بقلم: خالد صادق
لا تكاد تتوقف المناكفات والتراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات بين رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو, وما يسمى بوزير الأمن القومي الصهيوني ايتمار بن غفير, زعيم حزب «القوة اليهودية» اليميني المتطرف إيتمار بن غفير يستغل حاجة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو إليه لبقاء الحكومة، ليحقق مطالبه الكثيرة, والتي تتعارض شكليا مع سياسة نتنياهو الذي يسعى لتأجيل المواجهة مع الأسرى الفلسطينيين, وعدم توتير الأوضاع حاليا وفق النصائح الأمريكية التي تعتبر أن التطبيع الإسرائيلي السعودي يتطلب أجواء هادئة نسبيا كي يتحقق التطبيع, حيث يسعى نتنياهو لإقناع بن غفير وسموتريتش ووزراء الصهيونية الدينية بانتهاج سياسة التدرج للوصول لتحقيق الأهداف, وعدم المصادمة مع الأسرى الفلسطينيين في الفترة الحالية وانتهاج سياسة الأولويات, لذلك قرر نتنياهو تأجيل تنفيذ قرار بن غفير بشأن تشديد ظروف حبس الأسرى، في محاولة لمنع «تصعيد أمني»، بناء على توصيات الأجهزة الأمنية التي تحذّر من تصعيد خلال فترة الأعياد اليهودية؛ بينما بن غفير يشدد على أن قراره «قائم وثابت», وجاء في بيان صدر عن مكتب بن غفير، أنه «خلافًا للإحاطات الواردة من مكتب رئيس الحكومة، فإن قرار الوزير (بن غفير) المبنى على أمر مصلحة السجون، يتمتع بمكانة قانونية ثابتة وقائمة»، وأضاف أنه «تم الاتفاق خلال المناقشة على أن يحيل مكتب رئيس الحكومة إلى المستشارة القضائية للحكومة الذي ستفصل في النزاع المتعلق بزيارات الأسرى». في المقابل، أصدر مكتب نتنياهو بيانا رسميا للرد على بيان بن غفير، جاء فيه أن «القرار المتعلق بالسجناء الأمنيين سيتخذ حصرا بواسطة رئيس الحكومة والمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) اليوم الثلاثاء.
بن غفير كان قد أصدر قراره حول تقليص زيارات عائلات الأسرى قبل نحو أسبوعين، دون تنسيق مع أجهزة أمن الاحتلال. وبحسب مكتب نتنياهو، فإن إرجاء تنفيذ القرار الذي أصدره بن غفير، يأتي على خلفية تصاعد العمليات الفلسطينية ضد الاحتلال ومستوطنيه، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصعيد أمني خلال فترة الأعياد اليهودية, نتنياهو يدرك حاجته إلى بن غفير من أجل الإبقاء على حكومته قبل التصويت الحاسم على الميزانية داخل الكنيست, القناة 12 العبرية قدرت حجم الخلاف بينهما بالقول «لا يبدو أن التحالف في خطر داهم لأن كلا الجانبين ليس لهما بدائل, بينما رجح الاكاديمي الصهيوني يوناثان فريمان، ان نتنياهو قد يعطي بن غفير شيئا ما حتى بعد التصديق على الميزانية حتى لا نخوض انتخابات جديدة, فالواضح ان نتنياهو لا يختلف في مسعاه واطماعه عن بن غفير لكن نتنياهو يرغب في اختيار الوقت المناسب لتحقيق غاياته, ويحاول اقناع بن غفير بذلك, لكن عقلية بن غفير السياسية المتطرفة ترفض التكتيك او المواءمة في اتخاذ القرار في الوقت المناسب, وتعمل وفق منطق القوة والضغط واجبار الاخر على التنازل, او الموت, وهو الامر الذي يجعل الإدارة الامريكية في حالة دفاع مستمرة وغير مبررة عن جرائم ومجازر واطماع حكومة نتنياهو, ويعيق مساعيها الهادفة لإبقاء سطوتها وقبضتها الحديدية في منطقة الشرق الأوسط, وما بين أطماع بن غفير ومطالبات الإدارة الامريكية يقف نتنياهو بين الطرفين محاولا الحفاظ على شعرة معاوية التي لا يرغب بقطعها فاذا ما شد بن غفير ارخى نتنياهو, واذا ما شدت الإدارة الامريكية ارخى نتنياهو, فهو يحاول الحفاظ على حكومته المترنحة, وفي نفس الوقت لا يريد ان يفوت على نفسه فرصة التطبيع مع المملكة العربية السعودية, والتي تتطلب هدوءاً واستقرارا للأوضاع برمتها.
ايتمار بن غفير أشار، في تصريح سابق للصحفيين إلى أنه ليس «ديكورا» في الحكومة، مضيفاً في رسالة إلى نتنياهو «يمكنك طردي» وأضاف: «إذا لم أبدأ بالمشاركة والتأثير في الاجتماعات الأمنية، فسوف أتوقف عن الحضور إلى التصويت من الآن فصاعدًا»، ليقاطع منذ ذلك الوقت اجتماعات الكنيست, مواقف بن غفير جاءت في وقت أظهرت فيه استطلاعات الرأي العام في «إسرائيل» عدم الرضا عن أدائه وتأييد قطاعات واسعة طرده من منصبه, ويقول مراقبون صهاينة إنه حال موافقة غانتس على الانضمام إلى حكومة نتنياهو فإن بن غفير سيجد نفسه خارج الحكومة, غير أن غانتس قال مرارا في الأسابيع الأخيرة إنه لا يعتزم الانضمام إلى حكومة نتنياهو, رغم المحاولات الامريكية المبذولة لاقناع بيني غانتس بالتحالف مع نتنياهو والتخلص من أحزاب الصهيونية الدينية, ويعتمد غانتس على نتائج استطلاعات الرأي التي أظهرت ارتفاع شعبية حزب «الوحدة الوطنية» الصهيوني المعارض برئاسة بيني غانتس, وان حكومة نتنياهو لن تصمد امام الأوضاع الداخلية التي تواجهها, والأزمات التي تعاني منها, وعدم رضا الإدارة الامريكية عن سياسة حكومة الصهيونية الدينية, والاخفاقات الأمنية والعسكرية التي تلازمها منذ ان تسلمت الحكومة, الإذاعة العبرية العامة «قالت إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حذف من جدول أعمال «الكابينت» في اجتماعه اليوم الثلاثاء بند مناقشة مقترح ايتمار بن غفير لاتخاذ إجراءات تضييقية بحق الأسرى الفلسطينيين، أبرزها تقليص الزيارات العائلية إلى مرة واحد كل شهرين. ولفتت الإذاعة «الإسرائيلية»، أن قرار «نتنياهو» جاء تجنبًا لحدوث تصعيد خلال فترة الأعياد اليهودية التي تبدأ منتصف أيلول الجاري، وتستمر حتى الأسبوع الأول من تشرين أول القادم، لكن المعركة لم تنته بعد، لأن إجراءات التضييق على الاسرى الفلسطينيين لم تنته بعد, انما تم ارجاؤها لما بعد فترة الأعياد.