المصالحة المجتمعية
تاريخ النشر : 2023-09-18
المصالحة المجتمعية
أشرف أبوخصيوان


المصالحة المجتمعية

بقلم: أشرف أبوخصيوان - كاتب وباحث سياسي

من المتوقع أن تُستأنف في قطاع غزة قريباً مبادرة المصالحة المجتمعية، التي انبثقت عن اتفاق القاهرة 2011 م، كأحد أهم بنود الاتفاق الذي وقعته الفصائل الفلسطينية في القاهرة، ، وهي تختص بدفع "الدية" الدية هي عبارة عن تعويض مالي يُدفع للعائلات الفلسطينية في قطاع غزة والتي فقدت أحد أبنائها نتيجة الاقتتال الداخلي الفلسطيني ما بين أعوام 2005 ولغاية عام 2011م.

وحسب القائمون على المبادرة في اللجنة الوطنية للشراكة والتنمية، التي تدعمها وتمولها دولة الامارات العربية المتحدة، فإنه سيتم حل خلاف عائلي لِقرابة 100 عائلة فلسطينية وربما أكثر، وقد شقت المبادرة طريقها للعمل في قطاع غزة عام 2017 وواصلت جهدها لغاية عام 2020 حيث خَلصت قُرابة ال180 عائلة فلسطينية، من خلال عمل اللجان الفصائلية والعشائر والمخاتير.

ويسعى القائمون على المبادرة، إلى حَل أكبر وأعقد القضايا العالقة، وهي ما تُسمى بالملفات الكُبرى، من أجل كسر الجمود وتحقيق نتائج في انتهاء ملف الاقتتال الداخلي في أقرب وقت ممكن. 

مقدمة: 

وقعت الفصائل الفلسطينية في القاهرة على آليات تنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني وذلك في 4/5/2011م، تحت رعاية مصرية، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة المصالحة المجتمعية، التي تهدف لإنهاء حقبة سوداء من تاريخ شعبنا الفلسطيني من خلال ابرام اتفاقيات مصالحة مجتمعية بين عائلات قطاع غزة والتعويض عن الأضرار. ويُعد ملف المصالحة المجتمعية من أخطر وأعقد الملفات التي تواجه اتفاق المصالحة الشامل، كونه يمس أسر الشهداء والمصابين ومن تضرروا مادياً من منازل وممتلكات نتيجة أحداث الانقسام الفلسطيني. وتكمن أهمية انجاز هذا الملف الذي يقوم على أساس التهيئة لأي مصالحة سياسية مستقبلية، من أجل الحفاظ على النسيج المجتمعي في الساحة الفلسطينية، وعودة التلاحم الوطني والإسلامي لكافة أبناء شعبنا الفلسطيني.

دور لجنة تكافل سابقاً:

ساهمت اللجنة الوطنية في تشكيل غطاء وطني من خلال فصائل العمل الوطني، التي تضم حركة فتح تيار الاصلاح الديمقراطي والجهاد الاسلامي وحركة حماس والصاعقة والقيادة العامة، على تنفيذ ملف المصالحة المجتمعية، بعد التعقيدات الاجرائية في التنفيذ، التي انفجرت بعد اتفاق القاهرة 2011، والتي على اثرها تم تعطيل العمل على انجاز المصالحة الوطنية، فباشرت لجنة تكافل في البحث عن مصادر تمويل لملف المصالحة المجتمعية، من خلال جملة اللقاءات والاجتماعات الوطنية، وقد باشر محمد دحلان، قائد تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، البحث عن مصادر تمويل، لجبر الضرر عن الأسر التي فقدت أبنائها في أحداث الاقتتال الداخلي.

فقد ساهم دحلان في توفير الامكانيات المالية، من خلال دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة، وذلك لإنجاز أهم وأخطر ملفات المصالحة الوطنية تعقيداً.

لتشكل تلك الخطوة رافداً وطنياً جعل المجتمع الفلسطيني سياجاً شعبياً وحاضنة وطنية، لحماية ما تنفذه لجنة المصالحة المجتمعية.

تفاهمات 2017

أحدثت التفاهمات بين حركة حماس بقيادة يحيى السنوار ومحمد دحلان، قائد تيار الإصلاح الديمقراطي".، نقطة انطلاق جديدة على تشكيل لجنة من القوى الوطنية والإسلامية، تضم تيار الإصلاح الديمقراطي لحركة فتح وحركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية "القيادة العامة"، ومنظمة طلائع حرب التحرير الشعبية "قوات الصاعقة"، في حين الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية باركوا هذه الخطوة دون المشاركة بشكل رسمي كأعضاء ضمن هذه اللجنة وإنما يشاركون بالاحتفالات التي يتم عقدها لإتمام المصالحة المجتمعية لبعض أسر الشهداء".

الإدراك الوطني لأهمية تحقيق المصالحة المجتمعية ناتجُ عن تحييد الصعوبات التي قَد تواجه المصالحة السياسية وتطبيق أي تفاهمات سياسية مستقبلاً.

الإنجازات التي تم تحقيقها:

- تم اعتماد من استشهدوا من عام 2005 – 2011م، كمتضررين من حالة الانقسام على ملف المصالحة المجتمعية وما دون ذلك لم تشملهم المصالحة المجتمعية.

- بدأت عملية دراسة الملفات حسب الفترة الزمنية المحددة وما ينص عليه اتفاق القاهرة 2011م، وفيه تم حصر الملفات وفق ثلاث قضايا أساسية وهي الدم أي من استشهدوا نتيجة هذه الأحداث، والإصابات وممن تعرضوا لأضرار مادية.

- تم الاتفاق داخل لجنة المصالحة المجتمعية أن يبدأ التنفيذ بالقضايا الحساسة والخطيرة التي تمس "الدم" ويليها الإصابات ثم الأضرار المادية.

- نُفذ ملف الدم على عدة مراحل حيث بلغ العدد الإجمالي نحو 174 حالة أي ما يعادل الثلث، في حين تبقي نحو ثلثي الحالات يتم العمل على تنفيذ حلها.

- يتم التجهيز لـ 100 حالة جديدة، يتم تجديد العمل بها لإنجاز أكبر عدد ممكن من الملفات".

- تم إطلاق سراح عدد من المعتقلين في السجون بغزة، واستعادة بعض أملاك أبناء حركة فتح وبيوتهم وبعض المراكز والمؤسسات.

- تمت عودة أكثر من 250 مواطن إلى قطاع غزة بعد خروجهم قصراً من القطاع بعد أحداث الانقسام الفلسطيني.

- حالة من التردد أصابت بعض العائلات تخوفاً من قطع رواتب الشهداء، ولكن بجهود ومساعي القوى الوطنية والإسلامية ولجان الإصلاح تم تدليل هذه العقبات.

- يتم بذل جهود مضاعفة من أجل اقناع عدد اخر من أهالي الشهداء بالمشاركة في ملف المصالحة المجتمعية، حيث وصلت نسبة قبول العائلات بالمصالحة المجتمعية إلى 90 %.  

- قبول كبير من أبناء شعبنا بالانخراط في هذه المصالحة لحرصهم وانتمائهم الوطني لهذا الشعب، وقناعتهم بضرورة طي صفحة الانقسام المريرة والمؤلمة من أجل مصلحة شعبنا بإنهاء هذا الملف بشكل نهائي والذهاب إلى مصالحة وطنية بين كافة ابناء الشعب الفلسطيني.