حدثني عن غزة هاشم
تاريخ النشر : 2023-05-23
بقلم: الشاعر محمد يوسف


حدثني

عَنْ غَزَّةِ هَاشِمٍ

عَشِيقَةُ الشّهداءِ

وعَنْ سِرِّ الشّمُوُخِ فِيهَا والإباء

وعِمْنَ أتاها

لِيَسْتَنْشِقُ الْعِزَّةَ مِنْ هواها

وَيُقَبِّلُ ثَرَاهَا

وَيَتَعَلَّمُ مَعَانِي الْمَجْدِ

مِنْ صَغَارِهَا الأبرياء

حدثني

عِمْنَ غَزَاهَا فِي الدُّجى مَاكَرٌ

يَحْمِلُ سَيْفَ الْغَدْرِ

يَسْبِقُ الْخُطَى مُتَعَطِّشًا

لِدِماءِ أَطْفَالِهَا مُشْبَعًا بِحِقْدِ كَافِرٌ

حدثني

عمْنَ أساء لَهَا وَحَرَقَ فِيهَا الْحَيَاةِ

وَجَعَلَ بَحْرُهَا الأَزرق مَمْزُوجًا بِالدِّماءِ

وَزَرَعَ فِيهَا الدَّمارَ والأشلاءُ

ودمر بُيُوتْ أهلها وَتَرَكَهُمْ فِي الْعَرَاءِ

دُونَ مأوى ولا غطاء مِنْ إِليِهَا أساء ؟؟

فَهِي غَزَّةُ الْأَميرَةِ السّمراءَ

عَشِيقَةُ الشّهداءِ ….

مِنْ إلِيِهَا أساء ؟

فهِي غَزَّةُ الَّتِي فِيها الرِّجَالُ الأشداء

وَيَخَشَّاهَا الْمُعْتَدِّينَ الْجُبناءِ

وإن مَرَرْتَ فِي طُرقاتها

تَرى الْعِزَّةِ وَالشّمُوُخِ وَالْكِبْرِيَاءِ

وفي كُل زاوِيَةِ فِي مُخَيَّمَاتِهَا

لَهَا حِكَايَةَ مَعَ النَّصْرِ وَالْعِزَّةِ

فَهِي غزة هاشم لَا تَقْبَلَ الْمُعْتَدَّيْن الْغرباءَ

هِي جُرْحٌ نَازِفٌ

مِنْ بَطْشِ الْأَعْدَاءِ

قَتَلُوهَا مَرَّاتِ عَدِيدَةِ

وَعَزَلُوهَا عَنْ الْعَالَمِ

وَجَعَلُوهَا وَحِيدَةَ

تَرَكُوهَا تَنْزُفَ وَحْدَهَا

دُونَ مُنَاصِرٌة مِنْ إخوة عَزِيزَةَ

اقتَلعوا نَخِيلَهَا وَنَسَفُوا بُيُوتَهَا

وَعُيُونُ الْعَالَمِ تَنْظُرُ

دُونَ فِعْلِ أَيُّ شَيْءِ

عَجَبِي بَلْ كُلُّ الْعجابِ

قَتَلُوا فِيهَا الْحُبُّ وَالسّلامُ

ويَدْعَوْنَ بَأنَهَا سَبَبِ الإرهاب

إرهاب مَنْ !!!

