هؤلاء أضاعوا فلسطين: جميل مردم بيك بقلم: محمد الوليدي
تاريخ النشر : 2006-10-08
هؤلاء أضاعوا فلسطين: جميل مردم بيك بقلم: 
محمد الوليدي


لائحة العار : جميل مردم بيك

من القوميين العرب ،من أصل تركي ،ولد في مدينة دمشق عام 1893م. كان رئيسا لوزراء سوريا عام 1948 ورئيس لجنة فلسطين التي شكلتها جامعة الدول العربية.

يعتبر جميل مردم أحد أكبر الماسونيين العرب ومن أقطاب محفل الشرق السوري الأعظم الماسوني و كان من بين الذين أوكلت اليهم مهمة أنشاء جمعية العربية الفتاة السرية في باريس والتي كانت تهدف لعزل العرب عن الدولة العثمانية .

في عام عام 1919 رافق الملك فيصل بن الحسين لمؤتمر فرساي . وفي عام 1921 وافق على متطلبات لجنة كنج - كرين التي ارسلت الى الدول العربية وفلسطين لجس نبض الأنظمة العربية حول أنشاء وطن لليهود في فلسطين . بين عام 1932-1933 عين وزيرا للمالية تحت الأنتداب

الفرنسي ،وفي تلك الفترة أستطاع تسديد جميع ديونه بل واصبح من الأغنياء المعدودين في سوريا .

عين جمال مردم عام 1936 رئيسا للوزراء وفي تلك السنة أجتمع مع الياهو ساسون مندوب الوكالة اليهودية في دمشق واتفق معه على أنشاء دولة يهودية في فلسطين كما وعد بالضغط على الفلسطينيين بالتسليم بذلك فيما أذا ساعد اليهود الحكومة السورية في تحقيق مطالبها مع حكومة ليون

بلوم الفرنسية ،لأن تلك الحكومة " في جيب اليهود " حسب ذكر مردم.

كما اكد مردم هذه الوعود لعزرا وايزمن عندما قابله شخصيا في باريس .

في عام 1946 أختير جميل مردم مرة اخرى رئيسا لوزراء سوريا، بعد ان نال شهرة واسعة عند الفرنسيين وقدم لهم العديد من التنازلات أثناء الأنتداب وما بعد الأنتداب . ظل دائما مثالا للسياسي الذي يضع مصالحه الشخصية فوق كل شيء منذ أن تقلد أول منصب سياسي وحتى نهاية دوره عام1948.

ومنذ عام 1946 ظهر دوره الواضح والمفضوح في قضية فلسطين والتي لم تكن تعنيه في شي سوى كم سيكسب منها على حساب دم ودموع اهلها وارضها.

عندما بدأ الشعب السوري التحرك ضد خياناته عام 1946 ،أسر لسياسي سوري بقوله بانه يفكر بأعتزال الحياة السياسية والأقامة في مصر "لأنه بلد مستقر وفيه مجال للعمل والربح!" حسب قوله .وقد عرض عليه السفير البريطاني في دمشق وضع حماية بريطانية عليه الا انه اعتبر هذه الخطوة ستزيد من الشبهات حوله .

حتما لم تنته الحاجة لأمثال جميل مردم في تلك الفترة الحرجة من تاريخ فلسطين التي كتب عليها أن تكون قضيتها في أيدي أمثال هؤلاء، كما ووجد أن الأستفادة أكثر في تلك الظروف القادمة كتاجر حرب محترف ،أستفاد من تبرعات الشعوب العربية لجيش الأنقاذ لجلب السلاح وأستفاد ايضا من الشعب السوري الذي لم يبخل بشيء في سبيل فلسطين لولا اللصوص أمثال مردم الذين تمكنوا منه وأهدروا ليس أموال الشعب السوري فحسب بل حتى دمه .

