صعوبات كبيرة تعترض مباحثات إدارة بايدن مع السعودية حول التطبيع
تاريخ النشر : 2023-09-17
صعوبات كبيرة تعترض مباحثات إدارة بايدن مع السعودية حول التطبيع
د. هاني العقاد


صعوبات كبيرة تعترض مباحثات إدارة بايدن مع السعودية حول التطبيع

بقلم: د. هاني العقاد

تبذل إدارة بادين منذ فترة ما يقارب العامين حتى الآن جهود كبيرة للتوصل لإبرام اتفاق بوساطتها بين السعودية وإسرائيل يقضي بإقامة علاقات تطبيع تهيئ لعقد اتفاقات اقتصادية وتكنولوجية  وعسكرية وأمنية إلا أن هذه الجهود برغم كثافتها واستمراريتها لم تصل للمستوي الذي يمكن أن يفتح فيه بات غرفة توقع الاتفاق حتى لو على مسودة تكون إطار ما لاتفاق قادم مع أن الخطوط العريضة للاتفاق وضعت أكثر من مرة، وكانت هذه الخطوط تتغير مع كل جولة مباحثات في محاولة لتحقيق اختراق ما يمكن إدارة بايدن من الاعلان عن الاتفاق وتوقيعه. 

لم تدخر إدارة بايدن جهد إلا وفعلته في هذا الموضوع إلا أن جل مباحثاتها تتركز مع الجانب السعودي وكأنها تعمل بالوكالة لصالح إسرائيل وحكومة نتنياهو. لعل ما يهم إدارة بايدن ان تحقق هذا الاتفاق وتخرجه للعلن قبل مارس القادم أي قبل انتخابات الرئاسة الامريكية كصفقة تشتري بها أصوات اليهود الامريكان لصالح الحزب الديموقراطي وبالتالي يحظى بايدن بولاية حكم ثانية. 

الصعوبات التي تعترض الجهد الأمريكي ليست سببها السعودية بل إسرائيل بالدرجة الأولى التي تريد اتفاق تطبيع مجاني وبدون ثمن سياسي تدفعه لأنهاء الصراع وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة العربية، والقائم على أساس إعطاء الفلسطينيين حقوقهم عبر اعتراف دولة الاحتلال بحق تقرير المصير للفلسطينيين، وبالتالي إنهاء الاحتلال الغاشم وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. 

(أنتوني بلينكن )وزير الخارجية الأمريكي خرج مؤخرا بتصريح هام وتحدث فيه عن إمكانية تطبيع العلاقات بين العربية السعودية وإسرائيل في المستقبل وجاء حديثة خلال المؤتمر الصحفي مع نظيرته الألمانية ( انالينا بيربوك) وقال " على الرغم من انني اري ان التطبيع ممكن الا ان هذا الامر في كل الاحول غير مضمون" . اليوم نقلت صحيفة ايلاف السعودية أن الإدارة الامريكية أبلغت إسرائيل الساعات الأخير بوقف السعودية مباحثات التوصل لاتفاق تطبيع بوساطة أمريكية بسبب تمسك نتنياهو بموقف اليمين وعدم قبوله بتقديم أي تنازل سياسي للفلسطينيين والتزام نتنياهو بمطالب اليمن المتطرف و وزراءه (بن غفير وسموترتش) وهذا ما نسف أي إمكانية للتقارب مع الفلسطينيين وبالتالي السعوديين.

كل هذا جاء عشية انتهاء جولة مباحثات أمريكية سعودية مع وفد فلسطيني كان قد زار الرياض برئاسة السيد (حسين الشيخ ) أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والذي أجرى مباحثات منفردة مع وفد أمريكي برئاسة مبعوث إدارة بايدن لشؤون الشرق الأوسط (بيرت مكفورك) و(باربارا ليف) مساعد وزير الخارجية (أنتوني بلينكن ) في المنطقة ومباحثات أخرى مع وفد رفيع من العربية السعودية، انتهت المباحثات دون أي تصريح للأعلام ولا حتى كلمة واحدة، فيما يبدو أن الفلسطينيين والسعوديين اتفقوا على زات النقاط بأن لا اتفاق تطبيع إلا بعد تطبيق مبادرة السلام العربية بكافة بنودها دون تغير واعلان إسرائيل بقبول مبدأ حل الدولتين. 

