إطلاق كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟" للأسير راتب حريبات
تاريخ النشر : 2023-08-01
إطلاق كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟" للأسير راتب حريبات


إطلاق كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟" للأسير راتب حريبات

رام الله - أطلق نادي الأسير الفلسطيني، وحركة (فتح)، والمكتبة الوطنية، اليوم الأربعاء، كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟"، للأسير راتب حريبات، وذلك في احتفال أقيم على مسرح دار بلدية رام الله، على شرف الأسير المريض وليد دقة وابنته ميلاد، وبحضور عائلته، ومجموعة من الأسرى المحررين ورفاق الأسر، وممثلي أقاليم حركة (فتح)، وأدار الحفل وائل عومير عضو قيادة إقليم حركة فتح جنوب الخليل.

وكان الاحتلال الإسرائيلي، قد اعتقل الأسير راتب حريبات في 31 تموز/ يوليو عام 2002، وحكم عليه بالسجن لمدة 22 عاماً، وهو في عامه الأخير في سجون الاحتلال.

ويقع الكتاب في جزأين، يروي فيهما الأسير قصصا مع سياسة إدارة سجون الاحتلال المتمثلة في الإهمال الطبي المتعمد، التي عايشها خلال تواجده في (عيادة سجن الرملة)، حيث كان يقدم الرعاية ويد العون لرفاقه من الأسرى المرضى.

وقال الأسير حريبات في رسالة وجهها من داخل السجن، "إنه يوثق في هذا الكتاب بالريشة والقلم والدمع والدم مجموعة قصص واقعية يومية يعيشها الأسير، وليكون شاهدا على التاريخ والزمان ولتتناقله الأجيال".

وأكد أن الكتاب يرصد من خلال تجارب وقصص واقعية، ممارسات الاحتلال التي ثبت بالدليل القاطع أن إدارة السجون ما هي إلا عصابة تحاول بكل ممارساتها التضييق على الأسرى خاصة المرضى، ضمن سياسة الإهمال الطبي المتعمد التي تمارسها كسيف مسلط على رقاب المرضى وسلاح فتاك لتصفيتهم، وهي تتعمد في أحسن الأحوال إعطاء الأسرى مسكنات، وترك المرض ينهش أجسادهم النحيلة أصلا بفعل سنوات الغياب.

وذكر حريبات في رسالته التي قرأها مدير العلاقات والإعلام في نادي الأسير أمجد النجار نيابة عن الأسير حريبات، أن "مسلخ سجن الرملة يشهد أكثر التجارب قسوة وإيلاما، فالطبيب هناك هو نفسه السجان الذي يعري الأسرى وينكل بأجسادهم ويتركهم فرائس للمرض وللبرد والحر، ويماطل في إرسال الأسرى المتفاقمة أوضاعهم الصحية إلى المستشفيات الخارجية، ويُتركون يتعايشون مع المرض الذي ينقض على أجسادهم ويستفرد بها ويفترس بهم، كما حصل مع العديد ممن قضَوا نحبهم ومنهم الكثير ينتظر".

وطالب المؤسسات الدولية بالتدخل العاجل والفوري لإنقاذ من ينازعون الموت ويتلوعون وجعا وقهرا، وعلى رأسهم الأسيران المريضان بالسرطان وليد دقة وعاصف الرفاعي، اللذان باتت أوضاعهما الصحية معروفة ويواجهان الموت في أية لحظة، وكل ثانية تمر عليهما دون علاج تعجل في رحيلهم، وبدلا من أن يخرجا للحرية والعلاج يخرجان محمولين على الأكتاف.

وفي كلمة ألقتها محافظ محافظة رام الله والبيرة د. ليلى غنام، قالت "تشرفت بالمشاركة بحفل اطلاق كتاب الأسير راتب حريبات "لماذا لا أرى الأبيض؟" في جزئه الثاني، الذي نظمه نادي الأسير وحركة فتح والمكتبة الوطنية، على شرف الأسير القائد وليد دقة وابنته ميلاد".

وأضافت: "لقد أمضى الأسير حريبات المحكوم 22 عاماً في سجون الاحتلال، أربعة أعوام متطوعا في مساعدة اخوانه من الأسرى المرضى في تلبية حاجاتهم اليومية، وقد استلهم عنوان كتابه من الألم الذي يشعر به الأسير لدى دخوله عيادات الموت في سجون الاحتلال التي تنهش أجساد أسرانا المرضى، وخاصة ما تسمى بعيادة سجن الرملة، حيث من المفترض أن يرى أطباء في ردائهم الأبيض، لكنه لا يرى إلا سجانين".

وأكّدت غنام على أهمية هذا جهد الذي بذله الأسير حريبات في توثيق محطات الألم والمعاناة بعيون أسرانا المرضى.

من جانبها، قالت عضو اللجنة المركزية لحركة فتح دلال سلامة، إن كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟" تناول تجربة الأسير راتب حريات مع إخوانه وزملائه من الأسرى المرضى في عيادة سجن الرملة، حيث يجسد المعاناة التي يعيشها الأسرى المرضى من خلال تجربته الشخصية برعايتهم، وبما يعكسه ويمثله هذا المؤلف من جرائم الاحتلال المستمرة بحق الأسرى في كل يوم من أيامهم المسروقة.

