الصعلكة الفكرية
تاريخ النشر : 2023-07-11
الصعلكة الفكرية 

بقلم: د. نزار محمود

يسود مفهوم اجتماعي حول الصعاليك، كونهم لا يمثلون علية القوم أو وجهاءهم، بل على العكس من ذلك. إن هذا المفهوم كان قد قام، غالباً، على أسس طغت فيها فوقية اجتماعية أو قبلية أو طبقية أو عنصرية أو  دينية أو مذهبية أو ثقافية أو حتى سياسية. بيد أن هناك الكثيرين من هؤلاء “ الصعاليك” كانوا من المفكرين والشعراء والثوريين والمتمردين على أسس وهياكل الهيمنة غير المشروعة إنسانياً.

في هذا المقال أتناول ما أحببت أن أسميه بالصعلكة الفكرية! وهو مصطلح أحاول تفسير معناه بأنه حالة تمرد على ما هو سائد من أفكار بدرجة من الجرأة والشجاعة لا يردعني فيها احتمال عدم صواب ما أذهب اليه فيها، لكني سأبقى ملتزماً بأدب الحوار وقبول الرأي الآخر.

وقد تكون الصعلكة الفكرية في مجال الدين هي أخطر أنواع الصعلكة في مجالات تناولها أو ما تنتهي اليه من طروحات، قد يفهمها البعض كفراً أو زندقة، أو في أقلها غير مألوف أو مستحب من طرح!. في حين لا تخلو الصعلكة السياسية أو الاجتماعية من مخاطر ومن محاذير، فكثير ممن يقبعون خلف القضبان لم تكن لهم من خطيئة غير صعلكتهم الفكرية، وربما ممن وجد طريقه الى الهرب أو الانزواء أو التهميش أو التعذيب وحتى إلى الإعدام والموت.

إن كثيراً ممن سار على درب الصعلكة الفكرية انما كان واحداً أو أكثر من الدوافع الآتية وراء ذلك:

⁃  عدم وقوعه على اجوبة تشفي عطشه على أسئلة تدور في خلده مما هو سائد من منظومات وقيم فكرية سائدة.

⁃ احساسه بعدم جدوى تلك المنظومات والأنماط الفكرية في تحقيق العدالة الاجتماعية.

⁃  قناعته بأن تلك المنظومة الفكرية السائدة لا تساعد على التوصل إلى الحقائق وانما تعمل على تكريس الواقع غير السوي، كما يعتقد.

⁃ رغبته في الخروج من شرنقة “الصعاليك” المكبلة له اجتماعياً وفق ما هو سائد من معايير ومقاسات وأعراف.