كان جميل مردم وراء ارسال ابن عمه الضابط فؤاد مردم لـ"شراء " سفينة الأسلحة المشهورة التي حولت الى العصابات الصهيونية بتدبير من الوكالة اليهودية ورغم حكم المحكمة العسكرية على فؤاد مردم بالخيانة العظمى واعدامه الا أن جميل مردم حاول طي قضيته بل و طالب بايقافها والتي اعتبرها " خطأ مسلكي"، ليغادر بعدها فؤاد مردم سوريا الى لبنان وينشأ فيها شركة لتوزيع البترول.

سجل أحد السياسيين السوريين أيضا على جميل مردم بانه وراء تأخير صفقة سلاح فرنسية الى سوريا الى ما بعد أنتهاء حرب 1948.

كان جميل مردم قبل بداية حرب 1948 على اتصال دائم مع وزارة الخارجية البريطانية عبر الكولونيل البريطاني كورنولس فيما يخص مجريات الأمور في فلسطين ،في حين كان دائم التغيب عن جلسات مجلس النواب السوري والذي كان بصدد ما يمكن تقديمة لفلسطين في محنتها او فضائح حكومة مردم فيما يخص الجيش السوري .

في اثناء الحرب برر جميل مردم قبول سوريا بالهدنة الثانية لمجلس النواب السوري "بأنه لا يستطيع الخروج عن الصف العربي الذي قبل بالهدنة وأنه يخاف فيما اذا عارض ذلك ان تستفرد اسرائيل بسوريا!"

وقبل ذلك كان يعارض دخول الجيوش العربية الى فلسطين ويرى ان جيش الأنقاذ كان كافيا لأنه "أذا فشل جيش الأنقاذ -لا سمح الله - فان المسؤولية تقع على الفلسطينيين وليس على الأنظمة العربية ،اما لو دخلت الجيوش العربية وفشلت فان العار سيلحق بالأنظمة العربية "

قبل أستقالة مردم بأيام ،أجتمع في باريس مع عسكريين صهاينة ،ليعد بعدها الى دمشق التي لا زالت تشتعل غضبا عليه لدوره الفاضح في ما يجري من خيانات في فلسطين وما تعرض له الجيش السوري اثناء الحرب ،وكانت جموع السوريين تردد قصيدة عمر ابو ريشة الغاضبة فيه في كل مكان ،حتى انه في أحدى المهرجانات في مدينة حماة التي حضرها القيت القصيدة في وجهه مما أضطره للهروب من الباب الخلفي لمدرج مدينة حماة،واجد من الفائدة وضع هذه القصيدة للقراء الكرام :

أمتي هل لك بين الأمـمِ * منبـر للسيـف أو للقلـمِ

كيف أغضيتِ على الذل ولم * تنفضي عنك غبـار التهـم

ودعـي القادة في أهوائها * تتفانى في خسيس المغنـم

رب و امعتصمـاه انطلقت * ملء أفــواه الصبايا اليتّم

لامست أسماعــها لكنها * لم تلامس نخوة المعتـصـم

أمتــي كم صنـم مجدته * لم يكن يحمل طهر الصنــم

لا يلام الذئـب في عدوانه * إن يك الراعــي عدو الغنـم

فاحبسي الشكوى فلولاك لما * كان في الحكم عبيد الدرهــم

إن أرحام البغـــايا لم تلد * مجرمــاً مثل هذا المجــرم

كيف ترجو أمـةٌ عزتــها * وبها مثلُ (جميـل المــردم)

( عن د. هشام الشامي - شرعنة الفساد بعد صمت أبو ريشة )

في نهاية عام 1948 أستقال واستراحت منه سوريا والأمة بعد ان فعل ما فعل ،واعلن اعتزاله للحياة السياسية حيث غادر الى مصر حيث الأستقرار والعمل والربح! . ثم الى سويسرا حيث أنشا بنكا فيها بالأشتراك مع ابنه وبعض أقاربه .

مات في عام 1960 .