الأقصى في خطر (مشروع البقرة الحمراء وإقامة الهيكل المزعوم)
تاريخ النشر : 2023-08-07
الأقصى في خطر (مشروع البقرة الحمراء وإقامة الهيكل المزعوم)
جلال نشوان


الأقصى في خطر (مشروع البقرة الحمراء وإقامة الهيكل المزعوم)

بقلم: الكاتب الصحفي جلال نشوان

الزيادة الملحوظة في أعداد مقتحمي المسجد الأقصى يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المطبخ الصهيوني الإرهابي نقل مشروع الإستفراد بالمسجد الأقصى من الهامش إلى المركز.

وإن تهويد القدس يعني في حسابات الإحتلال الصهيوني الإرهابي النازي الفاشي الإستفراد بالمسجد الأقصى، وإن الاستفراد بالمسجد الأقصى هو مقدمة ضرورية في حسابات الاحتلال للسيطرة المطلقة عليه، وإلغاء أية سيادة إسلامية عليه، ثم بناء هيكل أسطوري على حسابه.

وفي الحقيقة:
إن بناء هيكل أسطوري على حساب المسجد الأقصى هو محل إجماع عند المحافظين الجدد في أمريكا أو من يُعرفون باسم (البروتستانت الصهيونيين) فهم يؤمنون أن هدم المسجد الأقصى ثم بناء هيكل أسطوري يعني التعجيل ببدء مشروعهم القذر الأمر الذي يحتم على الأمتين العربيةوالإسلامية اليقظة والارتقاء إلى مستوى التحديات.

وكالات الإعلام العالمية ومن بينها وكالة( سي إن إن ) الأمريكية بدأت تتحدث مؤخراً عن ظهور بقرة حمراء في ولاية تكساس، وتلقفت وسائل الإعلام الصهيونية هذه الرواية، وبدأ الحديث عن إمكانية نقل البقرة إلى دولة الإحتلال عندما تبلغ 3 أعوام، وعندها يصبح الوقت قد حان حسب المعتقدات اليهودية لهدم المسجد الأقصى.

اللافت للنظر أن تحقيقاً صحفياً كشف أن عدة وزارات حكومية تخصص موارد مالية طائلة لتنفيذ مشروع يهدف لبناء معبد يهودي ثالث في المسجد الأقصى، ويزعم مروجو المشروع، بمن فيهم الحاخام يسرائيل آريئيل من حركة "كاخ" العنصرية أن هذا الإجراء سيسمح بـ"شرعنة" ما وصفها بالهجرة الجماعية للمستوطنين اليهود إلى المسجد الأقصى.

تتناثر الوعود الكاذبة بأن دولة الاحتلال لن تصبح دولة شريعة، ومع ذلك تجري عمليات على السطح قد تغير الصورة بالكامل، ففي الآونة الأخيرة، وبالتعاون مع الوزارات الحكومية، تُبذل العديد من الجهود لتنفيذ رؤية غيبية من وقت تدمير الهيكل الثاني، بموجبها فإن حرق بقرة حمراء سيمكن من وصول ملايين اليهود إلى المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل الثالث على أنقاضه، ويعلق مؤيدو تحقيق هذه الرؤية الغيبية آمالهم على خمس بقرات حمراء تم إحضارها إلى دولة الاحتلال بالطائرة من ولاية تكساس الأمريكية، وتم اختيارها بعناية.

وإن من يقفون وراء البحث المحموم لتحديد مكان البقرة الحمراء هما منظمتان يمينيتان (بونا وهي منظمة صهيونية تتكون من مسيحيين إنجيليين وأشخاص يمينيين برئاسة تساحي ميمو، ومعهد ميكداش برئاسة الحاخام يسرائيل أريئيل، وهو الراعي الروحي للوزير إيتمار بن غفير، والرقم الثاني للحاخام مائير كهانا في حركة ( سو ) التي كانت محظورة.

ويبدو أن المنظمات اليمينية اليهودية ليست الوحيدة التي تروج لهذه الخطوة، فقبل بضع سنوات، قدمت وزارة شؤون القدس اقتراحاً لبناء متنزه جبل الزيتون، وزعم المشاركون في التخطيط أن مساره يهدف، من بين أمور أخرى، إلى لاحتفال بحرق الأبقار في المستقبل، فيما قدمت وزارة الزراعة تصاريح استثنائية لاستيراد الأبقار من الولايات المتحدة، ومنحت إعفاءً من وضع العلامات عليها أثناء ثقب الأذن، كما يظهر أن وزارة الخدمات الدينية والاستيطان والتعليم منخرطة في هذا المشروع.

ويبقى السؤال الأكثر أهمية:
ما دلالات البقرة الحمراء؟
البقرة الحمراء، بالعبرية ( باراه ) أو دوماه وهى بقرة كان رمادها يستخدم لتطهير الأشخاص والأشياء التي تدنست بملامسة جثث الموتى أو أدواتهم، كما أكده حسام نادي الباحث في التاريخ والآثار اليهودية.

