معاناة المواطن تزداد في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية
تاريخ النشر : 2023-06-14
معاناة المواطن تزداد في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية
علي أبو حبلة


معاناة المواطن تزداد في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية

بقلم: المحامي علي أبو حبلة

المواطن الفلسطيني لم يلمس أي تطور اقتصادي رغم الوعود  المتكرره بالنهوض الاقتصادي وتحسين الخدمات وعلى مدار 4 سنوات من عمل الحكومة التي يترأسها اشتية شُكلت، 251 لجنة خاصة للتعامل مع الأزمات أو تحت بند التطوير الاقتصادي والتكنولوجي إلى جانب التنمية، عدا عن اللجان الحقوقية ولجان إعادة الإعمار ودراسة اعتداءات الاحتلال.

وبحسب ما ذكرته وسائل الاعلام والمتابعين، فإن اللجان التي شكلتها حكومة اشتية جاء على النحو التالي: 51 لجنة في 2019، 56 لجنة في 2020، 55 لجنة في 2021، 65 لجنة في 2022، فيما شهد الثلث الأول من عام 2023 تشكيل 24 لجنة.

وشكلت الحكومة الفلسطينية 19 لجنة لتطوير البنية تحتية والتنمية (النقل والمواصلات والصرف الصحي والمياه وتصريف مياه الأمطار والاستعداد للمنخفض الجوي) و19 لجنة قانونية و16 لجنة لدراسة اعتداءات الاحتلال،  13 لجنة للتطوير الاقتصادي، بالإضافة إلى 12 لجنة تحقيق، و6 لجان للتنمية في الأغوار، إلى جانب 3 لجان لإعادة الإعمار، عدا عن تشكيل 9 لجان لدعم القدس.

والطابع الغالب أن هذه اللجان هي بمثابة ترويج للتنمية الاقتصادية وتحسين الواقع المعيشي لحياة المواطن، لكن بحقيقة الواقع وبحسب خبراء في الاقتصاد وبرأي مراقبون فإنهم يشككون في أن تكون هذه اللجان قد حققت على أرض الواقع ما صبت إليه الحكومة من وراء إعلان تشكيلها لا سيما على الصعيد الاقتصادي للفلسطينيين.

يفسر متابعون هذا العدد الكبير من اللجان على أنه محاولة واضحة من قبل الحكومة لاحتواء الرأي العام الفلسطيني تجاه الأزمات والقضايا خصوصًا تلك المتعلقة بالواقع المعيشي أو المتعلقة بالبنية التحتية.

لم يلمس المواطن نتائج عن ما توصلت إليه هذه اللجان ولا اسنخلاص للعبر ولم نشهد أي استنهاض حقيقي في البناء المؤسيي والاقتصادي وبرأي خبراء في القانون ومطلعين.

"إن لجان التحقيق تستخدم لغايات ليس لها علاقة في تعزيز المساءلة وبعيدة عن مفهوم المساءلة، وفي مناسبات كثيرة تستخدم لغايات امتصاص الرأي العام وإقناع الجمهور بأن هناك مساءلة."

وبالنظر إلى معدل اللجان التي شكلتها الحكومة فإن عددًا كبيرًا منها شكل لأهداف متعلقة بالشأن المعيشي والاقتصادي والتنمية إلا أن اللجان الاقتصادية لا تعكس الواقع الذي يحياه الفلسطينيون في ظل الأوضاع الاقتصادية القائمة حاليًا وتحديدًا في عهد الحكومة.، وغالبا فإن تشكيل هذه اللجان يغلب عليه الطابع البروتوكولي ، إذ تعمل الحكومة على تشكيل هذه اللجان لتنفيس الشارع واستيعاب غضبهم ثم سرعان ما ينسى الشارع هذه اللجان.

ويخطئ من يظن أن المواطن الفلسطيني يعيش البحبوحة الاقتصادية فمعاناة المواطن تزداد يوما عن يوم في حالة التردي الاقتصادي والخصومات على الرواتب.

حتى أن البعض من المواطنين وفي اجتماعاتهم وأحاديثهم يهمسون فيما بينهم عن المعاناة بفعل الضائقة الاقتصادية وتردي الأوضاع الاقتصادية نتيجة الركود الاقتصادي وعبئ المديونية الملقاة على كاهل المواطن الفلسطيني.

إن البطالة مستشرية في الأراضي الفلسطينية وخاصة من حملة الشهادات مما اضطرتهم سوء الأوضاع الاقتصادية للعمل في المستوطنات ومناطق ٤٨

إن معظم الشعب الفلسطيني يعيش تحت خط الفقر، نعم الشعب الفلسطيني اليوم يعاني من تلك السياسة الاقتصادية والتخبط في السياسات الاقتصادية وقد أوصلته إلى ما هم عليه الآن.

إن مستوى الحياة المعيشية للفرد الفلسطيني تعد الأعلى لدول الجوار وهي الأعلى بالنسبة للإسرائيلي بالرغم من أن متوسط الراتب للموظف الفلسطيني لا يتجاوز ألف وثمانمائة  شيقل بينما خط الفقر للإسرائيلي تقريبا سبعة  آلاف شيقل، ونحن نستعرض أساسيات الحياة لأسعار الخدمات تعد اعلى من مثيلاتها في إسرائيل رغم ان تلك الخدمات المزود فيها حكومة الاحتلال.