وَالطُّفُولَةُ عَلَى أيديهم تُقَتَّلَ

أفلا تَخْجَلَ أَيُّهَا الْعَالَمَ

أما زِلْتُ تَنَظُّرَ

إلى دِماءِ أهل غَزَّةُ تُرَاقُ

أفلا تَشْعُرُ أَيُّهَا الْعَرَبِيَّ

وَمَا سِرُّ صَمْتُكَ هَذَا

عَلَى جُرْحِ لَا يُطَاقُ

أم أنْتَمِ غَافِلُونَ أم غَرَّكُمْ الرَّخَاءَ

لمِا يا أخي كُلُّ هَذَا الْجَفَاءُ

فلا تحزني غزة هاشم

فَالْمُؤْمِنِينَ أشْدُ بَلاءَ

ولا تبالي مِنْ عُروبةِ

اِرْتَوَت… مِنْ كَأسِ الْوَهَنِ

سِنَّيْنِ طُوَّالِ

فَمَا أعْظُمْ أن يَنْدَمِلَ جُرْحُكَ

مِنْ دُونَ طبيب أو دَواءَ

صَبَرَا غزة هاشم

عَلَى غِيَابِ الْأُخُوَّةِ َالْأشقاءِ

فرَغْمُ الأشلاء وَضَيَاعَ الأمان

إلا إنني رأيتُ الشّمُوُخَ فِيهَا

عَالِيَا يُلَامَسُ الْعَنَانُ

رأيْتُ فِي عُيُونِ أطفالها

اِبْتِسَامَةُ

رَغْمُ عُلُوُّ طَائِرَاتِ الْغَدْرِ فَوْقَ

الْهَامَةُ

رَأَّيْتِ الْكَرَامَةَ

عَلَى جِبَاهِ أهلها

مُزَيَّنَةُ كَالْشَّامَةِ

وَعَلَى ثُغُورِهَا رَأَّيْتُ الأحرار يَتَسَامَرُونَ

يَتَسَابَقُونَ…

لِصَدِّ مَنْ عَدَاهَا

وَلِلْصُمُودِ .. فِي عُيُونِ أهلها حِكَايَةَ

عَجَزت عَنْ

تَفْسِيرَهَا عُقُولُ الْغَاصِبَيْن

فكُلُّ شَيْءِ هنا فِي غَزَّةِ يُقَاوَمُ

يَأبَى الذُّلُّ وَالْهَوانُ

وتَرى حَقِيقَةُ الْحَيَاةِ فِيهَا

رَغْمُ الْوَجَعِ وَالْأنِينِ

وإن أصغيت عِنْدَ الْمَسَاءَ

أسمعُ مُنَاجَاةَ غَزَّةِ

تُنَاجِي وتَهمس لِلْقُدْسِ بِصَوْتِ حَنُونِ

تَقُولُ لَهَا إني رأيتُ النَّصْرَ أكثر مِنْ مَرَّةٍ

فِي كُلُّ حَرْبٍ

أحْلُ بِهَا عَلَيَّ الْمُعْتَدِّينَ

إني رأيتَ النَّصْرَ أكْثُرْ مِنْ مَرَّةٍ

فِيَا قُدْسَ لَا تَحْزُنِي وَاِمْسَحِي

مِنْ عَيْنَاكَ

دَمْعِ الْبُكاءِ

غَدَا لَكِ قَادِمِينَ رِجَالًا مِنْي غَاضِبِينَ

لا يهابون الرَّدَى

وَمَا بِكلِ لَيْلٍ يَطُولُ هُنَاكَ فَجْرٌ

مُكَلَّلُ بِالضِّيَاءِ

فَهَذَا بحر غَزَّةِ

تَعُودُ زُرْقَتَهُ رَغْمِ الدِّماءِ

وَهَذَا شَاطِئُ غَزَّةُ صَامِدَا

أمام الرِّياحُ الْهَوْجَاءُ

صَامِدَاً

كَصُمُودِ أسوار الْقُدْسَ وَعِكَا

وَهَذَا تُرَابُ غَزَّةُ

مَجْبُولَا بِتُرَابِ الْجَنَّةِ

فيأيها النَّاظِرُ

مِنْ بَعيدِ

عَلَى غَزَّةِ هاشم

هنيئا لِعَيْنِيِكَ الَّتِي تَرْسُمُ

فِي دَاخِلِهَا صُورَةِ غَزَّةِ

حِكَايَةُ عِزَّةُ لا تنتهي