قصة ناخب
تاريخ النشر : 2023-08-01
قصة ناخب

بقلم: تيسير الملاجي

حين أتعمق بالأمر يوماً بعد يوم، أزداد يقيناً ان أكبر كذبة بتاريخ الانسانية، هي البيانات الانتخابية...
شعارات وعروض اعلامية سينمائية هولوودية.

يحكى أنه في عام عشرين عشرين قبل ثلاث سنوات وفي بلاد ديمقراطية.. أصرت على عمل انتخابات نيابية. رغم حالة البلاد الصحية، والبرتوكولات العالمية.

ففي العاشر من شهر تشرين الاول كان موعد الانتخابات، وبدأ المرشحون بنشر البيانات، وترتيب المقرات، وتأليف الشعارات.
سنسترد حقوق مسلوبة، واموال منهوبة، ومؤسسات منكوبة، ولن تكونوا ألعوبه.
ودخلوا كل محافظة وكل حي وكل منزل وكل غرفة 
وخاطبوا العواطف واشعلوا الحماس وكأن شمس العدل ستشرق على بلادي.

كنت رافضاً الوصول للصناديق، لاني أستصعب التصديق، ومللت من الزعيق والنعيق.
صرخ الجميع بوجهي هذا انقلاب على الديمقراطية، هذه هي الرجعيه.
صوت لبلدك ، صوت للديمقراطية، فهذا اول طريق الحرية.
حرية!
اي حرية وأنا ملزم بالعشائرية، مجبر أن أصوت لفلان او علان،
كنت رافضاً ان أكون كومبارس في مسلسل البرلمان.
لكن شعاراتهم وبياناتهم خدعتني،  والعشائرية نادتني، والحمية والفزعه جبرتني. 

صباح يوم الانتخابات فُتحت الصناديق، والناس صدقت كل أشكال التنسيق والتسويق، وبدأت حروب التلفيق والتضييق،
مناوشات بين مرشح هنا، ومرشح هناك، لم التفت لهذا ولاذاك.
أتخذت موقف الحياد بين عقلي وقلبي.
فتحت ورقة التصويت ولم اكن شجاع، اخترت الجميع دون أقتناع.

ساعات توتر وقلق، ومحاولات حتى أخر رمق، صلاة ودعاء واستعاذة برب الفلق
الخوف حاصرهم، وغيمة كآبة تحتضنهم، مرت ساعات لم يعشها المرشحون بيوم ماسبق.

من المنتصر؟ سؤال بلا جواب، مستقبل مغطى بالضباب، الانهيار بات واضح وقل حماس الشباب.

الساعه السابعة، توقف التصويت.
قلق هنا واطمئنان هناك، الجميع في حالة إرتباك،
اختلفت الآراء. وبدأت التحليلات والاجتماعات، ارقام وحسابات، ومراجعات واتهامات.

أعلنت النتائج، ومازال المستقبل بلا عنوان، واحلام الناخبون بلا ألوان.
بدأت التهاني والتبريكات، ازدحام بالمقرات، حفلات وقصائد وشيلات.

ثم أقسم الناجحون "أقسم بالله العظيم أن اكون مخلصاً للملك وأن احافظ على الدستور وان اخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكلة إلي بأمانه"
بدأت الجلسات والحوارات، رفض لقانون وموافقات، تغيرات وتعديلات.
لازال الشعب يحلم، يستمع لهم امام الشاشات. هذا يمثلني ولايمثلني ذاك.
ثم بدأت المناوشات والاصطدامات، مصارعه وبوكسات واظهار العضلات، والتفنن بالدعابة والنكات.
حقائب تتغير، وقوانين تتعدل، وتحت القبة ضرب وصراخ وشتم واهانات، وابرز اعمال البرلمان فصل وتجميد واستقالات.

الشجار تحت قبة البرلمان صار إدمان، ومرت على الدورة ايام عجاف، واحلام الشعب بدأت بالانجراف، وهمومهم زادت على الأكتاف.
الفقر دق أبوابهم، والبطاله حطمت أولادهم، أستسلموا وتوقفت احلامهم.
فلو أجتمعتم كل يوم بدورات استثنائية لن تنقذوا طموحاتهم.

مجلس نواب ابتلينا به يتحدثون باسم الوطن وهم لايعرفون الوطن بمفهومه التاريخي ولا الشعب بمفهومه السياسي ولا المجتمع بمفهومه الاجتماعي.
فلم يكونوا  للملك مخلصين ولا للامة خادمين ولا بعملهم أمنين
انهم مجموعة من خارج المورد هم مجرد تكلفه.

اصبح المجلس ترند على المنصات ووكالات الأنباء والقنوات
لا انجازات ولا تغيرات يستيقظ لحظة لأثبات الوجود، ثم يدخل في سبات وكأنه مات
عظم الله أجرنا