بقلم: د. موسى أبو نمر
ما يحدث في جنين تخطى كل الحدود الإنسانية والأخلاقية والدينية وضرب كل الاعراف الدولية بعرض الحائط وشكل تجاوزاً خطيراً لمحددات القوانين الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي يقف صامتاً واكتفى بعبارات الشجب والإدانة، وتقف جنين وأهلها منفردة في وجه هذا العدوان الذي يشنه الاحتلال الإسرائيلي الغاشم المستبد الذي يمارس كافة أشكال العنف والإستبداد والتنكيل وهدم المنازل وتهجير السكان من بيوتهم وقتل الأطفال والشيوخ والنساء والشباب الذين نحتسبهم عند الله شهداء بإذنه تعالى؛ وما يفعله الإحتلال في جنين هو جريمة من سلسلة الجرائم التي يرتكبها ومايزال في القدس وعزة ونابلس وكافة المدن والمخيمات الفلسطينية منذ عام 1948.
وبالرغم من إلتزام القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس أبو مازن بكافة بنود إتفاق أوسلو وبرغم كل الجهود السياسية وحصول فلسطين على عضو مراقب في الأمم المتحدة فقد أطلق عليه الإحتلال بالإرهابي السياسي. وقدمت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية طلب موجه للمجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لتفكيك ميليشيات المستوطنين الإرهابية وأكدت أن إرهاب المستوطنين يأتي نتيجة مباشرة لإرهاب الدولة التي تعطيه الغطاء والحماية، فنحن على يقين مسبق أن هذا الطلب كغيره من الطلبات السابقة على مر التاريخ فلا مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة سيفعلون شيء ودليل ذلك قرار 242 وقرار 338 اللذان لم ينفذا وقرار 181 والذي يخص إنشاء دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية فقد تم تنفيذ الشق الذي يخص دولة الإحتلال وتجاهل الشق الذي يخص إقامة الدولة الفلسطينية فالعالم كله يرى ويسمع ما يحدث في جنين.
وجنين تصرخ وتقول لا بد من موقف داخلي أولاً وتقول لكل التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها فتح وحماس من المسؤول عن عدم إتمام المصالحة الوطنية وإنهاء الإنقسام فقبل أن نحاسب العالم على صمته يجب أن نحاسب أنفسنا وننهي الإنقسام فوراً بدون قيد أو شرط ويجب أن تعلوا المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية ويتفق الجميع على خارطة طريق لإدارة المرحلة القادمة وهي من أصعب المراحل بل أصعبهم على الإطلاق، فالمخرج الوحيد لتحقيق طموحات شعبنا هو أن تكون لدينا قيادة سياسية قوية ومحنكة تجيد التعامل مع القوى الدولية تحمى وتعزز المقاومة الشعبية بكافة أشكالها والتي يجب أن تكون على درجة عالية من الوعي الوطني ولا تخاف في الله لومة لائم، فقد حان الوقت لأن تجتمع كافة الفصائل حول مائدة واحدة تلبية لدعوة الرئيس محمود عباس للأمناء العامين للفصائل الوطنية والإسلامية كافة تكون مخرجاتها خطة وطنية لمواجهة الاحتلال.
إن جنين اليوم تؤكد للاحتلال أن موقفنا واضح في الميدان وسنقاوم ونصمد مهما حدث ولن نحيد عن الدفاع عن أرضنا بشتى الوسائل حتى زوال الإحتلال وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.