كعب عالي
تاريخ النشر : 2023-06-14
كعب عالي


كعب عالي

بقلم: أمل عبدالله

كنت دائما أشاهدها على شاشة التليفزيون وأنا صغيرة وهى تُطل علينا طلةً محبوبة فى برنامجها الشهير فى ذلك الوقت . وكنت معجبة بها جدا و بطريقة كلامها المُميزة وإلتزامها وثقافتها . وهى إعلامية وكاتبة محترمة، ولذلك أصبحت أتابعها الآن على الإنستجرام.

ووجدتها يوماً تضع صورة مسلسل تحت الوصاية لمنى زكى الذى عُرض فى رمضان الماضى، وبالرغم من أننى إمتنعت عن مشاهدة المسلسل لأننى أعلم أن هذه المسلسلات يكون غرضها التأثير على المشاهد كوسيلة ضغط لتغيير القوانين
إلا أننى وجدتها تضع صورة إعلان المسلسل وتُعلق تحتها بأن القوانين يجب أن تتغير لتُعطى الوصاية على اليتيم للأم
ووجدتنى على غير عادتى أنبرى للتعليق عليها بأن قلت لها: إبتعدوا عن القوانين ويكفى تدخل فى قوانين الأسرة لأن قوانين الأحوال الشخصية المصدر الأساسي لها هو الشريعة الاسلامية، ولذلك لا يجب أن يفتى فيها أحد ويطالب بالتعديل أو التغيير بدون علم او دراسة للشريعة الإسلامية.

ويجب على الإعلاميين بالذات لأنهم مسموعين ومحبوبين أن يتحروا الدقه فى كل ما يكتبوه أو ينادوا بتغييره
ويجب فى قوانين الأحوال الشخصيه بالذات العلم بقواعد الشريعة، ويجب ان يعلموا ان كل ماقدرته الشريعة لا يمكن ان يتم اللعب فيه، إذ إختراع قوانين بشريه فى مجال الأسرة ثبت أنها تضر ولا تُعالج ، وأدى التدخل فيها إلى هدم البيوت المصريه وتزايد حالات الطلاق وكأنها نار تفشت فى الهشيم
ووجدتها ترد علىّ بإستنكار وتقول أنت سيدة وتقولى هذا الكلام ولا تناصرى السيدات، وقالت لى طب الشريعة تقول عدم أكل مال اليتيم.

واضطرتنى عندما ذكرت الشريعة أن أقول لها رأى الشرع فى ذلك الموضوع
فقلت لها ياسيدتى إن شريعتنا تقول أن الوصايه الشرعيه يجب أن تكون للذكور لإرتباطها بالإنفاق ، لذلك الأم لا تكون وصياً شرعياً لأنها لا يجب عليها الإنفاق ، ولكن على الجد مسئولية الإنفاق وترتبط بالعُصبه
ويقول النبى صلى الله عليه وسلم ) ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقى فالأولى رجل ذكر ( فأقرب الذكور للرجل هم أولى به للإنفاق، وأقرب الذكور للأبناء فى حالة وفاة الأب هو الجد فيكون وصياً عليهم فى مالهم لأن نفقتهم تجب عليه ، وفى حالة وفاة الجد الأولى شرعياً أن يكون رجلاً وهو بعد الجد العم
والأم لايجوز لها أن تشترى وتبيع فى مال اليتيم لأن الثابت لها حق الحضانة أما ولاية التصرف فهى للأب أو لمن يقوم مقامه بعده
فالولاية على اليتيم ولايتان: ولاية النفس وولاية المال ويتولاها الجد بعد وفاة الأب
فالشرع هنا يُكرم المرأة ولا يرهقها ولا يتعبها فهى لها حق الحضانة ويكفيها أن تتحمل هذا العبء ، ولكن الإنفاق للوصى الذكر،
وبعد هذا الرد لم أتلقى رد منها
وإنبرت سيدة أخرى لترد علىّ وتقول إذا كان الجد عبد المطلب والعم أبو طالب فلا خوف على اليتيم ، لكن فى هذه الأيام الأمر يختلف، دول جبابرة ومحدش يرحم الأولاد غير الأم حتى لو هياكلوا عيش حاف
فقلت لها: وإذا أصبحت الأم وصية وتزوجت رجل ظالم إستولى على أموال أولادها بغير حق وهى لا تستطيع الدفاع عن نفسها أو أولادها، أو إذا إستعانت الأم بأى شخص ومن الطبيعى أن يكون هذا الشخص رجل وخدعها حتى ولو كان محامى ليس له ضمير وإستولى على أموال اليتامى فماذا تفعل ؟ ؟ ، على العكس وجود وصى ذكر من أهل اليتيم يُبعد عنه وعنها اللئام
المشكلة ياسيدتى ليست فى الشخص وإنما المشكلة فى الضمير ومن يُراعى الله فى اليتامى ولذلك أوصى الله سبحانه وتعالى باليتيم فى أكثر من موضع فى كتابه الكريم وقال سبحانه وتعالى ( وأما اليتيم فلا تقهر )
وقال جل من علا ( وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ) وقال سبحانه وتعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) صدق الله العظيم.

