يا رفاق لا تقتلوا أمل الوفاق بقلم: فادي فيصل الحسيني
تاريخ النشر : 2006-09-09
يا رفاق---لا تقتلوا أمل الوفاق

بقلم: فادي فيصل الحسيني

منذ أن تأسست منظمة التحرير الفلسطينية في القرن الماضي،

و التي جمعت العديد من القوى الوطنية و الإسلامية و

اليسارية و المستقلين، رفضت حركة الإخوان المسلمين

الانضمام لها آنذاك بدعوى أن منهج المنظمة علمانياً و

اشترطت المنهج الإسلامي للمنظمة شريطة الانضمام إليها.

و بعد مرور سنين، انشق فصيل عن حركة الإخوان المسلمين و

أصبح يعرف لاحقاً بحركة الجهاد الإسلامي، و مع بداية

الانتفاضة الفلسطينية الأولى، ظهرت حركة المقاومة

الإسلامية حماس من رحم حركة الإخوان المسلمين الأم.

الفارق النوعي الذي سجلته تلك الحركتين عن حركة الإخوان

المسلمين هو اتخاذ منهج الكفاح المسلح كطريقاً مباشراً

للتعامل مع الصراع، و تجاوز مرحلة التنشئة و الإعداد

الذي كانت تمر بها حركة الإخوان المسلمين الأم آنذاك.

اختلفت الأمور كثيراً، و لكن مبدأ رفض الانضمام للمنظمة

لم يتحرك قيد أنملة لنفس الأسباب التي أعلنتها حركة

الإخوان المسلمين منذ سنين. بدأ الفكر و المنهج يتطور

بتطور و تصاعد شعبية الحركتين على الأرض مع بداية

الإنتقاضة الأولى و التي تجسدت هذه الشعبية في نتائج

الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير 2006، أما

الجديد فهو موقف حركة المقاومة الإسلامية حماس و حركة

الجهاد الإسلامي بقبول الانضمام للمنظمة شريطة العمل على

التغيير و التطوير و التعديل. و بعد مرور 5 أشهر على

تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة بقيادة حماس، و مع

استمرار الضغوط الدولية و الحصار و التصعيد العسكري

الإسرائيلي في الضفة و غزة، بدأ الجميع يعي أهمية و

ضرورة العمل جنباً إلى جنب للمرور من الأزمة و العبور

إلى بر الأمان من خلال حكومة وحدة وطنية. اعتقد البعض أن

من مصلحة طرف أن يستأثر بزمام الأمور، و أثبتت التجربة

خطأهم، و ظن آخرون أن المصلحة و الحاجة لطرف دون آخر

لمثل هذه الحكومة الوطنية، و تبين سوء تقديرهم، و قدر

طرف أن المشروع الوطني حكر له، و أظهرت له الأيام أن

الوطن لكل الفلسطينيين، و أن جميع الحركات الفلسطينية

قامت لتحقيق غاية سامية، و هي تحقيق حلم الحرية و الدولة

المستقلة ذات السيادة.

الآن و بعد مرور عقود و عقود في البحث عن مفتاح الوحدة

المفقود، بدأ الأمل يساورنا و الحلم في تحقيق الوحدة

يراودنا بعد الحديث عن انضمام حركات وطنية كبرى للمنظمة

و مباحثات لتشكيل حكومة وفاق وطني. حكومة الوحدة

الوطنية هي الطيف الكامل و الأمل القادم، لطموحات و واقع

الشعب الفلسطيني الذي أفرز جميع الحركات و اللفصائل

الفلسطينية كما أفرز المستقلين الوطنيين من أبناء شعبنا.

لم يكن الشعب و لم تكن القضية يوماً حكراً لقوم دون آخر

أو ملك لفئة دون غيرها. فإذا ما تحدثنا عن الوحدة

الوطنية كمفهوم، نجد أنها أغنى و أرقى من مفهوم الحزبية

و الطائفية، و إن أردنا أن نتحدث عن الواقعية، نجد أنه

من الواقعي و المنطقي و في ظل الظروف الصعبة التي تمر

بالأمة أجمع، أن تمتزج القوى الوطنية الزاهية بصدق

العزيمة الماضية في مواجهة التحديات و الصعوبات القاسية.

يظن البعض أن حكومة الوحدة الوطنية هي مطلب خارجي و

إملاء دولي يتعدى على سيادة القرار الفلسطيني، و لكن

الوحدة هي خيار الأقوياء، و حكمة الأشقاء، في ظروف

البلاء و في أيام الرخاء. مطلب الوحدة الوطنية مطلب

شعبي كريم يعبر عن نبل أمة و وعي شعب، و من يقف في وجه

هذا الخيار وقف في وجه رخاء الأمة و بناء الدولة،

فالدولة لن تقوم سوى بسواعد كل أبناءها، و حرية الدولة

الفلسطينية لن تجنى إلا بتكامل جميع طاقتها.

جولات كثيرة و مباحثات حثيثة و تصريحات عديدة بعثت برياح

الضجر تارة و بعواصف الإحباط تارة أخرى في الشارع

الفلسطيني و الذي لم يجد في الحكومة الوطنية المفترضة

سوى نهوض من كبوة مفاجئة و حل لمشاكل عديدة مرت على

أمتنا، أهمها الرواتب و الحصار الدولي و الترتيبات

الأمنية في البيت الفلسطيني و من ثم ننطلق لأمور أوسع و

أشمل من القضايا الوطنية. أضحى الجميع يتطلع أبداً نحو

كل قادم و بارح و يتلفت صوب كل غادٍ و رائح، منتظراً

خبراً أكيداً عن وفاق بين الرفاق، أو عن بوادر انفراج و

اتفاق، و لكن بعُد ما طال انتظاره، و هوت من حلقت

آماله، مع كل يوم يمر بلا اتفاق، كمن وجد نفسه يغوص في

مهاوي النسيان، و يتوه مجددا في بحور الهذيان، بعد أن

أصمته همسات البرق على الأثير، و أعيته زوابع الفراق

المرير، فإما خيار الوحدة العظيم أو لنترك ظلام اليأس و

القنوط يهيم.