في مطعم الساحل مهلّبيّة وشاي عراقي قوي بعد الجمبري والكالامار والسمك المشوي
بقلم: السفير منجد صالح - كاتب ودبلوماسي فلسطيني
يخال اليك عند ذكر أو حتّى دخول "مطعم الساحل" وكأنّك على شاطئ بحر يافا أو شاطئ بحر حيفا أو ربما في سفينة قديمة رابضة عائمة على مياه نهر النيل وسط القاهرة، أو في حواري اسطنبول التركيّة على مضيق البسفور، لكن المفاجأة اللطيفة الجميلة والحقيقة الراسخة الدامغة هي أننا، على البرّ، نتحدّث عن مطعم الساحل في مدينة رام الله، التي تبعد عن الساحل الفلسطيني ونسمة الغرب الهابة عليلة منه زهاء فرسخين او ثلاثة أو اربعة.
لكن ومع كلّ هذا فان كافة الاطباق البحريّة اللذيذة الشهيّة، التي يتفنّن بها "شيف المطعم" ويقدّمها هنيئا مريئا لزبائنه توحي وكأن كل شيئ قد جاء فورا وتوّا وفي الحال طازجا من الساحل، من الشاطئ، من البحر الابيض المتوسّط، "بُحيرتنا الجميلة الهادئة الوادعة".
اذن، يا سادة يا كرام ويا اجاويد، اصحاب الحظ السعيد وان شاء الله العمر المديد، والرأي السديد، نحن في "الساحل"، في "مطعم الساحل" في اجواء ومذاقات سمك الساحل وفواكه بحر الساحل ومحاريّاته.
وخاصة شوربة السمك مع المحاريّات من اشهى والذّ الشوربات البحرية على شواطئ البحار وفي قلب اليابسة، دون وجود حتى نهر او جدول او قناة مائيّة.
لا تُضاهيها لذّة وطيبة الا شوربة السمك في مطعم "كافيه فير"، المطعم الاخضر، في ضاحية حلق الوادي على شاطئ بحر العاصمة التونسية تونس.
ضاحية حلق الوادي، التي تغنى بها المطرب "السوري المصري" فريد الاطرش، شقيق المطربة اسمهان، في اغنيته المعروفة الشهيرة الجميلة "بساط الريح":
"بساط الريح يا ابو الجناحين، مراكش فين وتونس فين،
انا لي حبيب هناك واثنين وبعادهم عنّي اليوم بشهرين،
بلاد الحوت والغلّة والزيتون
فيها الشفايف قوت وللشراب عيون،
ياللي علينا تفوت، انزل وكن حنون،
اشبع طعام وشراب ولا تزيد يا خي،
تونس ايا خضرا يا حارقة الاكباد
غزلانك البيضا تصعب على الصيّاد،
غزلان في المرسى والا في حلق الواد،
غزلان في العارك والا في حلق الواد
على الشطوط تعوم ما تخاف صيد المي.
بساط الريح جميل ومريح وكلّه امان ولا البولمان، بساط الريح بساط الريح".
آخر مرّة ذهبنا أنا وصديقي رفيقي الصغير حموده لتناول الغداء في مطعم الساحل كان منظر وشكل المطعم غاية في الروعة والجمال والنظافة والترتيب "والتدلّل والدلال": "ادّلل عيني" على رأي اخوتنا العراقيين"، مع العلم ان مالك المطعم من جذور عراقية، خاصة بعد شهور طويلة من اغلاقه وصيانتة نتيجة لحادث انفجار انبوبة غاز فيه ليلا، لحسن الحظ لم يكن يتواجد احد داخله، لكن لسوء الحظ في نفس الوقت ادى الحريق الهابب حينها إلى تدمير المطعم وديكوراته إلى درجة أن سقفه نزل حطاما محترقا على ارضيته.
"نزلت على الطاولة الفسيحة المريحة تشكيلة من صحون السلطات والمُقبّلات المعروف بها مطعم الساحل، هذا لفتح الشهيّة المفتوحة اصلا لمجرّد التوجّه إلى مطعم الساحل للاستمتاع باذواق ومذاقات اطباقه: دنيس مشوي على طريقة "المسقوف" العراقية على ضفاف نهري دجلة والفرات، الصحن الشهير الذي يسميه حموده صحن "الملفلف والملولو"، وهو طبق الجمبري والكلاماري، هذا إلى جانب اصابع فيليه السمك المقرمشة واصابع الدجاج المقليّة المقرمشة ايضا.
في مطعم الساحل على برّ البرّ في مدينة رام الله، المصيف بامتياز، نجد اشهى الاطباق البحرية من اسماك ومحاريّات وفواكه وغلال البحر، قادمة طازجة من الساحل الفلسطيني، تتكلل بتحلية المهلّبية التراثية وكاس "قبّاية" الشاي العراقية الصغيرة بشايها الداكن يُقدّم على طريقة مقاهي ضفاف دجلة والفرات وشارع ابو النوّاس، ومحلّ بيع العصائر "جبّار ابو الشربت" في بغداد.
في مطعم الساحل مهلّبيّة وشاي عراقي قوي بعد الجمبري والكالامار والسمك المشوي
تاريخ النشر : 2023-08-16