وقد وصف سفر العدد طقس العجل الأحمر بالتفصيل، حيث أمر بنو إسرائيل بإيجاد وذبح عجل أحمر بلا بقع، لا عيب فيه ولم ينزل عليه نير، ويحرق العجل بعد ذبحه خارج المعسكر بعد إضافة خشب الأرز والزوفا والصوف أو الغزل القرمزي المصبوغ ويوضع الرماد المتبقي في إناء يحتوي على ماء نقي.
 
وفي عقيدة بني اسرائيل، يرش الماء باستخدام مجموعة من الزوفا على الشخص الذي أصبح ملوثا نتيجة ملامسته للجثة لتطهيره من النجاسة، في اليوم الثالث والسابع يصبح الكاهن نفسه الذي يقوم بالطقوس نجسًا ويجب عليه أن يغسل نفسه وثيابه في مياه جارية، ويعتبر مع ذلك نجسًا حتى مساء اليوم. وجاء في التلمود أن البقرة لا بد أن تكون حمراء تماماً ، ليس بها أي تموجات وأن تكون حمراء صحيحة لا عيب فيها وحتى وجود شعرتين سوداوين على ظهرها، حسب معتقد اليهود، يجعلها مواصفات البقرة الموعودة
وفي اعتقاد اليهود يجب أن تكون حمراء تماماً و أن لا تكون قد حلبت من قبل . وأن لا تكون قد استخدمت في عمل من حمل أو حرث و أن تكون خالية من العيوب الخارجية ، والأمراض الداخلية . وأن تكون صغيرة السن لهذا يطلقون عليها البقرة الصغيرة الحمراء.

والسؤال كيف يتم التطهير بالبقرة الحمراء؟
تحرق البقرة بطقوس وأدوات معينة، ويستخدم رماد البقرة الحمراء في تطهير اليهود، بدءاً من الكاهن الذي يغسل ملابسه ويغتسل هو برمادها ، لاعتقادهم أن اليهود جميعاً غير طاهرين ويتولى هذه المهمة الكهنة، ليتسنى الدخول إلى أرض المسجد الأقصى، الهيكل بزعمهم، لأن اعتقاد الأغلب من الحاخامات أن دخول أي يهودي إلى باحات المسجد الأقصى يُعَد خطيئة وأمراً محظوراً من غير أن يتم التطهير برماد البقرة الحمراء، وهم بدون رمادها يظلون نجسين.

و يعتقد حاخامات اليهود أن ميلاد بقرة حمراء على أرض فلسطين المحتلة علامة من الله للبدء في طقس التطهير اليهودي القديم، على حد زعمهم ، وببلوغها الثلاث سنوات يبدأ العمل لهدم الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم . ولهذا تهلل اليهود عندما ولدت بقره حمراء قبل سنوات في حقل صغير في قرية (كفار حسيديم )والتي تقع بجوار مدينة حيفا ، وأسموها (ميلودي) وقالوا أنها أول بقره حمراء ولدت في فلسطين المحتلة منذ أن هدم الهيكل على يد تيطس الروماني في عام 70م ، وأحاطوها بحراسة مشددة ووفروا لها رعاية أكبر الأطباء البيطريين في العالم.
 
المؤرخ البريطانى ( ويلز ) أدلى بدلوه وقال:
أن طبيعة الهيكل لعب فيها الخيال كثيراً، خاصة فيما يخص عظمته، حيث يتنافى ذلك مع واقع الحال الذى كان يعيشه الملك سليمان، خاصة أنه كان يحكم مدينة صغيرة آنذاك، وأنه لم يبنى المعبد ليكون ملكا لعامة الشعب، وإنما لنفسه وأسرته وحاشيته، وأن مجده لم يكن وصل إلى العظمة حتى يبنى هيكلا خرافيا كما تذكر الروايات التى تعتمد عليها الحركة الصهيونية.

قادة المطبخ الصهيوني يزيفون ويدعون ويرون بلغتهم العبرية حكايات تفضح وجودهم وتاريخهم وتراثهم وتبقى الحقيقة الراسخة أن شعبنا الفلسطيني الضاربة جذوره في أعماق التاريخ هو صاحب الأرض والهوية والحضارة وأن الغرباء الغزاة الذين جاؤوا من وراء البحار مهما اختلفوا من كذب وزيف وادعاء سيذهبون إلى مزابل التاريخ.

وأن قدرنا أن نجابه هذه الأخطار، في وقت تنام الأمتين العربيةوالإسلامية في سبات عميق وسيظل شعبنا الفلسطيني العظيم يثري الإنسانية بنضالاته وصموده وابداعه مهما طبع المطبعون وتآمر المتآمرون.