، يعمد الخلايلة الى قشط الطبقة العليا للثلوج ويضعونها في صحن. ومن ثم يسكبون الدبس فوق هذه الثلوج. ويأكلونه مستمتعين بدفء الجسم من الدبس الحلو، في موسم بارد جدا.. ويطلق الخلايلة على هذه (الأكلة) "بوء سما" ولا أعلم اصل التسمية، او من أين من اشتقت. وربما كانت تعني وجه السماء، او فم السماء. والله اعلم.. ولكنني أود ان اؤكد هنا، ان الخلايلة في موسم الثلوج يكونون في قمة الاستمتاع بالمثلجات، بينما بقية الفلسطينيين يتحلقون حول المدافيء. ولله في خلقه شؤون.. فهل هذا من باب خالف تعرف؟؟.. لست أدري!!

وهناك "العنتسبيخ" او العنصبيخ او العنطبيخ. واللفظة الأخيرة هي الأقرب الى التسمية الخليلية للمنتوج. وهي اصلا اجتهاد لغوي خليليّ في الجمع بين كلمتي عنب وطبيخ. جمعوهما في كلمة واحدة.. ولفظها الصحيح هو عنطبيخ او "عنبطبيخ" بكلمة واحدة. وهو مربى العنب. وفي العادة لا يعير الخلايلة هذا المنتوج عناية كبيرة فهم يطبخون العنب بنوعيه الابيض والأسود، مع بذوره او نواه (جمع نوى) ان شئتم التسمية.. ويحضّرونه كما يحضّر اي نوع من انواع المربى بفارق واحد. فهم لا يضيفون الى العنب سكرا. ويتم تحضيره ايضا على نار الحطب. واستخدام الحطب شائع في الخليل ويطلقون عليه "الموقدة"(10) وذلك لتوفر الحطب من الاشجار، وخصوصا الزيتون. اضافة الى العبري وهو أغصان الكروم بعد تقليمها وقصها.

ويذكرني العنطبيخ بمربى السفرجل الذي يحضره الخلايلة ايضا. وهو مربى لذيذ جدا أتلمض الآن، وانا اذكره امامكم..

وهناك الملبن والخبيصة والراووق.. ولا بأس في شرح هذه المنتجات هنا، ما دمنا في الموضوع، علنا نصيب أجرا في هذا الحديث الشائق مع دعائكم لي بمضاعفة اجري الآن، وقبل فوات الأوان..

اما الملبن، فهو من العنب الأبيض ومن الأنواع الجيدة وهو عنب معصور ومصفى ويطبخ بعد ان تضاف اليه المستكة او المسكة العربية (العلكة)، حتى يصبح سائلا كثيفا ثم يصب على سطح املس نظيف. وبطبقة رقيقة (11). وعندما يجف يقطعونه في الواح ويطوونه ويغلفونه، ثم يخبئونه حتى موسم الشتاء. ويتم تناوله مضغا. وكأنه، في ايام زمان، الواح شوكلاتة او علكة او راحة الحلقوم. وتطعم ألواح الملبن عادة بحب الصنوبر او بحب القريش(12).

واما الراووق فهو، كما أسلفت، عصير العنب الصافي. ويأتي من العنب الابيض. طعمه لذيذ جدا ويشرب باردا في ليالي الصيف بعد ان يعصر العنب ويصفي في كيس من القماش (الشاشية)(13) ويترك لساعات طوال كي يصفى، وفي هذا الوقت ايضا يبرد تدريجيا وبتلقائية، ويصبح عصيرا باردا ولذيذا.. وسبحان الله، كيف يسخر لنا مشروبا باردا في ليالي الصيف الحارة ودون ثلاجات..

اما الخبيصة فهي ايضا فهي "حلاوة السميد". ومن اسمها، فمركبها الاساسي هو دقيق السميد. وبدلا من تحليتها بالسكر، تحلى براووق العنب اللذيذ.. ولا يفرقها عن حلاوة السميد سوى طريقة تحضير الراووق الحلو، والطبخ على الحطب. والخلايلة طبعا يضيفون الزعفران (العُصْفُر) على الخبيصة، لإعطائها لونا اصفر، ونكهة لذيذة.. وبعضهم كان ومايزال يصنع النبيذ الخليلي (سراً). لأن الخلايلة مسلمون. ويقال، والله اعلم، إن هذا النبيذ هو من أجود أنواع النبيذ في العالم او في فلسطين؟؟.. وتفسير ذلك ان صانعه يبدأ بالبسملة عند تحضيره. هذا اضافة الى كونه على وضوء. ناهيك عن النية والتقدير (14) وربنا لا تؤاخذنا على ما فعل السفهاء منا!!



نظر اليّ محدثي بعد هذا الحديث الفلوكلوري "الممل"، ثم قال: لن اطيل عليك، ولكن قد يقول قائل، ان ما اتحدث به ليس سوى ضربا من النوستالجيا او الحنين، والاستخفاف بما يقوم به الاسرائيليون.. وأقول هذه هي جذور المقاومة والصمود والتمسك بالأرض لدى الفلسطيني. وهذه هي القدرة على بناء اقتصاد بديل.. ومنفصل عن اقتصاد العدو.. وفي النهاية قديما قالوا "ما يحرث الأرض الا عجولها"!