وأضافت: "الكتاب يرصد محطات الآلام في عيادات الظلام، وحسنا فعلوا بعدم ارتدائهم الأبيض ليرى العالم أنهم أكذوبة، وأننا أمام سجانين قتلة لأبناء شعبنا، فما يمثله هذا الأبيض من رمز لا ينطبق على من يقيد المرضى العاجزين حتى أثناء إجراء عمليات جراحية لهم".

وأشارت سلامة إلى أن الأسير المناضل راتب حريبات المنحدر من بلدة دورا بالخليل، هو ابن كتائب شهداء الأقصى وابن حركة فتح، بدأ حياته فدائياً مقبلاً على مواجهة المحتل في ريعان شبابه، إذ اعتُقل حين كان يبلغ من العمر (23 عاما)، وهو صاحب إرادة وعزيمة، واستكمل دراسته للشهادتين الجامعيتين الأولى والثانية وهو في المعتقل.

وشددت على أن حريبات لم يدع مجالا إلا وسخّر فيه إمكانياته للدفاع عن حرية الأسرى وحرية الشعب الفلسطيني ووطنه، ولتحقيق التطلعات الوطنية إلى حق تقرير المصير.

وتابعت: "هناك من تسامى على آلامه ليوثق وينقل لكل أحرار العالم التجربة الاعتقالية وهو داخل الأسر، والأكثر إيلاماً أن يكون الصدر الحاني لأسرى مرضى لا يقوَون على الحراك، وبعضهم يصارع المرض في أيامه الأخيرة".

وأكدت سلامة، ضرورة جعل كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟" مرافعة أمام العالم، لعل هناك من يسمع ويرى فصولاً من معاناة الشعب الفلسطيني وأسراه، داعية إلى تبني مقترحات لترجمة إصدارات الأسرى إلى لغات عدة ونشرها في أصقاع المعمورة كافة.

بدوره، قال رئيس نادي الأسير قدورة فارس، إن إشهار أو إصدار كتاب يلخص تجربة فريدة بهية يجب أن يمثل دائما مصدر فخر وكبرياء لكل شعبنا، لا سيما أن راتب حريبات، وغيره من الأسرى يقدمون النموذج الحقيقي للمناضل، الذي يجب أن ينحاز إلى الخير بكل تجرد، ويقف أمام الظلم ولديه القدرة على أن يُحدث التغيير.

وأضاف أن (عيادة سجن الرملة)، لقبها الأسرى بالمقبرة، وأطلقوا عليها مسميات تليق بها كمكان يُستخدم فيه القتل البطيء، مشددا على أن الكتاب يمثل وثيقة مهمة تعكس الألم وتصف تجليات المناضل الذي يرى بنفسه منخرطا في عملية كفاحية نضالية، ويحول المكان الذي هو فيه إلى ساحة اشتباك.

وأشار فارس إلى أن الحركة الأسيرة والحركة الوطنية بحاجة إلى النموذج والقدوة الحسنة المتمثلة في الأسير راتب حريبات، الذي يمكن أن يستلهم الجيل الناشئ من تجاربه النضالية والإنسانية.

وشدد على أن سياسة الإهمال الطبي تمثل جرحا نازفا للحركة الأسيرة، ويقدم الأسير حريبات في كتابه قصصا لأسرى اعتُقلوا بعد إصابتهم برصاص الاحتلال أو خضعوا لعمليات جراحية، فيقوم هو بتذكيرهم بمواعيد الدواء ويسهر على خدمتهم، ولا يقوم بهذا إلا من هو أقرب إلى قديس.

وذكر رئيس المكتبة الوطنية عيسى قراقع، أن كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟" يجسد حقيقة أنه لا يوجد ما هو أبيض في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فكل شيء أسود ورمادي، وكل شيء فظيع ومظلم.

واستعرض قراقع في تقديمه للكتاب القصص التي وثقها الأسير حريبات، والتفاصيل الكثيفة لهذه القصص، لافتًا إلى أن حريبات كرس نفسه لمدة أربعة أعوام في خدمة الأسرى المرضى من ذوي الحالات الصعبة فيما تسمى "عيادة سجن الرملة"، وعاش الألم وعاش الصرخات والمعاناة الحقيقية التي يعيشها الأسرى المرضى داخل سجون الاحتلال.

وأضاف قراقع: "هو يقول بشكل واضح أن هؤلاء الأسرى يتعرضون للاغتيال والتصفية، نتيجة ما يسمى إهمالا طبيا، وهو عايش أسرى استُشهدوا بين أحضانه في ذلك القبو أو في ذلك الغيتو، الذي لا يدخله أسير ولا يخرج منه إلا والمرض قد تفاقم حتى الموت".

واعتبر أن الكتاب يشكل صرخة من أجل فتح الملف الطبي لمئات من الأسرى المرضى القابعين في سجون الاحتلال، وهو شهادة ووثيقة دامغة يجب أن توضع على طاولة المحكمة الجنائية الدولية، ليحاكم بموجبها الاحتلال على الجرائم التي يقترفها بحق الأسرى، ولعدم التزامه بالقوانين الإنسانية أو الطبية في تعامله مع الأسير.

وطالب محمد القاروط من أكاديمية حركة (فتح) بأهمية ترجمة الكتابين لجميع اللغات وأن تعمل سفارات فلسطين على توزيعه عل المؤسسات الحقوقية.

وفي كلمة مقتضبة لعائلة الأسير المناضل حريبات، وجهت الشكر لكل الذين ساهموا في إصدار هذا الكتاب بجزئيه.