حدود الله في العلاقات الزوجية الخاصة بقلم : الشيخ طارق يوسف
تاريخ النشر : 2006-11-06
حدود الله في العلاقات الزوجية الخاصة

بقلم : الشيخ طارق يوسف

كثيرا ما يتساءل الناس عن مدى إباحة الشرع الإسلامي للحديث عن العلاقات الزوجية الخاصة في أجهزة الإعلام المختلفة... والواقع إن الإسلام لا يعد ذلك عيبا أو حراما بشرط الالتزام بالآداب العامة والابتعاد عن الإسفاف والإثارة والكلام الذي يخدش الحياء العام والقرآن حين يستخدم الألفاظ الخاصة بالجنس فإنه يستخدم كلمة الملامسة " أو لامستم النساء" ولفظ التماس "من قبل أن يتماسا" ومفردة المقاربة " ولا تقربوهن حتى يطهرن" وأيضا الإتيان " فأتوهن من حيث أمركم الله" والمباشرة " فالآن باشروهن " أما كلمة النكاح المستخدمة فالمقصود بها عقد الزواج وليس الجماع كما قد يتوهم بعض الأغبياء والحاقدين على الإسلام ونبيه . وحقيقة إن العلاقة الجنسية بين الزوجين أمر له خطره وأثره في الحياة الزوجية. وقد يؤدي عدم الاهتمام بها، أو وضعها في غير موضعها إلى تكدير هذه الحياة، وإصابتها بالاضطراب والتعاسة. وقد يفضي تراكم الأخطاء فيها إلى تدمير الحياة الزوجية والإتيان عليها من القواعد. وربما يظن بعض الناس أن الإسلام أهمل هذه الناحية برغم أهميتها. وربما توهم آخرون أن الدين أسمى وأطهر من أن يتدخل في هذه الناحية بالتربية والتوجيه، أو بالتشريع والتنظيم، بناء على نظرة بعض الأديان إلى الجنس "على أنه قذارة وهبوط حيواني". والواقع أن الإسلام لم يغفل هذا الجانب الحساس من حياة الإنسان، وحياة الأسرة، وكان له في ذلك أوامره ونواهيه، سواء منها ما كان له طبيعة الوصايا الأخلاقية، أم كان له طبيعة القوانين الإلزامية. وأول ما قرره الإسلام في هذا الجانب هو الاعتراف بفطرية الدافع الجنسي وأصالته، وإدانة الاتجاهات المتطرفة التي تميل إلى مصادرته، أو اعتباره قذرا وتلوثا. ولهذا منع رسول الله الذين أرادوا قطع الشهوة الجنسية نهائيا بالاختصاء من أصحابه , وأذن لهم أن يتزوجوا المرأة بالثوب إلى أجل زواجا مؤقتا أي متعة كما هي رواية البخاري ومسلم في صحيحهما، وقال لآخرين أرادوا اعتزال النساء وترك الزواج: "أنا أعلمكم بالله وأخشاكم له، ولكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني". كما قرر بعد الزواج حق كل من الزوجين في الاستجابة لهذا الدافع، ورغب في العمل الجنسي إلى حد اعتباره عبادة وقربة إلى الله تعالى، حيث جاء في الحديث الصحيح: "وفي بضع أحدكم (الجماع مع الزوجة) صدقة. قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: نعم. أليس إذا وضعها في حرام كان عليه وزر. كذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر". رواه مسلم وغيره.

وقد بلغت عناية القرآن كدستور للإسلام- وهو كتاب هداية وإعلام أصالة- بهذا الأمر أن تعرض له في مواضع عدة من آياته

ونحن نجد العالم السلفي بن القيم الجوزية يذكر في كتابه "زاد المعاد في هدي خير العباد" هديه صلى الله عليه وآله وسلم في الجماع , ولا يجد في ذكر ذلك حرجا دينيا، ولا عيبا أخلاقيا، ولا نقصا اجتماعيا، كما قد يفهم بعض الناس في عصرنا. ولذلك كان صلى الله عليه وآله وسلم يتعاهده ويحبه، ويقول: حبب إلى من دنياكم النساء والطيب..