أسعار المواد التموينية الطحين ومشتقاته والأرز والحليب والسكر ومعظم أصناف المواد الأساسية تباع في مناطق السلطة الفلسطينية بأعلى ما تباع بإسرائيل مع أن مصدرها إسرائيل وفي دول الجوار العربي تباع بأقل من النصف تقريباً وهذه أصبحت مرهقة للفلسطيني بحيث لا يتمكن معظم الشعب الفلسطيني من الإيفاء بمتطلبات حياته اليومية.

إن تعثر الوضع الاقتصادي يجعل العديد من المكلفين عاجزين عن الإيفاء بملزماتهم الضريبية وغيرها نتيجة انخفاض المبيعات بسبب الركود الاقتصادي الذي تعاني منه الأسواق التجارية في معظم مناطق السلطة الفلسطينية.

إن ما تعاني منه السلطة الفلسطينية من عجز مالي ومديونية يجعلها غير قادرة على الايفاء بالتزاماتها وينعكس بمردوده على مختلف الخدمات وبخاصة الصحية منها حيث أن الفلسطيني اليوم أصبح مكلف بتامين الدواء لنفسه وبخاصة لذوي الأمراض المزمنة وأن معظم الأدوية مفقودة من المراكز الصحية.

وإذا استعرضنا الاقتصاد الفلسطيني نجد أن القطاع الزراعي تلحق به خسائر جسيمة بفعل عدم إيجاد الأسواق لتسويق فائض الإنتاج الزراعي وعدم الاهتمام بهذا القطاع الحيوي حتى أن معظم المزارعين اليوم متوقف عن الزراعة بنتيجة ما تلحق به من خسائر بفعل الدورات الزراعية.

إن دورة الاقتصاد اليومي والأسبوعي والشهري لمختلف مكونات الاقتصاد تكاد تكون شبه متوقفة بنتيجة هذا الغلاء الفاحش للأسعار وتآكل قيمة الراتب بفعل التضخم وغلاء الأسعار بخاصة لتلك الرواتب المتوسطة وذلك بفعل المضاربات على العملة لعدم وجود عمله وطنيه وقد وعدت الحكومة بهذا الخصوص ولم تفي بوعدها.

إن سياسة القروض أنهكت الموظف والتاجر ومختلف مكونات الاقتصاد الخدماتي وأثرت سلبا على الحركة التجارية لصالح البنوك.

إن المظاهر الخادعة التي يظهر بها الاقتصاد الفلسطيني وهذه الصر عات لأحدث موديلات السيارات والتي أصبحت تعج بها شوارع الضفة الغربية، السيارات بالشارع أكثر من المشاة ومعظمها مرهون للبنوك.

إن انعدام تخطيط ممنهج لبناء اقتصاد يقوم على النهوض العمراني والصناعي والزراعي يساهم باستيعاب الأيدي العاملة أدى بهذا الركود والذي إن استمر سيؤدي إلى الانهيار الاقتصادي.

لا شك أن السياسة القائمة على التوظيف والاستهلاك هي سياسة نتيجتها محسومة وإن سياسة تقوم على التضخم للرواتب لفئة دون أخرى بهذه الامتيازات والعلاوات وبدون مراجعة خاصة تلك الرواتب المتضخمة لفئات من الموظفين هي بفعل تلك المنح والمساعدات ستكون انعكاساتها مدمره على الاقتصاد الفلسطيني.

إن ما نعاني منه اليوم جرس إنذار يستدعي المراجعة للكثير مما نعاني منه ويعاني منها الاقتصاد الفلسطيني وأولها بكيفية إعادة البناء للقطاع الوظيفي وهيكلية هذا القطاع ليكون قطاعا منتجا وقادرا على العطاء وليس قطاعا اتكالي تسوده البطالة المقنعة ويتكلف معظم خزينة الدولة وعلى حساب النهوض الاقتصادي وهذا بفعل سياسة الارضاء وشراء الولاءات.

كما لا بد من إعادة النظر بتلك السياسة الخاطئة للتوجه للبنوك وعدم استغلال التسهيلات لبناء مشاريع تنميه مستدامة تساهم في البناء الاقتصادي أضف إلى ذلك عدم استغلال الجمعيات التعاونية الاستغلال الأمثل وتبديد الهبات والأموال لصالح مشاريع ذات نفع اقتصادي يساهم في البناء الاقتصادي ليشكل رافعة حقيقية للبناء الاقتصادي لانعدام الرقابة وعدم تفعيل المحاسبة والمسائلة عن هذا التبديد والهذر للمال العام لصالح الانتفاع الخاص وسياسة نفعني بغطرش عنك.

الحكومة فشلت في احداث تنمية اقتصادية مستدامة واللجان لم يخرج منها ما يشير لعملية التصويب، ولا بد من حكومة قادرة ومتمكنة يكون بمقدورها الخروج من هذه المعاناة وتملك خطة بنائة وواقعية مدعومة عربيا ودوليا وتملك شفافية وتعمل على بناء اقتصاد صناعي وزراعي وتعاوني يكون بمقدوره استيعاب الأيدي العاملة العاطلة عن العمل، ويساهم حقيقة في بناء الدولة الفلسطينية إن معاناتنا تزداد يوما عن يوم وهذا بفعل أن هناك أخطاء وأن هناك انعدام للتخطيط وانعدام للرؤى السليمة للبناء الاقتصادي السليم ما يتطلب من ذوي الاختصاص دراسة ما يعاني منه الاقتصاد الفلسطيني وفي أسباب هذا الانهيار المتوقع ولكيفية الخروج من هذا المأزق الاقتصادي ورفع المعاناة عن مواطننا الفلسطيني لكي يتمكن أن يعيش حياة كريمة أسوة بغيره من شعوب الجوار والعالم.