قراءة في كتاب حارس سطح العالم للكاتبة بثينة العيسي
تاريخ النشر : 2023-05-03
قراءة في كتاب حارس سطح العالم للكاتبة بثينة العيسي

بقلم: جميلة حسن الغول
 
اللغة كلّها سطح. ليس فيها تضاريس، وإذا ما حافظنا على سطحية اللغة، أصبحنا قادرين على مراقبتها. رواية "حارس سطح العالم".
بتلك الكلمات بدأت الكاتبة بثينة العيسي روايتها حارس سطح العالم "إياك والتورط في المعنى"...لتعطينا سر الرواية لا تقرأوا السطح بل كونوا في قلب اللغة لتتحرروا من
الظلم والإستعباد الفكري وانهيار الثقافة، وجبن الكاتب صاحب الولاء والمنافق للدولة وللطبقة الحاكمة. لتكون حرا عليك بالقراءة، لأن القُراء ‏ '' القُراء لا يجيدون اتباع الأوامر '' وتحذرك الكاتبة من التورط بالمعنى لأنه من تورط في المعنى لم يهنئ بعيشته ويصبح أكثر الناس تعبا وإرهاقا
"إياك والتورّط في المعنى... هل تعرف ما الذي يحل بأولئك الذين يسقطون في المعنى؟ تُصيبهُم لوثةٌ
أبدية ولا يعودون صالحين للعيش!" نعم لا يعودون صالحين للعيش لأنهم لن يجدوا مكان
يحتضن أفكارهم وإبداعاتهم ولن يجدوا أرضا خصبة للنمو والازدهار مجتمع تحت حكم ديكتاتوري لا يسمح بالتفكير بالقراءة واستخدام الإنترنت والخيال.. فالخيال في زمن الرواية خطيئة "التخيل في الأصل خطيئة". فكل من حولهم يرتدون الكاكي بصور مختلفة ونماذج مختلفة "الواقع شيء لا يمكن إزاحته، ولا بمليون كتاب"(ص 102)، ولم تكتفي الكاتبة من التحذير بل لم تترك للقارئ فرصة، للإختيار وتشد الخناق أكثر وأكثر لدرجة أنك تكاد تختنق لا تجد مخرج الا أن تكمل الرواية لتكتمل الحكاية بالسؤال :
من أنا؟ أفصِحوا لي عمّن أكون؟ وإذا راقَ لي أن أكون ذلك الشخص، عندها سأخرج من الحُفرة، وإلا فَلَسَوْفَ أبقى هنا إلى أن أصير شخصًا آخر. "(ص102) لتثير الكاتبة مشاعر القارئ المثقف المتصالح مع لغته وأرضه ووطنه، من يجيد الخيال، وتجده يدافع ويستنكر ما تكتبه بثينة لأنه يطمح لحياة بملابس وألوان مختلفة لا يروق له أن يكون كالجميع بل يحب التفرد والتمييز ولا يقبل اللون الكاكي" كان قادراً على رؤية انعكاس غريب له في كل شخص يراه،الا انه، كان يشعر بوحدة غير مفهومة. "وكأن أحداً من ملايين النسخ البشرية الموجودة في العالم،لا يشبه" فإنه سيحكم عليه بالتعب والصراع لأجل البقاء ولا يقدر على السؤال ولن يعجبه المكان ويرفض الزمن
وتدور الأسئلة المختلفة والأسئلة هي أول مرحلة التعلم والتفكير...ماذا لو علق في شرك روايةٍ ولم يعد صالحاً للعيش في الواقع؟ "وعندما يقع في اللغة سيقع في قاع ليكتشف الكنوز المدفونة ويجيب عن أسئلته بأبعادها الإنسانية المختلفة...
'' اللغة كلها سطح، والقاع سطح ملتو. هذا الشيء الذي يحدث، بقوة الشعر مثلا ''
إلا أن القارئ الحقيقي الصادق يقع في غرام كتاب ويمتلئ جسده بالكلمات هكذا خلقنا لنتعلم إنها الفطرة
الإنسانية...عندما استيقظ رقيب الكتب من نومه ذات صباح، ممتلئاً بكلمات الآخرين، وجد نفسه وقد تحوّل إلى قارئ"(ص11)
وتبدأ الأفكار بالهروب من حجرها وتخرج الأرانب تتراكض في كل مكان لأنه مع القراءة تتغير حياة الانسان يبدأ بالتنفس بشعور غريب وإدراك أعمق للحياة "كان ثمة عالم طريٌّ، وكان يتوقُ إلى لمسِه."
وتبدأ تتشكل قيم العمل الجماعي لصالح القراءة القارئ لا يخون قارئا مثله في اثناء رحلة التعلم والتغير
قرأ مرة بأنّ زوربا“ كسر صَدَفة الحياة”، ودخل مباشرة إلى جوهرها. وخطر له أنّ أشياء كثيرة
تفوته بسبب وجوده على سطح العالم. رغم أن جزء أساسي من خروج البطل من صدفته كان
طفلته الصغيرة التي حاربت بكل قوتها لتحلم وتتخيل وتعيش واقعها الحقيقي الغير ملوث بعد بالنظام الديكتاتوري المسيطر على الإعلام وعلى الكتب و قصص الأطفال والمدارس
والمؤسسات المختلفة إلا أنها كانت سبب في انتكاسته وفقدان سيطرته على عقله فقد سلبت أحلامه في غرفة علاج الخيال ماهذه الجريمة التي تحاسب عليها طفلة صغيرة؟؟؟
لتظهر الكاتبة مرة اخرى تتحدى القارئ لا أمل في تغيير الواقع وان النهاية هي لصالح أي نظام
دكتاتوري قمعي رأسمالي رغم التطور والثورة المعلوماتية اليوم إلا انها لصالح النظام وانك محاصر بالتفكير وشرارة الأمل هي من تكتب النهاية يوم التطهير لترفض الواقع ... المهم ألا تبقى في مجتمعك الكاكي.