انتخابات النجاح وبيرزيت.. ومتطلبات التغيير
تاريخ النشر : 2023-05-25
انتخابات النجاح وبيرزيت.. ومتطلبات التغيير
علي أبو حبلة


انتخابات النجاح وبيرزيت.. ومتطلبات التغيير

بقلم: المحامي علي أبو حبلة

انتخابات جامعة كلا من النجاح و بير زيت بمثابة عرس ديمقراطي فلسطيني ولا أحد ينكر ذلك أو يزايد على ذلك بغض النظر عن الفائز، ويفترض عقب كل انتخابات إجراء دراسات مستفيضة وتقييم للنتائج لأخذ الدروس والعبر من كافة القوى والأحزاب المشاركة في الانتخابات أي كان موقعها وطبيعتها، على القوى أن تبحث وتقيّم أسباب الفوز أو أسباب الخسران، وفي الدول المتقدمة هذا التقييم مهم لدراسة أسباب ومسببات تراجع هذا  التنظيم أو ذاك الفصيل أو تلك الحركة وفوز ذاك وإخفاق تلك.

وإذا كان لا بد من حساب لنتائج الربح والخسارة لانتخابات جامعة بير زيت وجامعة النجاح التي يراهن عليها البعض، ويعتبرها البعض انعكاس للرأي العام الفلسطيني وهي مقياس بلا شك للقوه في ميزان الربح والخسارة خاصة وإن جامعة بير زيت وجامعة النجاح تحوي في جنباتها مختلف القوى السياسية والوطنية التي تمثل الطيف السياسي الفلسطيني، ويعد طلبة جامعة بير زيت وجامعة النجاح أحد أهم القلاع الفكرية الداعمة لصناعة القرار السياسي الفلسطيني، وتكمن أهمية الانتخابات لمجالس الطلبة على مر السنين بأنها المؤشر الرئيسي لحقيقة التوجهات الفكرية والوطنية الفلسطينية.

نتائج انتخابات مجالس الطلبة يجب أن تخضع للتحليل من قبل كل الفرقاء لدراسة أسباب ومسببات الإخفاق والفشل والنجاح بالنسبة للجميع، ولا بد من أن نخضع نتائج انتخابات جامعة بير زيت وجامعة النجاح  للتحليل الموضوعي والتقييم في الأداء حيث تمكنت حماس من النجاح في انتخابات النجاح وبير زيت بنسب متفاوتة ولا تقاس النتائج بعدد فروق الأصوات ومحاولات التبرير  بقدر الاهتمام بأسباب ومسببات الخسران  ومتطلبات التغيير الذي بات مطلب شعبي، منيت حركة فتح بخسارة بالانتخابات وهنا لا بد وأن تبرز عدة تساؤلات حول سبب خسران حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، تعصف بحركة فتح خلافات انيه وفردية بعيده عن الصالح العام والرؤى التي تهم القاعدة الشعبية للحركة وخاصة الشباب الفلسطيني.

نتائج انتخابات جامعة النجاح وبير زيت وقبلها انتخابات حكم الهيئات المحلية أثبتت أن الساحة الفلسطينية تحوي قوتين رئيسيتين وربما ثلاث قوى على أكثر تقدير أو يزيد، إن باقي الفصائل الوطنية المنضوية تحت إطار منظمة التحرير الفلسطينية باتت عبئ على منظمة التحرير وتتطلب  التغيير وفق مقتضيات المرحلة وخطورتها ومفصليتها لأن العديد من الفصائل والقوى  لم يعد بمقدورها استيعاب الشارع الفلسطيني وتفتقد الشرعية الشعبية والزخم الشعبي  وان عملية الاستقطاب تكاد تكون معدومة من قبل هذه الفصائل لانعدام برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي وطني واستقلالي يكون بمقدور هذه القوى والفصائل  أن تستحوذ اهتمام الشارع الفلسطيني.