وهذا كله يدلنا على أن فقهاء الإسلام لم يكونوا "رجعيين" ولا "متزمتين" في معالجة هذه القضايا . ومن الجدير بالذكر أننا توارثنا تصورًا خاطئًا عن الحياء مؤداه أن خلق الحياء يمنع المسلم من أن يخوض في أي حديث يتصل بأمور الجنس، وتربينا على اجتناب التعرض لأي أمر من هذا القبيل، سواء بالسؤال إذا اشتدت حاجتنا إلى سؤال أم بالجواب إن طلب منا الجواب، أو بالمشاركة في مناقشة هامة وجادة، مع أن الحديث يمكن أن يُسهم في علاج المشكلات، بل قد يكون فيه البلسم لجراح نفسية عميقة، مع أن الإسراف في هذا الحياء ما هو إلا وضع نفسي نشأ ونما وتمكن من نفوسنا، حتى أصبح عصيا على العلاج ، وذلك نتيجة أوهام وتقاليد بالية ما أنزل الله بها من سلطان لكننا توارثناها جيلاً بعد جيل، وكأنها دين نستمسك به ونلقى الله عليه، وما درينا أننا أسرفنا على أنفسنا، وخالفنا شرع الله الحكيم، وهدي نبينا الكريم.

وقد يسأل سائل ما هو هدف العلاقة الزوجية في الواقع ابتداء وأصالة هدفها المتعة واللذة والشهوة التي خلقها الله في النفس فطرة حتى إن الله في القرآن جعل شهوة النساء مقدمة ومزينة قبل جميع الشهوات والملذات الأخرى حيث قال الله "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب" ويترتب على ذلك حفظ النسل فقد جعل الله بقاء الإنسانية من خلال أقوى وأحب شهواتها إليه وهي الجنس والنساء و بالطبع هذا حكم الأغلبية التي تنسجم مع الفطرة وأما الشاذ فلا حكم له. وحتى أن الله عندما حبب المؤمنين في الجنة ذكر لهم الحور العين والنساء الجميلات ولم يذكر أن ذلك سيترتب عليه إنجاب أطفال ولو كان الهدف الأساسي الإنجاب لقلنا إن العقيم رجلا كان أو امرأة لا يجوز لهما الزواج وما قال بذلك عاقل.

وقد يقول قائل وهل هناك ضرورة للمداعبة وللملاعبة قبل الجماع ؟ فإنه من المسلمات أن ذلك من توصيات رسول الله حيث أوصى جابرا بن عبد الله فقال له فَهَلَّا بكرا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ وفي رواية تداعبها وتداعبك وفي رواية تعضها وتعضك" وقد فهم منها العلماء أن للزوج أن يمص لسانها ويرشف شفتيها وقالوا ذلك يقع عند الملاعبة والتقبيل. وهناك حديث ضعيف عن جابر أن النبي نهى عن المواقعة قبل الملاعبة. وقد جاء في خبر رواه الديلمي عن أنس مرفوعاً "ثلاثة من الجفاء أن يؤاخي الرجل الرجل فلا يعرف له اسماً ولا كنية وأن يهيئ الرجل لأخيه طعاماً فلا يجيبه وأن يكون بين الرجل وأهله وقاعاً من غير أن يرسل رسوله المزاح والقبل لا يقع أحدكم على أهله مثل البهيمة على البهيمة "ومما لفت الإسلام إليه النظر ألا يكون كل هم الرجل قضاء وطره هو دون أي اهتمام بأحاسيس امرأته ورغبتها. ولهذا روي في الحديث الترغيب في التمهيد للاتصال الجنسي بما يشوق إليه من المداعبة والقبلات ونحوها، حتى لا يكون مجرد لقاء حيواني محض.

ومن هدي الإسلام في هذا الشأن أنه يحرم ممارسة الجنس مع الزوجة أثناء الحيض بنص القرآن في القبل " يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن" ولكن للزوج والزوجة أن يتجنبا موضع الدم في فترة الحيض ويتمتعان حسبما يحبان. وأما ممارسة الجنس من الدبر مع الزوجة في الفقه الإسلامي فهو محل خلاف حيث إن جل الأحاديث الواردة في التحريم ضعيفة كما نص على ذلك علماء الحديث منهم البخاري وابن حجر كما جاء في الدر المنثور ونيل الأوطار للشوكاني. وقد أفتى جمهور العلماء بحرمته لكن الإمام الشافعي ومالكا وفقهاء المدينة المنورة في الماضي يرون الجواز وحتى في صحيح البخاري عبد الله بن عمر بن الخطاب يرى الجواز عند تفسير قول الله تعالى في القرآن {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) غير أن المختار البعد عنه لكراهيته ولا يجوز أن تجبر الزوجة على ممارسته إذا كان لا يستهويها بطبعها.

ومن هدي الإسلام في شأن العلاقة الجنسية بين الزوجين أنه لم يلزم الزوجين بوضع واحد فقط في الفراش , فللزوجين تغيير أوضاعهما كما يحبان بما يقتل الرتابة ويجعلهما في أعلى درجات المتعة حسبما يحبان, والإسلام يتدخل فقط صراحة في منع المباشرة في القبل أثناء الحيض كما أسلفت من خلال القرآن كنص قطعي الثبوت بمعنى صدوره من الله يقينا, قطعي الدلالة أي لا يحتمل معنيين والله يقول" نساؤكم حرث لكم، فأتوا حرثكم أنى شئتم" أي على أي وضع أو أي كيفية اخترتموها.

