"كافيار وعدس".. أخيرًا هناك مسرحيات كوميدية تستحق المشاهدة!
تاريخ النشر : 2023-05-25
"كافيار وعدس".. أخيرًا هناك مسرحيات كوميدية تستحق المشاهدة!


"كافيار وعدس".. أخيرًا هناك مسرحيات كوميدية تستحق المشاهدة!

بقلم: ضرغام كنانة

لا أنكر أنني شاهدت على مرور سني عمري، أعمالا مسرحية كوميدية محلية، وأغلبها مقتبسة عن المسرح العالمي، وكانت جميلة جدًا، لكنني في هذه المرّة، لم ألاحظ أن المسرحية مقتبسة عن المسرح الإيطالي، حتى بعد أن أعلنوا عن ذلك، وسآتي على هذه النقطة بالتفصيل...

باختصار، سأكلمكم عن ساعة ونصف، عشتها في قمّة السعادة مع مسرحية "كافيار وعدس" المعرّبة، وهي الإنتاج الأول للمسرح العربي في أم الفحم.

**الاختيار

لنبدأ بالاختيار، من الواضح أن الذي أختار هذا النص هو والمدير الفني للمسرح ومخرج هذه المسرحية الفنان هشام سليمان... هذا الاختيار كان موفقًا للغاية، خاصة أنه باكورة هذا المسرح الوليد حديثًا، فقد أراد هشام سليمان، أن يظهر للجميع، أن هذا المسرح سيبدأ بعمل ضخم يبين قدرات هذا المسرح، وقد اختار بجرأة عمل كوميدي إيطالي، وأوكل إلى زميله الفنان أسامة مصري بترجمته وإعداده وتعريبه... وقد تعمّد أن يضم العمل عدد كبير من الفنانين المتمرسين، ضامًا إليهم ممثلين ناشئين، وبالمجمل، كانوا هؤلاء يضموا عدة بلدان ومدن عربية، بمعنى آخر، أراد أن يقول سليمان، بأن هذا المسرح هو لجميع المبدعين العرب في البلاد. وقد علمت بأن إدارة المسرح تدعمه بكل خطواته، وخاصة من المدير العام محمد صالح إغبارية.

**القصّة

تحكي المسرحية قصّة عائلة النجمي المكونة من الأب والأم والعمّة وبنت وولد، والأخير يذكر ولا نراه. الأب يسعى لإعالة أفراد عائلته بطرق الاحتيال، حيث يجمع تبرعات من المواد الغذائية من المحلات التجارية، باسم الفقراء، لكنه يقوم ببيعها والصرف على عائلته... ويصادف أنه يحصل على صيد ثمين من عائلة غنية جدّا، ولكنه يكتشف أن أحد أفراد العائلة هو لص كبير، وهنا تقع المفارقة، فهناك من يسرق لأنّه لا يجد ما يأكل، وهناك لص عنده أطنان من الأكل. وفي الملخص، نرى بعض الصراع الطبقي بين الفقراء والأغنياء.

**الإخراج

قام هشام سليمان بمدّة قصيرة نسبيّة، نظرًا لعمر المسرح الذي تأسّس قبل أشهر قليلة، قام بقيادة طاقم كبير، يقارب الـ 20 شخص، قادهم بجدارة برؤية مسرحية متميزة، وذلك عن خبرة مسبقة، وقد رأيناه في أعمال أخرى ناجحة وإدارة ناجحة مع مسرح الفرنج الذي أسّسه في الناصرة...

شاهدنا كيف استغل المساحة المسرحية على أكمل وجه، وكأن الممثلون كانوا يعيشون على هذا المسرح منذ سنوات.

شاهدنا توزيع الأدوار الناجح للمثلين، خاصّة أن هناك البعض يعملون في هذا المجال قبل أن يدخله هشام سليمان نفسه، على سبيل المثال: روضة سليمان، محمود أبو جازي، ميسرة مصري.

كان هناك بعض نقاط الضعف التي لا تذكر أمام مجمل النجاحات الأخرى التي رأيناها، والتي لم يراها البعض بسبب انتشاءهم خلال مشاهدة العرض، ولا أقصد أنهم غضوا النظر، بل أقصد أن جمال العرض غطى عليها.

**النص العربي

هنا، لا بدّ من الإشادة بفنانا الكبير أسامة مصري، والذي له باع طويل في الكتابة المسرحية، وقد وصل ما قدمه لنا في هذا المجال قرابة الـ 40 عمل، جميعها لاقت النجاح والبعض ما زال يعرض منذ أكثر من 15 سنة.