إن خسران حركة فتح في هذه الانتخابات يدلل حقيقة أن هناك خلل بنيوي وتنظيمي وصراع مصالح ولا بد للحركة من إعادة تقييم معمق لما آلت إليه أحوالها، وان انتخابات جامعة بيرزيت وجامعة النجاح  لا تقتضي جلد الذات وندب الحظوظ بقدر محاسبة الجهات الفاعلة والنافذة على ذلك، أي فصيل أو تنظيم تأخذه العزة بالإثم ويرفض اخذ العبر وتقييم الأداء ويصر على المكابرة والعناد ليصبح البعض من قادة القوى والفصائل حواضن للفساد وتجاهل دعوات الإصلاح وتلبية متطلبات الإصلاح فمن الطبيعي أن يصاب بالهزيمة والخسران.

الهزيمة والخسران في العديد من المواقع يتطلب وضع اليد على مصدر الألم والجرح والنزف للشروع بعملية العلاج عامة ضمن متطلبات عملية التغيير وباتت ملحة، ولا غرابة في أن العلاج في بعض الأحيان يقتضي البتر لصعوبة العلاج فهل سنشهد إقالات والاطاحه برؤوس على طريق الإصلاح ومصادرة الأموال المنهوبة بغير وجه حق ضمن عملية تفعيل قانون الكسب الغير مشروع ليصار إلى محاربة الفساد والفاسدين وإصلاح حالات الترهل، وإقصاء المتسلقين وأصحاب السياسات نفعني بنفعك ضمن ما بات يعرف بسياسة المكسب والمغنم.

إن هذه الانتخابات انعكاس محدد لمقياس الرأي العام الفلسطيني خاصة الطلابي، ولو عدنا إلى انتخابات 2006 التشريعية حيث أخطأت جميع قياسات الرأي وتحليلاتها بتحليل الرأي العام حيث كان فوز حماس.

للأسف الانفعال والصدمة تدفع الكثيرين لتوجيه الاتهام والتقصير لهذه الفئة أو تلك بدون منهج علمي سليم ودقيق، بوجهة نظري المتواضعة أن على أصحاب الرأي والفكر دراسة الأسباب التي تكمن بخسران فتح في جامعة بير زيت وجامعة النجاح  وهي القلعة لكافة القوى السياسية والفكرية.

ويبقى السؤال الأهم والأبرز؟ هل المسؤولية تقع على عاتق  الحكومة الفلسطينية وأدائها وهي بلاشك أحد أهم الأسباب في فقدان ثقة الشارع، وقد استنفذت مهامها  وعليها تقديم استقالتها كل العيون شاخصة ومتطلعة إلى ضرورة التغيير والإصلاح الشامل ومحاربة الفساد وملاحقة الفاسدين  وضرورة الإصلاح والنهوض واستعادة ثقة الشارع بمنظومته السياسية.

لا يمكن إعفاء حركة فتح وقادتها من المسؤولية فالشارع ينظر بمنظار أن السلطة وفتح عنوان واحد خاصة وأن رئيس الحكومة محمد اشتية عضو لجنة مركزية ومسئول عدة مواقع  في حركة فتح، وبالتحليل الشامل الحكومة الفلسطينية وقيادات حركة فتح  تتحمل مسؤولية الخسارة مما يتطلب المسائلة والمحاسبة وسرعة التغيير.

هناك مجموعة من الأسئلة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لدى صانع القرار والمرجعيات  التي تهتم بالشأن الفت حاوي ولا بد مرة أخرى للشروع بتشكيل لجنة تحقيق من ذوي الخبرة والاختصاص والكفاءة توكل لها مهمة استقصاء واستدلال الحقائق لأسباب خسارة فتح وفقدانها للقاعدة والحاضنة الشعبية  في انتخابات جامعة النجاح وبير زيت وقرع جرس الإنذار حتى لا تنزلق المخاطر بحركة فتح الى مزيد من التفكك والانحسار ولنا في هذا تجارب مع العديد من الحركات الثوريه وبحكم الزمن تقلصت.