ولقد لاكت الألسنة في الآونة الأخيرة في الحديث والسؤال عن استخدام الفم في العلاقة الجنسية, والحقيقة إن كل شئ حلال في الإسلام حتى تثبت حرمته بالدليل القطعي وليس كل شئ حرام حتى يثبت العكس , وليس هناك نص قطعي الثبوت قطعي الدلالة يحرم ذلك كما يتوهم بعض السوقة وبعض أنصاف المشايخ تنفيسا عن أمراض نفسية وقلبية ومخزون ثقافي باطل سيطر على عقولهم , وعليهم أن يقرأوا ما جاء في تفسير القرطبي وأحكام القرآن لابن العربي نقلا عن أصبغ من كبار فقهاء المالكية عند تفسير قوله تعالى من سورة النور " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم .." " وله أن يلحسه بلسانه" وما نقل عن بعض أئمة أهل بيت رسول الله أن للزوج أن يقبل فرج زوجته, وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية المنشورة ما يلي" اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ مَسُّ فَرْجِ زَوْجَتِهِ.قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: سَأَلَ أَبُو يُوسُفَ أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ الرَّجُلِ يَمَسُّ فَرْجَ امْرَأَتِهِ وَهِيَ تَمَسُّ فَرْجَهُ لِيَتَحَرَّكَ عَلَيْهَا هَلْ تَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا قَالَ: لَا, وَأَرْجُو أَنْ يَعْظُمَ الْأَجْرُ.وَقَالَ الْحَطَّابُ: قَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْفَرْجِ فِي حَالِ الْجِمَاعِ, وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ وَيَلْحَسَهُ بِلِسَانِهِ, وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْإِبَاحَةِ, وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ.وَقَالَ الْفَنَانِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ لِلزَّوْجِ كُلُّ تَمَتُّعٍ مِنْهَا بِمَا سِوَى حَلْقَةِ دُبُرِهَا, وَلَوْ بِمَصِّ بَظْرِهَا وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِجَوَازِ تَقْبِيلِ الْفَرْجِ قَبْلَ الْجِمَاعِ, وَكَرَاهَتِهِ بَعْدَهُ". وأما بالنسبة للزوجة مع زوجها فالأصل الإباحة وقد أفتى الأزهر والقرضاوي علنا على الجزيرة بالجواز لكن ما أحب أن أشير إليه هنا أن الزوجة لا تجبر على هذا الفعل إذا كانت لا تحبه طبيعة أو سليقة لا تأثرا بتقاليد اجتماعية أو مخزون ثقافي مغشوش يظن أن الإسلام يحرم ذلك والإسلام من ذلك الزعم براء. فالشئ الوحيد الذي لا تملك الزوجة الامتناع منه بدون أسباب مقبولة كالحيض والمرض والتعب.. الممارسة من الموضع الطبيعي من مخرج الولد وأما غير ذلك فلها الخيار طبقا لطبيعتها وما يستويها وتحبه.