وبعد ذلك وجدتها ترد بأن كلامى كله صح ولكنها وجهات نظر
قلت لها: لا ياسيدتى هذا الكلام ليس فيه وجهات نظر ، لان هذا الكلام هو شريعتنا ومنهاجنا التى أنزلها الخالق ليحكم بها الناس حياتهم فهو سبحانه وتعالى عليم حكيم ، وهو أدرى بأمور خلقه وصلاح أحوالهم منا فهو الذى خلقنا وخلق لنا الأرض ومن عليها وهو أعلم بما يُصلح حياتنا والحياه التى نعيشها على هذا الكون
ونحن كلما تدخلنا بقوانين من صُنع البشر فسدنا وأفسدنا ، وهذا واضح من قوانين الأسرة التى تغيرت وتدخل فيها منهاج البشر ففسدت وأفسدت حياتنا ، وليس أدل على ذلك من إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لسنة 2022 الذى يقول بأن هناك حالة طلاق كل دقيقتين ، ومن 25 إلى 28 حالة طلاق تقع كل ساعة ، ويصل عدد الحالات فى اليوم إلى 630 حالة طلاق بمعدل 18500حالة فى الشهر ، ووفقاً للتقرير العالمى للسكان 2022 إحتلت مصر المرتبة العشرين فى معدلات الطلاق حول العالم.

فقد أدى التدخل فى قوانين الأسرة إلى إعطاء حقوق للمرأة لم تكن موجودة شرعاً ، وذلك لتدليل المرأة وخوفاً من صوت المرأة العالى عالمياً ، فأصبح للزوجة المُطلقة أكثر من 28 قضية تستطيع أن ترفعها على الزوج ، وليس للزوج قضية واحدة يستطيع أن يرفعها عليها سوى قضية الرؤية ، لأنها ببساطه كعب عالى.

فأصبح الزواج والطلاق تجارة بالنسبة لبعض الزوجات ، فلماذا تتحمل مسؤلية الزواج وإلتزاماته ، وهى تستطيع أن تطلب الطلاق ويصدر لها قرار التمكين من شقة الزوجية وتطرد الزوج منها ، ومن الأزواج من وضع كل مايملكه فى شراء شقة لكى يتزوج فيها ، فتؤخذ منه عُنوة لكى تُسلم للمطلقة اذا كانت حاضنة ويُطرد هو من ماله ليبقى بلا مأوى وبلا مال ، ثم ترفع عليه قضايا تُطالبه بقائمة المنقولات الزوجية ، هذا إلى جانب قضايا النفقه للصغاروإلا تعرض للحبس ، وبعد كل ذلك ترفض رؤيته للصغير ولا تُمكنه من رؤيته حتى ولو حصل على حكم قضائي برؤية طفله.

فأصبح الأب لاحول له ولاقوة، طُرد من بيته ومن شقى عمره ، وينفق على طفله ولا يربيه ولايستمتع بالقرب منه ، وتستطيع أن تحبسه إذا إمتنع عن النفقة أو تعسر ، وتسحب منه الولاية التعليمية على الصغير ، أى أنه أصبح مصرف بدون أن يرى صغيره أو يرعاه ، وحتى إذا تفضلت عليه وجعلته يرى صغيره فإنه وبنص القانون لايستطيع أن يلمس صغيره او يضمه إلى أحضانه وإلا تُحرر ضده محضر فى القسم ، وكأنه مجرم معتاد الإجرام وليس أب يشتاق إلى طفله ويحاول أن ينعم بقربه، ناهيك على أن سن الحضانه فى الشريعة الاسلامية ينتهى فى سن السابعة للولد والتاسعه للبنت ، ولكن فى القانون إمتد السن ل١٥ سنه للولد وللبنت حتى تتزوج ، وفى سن الخامسة عشرة يخير القاضي الصغير بين الام والأب واظن أن الإجابه لاتحتاج إلى سؤال !!! وكأنه يُعاقب الأب لأنه تزوج وانجب وأراد أن يعف نفسه بالحلال
ولذلك هرب الشباب من الزواج وأحجم وبعضهم لجأ إلى الزواج من الاجنبيات هرباً ممايحدث، وهرباً من إرهاقه بمهر وشبكة وقائمة منقولات زوجية ، وزاد على ذلك إذا حدث طلاق ، التمكين والنفقة والطلاق والولاية التعليمية وعدم الرؤية.

إرحموا الآباء، ارحموا الرجال يرحمكم من فى السماء
إرفعوا أيديكم عن قوانين الأحوال الشخصية وإلجأوا إلى الشريعة الاسلامية حتى لاتفسد حياتنا ويتربى اولادنا بلا آباء وبلا إستقرار عائلى لأننا من سيجنى ذلك بأيدينا عندما نحصل على جيل مشوه نفسيا لايعرف الاستقرار فى بيت مسلم بين أم وأب بينهم مودة ورحمة.