يجب أن تقود التحقيقات والتوصيات لتصويب بوصلة حركة فتح وان ترقى لمستوى الحدث، اذ لا يمكن تجاهل النتائج وما حدث سيترك انعكاسه على مجمل تطورات الأوضاع ولا بد من المسارعة في اتخاذ الإجراءات والقرارات التي يجب أن ترقى لمستوى الإخفاق والفشل ولا بد من البدء بمسيرة الإصلاح قبل فوات الأوان وإلا فإن الخسارة ستكون اكبر من نتائج جامعة بيرزيت وجامعة النجاح لأنها ستكون خسارة للمشروع الوطني وخسارة لفتح التي كانت وما زالت ديمومة النضال الفلسطيني.

فتح بعمالقتها ورجالها العظام، لا بد وان تعود حركة فتح كما عهدها الجميع رائدة لحركة التحرر الوطني وان تعيد ترتيب الصفوف وتعيد لكل الأشراف والأحرار لفتح مكانتهم لتعود اللحمة للحركة الفتحاوية واستعادة النهوض باستعادة البناء وإعادة التنظيم برجال الفكر والقادة الذي بمقدورهم دعم ومساندة و صناعة النصر ورفع لواء التحرير والتحرر من الاحتلال الإسرائيلي.

نعم فتح بحاجه لتصويب أوضاعها وإعادة النظر في برنامجها السياسي ومن تعاطيها التفاوضي مع الاحتلال الإسرائيلي وهذه مسببات رئيسية تهم الشارع الفلسطيني.

إن عدم قيام حركة فتح وهي في سلم الحكم لغاية الآن من الالتزام بتوصيات المجلس المركزي تجاه التفكير جديا باللجوء للخيارات المطروحة والمعلن عنها بالتحلل من الالتزامات والاتفاقات المعقودة مع حكومة الاحتلال في ظل سياسة الإمعان الإسرائيلي بتهويد القدس ومخطط التوسع الاستيطاني، والاعتداءات المستمرة على الشعب الفلسطيني وتشريع قتل الفلسطيني دون مسائلة او محاسبه، ولا ننسى كذلك أن التطبيع مع "إسرائيل" هو بحد ذاته ضد توجهات الشارع الفلسطيني وان السياسات ألاقتصاديه الخاطئة وفقدان السلطة لبرنامج وطني جامع هو خطأ استراتيجي، إن تراكم الأخطاء في جسم حركة فتح وتحكم الفئوية له انعكاس على تماسك جسم الحركة وان ما تحتاج إليه فتح اليوم هو إعادة بناء البيت الفتحاوي على أسس تتضمن للحركة تماسكها وتقدمها وما لم تبادر إلى ذلك فهناك خسران محقق في مواقع أخرى.

شعبنا الفلسطيني بكافة شرائحه أثبت للقاصي والداني عن إيمانه بالديموقراطيه وتعاطيه مع نتائج الانتخابات وهذا دليل على أن حماس وفتح فيما لو اتفقتا وقبل كلّ بالآخر فهم سفينة إنقاذ للوضع الفلسطيني المتردي بفعل سياسة الاحتلال والاستيطان والتهويد والاعتقالات ورفض سلطات الاحتلال للتعاطي مع أية مبادرات تقود لتحقيق السلام.

وهنا تكمن  أهمية تحقيق الوحده الوطنية وأن نتائج انتخابات بير زيت وجامعة النجاح يجب أن تقود الجميع إلى إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، والمبادرة لتشكيل حكومة وحده وطنيه تقود إلى توحيد الوطن الفلسطيني ليكون بمقدور فتح وحماس من تجاوز ما يعترض القضية الفلسطينية ويتهددها من مخاطر تتهدد تصفيتها.

فهل انتخابات بير زيت وجامعة النجاح  تعلق جرس الإنذار وتقود فتح وحماس لإنقاذ المسيرة الفلسطينية وتوحد الوطن والجغرافية الفلسطينية على قاعدة الشراكة والتعددية وفق النظام الأساس الفلسطيني انتصارا لفلسطين وانتصارا لمشروعنا الوطني للتحرر من الاحتلال الصهيوني وإفشال كافة مخططاته؟