حب أهل البيت بين التشيع والتصوف والتسلف (16)
تاريخ النشر : 2023-08-23
حب أهل البيت بين التشيع والتصوف والتسلف (16)


حب أهل البيت بين التشيع والتصوف والتسلف (16) 

المتطرفون النواصب، وأهل البيت 

بقلم: الكاتب والداعية الأزهري سيد سليم سلمي محمد ـ عضو اتحاد كتاب مصر

رأيت من خلال معايشتي للمتطرفين النواصب أنهم لا يطيقون، وأحيانا يتأففون من ذكر سادتنا أهل البيت وفضائلهم؛ ولعل ذلك بسبب ما تم غرسه في نفوسهم؛ فتشربته قلوبهم، أو أن ذلك طبعٌ فيهم، وربما علل البعض من كبرائهم بأن الخوف من الوقوع في الشرك، أو الانحراف نحو الغلو الشيعي هما السبب في ذلك!.

فهم يتبرمون بمجرد ذكر السادة أهل البيت، وإذا سألتهم: لماذا؟! يعللون بأن ذلك خوفاً على العقيدة! ثم يردفون: "ومَن مِن المسلمين لا يحب أهل البيت؟!". ويكتفون بهذا القول المجافي للسلوك، وكأن حب السادة أهل البيت جملة تُقال، في ردٍ سريعٍ، أو مرورٍ عابرٍ!.

إن دعوى الحب تحتاج إلى دليل، وأبسط الأدلة أن نكثر من ذكر من نحب، وأن نربي النشء على حبهم، ونتدارس أخلاقهم وسلوكهم، وأن نفرح بذكرهم، وأن ننشر تراثهم؛ ولكن المتطرفين على العكس من ذلك، وهذه أخلاق النواصب تماماً.

وقد عانينا ذلك ـ ولازلنا نعاني ـ بالتجارب الواقعية لدرجة أني اعتقدت أن هؤلاء المتطرفين هم من ذرية بني أمية الذين لم يتوبوا، أو ينسوا الحقد والعداء للسادة أهل البيت.

 أذكر أنني كنت في أحد المؤتمرات العالمية، وأهديت أحد الحضور ـ ممن تشرب الفكر الوهابي ـ ديواني: (نفحات قلب في حب أهل البيت) فنظر في العنوان وبمجرد النظر قال لي: على فكرة مسألة أهل البيت هذه فيها كلام؛ فقلت له: أتمنى رأيك؛ فقال: سأقرأ وسيكون لي رد؛ فقلت وإني أرحب بأي ردٍ أو نقد أو ملاحظة، ولم أتلقَ منه شيئاً.

وفي المؤتمر نفسه أهديت الديوان لأحد الأدباء العالميين المشهورين جداً؛ فقال لي: "الشعر في أهل البيت يصنف ضمن الشعر الحار". فاستغربت الموقفين وقلت: سبحان الله! هل وصل بنا الحال إلى هذا الحد؟! وهل ذكرنا للسادة، وشعرنا فيهم، وكتاباتنا عنهم صارت موضع اتهام، أو شك؟! ولا أدري كيف نستسيغ هذا الأمر؟! وكيف يكون ذلك مقبولاً عند السادة المثقفين؟! وكيف وصل إليهم؟!.

ألسنا مأمورين أن نقرنهم بكتاب الله ـ عز وجل ـ لأنهم الثقل الثاني بعد هذا الكتاب العزيز كما ورد عن جدهم: "إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله، حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض يوم القيامة"؟! ألسنا نذكرهم في أهم ركن وأعظم فريضة (الصلاة) ونقرنهم مع جدهم في الصلاة عليهم معه؟!.

ومن أغرب ما حدث بيني وبين بعض المثقفين منذ وقتٍ قريب (مايو2008م): أنه بعد حضورنا لقاءً أدبياً في أحد أندية أدب أسيوط ـ كنت قد ألقيت فيه قصيدة في حب أهل البيت وأثناء عودتنا دار بيني وبين رفيقَي العودة حوار حول موضوع حب أهل البيت؛ فذكرت لهما حديث الثقلين هذا: "إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله، حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علىّ الحوض يوم القيامة"؛ فقال أحدهم هذا ليس حديثاً بل من تأليف الشيعة. فقلت له: بل هذا من الجهل بمعرفة حقوق أهل البيت، ومن تقصير العلماء الأزهريين، وغيرهم من المفكرين والمعلمين في المدارس والجامعات. وبعد حوار طويل أقسما أنهما لم يسبق لهما قراءة هذا الحديث أو السماع به إلا مني في هذه اللحظات. مع ملاحظة أن  الاثنين من حملة المؤهلات العليا وأن أحدهما مدرس تخصصه لغة عربية، وفي الوقت ذاته هو أحد المبدعين ـ بحق ـ ورئيس لأحد نوادي الأدب الشهيرة في المحافظة! وإني أتساءل: على من تقع مسئولية تجهيل المتعلمين الحاصلين على مؤهلات عليا ـ فضلا عن غيرهم ـ بحقوق السادة أهل البيت، وهم الثقل الثاني بعد كتاب الله عز وجل؟!! وأين نصيب السادة أهل البيت من مناهجنا الدراسية في الأزهر وغير الأزهر من المؤسسات التعليمية المتنوعة؟!.