الحقيقة أن العربية السعودية هي التي متنت الموقف الفلسطيني وجعلت الموقف الفلسطيني أقوى في هذا الموضوع فقد تركت الكرة في ملعب الفلسطينيين عندما عبرت السعودية عن رؤيتها في هذا الموضوع بأن تقف إلى جنب الحقوق الفلسطينية كاملة وغير منقوصة, عندما تتصرف السعودية بهذا التصرف فإنها تتصرف كدولة مركزية تقود العالم الإسلامي يعنيها بأن لا تهتز مكانتها العربية والإسلامية لذا فهي تصر على موقفها الثابت تجاه المسالة الفلسطينية بأن لا اتفاق تطبيع مجاني دون أن تعترف دولة الاحتلال بحقوق الشعب الفلسطيني كاملة ودون أن تنفذ إسرائيل مبادرة السلام العربية، وأعتقد أن عودة مباحثات التطبيع مع واشنطن لن يكون إلا بعد استعداد إسرائيلي بتقديم تنازلات تقنع السعودية.

إدارة باين لا تريد أن تضغط على حكومة نتنياهو في موضوع حل الصراع على أساس مبدأ حل الدولتين ومبادرة السلام العربية لأن من أهم شروط ائتلاف نتنياهو وتماسكه عدم القبول بدولة فلسطينية في الضفة والقدس أو إنهاء أو وقف للاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية بل العكس فإن تسريع الاستيطان وتكريس الضم هو احد اهم بنود الاتفاق بين نتنياهو والكتل الدينية التي تشكل حكومة نتنياهو, هذا الأسبوع اعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي (جيك سولفيان) ان الرئيس بايدن سيلتقي  نتنياهو في البيت الأبيض في اول لقاء يجمع الرجلين.

وهنا أقول ان هذه مناسبة يستطيع فيها بايدن عن قرب أن يفتح ملف التنازلات للفلسطينيين ان كان هذا الملف زات اهتمام امريكي لكن اشك في ذلك وقد يتركز البحث علي الموضوع الإيراني كما يرغب نتنياهو وكذلك الحرب على الإرهاب. قد يذهب نتنياهو لحرف الاهتمام الأمريكي عن المسألة الهامة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط ويركز على التهديدات الإيرانية ومخاوف اسرائيل بعد طرد ايران مفتشي وكالة الطاقة الذرية وابعادهم عن الأراضي الإيرانية وهو ما يزع أمريكا وإسرائيل عي حد سواء, وهنا قد ينجح نتنياهو في  تخفيض  الوقت المتاح لبحث تنازلات ما  للفلسطينيين مقابل التطبيع وكذلك ملف الإصلاحات القضائية في إسرائيل التي من شانها ان تصادر الديموقراطية التي هذ أساس الشراكة بين البلدين.  

صعوبات كبيرة تواجه إدارة بايدن وخاصة بعد اعلان السعودية وقف المباحثات حول هذا الموضوع ما يعني أن الديموقراطيين قد يخسروا الانتخابات الرئاسية  بسبب سياسة اسرائيل وأسلوب تعاملها مع الصراع ورفضها تقديم تنازلات لتحقيق السلام مع الفلسطينيين  وبسبب اتفاقات  نتنياهو مع (بن غفير و سموترتش), وعلى ما يبدو أن جهود كل من وزير الخارجية الأمريكي بلينكن ومستشار الأمن القومي (جيك سولفيان) تواجه حائط صد كبير يصعب تجاوزه على اتجاهين الأول مع الموقف السعودي الثابت والذي لا يكترث كثيرا بعلاقة التطبيع التي تحاول أن تتوصل اليها إدارة بايدن بسبب أن المملكة في سياستها الجديدة فتحت باب على مصرعيه لعلاقات اقتصادية وامنية وسياسية وعسكرية ونفطية مع الصين وروسيا.   

الاتجاه الثاني بفشل رجال الإدارة الامريكية بإقناع نتنياهو بالموافقة على تنازلات للفلسطينيين تمهد لاختراق ما في مسالة التطبيع بل العكس فإن (انتوني  بلينكن) قال إن الفلسطينيين يرفعوا من مستوى طموحهم السياسي بسبب الدعم السعودي وعدم تنازلهم عن تحقيق بنود مبادرة اللام لعربية.