بقلم: د. أيمن الرقب
منذ أن تولى الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان الحكم كرئيس لتركيا عام 2014م وهو يبحث عن أدوار عديدة لتركيا في العالم، فلم يكتفي بالتواجد في العراق وسوريا وليبيا بل امتد لآسيا وخاصة الدول التي تقطنها أغلبية مسلمة والتي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن الماضي.
استخدم اردوغان البعد الديني في جزء كبير من العلاقات مع دول آسيا مثل طاجيكستان واوزباكستان وقيرغزيستان وتركمانستان واذربيجان وكزاخستان، واستخدم تنظيم الإخوان المسلمين الدولي كأحد أهم أدواته في ذلك.
أردوغان الذي أضعف اقتصاد تركيا من خلال حلم شخصي بإعادة بناء الخلافة العثمانية، بدأ يتقلص في دوره هذا نتيجة ما وجده من إخفاقات و بناء عداءات في العالم بدون داعي.
سلوك أردوغان خلال الحقبة الماضية يدفعنا للبحث إن الأسباب الحقيقية التي دفعت أردوغان للعب في الحدائق الخلفية لروسيا بعد تفكك الاتحاد السوفيتي.
الأمر بالتأكيد سيكون البحث عن مجد شخصي من خلال إنشاء خلافة إسلامية جديدة بقيادته، ولكن نتنياهو وقيادة الدولة التركية للأسف اضاعوا جهد سنين ولم يستفيدوا من التجربة الصينية، حيث كان بمقدور تركيا أن تنمو اقتصاديا أولا، خاصة أنها في محيط معادي لها وللإسلام، وعدم فتح جيوب تضعف الدولة.
لقد شهدت تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية تطور اقتصادي كبير وارتفعت قيمة الليرة التركية في بداية القرن الحادي والعشرين قبل أن تنهار في السنوات الأخيرة.
بناء الاقتصاد يجب أن يسبق التوسع السياسي في ظل حروب الجيل الخامس ولكن للاسف الرئيس التركي قفز خطوات في الهواء دفعت الاقتصاد التركي للهاوية.
جميعنا في المنطقة العربية كنا ننظر لتركيا بعين التفاؤل لما لهذه الدولة من تاريخ معنا و تجاوزنا اي تحفظ ولكن عندما غرقت تركيا بأزمات المنطقة وارسلت جيوشها وأجهزتها الأمنية للمنطقة ومالت في كفنها تجاه طرف دون آخر، تغير موقفنا ضدها، كنا نتمنى أن تحافظ على نموها الاقتصادي وتبتعد عن المناكفات السياسية في المنطقة.
في آسيا الأمر لم يختلف عن المنطقة العربية، فالدخول في صراعات داخل هذه الدول وضرب روسيا من الخلف لم يجلب لتركيا إلا مزيدا من الضعف والارهاق.
الرئيس التركي بدأ العام الماضي إحداث مراجعات السلبيات التي وقع بها ووضع معالجات بطيئة بعكس خطواته السابقة المتسرعة وونتمنى أن تكون تركيا استفادت من تجارب الماضي وتركز على بناء اقتصادها بشكل يقدرها على مواجهة كل المتغيرات، التصالح مع الدول العربية والدول الصديقة والجارة مثل روسيا وسحب قواتها المنتشرة في آسيا والدول العربية.