أليس هذا كله اسطورة وجب الوقوف عليها ودراستها؟ لم أسُق لك خلدونيات. ولكن هذه الأمتلة الاثنوغرافية هي علامات فلسطينية فارقة، على هذه الأرض. لماذا لا يفرض الفلسطينيون على الاسرائيليين شروطهم في العيش على هذه الأرض؟ لماذا يتعامل الفلسطينيون دائما بردة فعل، ولا يخرجون بمبادرة فلسطينية أصيلة، ومقنعة تحكم العلاقة مع الآخر بدلا من الجلوس وانتظار حلول من الخارج؟؟..

والعنطبيخ مثلا وأكلة "البوء سما" هي من خصوصيات لا يعرفها الآخرون.. الا يدفعنا هذا الى التفكير بهذه الطريقة في المطبخ السياسي الفلسطيني..

وعندما سألت صديقي هل أنهيت قال لي: اذا اردتني ان انهي كلامي فدعني أقول التالي: "اما ان يأكلوا من عنطبيخنا او يرحلو عنا.. وليذهبوا الى الجحيم، اذا اردوا ان يفرضوا علينا شروطهم في العنطبيخ فهو عنطبيخنا شاؤا ام أبوا!!.واعتبروا يا اولي الالباب!!

الهوامش

1- في حديث لي، مع احدى الصديقات، على الشبكة العنكبوتية، وهي في الحقيقة من جيل اطفالي، اثرنا موضوع الخلايلة والنكت وغيرها، مما تتميز به هذه مدينة الخليل. واليها، والى ابنتيّ صوفي ونتالي، أهدى هذه المقالة التي اوحت اليّ بكتابتها..

2- الخلايلة: جمع تكسير ومفردها خليليّ. كما الصعايدة في مصر ومفردها صعيدي.

3- العنطبيخية: نسبة الى العنطبيخ الخليلي. وهو عصب المقالة كما سنرى لاحقا

4- النكتة الفلسطينية تقول: إن مستشرقاً ذهب الى الخليل.............. عاد مستغرباً

5- نحن، الخلايلة، لا نعتقد بأن هناك مسلم ومسيحي ويهودي.. بل نؤمن بأن هناك نوعان من البشر: خلايلة ومش خلايلة. ومن هنا جاءت النكتة الخليلية. فعندما تسأل الخليلي: "هل انت خليلي أم مسلم؟" يبادر وبلا تردد الى القول "خليلي!". او هذا هو الأصل في الموضوع.

6- اللهجة الخليلية القُــح (الصافية)..تستخدم حرفي "الطاء" و"التاء"، مصحوبين وممرغين ومطعمين بحرف السين. وهما أقرب الى حرف "التساء"، المعروف في لغات اوروبا الشرقية. ولكن "غير الخلايلة" لا يستطيعون تمييزه، او تقليده فيعتقدون ان الحرف صادا..

7- سنأتي لاحقا الى تفصيل وبيان كل واحدة من هذه المفردات، وكيفية تحضيرها.

8- الطحينة هي حاصل طحن السمسم المحمص تحميصا خفيفا في افران المعاصر، بعد نقعه بالماء لعدة ايام في برك خاصة.. والطحينة كما تعلمون اهم مكونات الحمص والمتبل والصواني في الفرن ولها استخدامات اخرى.

9- الكُسبة او الكسيبة: هي حاصل طحن السمسم المحمر في الفرن مع كمية من الأملاح.. بعد تحميره وتحميصه جيدا. حيث يتم طحنه ليخرج سائلا كالطحينة المعروفة، بفارق اللون. فهو هنا يميل الى اللون البني.. ومن ثم يتم وضعه في بركة خاصة تعرف بالمعصرة. حيث تتم معالجته بالدبك.. لاستخراج زيت االسيرج الثمين منه. ومن ثم يتم بيع الكتل المتبقية بثمن رخيص. وتستخدم عادة لوضعها مع تبن الابقار لتدر الحليب.. وكثير من الناس يشترون الكسبة ويأكلونها.. كما تستخدمها بعض سيداتنا في أثناء فترة الرضاعة..

10- الموقدة في الخليل ترتبط بالدست (ولا تجوز بغيره). وهو وعاء كبير للطبخ، يتسع لكميات كبيرة من الطعام المحضر للطبخ، الذي يستوعب مثلا كيسا بوزن خمسين كيلو غراما من الأرز المطبوخ.. وهي نار محاطة باحجار من الحجم الكبير تلقم بالحطب حتى ينضج ما فيها من طعام. ولدي الخلايلة تسمية الحلة (كما في مصر) ايضا. وهي اصغر من الدست حجما واستيعابا. واما الطنجرة فهي، بطبيعة الحال، اصغر من الحلة. وبالتالي هي اصغر من الدست بلا ريب.

11- الملبن، لمن لا يعرفه، أقرب الى الواح قمر الدين المعروف في بلاد الشام. ويحضر من المشمش بالطريقة ذاتها التي يحضر فيها الملبن من العنب. ويغلف بذات الطريقة. وقمر الدين يتواجد عادة على موائد الافطار في رمضان. والفارق هو ان قمر الدين حامض بينما الملبن حلو المذاق، لأنه من العنب...

12- القريش، هو حب من اشجار القريش المنتشرة في جبال الخليل وفلسطين عموما. وهي من الصنوبريات ايضا، ولكن حبتها بمثل حبة القمح حجماً. وهي في الحقيقة تليق بالملبن اكثر من حب الصنوبر الذي يجعل من رقاقة الصفحة عبثا لكبر حجمه نسبياً.