كما قلت سابقًا، لم أشعر بأن المسرحية مقتبسة من المسرح العالمي، وأصارحكم بأنني شاهدت المسرحية بالعبرية، وكانت ناجحة، لكنك هناك تعرف بأن المسرحية مقتبسة، لكن ما قام به أسامة مصري، وكعادته في أعمال أخرى مقتبسة، قام بعد الترجمة بفلسطنة القصة محليًا، بحيث أنك تعتقد بأنها من تأليفه، وخاصة إدخاله لموضوعات محلية صرف، بالإضافة إلى روح الفكاهة العالية التي نعرفه عنه.

**الممثلون

لا أريد أن اتطرق للتفاوت بالأداء بين الممثلون المخضرمون والممثلون الذين ما زالوا يضعون خطوتهم الأولى على خشبة المسح، فهذا إجحاف بحق الجانبين، لكنني أريد أن أشيد بهذا الأداء الرائع للجميع.

1.  قام الفنان محمود أبو جازي بدور الأب الذي يتبع وسائل غير نظيفة لإعالة أفراد عائلته، ولكنّه جعل الجمهور يحبّه ويتعاطف معه، ليس بفضل النص فقط، بل بفضل أداءه الرائع، وخاصة في جملته الأخيرة: "كله بيسرق كله".

2.  الفنانة روضة سليمان، قامت بدور الأم المتمرمرة من زوجها ومن الفقر الذي تعيش فيه، وكانت بمثابة الضمير الحي المعاكس لزوجها، وأدت الدور بشكل جميل جدًا، خاصة بتقديمها للمونولوغ الذي قدمته وهي متنكرة بملابس الأغنياء.

3.  الفنان ميسرة مصري، كعادته، قدم دورًا كوميديًا مميّزًا، دور العاشق والمساعد للعائلة في معيشتهم ليتقرب من شقيقة الأب، وقد كان بمثابة كفة الميزان الموازية للأب الذي يبغضه بشدة، وقد شكلا معًا ثنائي رائع.

4.  الفنانة أميمة سرحان، قامت بدور العمّة شقيقة الأب، باعتبارها الوحيدة التي تعمل وتتقاضى راتبًا، ولكنّها تعاني من شقيقها الذي يبيع أغراضها. أدت أميمة دورها ببراعة، وقد استغل المخرج صوتها الجميل، لتؤدي أغنيتين بصوتها الحي على المسرح، ممّا أضاف رونقًا جميلا للعرض.

5.  روبيكا تلحمي، بصراحة، لم أتعرّف عليها عندما دخلت الخشبة، فقد قام المخرج بتغيير شكلها كليًا، وقد اعتقدت بأنها ليست عربية، وقد أقنعتني بشدّة بأنها امرأة غنية جدًا ولها سذاجة الأغنياء المترفين بأدائها الرائع.

6.  قرمان قرمان، مبارك لك هذا الدور والأداء، لقد قام بدور اللص الغني، وجعل الجمهور يكرهونه بشدّة، نتيجة لتقمصه الرائع للشخصية، وقد ساعده شكله المميز.

7.  أريد أن أتوقف للحظة أمام الوجه الجديد إبراهيم أبو شقرة، فأنا أعتبره البيضة الذهبية التي خرجت من هذا العمل، لقد تمسّك بلهجته الفحماوية وقدم لنا دورًا كوميديًا رائعًا، وأعتقد أنه سيكون من الممثلين الكوميديين المحليين البارزين في المستقبل، أعرف بأنّ ورائه نص جميل ومخرج قدير، لكن أداءه فاق كل تصوّر وخطف الأنظار.

8.  الفنانة الناشئة لرين مرجية، رغم أداءها التمثيلي المتواضع، إلا أنّها لفتت نظر الجميع بأدائها الغنائي الرائع، وقد افتتحت المسرحية وأقفلتها بأغنية تلخّص مضمون المسرحية.

9.  الممثل الناشئ سعيد حواري، قدم قدر استطاعته وأكمل الصورة لدى العائلة الغنية، واعتقد أنه سيتطور إذا تم الاعتناء به فنّيًا.

**التقنيات

كانت التقنيات بالمجمل ناجحة جدّا، خاصة الديكور المتقن، والملابس والماكياج، والموسيقى التي أزعجتني في بعض الأحيان، لكنها كانت ملائمة، الصوت والاضاءة والحركة، كل شيء كان جميل ومتكامل.

**التسويق

لن أنسى التسويق، فقد كانت القاعة ممتلئة وعلمت أنّه تم بيع العديد من العروض المستقبلية لبعض الحضور، والحجوزات ما زالت مستمرّة.