الأونروا ملهاة والضحية اللاجئين
تاريخ النشر : 2023-07-10
الأونروا ملهاة والضحية اللاجئين


الأونروا ملهاة والضحية اللاجئين 

بقلم: د. زياد الصرفندي - باحث ومختص في شؤون اللاجئين

منذ زمن النكبة ونشؤء قضية اللاجئين، وذلك نتاج تقاسم القوي العالمية مصالحها وتوازنها مابعد الحرب العالمية الأولى والثانية، فكانت فلسطين الأرض والشعب والهوية العربية الضحية، في التقسيم المصالحي العالمي وتجسد في اتفاقيات سايكس بيكو لصالح بريطانيا وفرنسا ومخططاتهم الاستعمارية للمنطقة العربية والشرق أوسطية والتي نتج عنها وعد بلفور وفيما بعد صك الانتداب..

انتهت الحرب العالمية الثانية بنكبة 48 وتم اعلان ما سمي في حينه دولة إسرائيل وبالقرار الدولي الصادر عن هيئة الأمم المتحدة 273. وبالمقابل على الطرف الآخر من المعادلة الاستعمارية الصهيونية، نشوء قضية اللاجئين الفلسطينين والأغلبية من الشعب الفلسطيني مطرود ومهجر من دياره وبدون أسباب للحياة الكريمة وبصدمة اللجوء والتشتت الفكري والمادي والفقدان واللامعقول في أهوال الكارثة الجماعية لشعب، عاش الفلاحة والمدنية، وتجذر في الأرض فزرع وحصد وبني بيت، وقصر، ومصنع وجامع ومدرسة وتزينت النسوة بالثياب والذي أصبح اليوم ثرات ثقافي وحضارة وحياة الفلاحة والمدنية والحضارية، فعلا توقف التطور الطبيعي للمجتمع المستقر والأمن للشعب الفلسطيني وتعطلت كل أسباب الحياة والعمل والاستقرار للاجئين الفلسطينين.

 مشهد فظيع ومؤلم لجيل النكبة إن جاز التعبير، وفي المشهد الآخر والذي اندفع المجتمع الدولي بالاعتراف تباعا بدولة إسرائيل ويمنحها الشرعية الاممية وفعلا بدأت دولة الكيان بتجسيد واقعها الصهيوني والاستعماري ممثلا بدولة إسرائيل ذات الأغلبية لليهود في حيز المكان والديموغرافيا، ولم تنجح لجنة التوفيق الدولية المنبثقة عن الامم المتحدة من اجل مهام تحقيق العودة للاجئين الفلسطينين ضمن منطوق القرار الدولي 194، وقد تشكلت اللجنة من كلا من امريكيا وفرنسا وتركيا،، فشلت اللجنة في تلك الفترة بسبب رفض بن غوريون اي عودة للاجئين رغم صدور نص واضح من الجمعية العامة بعودتهم لديارهم ولم تمارس الإرادة الدولية أي نوع من السياسيات والقرارات وماتنص عليه مواثيق ومبادئ الأمم المتحدة في حال النزاعات والصراعات الدولية باستخدام البند السادس والسابع من مبادئ الأمم المتحدة لتطبيق العودة للاجئين الفلسطينين. وبدلا من ذلك بدأ التفكير بالبعد الإنساني لقضية اللاجئين والعمل علي مأسسة الدعم الإنساني لأكثر من 950الف لأجئ.

وجدير بالذكر أن منظمات الصليب الأحمر ومنظمات أهلية أمريكية وأوروبية قدمت مساعدات قبل نشؤء الانروا بصيعة التفويض الدولي رقم 302، والسؤال المهم هل انشاء الانروا في تلك الفترة وماسستها بقرار دولي وحصرها بمنظمة خاصة بهم للاجئين الفلسطينين مؤقتة ودون تمويل مستدام ،،، .هل لتنفيد عودتهم في حال توفر ظروف مواتية تطبيقا لقرارات الشرعية الدولية و تحديدا هناك بند واضح في مانديت 302والخاص بالعودة ؟أم إن الواقع العام في تلك الحقبة كان الميل فيه واضح لإسرائيل و للمصالح الاستعمارية والأمريكية؟ فتمحور الدور الرئيسي لكل السياسات الأمريكية والدولية في تلك الحقبة بتوفير وتقديم الدعم الكافي لدولة الاحتلال وحمايتها رغم رفضها كل القرارات الخاصة بفلسطين وعودة اللاجئين ، واستمرار الرفض لكل قرارات الشرعية الدوليةاوخاصة قراري التقسيم 181,194 وهما شرط قبول إسرائيل في الامم المتحدة والمجتمع الدولي..