ومما يجدر الإشارة إليه.. إن علماء الإسلام من خلال فهمهم للنصوص الشرعية يستحبون أن يأتي الرجل زوجته في كل أربع ليال مرة، فهو أعدل، إذ عدد النساء أربع (أي الحد الأقصى الجائز) فجاز التأخير إلى هذا الحد. وإن قالوا ينبغي أن يزيد أو ينقص بحسب حاجتها. فإن تحصينها واجب عليه".. ولكن الإسلام يجبر الزوج على ممارسة الجنس مع زوجته على الأقل مرة كل أربعة أشهر وإلا يلزمه بتطليقها إذا اشتكت الزوجة ولكن يستحب أن يشبع الزوج رغبة زوجته كلما أرادت إذا كان قادرا على الممارسة بما لا يجعلها متألمة حزينة مما قد يفضي بها إلى طلب الطلاق إذا كانت شريفة أو تضعف فترتكب الحرام إذا كانت دون مستوى الشرف. وعلى الزوج غير القادر لضعف طبعي أو مرضي أن يستخدم من الوسائل الطبية التي تقويه أو تحسن أداءه بلا حرج فإن لم تعالجه فعليه أن يشبع رغبة زوجته الجنسية بيده أوما يرضيها حيث إن القاعدة الشرعية تقول ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ولم يجد أئمة الإسلام وفقهاؤه العظام بأسا أو تأثما في التنبيه على هذه المعاني التي قد يغفل عنها بعض الأزواج. فهذا حجة الإسلام، إمام الفقه والتصوف، أبو حامد الغزالي يذكر ذلك في كتابه الشهير إحياء علوم الدين -الذي كتبه ليرسم فيه الطريق لأهل الورع والتقوى، والسالكين طريق الجنة- بعض آداب الجماع فيقول: (يستحب أن يبدأ باسم الله تعالى والدعاء . قال صلى الله عليه وآله وسلم "لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: اللهم جنبني الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا. فإن كان بينهما ولد، لم يضره . وقال: "ثلاث من العجز في الرجل.. وذكر منها أن يقارب الرجل زوجته فيصيبها (أي يجامعها) قبل أن يحدثها ويؤانسها ويضاجعها فيقضي حاجته منها، قبل أن تقضي حاجتها منه". قال الغزالي: (ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضا نهمتها، فإن إنزالها ربما يتأخر، فيهيج شهوتها، ثم القعود عنها إيذاء لها. والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقا إلى الإنزال، والتوافق في وقت الإنزال ألذ عندها ولا يشتغل الرجل بنفسه عنها، فإنها ربما تستحي). أما بالنسبة للزوجة فليس من حقها أن تؤدب زوجها بالامتناع عن ممارسة الجنس معه مما قد يلجؤه للحرام أو التزوج عليها غير أن المرأة إذا كانت مجهدة أو مريضة أو متأذية نفسيا فليس من حق الزوج أن يجبرها فليس من المنطق أن يسئ الزوج معاملة زوجته ثم يلومها إن لم تكن إيجابية معه في الفراش والله يقول " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" فكما يحب الرجل أن تتزين له زوجته يستحب أن يتزين لها وكما يحب أن لا تؤذيه بالقول أو الفعل يجب أن لا يؤذيها بالقول أو الفعل بما يساعدها أن تكون في أفضل حالاتها النفسية في الفراش. وإن كان الشرع الإسلامي لا يعد الزوج الذي مارس الجنس مع زوجته بالإكراه مغتصبا كما هو في قوانين الغرب والأصل أنه لا يجوز للزوجة تأديب زوجها الذي لم يستجب لها في طلب من طلباتها بالتمنع عنه وإذلاله في الفراش فهذا نقيض المودة والرحمة التي بها تستمر الأسرة ولا ينفرط عقدها.

وصحيح إن الإسلام يبيح للزوج هجر زوجته لإصلاح نشوزها إذا وعظها ولم تستجب لقوله تعالى "وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا" والعكس غير صحيح لأن الله يقول "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْر" فقد فرق الله بين نشوز الزوج ونشوز الزوجة فأعطى للزوج الحق في الهجر بعد فشل النصح والوعظ في حال نشوز زوجته بينما جعل الصلح علاجا عند نشوز الزوج أو إعراضه ولم يتحدث عن الهجر. والضرب المشار إليه في الآية ليس واجبا كما قد يتوهم بعض السوقة أو مؤذيا بدنيا كما يفعله البلطجية والفتوات.

وأما إذا حلف الزوج أن لا يمارس الجنس مع زوجته أكثر من أربعة شهر واشتكت الزوجة خيره القاضي بين مجامعة زوجته أو الطلاق فإن لامس زوجته فأهلا وسهلا وإلا طلق, فإن لم يطلق طوعا طلقها القاضي بنزع الولاية منه لتعسفه في استعمال حقه, وتحصل الزوجة على جمبع حقوقها وهذا كله مفهوم من قوله تعالى "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" . وأما إذا امتنعت الزوجة وأصرت فإنها تعد ناشزا ومن ثم تسلب منها جميع حقوقها من نفقة وسكنى. ومن حق الزوجة طلب الخلع والذي به تدفع فيه للزوج فدية بنص القرآن كي يطلقها فالله يقول "اَلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاََّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاََّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" على أن تستوعب الفدية أو التعويض ما أنفقه الزوج عليها أو ما تستطيع تقديمه بشرط قبول الزوج.

هذه أهم معالم الإسلام وحدوده في العلاقات الزوجية في الفراش أسأل الله أن ينفع بها المؤمنين, ولعلي بإذن الله في مقال آخر أتعرض لما أنزل الله في شأن الطلاق من أحكام. والله أن يسأل أن ينقي نيتي من كل دخل ودخن إنه سميع قريب

الشيخ طارق يوسف حسن صالح

إمام مسجد أولي الألباب بروكلين نيويورك

الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في نيجيريا

المحاضر السابق في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية والعربية جامعة مفتاح الدين إبادن نيجيريا

[email protected]