سد النهضة الإثيوبي واحتمالات المواجهة مع المخطط العدواني
تاريخ النشر : 2023-07-17
سد النهضة الإثيوبي واحتمالات المواجهة مع المخطط العدواني
محمد الريفي


سد النهضة الإثيوبي واحتمالات المواجهة مع المخطط العدواني

بقلم: محمد جبر الريفي

سد النهضة الإثيوبي الذي يحوز الآن على الاهتمام الإعلامي على النطاق العربي والإقليمي والدولي بسبب الحديث عن ملء الخزان هو في الأصل مخطط عدواني قديم بدأ التفكير به منذ ستينيات القرن الماضي وبإيعاز من الكيان الصهيوني بعد إبرامه معاهدة الصلح مع مصر وخطاب السادات في الكنيست في أول زيارة له عام 1977 عن (ترعة السلام ) بتزويد مياه النيل إلى صحراء النقب عبر سيناء وكذلك بمشاركة الخبراء والمهندسين الإسرائيليين في تصميم بنائه وبتشجيع ايضا ومساعدة البنك الدولى الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم التمويل وهو بنك يستخدم عادة كأداة ضغط سياسي واقتصادي من قبل واشنطن على الدول المناوئة للسياسة الأمريكية وقد حدث أن رفض هذا البنك تمويل مشروع السد العالي بسبب رفض مصر بقيادة عبد الناصر لهذه السياسة الاستعمارية وتحقيق انتصارات في مواجهة خطر الأحلاف العسكرية وكسر احتكار بيع السلاح والانفتاح على المعسكر الاشتراكي هكذا فان مشروع سد النهضة بدأ التفكير به منذ البداية كجزء من المخطط الصهيوني الامبريالي في المنطقة وبهدف تحديدا أضعاف وابتزاز مصر الدولة العربية الكبرى من حيث تعداد السكان من خلال نقص نصيبها كدولة مصب من مياه النيل التي هي شريان الحياة لمائة مليون مصري يقيمون غالبيتهم على ضفاف النهر. 

إن علاقة إثيوبيا السياسية والدينية بالعرب على المستوى التاريخي هي علاقة عدائية يشوبها التوتر بسبب التباين القومي والديني بين العرب والإحباش ويزيد حدة دلك التوتر والحقد ارتباط اليهود التاريخي بالأمبرطورية الأثيوبية السابقة (يهود الفلاشا ) حيث كان يفتخر الامبورطور هيلا سلاسي باصوله اليهودية وتعلقه بنجمة داود الإسرائيلية وحادثة ترحيل يهود الفلاشا الذي تمت إلى الكيان عن طريق السودان في عهد الرئيس جعفر النميري ما زالت عالقة في الأذهان وكانت زيارة نتنياهو إلى أديس أبابا العاصمة الأثيوبية في يولية تموز 2016 وخطابه في البرلمان الإثيوبي الذي أكد فيه دعم إسرائيل لإثيوبيا في الاستفادة من مواردها المائية وهو يقصد بذلك مشروع سد النهضة يجيء تأكيدا للعلاقة التاريخية الأثيوبية اليهودية وقد كان التباين القومي والديني كذلك هو وراء حرب صحراء الأوجادين بين إثيوبيا والصومال وكذلك انفصال إريتريا وتحريرها من قبضة الهيمنة الاحتلالية الأثيوبية وحرب المياه التي من المتوقع أن تجري بين مصر واثيوبيا في حال عدم التوصل إلى اتفاق عبر عملية المفاوضات السياسية التي تجري بين حين وآخر والتي ستشهد قريبا جولة هامة لها بمشاركة الاتحاد الأفريقي ستكون هذه المواجهة العسكرية خيارا وحيدا لمصر للدفاع عن حقوقها الوطنية وايضا ستسجل في التاريخ السياسي للمنطقة كحلقة من حلقات العداء بين الأمة العربية وجيرانها من الأمم المجاورة ذات النزعة القومية الشوفينية كالفارسية والطورانيه (ايران وتركيا ) مما يدلل على أن العامل القومي هو محور الصراع في المنطقة كلها لذلك يستوجب من الأمة العربية ومن قواها الوطنية والقومية والديمقراطية الوقوف مع مصر العربية الشقيقة في دفاعها عن حصتها من مياة نهر النيل باعتبار ذلك جزءا من الأمن القومي المصري والعربي أيضا.

ومع تطور المواجهة العسكرية إذا ما جرت بين مصر واثيوبيا باعتبارها ضرورة تستدعيها تأثير وخطر السد على حصة مصر المائية فقد يكون للكيان الصهيوني دورا أساسيا من خلال تقديم المساعدة العسكرية للجيش الإثيوبي مما يكشف طبيعة المشروع الإثيوبي وارتباطه العضوي بالمخطط الصهيوني الامبريالي وفي ضوء ذلك على النظام المصري أن يعود بمصر الشقيقة الكبرى إلى دورها القيادى في المنطقة العربية من خلال التخلص من تبعات العلاقة السياسية والأمنية مع الكيان الصهيوني واعتبار ذلك مهمة عاجلة بسبب التداخل العميق بين القضايا الوطنية والقومية وحتى يتوفر لها التفاف كبير من قبل الجماهير العربية لقضاياها الوطنية وذلك شبيه إلى ما كان الحال عليه في عهد المرحلة الناصرية حيث كان الدعم العربي الرسمي والشعبي لمصر في تأميم قناة السويس وبناء السد العالي وغير ذلك من القضايا الوطنية المصرية الأثر الكبير في صمودها وهزيمة القوى الاستعمارية والصهيونية والرجعية.