أعتقد أنه كانت الأنروا وفق ما تقدم من معطي دولي وتوازنات دولية وغياب العرب دولا وشعوبها كونهم كانوا تحت حكم الاستعمار والدول التي تحررت كانت في فلك المنظومة الدولية لذلك كانت الأنروا والإغاثة لاستيعاب غضب الشعب الفلسطيني واحتواءه في لحظة إنسانية لشعب مشرد وفاقد كل سبل الحياة .وكانت الانروا مؤقته بمعني تجديد ولايتها سنويا والأهم أنها بدون موازنة ثابته أسؤة بمنظمات الامم المتحدة ،مثل اليونسكو، واليونسيف ،والفاو،والصحة، وغيرها .ما يعكس أن تحقيق العودة للاجئين الفلسطينين لم تكن أولوية لدي المجتمع الدولي وأعتقد أن سياسية التوطين واعتبار قضية اللاجئين إنسانية دون بعدها السياسي والحقوقي والوطني وبدأت من تلك اللحظات تلك السياسيات الامريكية ومن اجل ذلك اهتمت أمريكيا بأن يكون المدير العام الأنروا وفيما بعد تم تسميته المفوض العام بان يكون امريكي الجنسية،،، واستمرت بهده السياسة لبداية السبعينات،،، والتي تم حصر المفوض العام بأن يكون امريكي الجنسية،،، وكذلك حجم التبرعات الامريكية لها النصيب الأكبر في دعم الانروا، ومعظم المشاريع السياسية الأمريكية تعاملت مع موضوع اللاجئين وفق المبدا الإنساني والتوطين اساس فيه، وكذلك المشاريع الاقتصادية والتوطين أساس فيها وفق الرؤيا الأمريكية وقد طرحت في حينه العديد من المشاريع والبرامج للتوطين وانهاء مشكلة اللاجئين.. مثل مشروع التوطين في سيناء، لكن لم تنجح المشاريع الأمريكية بسب رفض اللاجئين الفلسطينين لها ورفض التوطين وتمسكهم بالعودة للديار، فاستمرت الوكالة الانروا لسنوات أخرى لتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينين في مناطق عملياتها الخمس .ولكن بدون اي تقدم وافق سياسي ولا حتي اي تحولات تذكر في الرؤية الأمريكية والإسرائيلية لقضية اللاجئين والعودة، انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصره المسلحة.

الرد الطبيعي والحدث الأهم في تاريخنا المعاصر ورداً على الفشل الدولي في انصاف شعب فلسطين والتأكيد علي تجذروعمق الوعي الفلسطينين، وبدأت ارهصات تشكل الهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية كنقيض موضوعي وتاريخي للفكر الصهيوني الاستعماري وبوجود حالة مد قومي عروبي ساهم في تعزيز ذلك في حينه. ولكن على الطرف من معادلة الصراع استمرت السياسات الامريكية والإسرائيلية بفكر التوطين بدأ التفكير فيها مبكرا من بدايات الخمسينات من القرن الفائت وايضا سياسة التقليصات للخدمات والبرامج المقدمة من الأنروا للاجئين ،،ضمن فلسفة تقليص اعداد المستفيدين من خدماتها، ورهن تقديم الخدمة بمدي الحاجة لها وليس لكونه لاجئ وواجب تقديم الخدمة والمساعدة له وذلك وفق المانديت الاممي، واستمر نهج التقليص لاكثر من ذلك لتقسيم الحاجة للفقر المطلق والفقر المدقع، وتم إنهاء برامج وخدمات، وكل ذلك ياتي في اطار خدمة الاستراتيجية الامريكية والإسرائيلية في التعامل مع قضية اللاجئين الفلسطينين واعتبار الانروا مؤقته وتفريغها من اي دلاله سياسيه وحقوقية والعمل علي إنهاء اعملها بالتدريج ووفق استغلال الظروف لذلك.

مما يعني إن العمل على إنهاء وكالة الغوث وتصفيتها وتحويلها وبرامجها وافراغهامن مضمون التفويض هو الهدف الأساس الرؤيا الإسرائيلية والأمريكية والتي تتلخص بالتالي إن تصبح الانروا فقط مؤسسة إغاثة ومساعدات إنسانية بدون اي التزام دولي اتجاه اللاجئين ونكبتهم وحقوقهم السياسية والوطنية والقانونية والتي تعني أن بتخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته اتجاه قضية اللاجئين الفلسطينين ....فكان مصطلح وملهاة الأزمة المالية بشكل مزمن ومستمر سنويا كمصوغ معقول وعل الاقل مقبول في سياسية التمرير والخداع في سياسيات الامريكان والانروا ومن بداية نشؤءها لذلك تميزت العلاقة مابين مجتمع اللاجئين والانروا تاريخيا مابين القلق والشك اتجاهها ومابين الترحيب بها والقبول الها واعتبارها شاهد مهم وأساس ووباجماع وطني ضرورة الحفاظ علي بقاءها واستمرار وجودها وحمايتها والعمل علي توفير تمويل مستدام لها، لحين وجود آفاق لتسوية سياسية وفق القرارت الشرعية الدوليه الخاصه باللاجئين الفلسطينين، خلاصة القول، إن قرار الأمم المتحدة باعتبار النكبة الفلسطينية يوما عالميا والتذكير فيه بقاعات الأمم المتحدة بخطاب الرئيس ومعارض للثراث وندوات اعتقد انه مهم في التفكير مجددا في العمل علي احياء لجنة التوفيق الدولية والتي توقف عملها من الستينات.